الأحد، 26 أكتوبر 2014

هل صحّ أنّ «مِصر خير أجناد الأرض »؟!


هل صحّ أنّ «مِصر خير أجناد الأرض »؟!

سُئلت عن الحديث المشهور بين النّاس: «مصر خير أجناد الأرض»؟
فقلت: هذا حديثٌ باطلٌ.
والحديث رواهُ ابن لهيعة، عن مالك بن الأسود الحميري، عن بحير بن ذاخر المعافري، قال: ركبت أنا ووالدي إلى صلاة الجمعة - وذلك آخر الشتاء بعد حمم النصارى بأيام يسيرة - فأطلنا الركوع إذا أقبل رجال بأيديهم السياط يؤخرون الناس فذعرت... وذكر حديثاً طويلاً.
وفيه: أنّ عمرو بن العاص قال: حدثني عمر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول: «إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جنداً كثيراً، فذلك الجند خير أجناد الأرض. فقال له أبو بكر: ولم يا رسول الله؟ قال: لأنهم وأزواجهم في رباط إلى يوم القيامة».
رواهُ ابن عبدالحكم في «فتوح مصر» بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن عساكر في «تاريخه» (46/162) من طريق إسحاق بن الفرات، عن ابن لهيعة، به.
وأخرجه أيضاً قبل هذا من طريق أبي الوليد عبدالملك بن يحيى بن عبدالله بن بكير المخزومي المصري، عن أبيه، عن ابن لهيعة، عن الأسود بن مالك، عن بحير، به.
فسماه: "الأسود بن مالك"، وسماه إسحاق: "مالك بن الأسود"!!
قلت: هذا حديث مُنكر! فابن لهيعة ضعيف، ومالك بن الأسود الحميري - أو الأسود بن مالك- مجهول العين والحال!!
وقد رُويت أحاديث أخرى في ذلك كلها منكرة.
منها: ما رُوي عن عمرو بن الحمق - رضي الله عنه - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ستكون فتنة أسلم الناس فيها - أو قال: لخير الناس فيها - الجند الغربي. فلذلك قدمت مصر".
أخرجه الحاكم في «المستدرك» (4/495) من طريق عبدالله بن وهب، قال: حدثني أبو شريح، عن عميرة بن عبدالله المعافري، عن أبيه عن عمرو بن الحمق، به.
قال الحاكم: "حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه".
وأخرجه البزار في «مسنده» (6/288) من طريق عبدالله بن صالح كاتب الليث، عن أبي شريح عبدالرحمن بن شريح، به.
وقال: "وهذا الحديث لا نعلم أحداً رواه بهذا اللفظ إلا عمرو بن الحمق وحده، ولا نعلم له طريقاً إلا هذا الطريق، ولا نعلم رواه عن أبي شريح إلا عبدالله بن صالح".
قلت: قد رواه عنه أيضاً عبدالله بن وهب كما هو عند الحاكم والطبراني كما سيأتي – إن شاء الله-.
وأخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط» (8/315) من طريق ابن وهب عن أبي شريح، به.
قال الطبراني: "لا يروى هذا الحديث عن عمرو بن الحمق إلا بهذا الإسناد، تفرد به أبو شريح".
قلت: عميرة بن عبدالله المعافري رجلٌ مجهول العين والحال.
قال الذهبي: "مصري، لا يُدرى من هو".
ومنها أيضاً ما رواه أحمد بن اسحاق بن إبراهيم بن نبيط بن شريط، عن أبيه، عن جده، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: «مصر خزائن الله في أرضه».
وهذه نسخة فيها بلايا! وأحمد بن إسحاق هذا كذاب أشر، وضع هذه النسخة.
وهذا إنما هو في بعض الكتب الإلهية: "إن مصر خزائن الأرض كلها فمن أرادها بسوء قصمه الله".
فكلّ ما جاء في أن مصر خزائن الله في أرضه، والجيزة روضة من رياض الجنة وغيرها فكذب.
ولا يصح أي شيء في فضل مصر – مع حبنا لأرض مصر وأهلها الموحدين-.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق