ليلة حبس الأنفاس.. تفاصيل ست ساعات غيّرت حياة تركيا
16/07/2016
في ساعات قليلة لم تتجاوز الست ساعات فوجئ العالم بانقلاب عسكري صادم في تركيا، لكن المفاجأة الأكبر كانت قدرة الشعب التركي على دحره وإحباطه بصورة أسرع مما تخيل الكثيرون، وشكل إحباط الانقلاب ملحمة شعبية توحدت فيها القوى السياسية المعارضة لرجب طيب أردوغان والمؤيدة له، القوى الإسلامية والعلمانية، المدنية والعسكرية، فكأن رأي الحشود التي ملأت الميادين واحدًا "لن نريد العودة لزمن الانقلابات"، فجميع القوى قد أدركت الدرس جيدا وأيقنت من تاريخ تركيا أن الحرية والتقدم مكفولان بنظام أردوغان.
وبدأت المحاولة الإنقلابية قبيل الحادية عشر مساء بتوقيت القاهرة، حين تم الإعلان أن قوات من الجيش التركي تغلق جزئيا الجسرين الواصلين بين القسمين الأوروبي والآسيوي من إسطنبول، وطائرات تحلق على ارتفاع منخفض فوق أنقرة واسطنبول، ورئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم يتحدث عن محاولة انقلاب.
وكان يلدريم محورا بارزًا في تواتر الأحداث فأكد أن مجموعات من داخل الجيش كسرت التسلسل القيادي وقامت بالاستيلاء على معدات عسكرية من مواقع في بعض المدن، ثم جاءت اتهامات صحفية لضباط موالين لجماعة فتح الله كولن بتدبير محاولة الانقلاب.
بيان الانقلاب
وجاء نبأ احتجاز رئيس هيئة الأركان التركي وإطلاق مروحيات النار على مقر المخابرات العامة ومبنى رئاسة الأركان، ليضاعف القلق ويوهم بسيطرة قوى الانقلاب على الموقف.
وأعلنت مذيعة بالتلفزيون الرسمي التركي TRT تلقي بيانا للإنقلابيين يعلن حظر التجول في أنحاء البلاد وإغلاق المطارات، وإعلان الأحكام العرفية.
أسرعت روسيا لإعلان تصريحات تحمل في طياتها ترحيبا بالإنقلاب، في حين جاء موقف أمريكا غامضا حتى تتضح الأمور.
ثم أعلنت وكالة رويترز بياناً منسوباً للجيش تلقته عبر البريد الإلكتروني يعلن الإستيلاء على السلطة وتعطيل العمل بالدستور لحين إصدار دستور جديد، وسارع يلدرم لرفض البيان وأؤكد أن الحكومة المنتخبة لا تزال في السلطة، ولن ترحل إلا بأمر الشعب، كما استنكر وزير الدفاع التركي فكري إيشيك، البيان المنسوب للجيش ويعتبره "قرصنة" كما اعلن القائد الأول للجيش رفضه المحاولة الإنقلابية.
اللحظة الفارقة
جاءت اللحظة الفارقة في موقف الانقلاب حينما ظهر رجب طيب أردوغان عبر حديث هاتفي مصور عبر الهاتف لإحدى القنوات يدعو أنصاره للنزول للشوارع والدفاع عن الشرعية والديموقراطية، وكأنه استفتاء على شعبيته الجارفة بالبلاد، وتأكيدا لديموقراطية نظامه.
وتم إلغاء جميع الرحلات من وإلى مطار أتاتورك، والإعلان عن قيام الانقلابيين باحتجاز رئيس الاركان في تركيا، وأعلنت سي إن إن ترك أن الرئيس أردوغان في مكان آمن، والمخابرات العامة ترسل رسالة خطية لوسائل الإعلام تقول فيها إنهم سيصمدون ويقاتلون لآخر رصاصة.
رئيس الوزراء التركي السابق داوود أوغلو، ورئيس الجمهورية السابق عبد الله غول تحدثا لوسائل الإعلام وطالبا الشعب بمواجهة الانقلابيين.
ثم أعلن قائد الجيش الأول التركي وقائد البحرية أن قواتهما لا تدعم الإنقلاب، أما حزبا المعارضة الرئيسيان (الشعب الجمهوري) و(الحركة القومية) فسارعا بإعلان رفض سيطرة الجيش على الدولة.
المساجد
كما دعت المساجد الناس للخروج ودعم أردوغان وبدأ مئات الآلاف يتدفقون للشوارع في المدن التركية ضد محاولة الانقلاب وحاصروا القوات المنتشرة في الشوارع ثم وصل المتظاهرون إلى مطار أتاتورك الدولي في إسطنبول وبدأوا تحريره.
وأعلن أمين عام الناتو الاحترام الكامل للحكومة التركية الديمقراطية، وأوباما وكيري يؤكدان اتفاقهما على دعم الحكومة المنتخبة، والمستشارة الألمانية، والاتحاد الأوربي أكدا ذات المعنى.
المروحية
وتجلى تراجع الانقلاب بعد إسقاط مروحية تابعة لقوات الإنقلاب، ثم اعتقلت الشرطة قائد الجندرمة في مدينة بورصة وضباطا وجنودا آخرين بتهمة المشاركة في التحرك الانقلابي، وتم الإعلان عن أن العقيد محرم كوسا المستشار القانوني لرئيس الأركان هو المخطط للانقلاب، واستعادت الجماهير السيطرة على تلفزيون TRT التركي الرسمي والمذيعة التي أذاعت بيان الإنقلاب أكدت أنها فعلت ذلك تحت الإكراه وقدمت تغطية مضادة.
وحاول الانقلابيون وقف بث قناة CNN التركية لبعض الوقت قبل أن يتم إعادة البث.
احتفالات
وانطلقت احتفالات كبيرة في إسطنبول بفشل الانقلاب ووصلت طائرة أردوغان مطار أتاتورك، وأكد أنه سيطهر الجيش من الإرهابيين، ورئيس الوزراء يعلن توقيف أكثر من 120 عسكريا مرتبطين بمحاولة الانقلاب، وعاد عودة الطيران المدني إلى مطار أتاتورك لعمله بشكل جزئي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق