الخميس، 25 أغسطس 2016

لم يكن بؤسا.. ولكنًا كفرنا بأنعم الله بقلم: المستشار أحمد سليمان


لم يكن بؤسا.. ولكنًا كفرنا بأنعم الله

بقلم: المستشار أحمد سليمان

فى الحقيقة لم يكن المصريون فى وضع بائس فى عهد الرئيس مرسى، ولكن حرب الإفشال والإعاقة والخوف من النجاح وحروب الإعلام غير الأخلاقية رسمت للناس صورة غير صحيحة أدركها العالمون، وراح ضحيتها البسطاء واستغلها أصحاب المصالح والخائفين على مانهبوه من ثروات الوطن فى ظل نظام أدركوا أنه يعمل حقيقة على محاربة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية وتضييق الفوارق بين الطبقات والنهوض بمصر لتتبوأ مكانتها اللائقة بها.

فى ظل عهد الرئيس مرسى تتمتع المصريون بحرية لم يشهدوها من قبل ولا من بعد، وقد استغلتها الثورة المضادة ومن يرتًبون لمشهد 30 يونية استغلالا غير أخلاقى فى مهاجمة الرئيس وسبه والصاق الأكاذيب به ونشر الإشاعات، ورغم ذلك لم تغلق فيها قناة، ولم تصادر صحيفة، بل إن الرئيس مرسى عدًل القانون حتى يخلى سبيل الصحفى الذى سبًه. شهدت مدة حكم الرئيس مرسى أعلى إنتاجية فى القمح خلال السنوات الخمس الماضية. شهدت ارتفاعا فى رواتب جميع موظفى الدولة ولم تكن قاصرة على ضباط الجيش والشرطة والقضاء كما هو واقع الآن. شهدت زيادة ملحوظة وهامة فى معاشات الضمان الاجتماعى. شهدت تعيين أوائل الخريجين وهو النظام الذى تم إلغاؤه تحت ذريعة الإدعاء بأن غالبيتهم من ابناء التيار الإسلامى. تم منح أساتذة الجامعات حق انتخاب رؤساء الجامعات وعمداء الكليات، وتم الغاؤه فى هذا النظام حتى يصبح رؤساء الجامعات وعمداء الكليات فى قبضة النظام. تم البدء فى تحصيل حقوق الدولة من رجال الأعمال وتطبيق القانون عليهم وعلى رأسهم رجل الأعمال الذى سدد سبعة مليارات جنيه من الضرائب المستحقة عليه كدفعة أولى، وقد تم فى ظل هذا النظام اسقاط كل الضرائب المستحقة عليه، واسترد ما دفعه بعدما تبرع بمليارى جنيه لصندوق تحيا مصر. تم التفاوض مع حسين سالم للتصالح لاسترداد ما نهبه، وتم التوصل معه لاتفاق موثق فى النيابة العامة ( فى عهد المستشار طلعت عبد الله النائب العام والمستشار حسن يسين النائب العام المساعد) التزم بمقتضاه برد 75% من ممتلكاته فى مصر، 50 % من ممتلكاته خارجها وتم تقديرها عن طريق أكثر من لجنة كان أدنى تقدير لقيمتها هو 28 مليار جنيه على أن تسدد قيمة ممتلكاته بالخارج بالدولار، وتعهد بتسوية قضايا التحكيم الخمسة المقامة ضد مصروقيمة التعويض المطالب به فيها هو 8 مليار دولار ولايعتبر التصالح نافذا إلا بعد تسوية قضايا التحكيم ( أى مايزيد على خمسين مليار جنيه بسعر الدولار فى ذلك الوقت )، وتعهد بأنه فى حالة ظهور أية أموال له لم يتم حصرها تصادر جميع ممتلكاته، ثم وقع ما وقع قبل اتمام التصالح.....

ومن المعلوم أن النظام الحالى قد أتمً التصالح مع حسين سالم مقابل خمسة ونصف مليار جنيه، ودون انهاء قضايا التحكيم الخاصة بتوريد الغاز لإسرائيل والتى قضى فى إحداها قبل التصالح بالزام مصر بأداء تعويض قدره مليار و750 مليون دولار، وبقيت أربعة قضايا أخرى. لم ترتفع أسعار الغاز والوقود والسلع الغذائية واسعار الكهرباء والماء والنقل والمواصلات والضرائب ورسوم الخدمات فى عهد الرئيس مرسى، على عكس ماهو جار الآن. لم يتلق الرئيس مرسى أى دعم خارجى سواء نقدا أو مواد بترولية من السعودية والامارات، على عكس ماهو واقع الآن حتى بلغت عشرات المليارات من الدولارات لا يعرف أحد حصرها ولا مصيرها، حتى تساءل ياسر رزق عن ذلك حتى يطمئن الناس الى أنها لم تذهب لهذا الجيب أو ذاك حسب تعبيره.

لم يحمًل الرئيس مرسى الأجيال القادمة أعباء قروض بلغت 25 مليار دولار من روسيا، بالاضافة الى 12 مليار جارى التفاوض عليها مع صندوق النقد. كانت قيمة الدولار فى آخر عهد الرئيس مرسى 6 جنيهات و 65 قرشا تقريبا، وبلغت قيمته اليوم نحو الضعف. جرى التفاوض مع الشركة الكويتية المصرية على دفع فرق السعر الذى اشترت به آلاف الأفدنة بسعر رمزى فى عهد مبارك، وقد عرضت الشركة نحو خمسين مليار جنيه على الحكومة ولم تقبلها لأنها رأت أن ذلك إهدار للمال العام وللأسف وقع أزيح مرسي قبل الانتهاء من هذا الملف، واليوم عندما أثار النائب أحمد الطنطاوى هذه القضية فى مجلس نواب النظام قاطعه عبد العال ومنع عنه الصوت وطلب من النواب التصويت على طرده من الجلسة فوافقوا. قدم الجهاز المركزى للمحاسبات والرقابة الإدارية تقريرا مشتركا عام 2015 عن حجم الفساد الناشىء عن التصرف فى اراضى الدولة وتم تقديره بمبلغ 440 مليار جنيه، ولم يشكك أحد فى حجم الفساد وقيمته على غرار ماوقع بالنسبة لتقرير الجهاز المركزى للمحاسبات الأخير، ورغم ذلك لم يتخذ اجراء جاد يكشف عمن نهب هذه الاراضى ولا كيف استطاع نهبها، ولا مصيرها.

فى ظل هذا النظام تم حفظ تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات بشأن أراضى الحزام الأخضر دون إعلان أسباب الحفظ، ولم يستطع رئيس الجهاز الحصول على صورة من أسباب الحفظ للوقوف عليها وتفادى تكرارها مستقبلا فعجز. اليوم تفكر مصر فى بيع الجنسية المصرية مقابل وديعة دولارية، بعدما تنازلت عن حقها فى الغاز لإسرائيل عند ترسيم الحدود مع قبرص واليونان، وتنازلت عن تيران وصنافير للسعودية، وتنازلت عن حقوقها التاريخية فى مياه النيل.

فى ظل هذا النظام تسافر الوفود ممن يقال عنهم إعلاميون وفنانون ومطبًلون ليكونوا فى استقبال رئيسهم على نفقة الدولة. فى ظل هذا النظام يقيم وزير التموين فى فندق ثلاث سنوات تتكلف اقامته فقط مايزيد على سبعة ملايين من الجنيهات، ويتهم هو وآخرون فى قضية فساد تتعلق بالقمح المحلى والمستورد. فى ظل هذا النظام يتم استيراد قمح مصاب بفطر قاتل عجزت فرنسا عن مقاومته خمس عشرة سنة.

فى ظل هذا النظام أعلن عن تحليل مياه المجارى لاستخدامها فى كافة الأغراض وعلى رأسها الشرب. فى ظل هذا النظام ضاعت مدخرات المصريين فى حفر التفريعة والتى ثبت أنه ليس لها أدنى عائد اقتصادى. فى ظل هذا النظام أشرفت مصر على الافلاس. فى عام الرئيس مرسى الأول أعلن أن مصر لن تترك غزة وحدها، وزار الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء غزة أثناء العدوان وخلال أيام توقف العدوان الهمجى الصهيونى، واليوم تصدر محاكم مصر حكما باعتبار كتائب القسًام جماعة إرهابية، كما يعلن وزير الخارجية أنه لايمكن وصف الاجرام الصهيونى بالارهاب بغير اتفاق دولى، ويعتقل الأمن الوطنى فى مصر بعض أبناء حماس، وتهجًر مصر أبناء رفح وتهدم عليهم بيوتهم ومساجدهم من أجل أمن اسرائيل، وتصوت مصر لأول مرة فى التاريخ لصالح الكيان وتختارها لرئاسة اللجنة القانونية بالأمم المتحدة.

فى ظل هذا النظام امتهن القانون وغابت العدالة واهتزت الثقة فى القضاء كما لم يحدث من قبل، فصدرت الأحكام دون سند قانونى، وبناء على التحريات فقط، وصادرت المحاكم حقوق الدفاع كما لم يقع من قبل، وأصدرت دوائر الارهاب احكاما سياسية بامتياز دون اعتبار لحكم القانون،وكان ذلك إما تخوفا من إجراء محتمل، أو طمعا فى غنم متوقع. فى ظل الرئيس محمد مرسى لم يخش أحد من انتقام النظام منه، بينما نحن اليوم ودون استثناء أحد كل من قال كلمة على غير هوى النظام بات عرضة للإنتقام منه فى نفسه وماله وولده.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق