الأهرام «العريقة».. احتراف الكذب وصناعة الفراعين
22/10/2014
الصفحات
لا تكفي لوصف تعامل صحيفة «الأهرام» مع الأنظمة على مر العصور منذ زمن
الملكية حيث ملوك وسلاطين أسرة محمد علي، ثم تمجيد الجمهورية بالتهليل
لانقلاب يوليو 52 وتأليه قواده، وتضليل الشعب بأن الجيش على مشارف تل أبيب
في نكسة يونيو، قبل أن تسخر صفحاتها لتقديس خطوات السادات وخلفه مبارك
وسليل العسكر السيسي، لتضرب المؤسسة أروع الأمثلة في بيع شرف المهنة رخيصا
واحتراف الكذب وصناعة الفراعين.
ولا
يخفى على القارئ أن الصحافة وما يتطلبه إصدار الجرائد -خاصة اليومي منها-
من سرعة في تنفيذ المنتج واللحاق بماكينة الطبعة الأولى، قد يسفر عن الوقوع
في أخطاء كثيرة بعدها مضحك وبعدها صادم، تعارف عليها المجتمع بأنها «خطأ
مطبعي»، وقعت فيه أكثر الصحف عراقة وخبرة وأوسعها انتشارا، إلا أن ما تفعله
الأهرام لا يندرج ضمن المتعارف عليه وإنما يجسد جريمة مكتملة الأركان،
طبخت خلاله الصحيفة على مدار عمرها الممتد لقرن ونيف من الزمان صنوفا من
التدليس والتحريف والتكذب والتضليل من أجل تقديم خدمات مجانية للفرعون مهيب
الركن
وربما
يمر الأمر بسلام على القارئ الذي سلم عقله لأحفاد «تقلا» لتغييبه والتلاعب
بعقليته وتشكيل رأيه فيصدق دون وعي وبإرادة سلمها طواعية ما تحمله صفحات
الجريدة دون مراجعة، إلا أن فضيحة الأهرام جاءت هذه المرة عالمية وبرائحة
تزكم الأنوف، بعدما أقدمت -قبل أيام قليلة- على جريمة صحفية تنطوي على
الكذب والتحريف وتضليل الرأي العام، بعدما قامت بتزوير ترجمة مقال نشرته
صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية والذي ينتقد سياسات قائد الانقلاب
العسكري، وقدمته للقراء على أن الجريدة الأمريكية العريقة تمدح السيسي
وتعتبره امتدادا لحكام العرب «الملهمين».
ولسوء
حظ صحيفة النظام، عثر مراسل الجريدة الأمريكية على مقالته ولكنها بمضمون
محرف ومحتوي مزيف بين صفحات "الأهرام"، وعلى الفور قرر أن يفضح الجريدة
العريقة على رؤوس الأشهاد، وتناول تلك الجريمة الصحفية مكتملة الأركان في
صحيفته، ليصبح تدليس الأهرام لصالح النظام حديث الصحافة العالمية.
وفي
محاولة لحفظ ماء وجه الأهرام، أصدرت الصحيفة بيانا أكدت فيه أنها وقعت في
فخ وكالة أنباء الشرق الأوسط التي ترجمت المقال الأصلي، دون أن تكلف نفسها
عناء تصفح "نيويورك تايمز" وأنها، وبدورها ردت الوكالة الرسمية ببيان ركيك
يحمل ما لا يحتمل من الأخطاء اللغوية، تؤكد فيه أنها ليست طرف في السجال
الدائر بين الأهرام نظيرتها الأمريكية.. في محاولة بائسة لأن يتوه الجرم
بين الطرفين ويتفرق دمه بين القبائل.
وفي
الوقت الذي تلاعبت فيه الصحيفة بقارئها ودغدغت مشاعره بكلمات فلسفية عقيمة،
دون أن تكلف نفسها عناء الاعتذار، وقامت أن توزع الاتهامات هنا وهناك،
قررت أن تركع للأمريكان كما يفعل قائدها مهيب الركن وقدمت اعتذرا في نسختها
الإنجليزية لصحيفة «نيويورك تايمز» عن الخطأ الذي وقعت فيه، لتعترف أنها
لا يعنيها المصداقية والاحترام أمام قرائها.
وقد
يلتمس القارئ المُغيب العذر لـ«الأهرام» باعتبار أن الخطأ يقع على
الوكالة، رغم أن الصحيفة العريقة لم تنسب الترجمة لها، إلا أن الباحث في
تاريخ جريدة أحفاد تقلا، يجد أنها حرصت على مدار تاريخها على نفاق النظام
وتمجيده بآلاف الموضوعات الملفقة والكاذبة التي صاغتها على مدار تاريخها
دون أن حمرة خجل أو التزام بمهنية صحفية أو مصداقية كلمة.
فالثوار
الذي أطاحوا بنظام المخلوع في ملحمة 25 يناير، لم ينسوا حتى الآن،
المانشيت الذي تجاهل الملايين في ميدان التحرير وقررت محاربة الثورة لصالح
مبارك وعصابته، وخرج بصورة كاذبة «الملايين يخرجون لتأييد مبارك»، و«مسيرات
ومظاهرات بالقاهرة والمحافظات لتأييد قرارات الرئيس»، وعنوان آخر «مليونية
في حب الرئيس بالمهندسين ومصطفى محمود».
ومع
انتصار الثورة على النظام المستبد والإطاحة به في 18 يوما، خرجت الصحيفة
لتذر الرمال في العيون، بمانشيت رئيسي «الشعب أسقط النظام» وأفرد نفس رئيس
التحرير صفحات الجريدة للتهليل للثورة والثوار.
ذات
الصحيفة ونفس رئيس التحرير، من خرجوا علينا بصورة مزورة للرئيس المخلوع
مبارك في قمة الثمانية، وهو يتقدم الرؤساء ويسير أمام الرئيس أوباما، رغم
أن الصورة الحقيقية تظهر مبارك وهو خلف الصفوف، قبل أن تبرر الأهرام
تزييفها بأنها صورة تعبيرية.
تزوير
وتدليس الأهرام، قديم قدم الصحيفة ذاتها، والأرشيف لا يكذب ولا يتجمل، خاصة
بعدما خرجت الجريدة لتمجد الخديوي توفيق «عميل الاستعمار»، وتصف المناضل
أحمد عرابي بأنه «عرابي العاصي» الذي خان سلاحه وأحرق مصر، قبل أن تعتبره
فيما بعد أحد الرموز الوطنية.
تاريخ
من التزوير وتزييف التاريخ وتشويه الواقع وتغييب العقول، منح مؤسسة الأهرام
بجدارة لقب صحيفة النظام ولسان الفراعين وصانعة الآلهة، وبذات الكفاءة
ونفس الامتياز والإجادة تمارس «العريقة» دورها مع قائد الانقلاب من تلميع
وتنظيف وتمجيد وتأليه، ولكن «إيش تعمل الماشطة في الوش العكر».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق