"مصر بلا استثمارات" بفضل الدولار و الجيش
12/02/2016
شركات
أجنبية تهدد بمغادرة مصر لعدم توفر الدولار، "الخرافي" الكويتية تبيع 3
فنادق، والوقود يهدّد استثمارات لبنانية، بيع معدات مصنع للأغذية في مصر
باعتبارها "خردة"، "جنرال موتورز" توقف إنتاجها في مصر بسبب أزمة الدولار،
نقص الدولار في مصر يحرم المرضى من الدواء.
أخبار
وحقائق صادمة يواجهها الاقتصاد المصري في ظل حكم السيسي وانقلابه العسكري
الذي لا يسعى إلا لمزيد من سيطرة الجيش على الاقتصاد.. فيما مستقبل مصر إلى
خراب، وفق المعايير الاقتصادية التي لا تفهم سوى لغة الأرقام.
مؤخرا،
أدت أزمة الدولار في مصر إلى تفاقم معاناة الشركات الأجنبية، وتأهب عدد
منها للمغادرة، وجاء إعلان شركة جنرال موتورز توقفها عن الإنتاج الأسبوع
الجاري، ليثير مخاوف الأوساط الاقتصادية من امتداد تأثير الأزمة لمزيد من
الاستثمارات الأجنبية.
ورغم
خروج عدد كبير من الشركات الأجنبية الفترة الماضية بسبب الاضطرابات الأمنية
وتأزم الأوضاع الاقتصادية، إلا أن المخاوف تزايدت هذه المرة بعد إفصاح
الشركة أنها أغلقت بسبب نقص العملة الأميركية، الذي عطل وصول قطع الغيار
والمواد الخام إلى المصنع، ما يهدّد شركات أجنبية أخرى بالإغلاق.
وتشهد
مصر أزمة حادة في توافر العملة الأميركية، الذي ارتفع سعرها بالسوق الموازي
لنحو 8.80 جنيهات، بعد أن سرّبت مصادر حكومية اعتزام الحكومة رفع سعر
الدولار رسميا في الموازنة المالية المقبلة التي تبدأ في شهر يوليو المقبل،
إلى 8.25 جنيهات من 7.73 جنيهات حالياً، كما تفرض مصر سقفا محددا لإيداع
وسحب الدولار بحد أقصى 250 ألف دولار شهريا، ما يزيد معاناة المستثمرين.
وأكد محللون أن أزمة الدولار تزيد من جراح الشركات الأجنبية التي تعاني من الاضطرابات الأمنية وعدم الاستقرار السياسي.
وقال
مسؤول في جنرال موتورز مصر، الاثنين الماضي، إن الشركة أوقفت عملياتها بسبب
عدم قدرتها على الإفراج عن مستلزمات الإنتاج المحتجزة في الجمارك منذ فترة
بسبب أزمة الدولار.
وفي هذا
السياق، أكد رئيس نقابة المستثمرين الصناعيين محمد جنيدي، في تصريحات
صحفية، أن هناك نقصاً حاداً في توفير العملة الصعبة أثر سلباً على المصانع
الأجنبية والمحلية، لافتاً إلى أن القيود التي وضعها محافظ المصرف المركزي
السابق، هشام رامز، تسببت في ركود السوق، وعدم قدرة المصانع على استيراد
المواد الخام ومستلزمات الإنتاج.
وأضاف
أنه رغم رفع سقف الإيداع من 50 ألف دولار إلى 250 ألف دولار مؤخرا، إلا أن
هذا المبلغ لا يكفي الصناع، والمفترض أن يكون هناك حرية تامة في سحب وإيداع
العملات الأجنبية.
وأشار
جنيدي إلى تضرر الصناعة المحلية أيضاً، حيث يقدر عدد المصانع المغلقة منذ
اندلاع ثورة يناير عام 2011 بأكثر من 8 آلاف مصنع، وهناك مصانع أخرى متعثرة
في طريقها للغلق.
وقال
الخبير الاقتصادي، عبد الخالق فاروق، إن خروج جنرال موتورز لن يكون الأخير،
موضحا أن الاقتصاد المصري بات طارداً للاستثمار نتيجة لتفشي الفساد وعدم
وجود استقرار سياسي، وتخبط شديد في السياسة النقدية والمالية للدولة.
وشهدت
مصر، عقب الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013، خروج العديد من الشركات
الأجنبية ومنها شركة السيارات الألمانية العملاقة مرسيدس التابعة لشركة
"ديملر"، وتبلغ استثمارات مرسيدس في مصر ملياري جنيه سنويًّا، وتراجعت
مبيعاتها من 3 آلاف سيارة عام 2013، إلى 1000 سيارة في 2014.
وفي
أكتوبر 2015، خرجت شركة "نستله" من السوق المصرية؛ بسبب نقص الدولار، في ظل
عجزها عن سداد مستحقات الشركات الخارجية التي تتعامل معها لتوريد مستلزمات
الإنتاج.
كما
أغلقت شركة "Intel-إنتل" العالمية مكاتبها العاملة بقطاع دعم التدريب
والتقنية الهندسية بمصر، في أكتوبر 2015، في خطوة لتقليص أعمالها. وباعت
شركة "أباتشي كورب هيوستن" المتخصصة في استكشاف وإنتاج النفط والغاز، ثلث
استثماراتها في مصر لشركة "سينوبك" الصينية، وتوجيه نحو 3 مليارات دولار
لأماكن أخرى في العالم؛ بسبب الأوضاع الأمنية المتردية.
واعترفت
الحكومة المصرية بأضرار نقص العملة على الاستثمارات، حيث كشف وزير
الاستثمار أشرف سالمان، عن "أن مصر لا تستطيع جذب استثمارات أجنبية
واحتياطها يكفي 3 شهور فقط".
وأضاف،
خلال جلسة نقاش مع مجلس الأعمال المصري الأوروبي مساء الأحد الماضي، "نلجأ
إلى طبع الفلوس.. وهذا ليس في صالح الاقتصاد"، مشيراً إلى أن مصر احتلت
المركز 131 ضمن 189 دولة على مستوى العالم في تقرير بيئة الأعمال الذى
أطلقه البنك الدولي عن عام 2016.
وتراجع
ترتيب مصر 19 مركزًا في تقرير ممارسة الأعمال لعام 2016، مقابل المرتبة 112
العام الماضي، وفقا لما أعلنته مؤسسة التمويل الدولية (IFC) التابعة للبنك
الدولي الأحد الماضي.
وأوضح
سالمان أن الحكومة لن تستطيع الإسراع في معدلات النمو الاقتصادي؛ بسبب وصول
عجز الموازنة إلى نسب تتخطى 11.5% من الناتج المحلى الإجمالي.
وتضاربت
الأرقام حول عدد المصانع المحلية المتعثرة، حيث يشير تقرير لاتحاد العمال
إلى أن عدد المصانع المتعثرة بلغ 8222 مصنعاً، في حين أشارت تقارير أخرى
أنها تبلغ 4500 مصنع. وقدر اتحاد الصناعات عدد المصانع المتعثرة في كل
المحافظات بحوالي 7 آلاف مصنع كان يعمل بها قرابة مليوني عامل حياتهم توقفت
تماماً.
وقال
عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية، محمد البهي، إن هناك 4 أسباب لهذ
التعثر هي: الركود الاقتصادي، والإغراق المتعمد من الأسواق الخارجية
بمنتجات رديئة المواصفات، وارتفاع أسعار الخامات مع زيادة الدولار في السوق
الموازي، والشروط المتعسفة التي تضعها المصارف لتمويل المصانع.
وأكد
البهي أن الحكومة لا تبحث بجدية المشاكل التي أدت إلى إغلاق الشركات،
مطالباً بضرورة تيسير الإجراءات والقروض وجدولة الديون حتى تدور آلاتها
وتستوعب العمالة الماهرة التي انضمت إلى طوابير البطالة، لافتا إلى أن
المستثمر الأجنبي لن يغامر بالمجيء إلينا وهو يري المستثمر المحلي غير قادر
علي أن يخرج من عثراته والكثير من المصانع مغلقة.
ولم
تقتصر أزمات الدولار والاضطرابات وتراجع المؤشرات الاقتصادية، على الصناعة
فقط، بل طاولت قطاعات أخرى ومنها السياحة، حيث انسحبت شركة مرسى علم
للمشروعات السياحية، المملوكة لرجل الأعمال الكويتي ناصر الخرافي، كما توقف
عشرات الفنادق بمدينة شرم الشيخ، وأوقفت شركة "توماس كوك" الألمانية
للسياحة، نشاطها بعد مجزرة فض اعتصامي رابعة والنهضة في أغسطس 2013.
وفي
القطاع المصرفي انسحبت عدة مصارف أجنبية مثل "بيريوس"، والوطني العماني،
إضافة إلى مصرف "ذي أوف نوفا سكوشيا" الكندي، بينما باعت مجموعة "أكتس"
المصرفية البريطانية، حصتها في التجاري الدولي، والتي تبلغ 6.5%، بقيمة 289
مليون دولار، إلى شركة فيرفاكس الكندية، رغم إعلان رغبتها في ضخ استثمارات
بقطاع الطاقة المتجددة في المؤتمر الاقتصادي الذي عقد العام الماضي، في
مدينة شرم الشيخ.
هذه
الأرقام التي تمثل كارثة بكل المقاييس تضع مصر أمام مستقبل المجاعة والعزلة
الدولية والفقر المدقع، إلا أن العسكر لايبالون بتلك المؤشرات القاتمة،
ويواصلون السيطرة على الشركات والقطاعات الحيوية في البلاد والأراضي ، ما
يفاقم أزمات القطاع الخاص الذي تحول لمجرد عميل من الباطن لشركات الجيش
وبات استيراد الغذاء وتصنيعه وبيعه وتوزيعه بواسطة السخرة والجنود ، فيما
يقف المستثمر المحلي والأجنبي يعاني من نقص الدولار وغياب الشفافية
والمنافسة التي هي أساس الاقتصاد، فيما يدفع ثمن كل تلك الانهيارات المواطن
الفقير!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق