"ابتزاز السيسي": حلم المصريين كوب ماء خالٍ من البراز
08/02/2016
حكاية المياه الملوثة في مِصْر ترتبط بتردي الخدمات، وتتسبب في انتقال الأمراض مثل الكوليرا والإسهال والزحار والتهاب الكبد والتيفود وشلل الأطفال، وهو ما لا يعيره الانقلاب العسكري بالاهتمام، فلما لا فالجنرالات وعوائلهم لا يشربون إلا المياه المعدنية، بينما عامة الشعب شربهم مثل الحيوانات من الترع والمصارف.
ومن شأن غياب خدمات مياه الشرب أو عدم كفايتها أو سوء إدارتها، أن يُعرِّض المصريين إلى مخاطر صحية يمكن تلافيها، وينطبق ذلك بصفة خاصة على مرافق الرعاية الصحية حيث يُعرَّض المرضى والموظفين سواءً بسواء، للمزيد من مخاطر العدوى والمرض في غياب خدمات المياه.
الانقلاب يعترف
هذا الأمر اعترف به المهندس محمود رسلان، رئيس الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى، في حكومة الانقلاب، وأقرّ بوجود شح في مياه الشرب، بسبب الاتفاقية التي وقعها "السيسي" مع إثيوبيا وترت عليها السماح ببناء سد النهضة، وضياع حق المصريين في مياه النيل.
وتعليقا على خطاب قائد الانقلاب أمس، زعم "رسلان" إن تكلفة تحلية ومعالجة وإضافة كيماويات واستخدام الكهرباء، لكل متر مكعب من المياه تصل إلى 160 قرشا، وهي تكلفة عالية على الدولة، وسعر المياه من سنة 1995 لم يزد من 30 قرشا.
وقال رسلان إنه "تم تقسيم سكان الجمهورية إلى 4 شرائح لزيادة أسعار المياه، وكل شريحة منهم لها سعر، الشريحة الأولى يصل سعر متر المياه لها 30 قرشًا والغالبية من المواطنين بيقعوا في هذه الشريحة باستثناء القاهرة والإسكندرية".
مضيفًا: "ثم 70 قرشا للشريحة الثانية حتى تصل إلى 155 قرشًا للشريحة الثالثة، فوق 40 متر مياه، وتم تطبيق هذه التعريفة في يناير هذا العام".
وفي أثناء افتتاحه عددًا من "الفناكيش" في مدينة 6 أكتوبر أمس السبت، توعد "السيسي" الشعب إلى رفع أسعار تعريفة المياه، مبررًا ذلك بالتكلفة المرتفعة لمحطات المياه، مما أثار غضب شرائح اجتماعية واسعة، خاصة من الفقراء ومعدومي الدخل، الذين رأوا في هذه التصريحات تمهيدا لمزيد من الأعباء عليهم في أساسيات الحياة الكريمة، التي لا يكف قائد الانقلاب عن إعطاء الوعود بتحقيقها.
إهانة الشعب
وقد قال وزير الإسكان في حكومة الانقلاب، إن تكلفة المتر حوالي 150 قرشا، ويأخذه المواطن في الشريحة الأقل بـ23 قرشا، ليعلق السيسي منفعلا "يبقى لازم المصري يعرف إنه عشان نطلع الميه توصل لحضرتك، بنتكلف 40 مليون جنيه في اليوم".
في المقابل، فجر الدكتور مجدي توفيق خليل، أستاذ البيئة المائية بكلية العلوم جامعة عين شمس، مفاجأة بالتأكيد أن المياه التي يشربها المصريون هي مياه ملوثة بالمعادن الثقيلة، مؤكدًا أن وزارة الإسكان لا تعالج مياه الشرب من الكثير من الملوثات مثل الزئبق والحديد والرصاص والكادميوم خلال عملية معالجة المياه، وهو ما يعد ذات تأثيرات كارثية على صحة المواطن المصري.
ولفت خليل إلى أن :"هذه الملوثات تتركز في كبد الإنسان والكلى، كما تتراكم في غدد الإنسان ولا يستطيع الجسم هضمها وهو ما يؤدي إلى إصابة المواطنين بأمراض الفشل الكلوى والسرطان".
ورجع أسباب التلوث في مصر إلى مياه ملوثات الصرف الصناعي والزراعي، خاصة مصرف "الرهاوي" على فرع رشيد الذي يصرف 20 مليون متر مكعب من ملوثات الصرف الصناعي والزراعي على نهر النيل، وهو مصرف مساحته 50 كيلو مترا مربعا.
وألمح إلى أن هذه الملوثات تؤثر أيضًا على الأسماك التي يتناولها المواطنون، وتتركز هذه الملوثات في أعضاء الأسماك، مما يؤثر بالسلب على صحة الإنسان أيضًا.
كارثة الجولف
وفي الوقت الذي يشدد فيه السيسي على المصريين وينذرهم بالعطش، ترتفع معدلات إهدار المياه، الأمر الذي جعل من مصر دولة تواجه كارثة الشح المائي، وتؤدي إلى دخول البلد في حالة من العطش، خاصة مع تعدد استمرار أزمة إهدار المياه وتعدد صورها.
وفي هذا الصدد يؤكد خبير المياه الدولي بالأمم المتحدة وأستاذ المياه بمركز بحوث الصحراء الدكتور أحمد فوزي دياب، أن مشكلة إهدار المياه في مصر تؤثر بشكل كبير على المستقبل المائي للبلد، حيث يتم إهدار كميات كبيرة من المياه عن طريق:
أولا: مرفق مياه الشرب والصرف الصحي، حيث أنه من المفترض أن يكون استهلاك مصر من المياه 3.5 مليار متر مكعب، في حين ما يتم ضخه في الشركات 11 مليار متر مكعب، يتم فقد ما يقرب من 50 إلى 60% منها في الشبكات المتهالكة، ويخرج ما يعادل 70% من نسبة المياه المتبقية في صورة صرف صحي.
ثانيا: الإسراف في استخدام مياه الشرب من قبل المواطنين، واستخدام مياه الشرب بكميات كبيرة في رش الشوارع وغسل السيارات.
ثالثا: الري بالغمر في الأراضي ذات التربة الرملية وزراعتها بالأزر الذي يستهلك كمية كبيرة من المياه.
رابعا: المنتجعات السياحية وملاعب الجولف والبحيرات الصناعية خاصة في الأماكن الصحراوية والتي تستهلك كمية كبيرة جدا من المياه.
خامسا: ارتفاع نسبة الملوثات في مياه نهر النيل وإلقاء مياه الصرف الصحي والصرف الزراعي بنهر النيل بعد المعالجة الجزئية لها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق