الخميس، 4 فبراير 2016

المنقلب ضالع في موقعة "الجمل" ومجزرة بورسعيد بقلم: د.سيف الدين عبدالفتاح



المنقلب ضالع في موقعة "الجمل" ومجزرة بورسعيد
 
 
بقلم: د.سيف الدين عبدالفتاح
 
هذه رواية مجمعة تتعلق بالثورة المضادة وجنرالات العسكر والمنقلب الذي بات رئيسا والذي كان له الدور الأكبر وأوغل في الدماء قبل انقلابه الفاجر، في موقعة الجمل التي تم تدبيرها بالثاني من فبراير وأثناء ثورة يناير في العام 2011 سنجد المجلس العسكري ومخابراته الحربية ضالعين في وقائعها تدبيرا وتمريرا، تواطؤا وتمكينا، قرر هؤلاء أن يعطوا مبارك وصحبه مواجهة لثوار التحرير، إنها خطة فض الميدان التي اتخذت ثلاثة أشكال، الخطاب العاطفي لمبارك في الأول من فبراير للتمهيد لانسحاب من في الميدان، واكب ذلك أمر ثان أهمها اتصال السيسي لتفريغ الميدان، واختطاف شباب الثوار وتعذيبهم على يد المخابرات الحربية، تهيئة الموقف لمراقبة الميدان من خلال الفنادق المطلة عليه، السماح لرجال ومؤيدي مبارك بالدخول للميدان والهجوم على من فيه لإجبارهم على الفرار باستخدام الجمال والأحصنة والبغال، هكذا كانت الخطة التي رسمها السيسي، هذه الرواية تجد سندها، في رواية قائد إخواني وآخر من حركة السادس من أبريل، فضلا عن تقرير لجنتي تقصي الحقائق المؤكدة على دور المخابرات الحربية في السيطرة والهيمنة على الميدان.
بعد مرور خمس سنوات على موقعة الجمل، التي استخدمت فيها لأول مرة منذ عقود طويلة الجمال والخيول لم يتم التوصل حتى الآن إلى هوية مرتكبي جريمة العدوان على المتظاهرين في ميدان التحرير، ورغم ما تتحدد من مسؤولية قادة المجلس العسكري الموجودين آنذاك وتحملهم كامل المسؤولية عن سقوط 14 قتيلا وألف مصاب، شخصيات توجه إليها أصابع الاتهام عن موقعة الجمل بالإضافة إلى رموز ورجال دولة مبارك وعلى رأسهم رئيس المخابرات الحربية آنذاك وآخرين.
يؤكد أحد قيادات إحدى الحركات الثورية أن السيسي وجه باعتقال بعض الشباب الناشط في الميدان، واعتقلت مجموعات شبابية واختطف بعضهم عند زبارتهم لمركز حقوقي وزيارة إحدى الشخصيات العامة، وأشرف السيسي ومخابراته على تعذيبهم وسؤالهم وهم مكلبشين ومتغميين، مهددا لهم واصفا إياهم بالخونة، وحينما علم أن حشودا غفيرة نزلت التحرير أثناء وبعد موقعة الجمل الخائبة.. من كان وراء كل هذا إنه السيسي المنقلب.
وفي رواية قيادي بارز وهو أمين عام حزب الحرية والعدالة، أكد فيه أن السيسي كان علي علم بموقعة الجمل قبل حدوثها. وأضاف أنه خلال حواره أن السيسي نصحه بإخلاء الميدان، بتهديد مبطن أخبره خلاله بوجود قادمين لميدان التحرير سينتج عن احتكاكهم وفيات ومصابين ودماء بين الشباب والمتظاهرين في ميدان التحرير.
قرينة أخرى حينما تحدث الرئيس مرسي أثناء مرافعته للدفاع عن نفسه، أمام محكمة جنايات القاهرة، باقتضاب، عن تلقيه معلومات ضمن تقرير لجنة تقصي الحقائق الثانية عن أحداث الثورة، تفيد بـ"دخول أفراد من جهة سيادية كان يترأسها السيسي إلى فنادق مطلة على ميدان التحرير واستئجارهم غرفاً باستخدام بطاقات التعريف الرسمية لهم، وبحوزتهم أسلحة"، مشيرا إلى أنه "لم يأمر بالقبض على هذا القائد ليسمح للنيابة العامة بالتحقيق في هذه المعلومات، وحتى يحافظ على المؤسسة العسكرية، تبدأ القصة بورود أنباء إلى اللجنة بأن ضباطا تابعين لجهة سيادية عسكرية استأجروا غرفاً مطلة على ميدان التحرير في فندق "هيلتون رمسيس"، الذي يفصل كوبري أكتوبر بينه وبين المتحف المصري وميدان عبدالمنعم رياض (الجهة الشمالية لميدان التحرير)، وذلك خلال الفترة بين جمعة الغضب 28 يناير/كانون الثاني، والاعتداء الشهير على الثوار من قبل أنصار مبارك المعروفة إعلامياً بـ"موقعة الجمل"، التي وقعت بين يومي 2 و3 فبراير، استدعت اللجنة للشهادة مدير فندق "هيلتون رمسيس"، الذي أكد ذلك.
ورغم أنّ لجنة تقصي الحقائق لم تتلق معلومات مماثلة من أي فندق آخر مطل على ميدان التحرير، غير أنّها قررت الاهتمام بالواقعة، لما تحمله من دلالات عن دخول الاستخبارات الحربية إلى المجال الجغرافي لميدان التحرير بعد انهيار الشرطة، وما قد يستتبع ذلك من ضرورة علمها بعمليات قنص المتظاهرين والاعتداء عليهم من أعلى كوبري أكتوبر خلال وبعد أحداث "موقعة الجمل"، حاولت اللجنة التحقيق في الواقعة، إلا أنها لم تتلق ردوداً من الاستخبارات الحربية بشأنها، ولا بشأن وقائع أخرى كانت تتطلب توضيحاً من هذه الجهة أيضاً. ودعا هذا الغموض اللجنة إلى التوصية صراحة بالتحقيق في هذه الواقعة.
في هذا السياق تندرج شهادة مدير أمن فندق "سميراميس إنتركونتننتال"، المطل على ميدان التحرير، كما وردت في تقرير اللجنة، إذ قال إنه "بعد أحداث يوم جمعة الغضب، حضرت إليه مجموعة من ضباط الاستخبارات الحربية، وتم إدخال حقائب من دون تفتيش، وتم تركيب كاميرا مراقبة من قبل أجهزة الاستخبارات الحربية، أعلى سطح مبنى الفندق، من الناحية المطلة على ميدان التحرير.
إضافة إلى أنّ الاستخبارات الحربية قامت في الأيام التالية لنزول الجيش بزراعة أجهزة مراقبة في مختلف أرجاء الميدان، والشوارع المطلة عليه والمؤدية إليه، مما يعني أنّه كان تحت سيطرتها بالكامل، ورغم ذلك حدثت موقعة الجمل، التي وجهت فيها أصابع الاتهام الرسمية إلى أنصار مبارك وقيادات الحزب الوطني المنحل فقط، قبل أن يبرئهم القضاء جميعاً.
ومن خلال مطالعة بعض مقاطع الفيديو والصور الخاصة بيومي "موقعة الجمل"، والتي شاهدتها لجنة التقصي الثانية، يتبين دخول أنصار مبارك القادمين من منطقة نزلة السمان بالجيزة إلى ميدان التحرير على ظهور الجمال، على مرأى ومسمع من عناصر الشرطة العسكرية، التي تتلقى في المعتاد توجيهاتها الحركية من الاستخبارات الحربية والاستطلاع، إذ كانت هذه العناصر تقف عند جميع مداخل ومخارج الميدان، وعندما اشتدت المعركة بين الثوار وأنصار مبارك لوحظ اختفاؤها. كانت تلك هي الرواية الأخرى التي أراد سيسي المخابرات وأدها باتهامات بطلة للإخوان وحماس، وبدفن جسد جريمته بتبرئة الجميع بعد مسلسل قضائي متهافت.
عبد الفتاح السيسي متورط في موقعة الجمل باعتباره مديرا للمخابرات الحربية وقتها وقبل أن يعينه مبارك عضوا في المجلس العسكري وعمل السيسي على تدبير موقعة الجمل أثناء ثورة 25 يناير من أجل تفريغ ميدان التحرير من الثوار عبر عناصر من المخابرات الحربية ومرتزقة الدولة العميقة، واحتلال الميدان لإتاحة الفرصة أمام مبارك للنزول إلى الشارع وتفقد منطقة اعتصام الثوار قبل أن يعلن أنه نجح في القضاء على التمرد.
وحاول مدير المخابرات الحربية –آنذاك- للترويج عبر الأذرع الإعلامية إلى وجود مخطط أجنبي لزعزعة استقرار الوطن ونشر الفوضى، والإعلان عن وجود عناصر مدسوسة داخل الميدان تنتمي للحرس الثوري الإيراني وحركة حماس وحزب الله، فضلا عن تورط واشنطن في دعم الحراك الثوري للإطاحة بالجنرال، في خطوة استباقية قبل تنفيذ مخطط "موقعة الجمل..
و هكذا تأتي ذكرى موقعة الجمل و قد تم تبرئة جميع المتهمين و الذي يحاكم الآن هم المجني عليهم وقتها من الثوّار كما يقول نشطاء ليس هذا فحسب بل لا تزال دماء المصريين تتساقط شبه يوميا في الطرقات و الشوارع.
بعد عام من موقعة الجمل وقعت أحداث استاد بورسعيد وقعت داخل ستاد بورسعيد مساء الأربعاء 1 فبراير 2012 (الذكرى الأولى لموقعة الجمل) عقب مباراة كرة قدم بين المصري والأهلي، وراح ضحيتها 72 قتيلا، بحسب ما أعلنت مديرية الشؤون الصحية في بورسعيد ومئات المصابين. وهي أكبر كارثة في تاريخ الرياضة المصرية. وصفها كثيرون بالمذبحة أو المجزرة، مشيرين إلى استبعادهم وقوع هذا العدد من الضحايا في أعمال شغب طبيعية من دون تخطيط طرف ما لها. اقتحم أرضية الملعب الآلاف بعضهم يحمل أسلحة بيضاء وعصي من جانب فريق المصري (الفائز 3-1) بعد إعلان الحكم انتهاء المباراة، وقاموا بالاعتداء على جماهير الأهلي، ما أوقع العدد الكبير من القتلى والجرحى - بحسب شهود عيان. وعزا بعضهم الهجوم إلى لافتة رفعت في مدرجات مشجعي الأهلي وعليها عبارة «بلد البالة مجبتش رجالة» والتي عدها مشجعو المصري إهانة لمدينتهم.
وذكرت مصادر عديدة غياب كلّ الإجراءات أمنية والتفتيش أثناء دخول المباراة، فضلا عن قيام قوات الأمن بقفل البوابات في اتجاه جماهير الأهلي، وعدم ترك سوى باب صغير للغاية لخروجهم، مما أدى إلى تدافع الجماهير ووفاة عدد كبي منهم، أوضح وكيل وزارة الصحة المصرية هشام شيحة أن «الإصابات كلها إصابات مباشرة في الرأس، كما أن هناك إصابات خطيرة بآلات حادة تتراوح بين ارتجاج في المخ وجروح قطعية». وأكدت مصادر طبية في المستشفيات التي نقل إليها الضحايا أن بعضهم قتلوا بطعنات من سلاح أبيض. وأكّدت تقارير صادرة الطب الشرعي المبدئية وجود وفيات نتيجة طلقات نارية وطعنات بالأسلحة البيضاء، وسبّبت قنابل الغاز حالات اختناق إضافية من ضمن الشهداء.
وكان آلاف من الأهالي والشباب المنتمين لروابط تشجيع الأهلي والزمالك في انتظارهم، حيث رددوا هتافات غاضبة تندد بالمجزرة وتطالب بالقصاص والثأر للقتلى وإنهاء الحكم العسكري في البلاد، اتهم نواب الممثلون لبورسعيد قوات الأمن في المدينة بالضلوع في الحادث بسبب سماحهم بدخول أسلحة نارية وبيضاء إلى الملعب، بخلاف العادة.
أحداث بورسعيد مدبرة ورسالة من فلول النظام البائد... هذه المأساة سببها إهمال وغياب متعمد من الجيش والشرطة لإيصال إشارات ورسائل محددة، فهناك من يريد عن عمد إثارة الفوضى في مصر وعرقلة أي مسار للانتقال السلمي السلطة، ، حيث تشهد مصر حالة منظمة لإثارة الفوضى والبلبلة، بدأت بالسطو على البنوك والمستشفيات ومراكز البريد، وامتدت إلى ما حدث في بورسعيد، وهو ما لم يحدث في أيام الثورة التي لم يكن فيها وجود لرجال الشرطة، أكدت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان أنّ الحادثة هي جريمة مكتملة الأركان استهدفت في المقام الأول النادي الأهلي وجماهير" ألتراس أهلاوي"، لمعاقبته على مواقفه الثورة المصرية، ووقوفه مع الثوار في موقعة الجمل.
قبل «المجزرة» بـثلاثة أيام، لعب النادي الأهلي مع نادي المقاولون العرب، وقتها رفعت جماهير الأهلي لافتات ورددت هتافات مناهضة للمجلس العسكري، الذي تولى الحكم إبان الإطاحة بالرئيس المخلوع، حسني مبارك، وتطالبه بالرحيل وتسليم السلطة، ووضح من خلال رواية شهود العيان والناجين من المذبحة أن أسلوب القتل تم بشكل ممنهج ومنظم ولم يأت بشكل عشوائي حيث ارتكز على الخنق والضرب بالأسلحة البيضاء في الرقبة لإنهاء الحياة بأسرع وقت ممكن، فضلا عن إلقاء الضحايا وهم على قيد الحياة من مكان شديد الارتفاع. ما كشف التواطؤ والتخاذل والتقصير الأمني هو ذلك الضابط الصغير الذي وقف بكل برود لا يخلو من رغبة في التشفي والانتقام يصور واقعة اجتياح الملعب بكاميرا الموبايل الخاص به وهو يؤكد أن المؤامرة تم تدبيرها بإحكام، جاء تحرك المجلس العسكري، متأخرا متواطئا بل عالما بشكل مسبق، هذا ما تؤكده وثيقة التخطيط لهذه العملية.
لم تكن مصادفة أن يتم الانتقام من ألتراس الأهلي في يوم ذكرى موقعة الجمل، وربما أراد بعض الفاسدين في جهاز الشرطة توصيل رسالة ولن تكون موجعة إلا عن طريق التراس الأهلي الذى ساهم بشكل كبير في ثورة يناير لذلك كان الانتقام بشعا للغاية من خلال محاصرتهم وغلق البوابات عليهم لتركهم فريسة للمجرمين القتلة، ومعظمهم أرجع هذا الحادث لأسباب سياسية محضة، واتهموا المجلس العسكري بالوقوف وراءه، وأنه يريد عودة قانون الطوارئ، ونشر الفوضى في البلاد لتمديد بقائه في الحكم، والضغط على مجلس الشعب، وانتزاع صلاحيات أكبر في الحياة السياسية، نستطيع أن نقول: إن وزارة الداخلية مليئة بالأشخاص الناقمين والكارهين للثورة والثوار والشعب كله، وهؤلاء الكارهون ما زالوا موجودين في أماكنهم يحيكون المؤامرات والدسائس، وجهاز الرعب والفساد المعروف بأمن الدولة مازال فاعلا ونشطا لحد كبير. وتكررت حادثة أخرى مع ألتراس زملكاوي في استاد الدفاع الجوي، إنها سلسلة العقاب الفاجر لمن اشترك بفاعلية في ثورة يناير أو بعدها.
رواية تتجدد بمناسبة هذه الأيام لتؤكد أن الثورة المضادة ورأس حربتها جنرالات العسكر لم تكن بعيدة عن كل تلك المجازر، وهي تحاول إجهاض ثورة وترويع شبابها الناهض، كانت تلك جولة ومازالت للثورة جولات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق