فتح الله جولن.. الانقلابي المدلل في واشنطن
21/07/2016
كانت ليلة الخامس عشر من يوليو الجاري، ليلة بالغة السخونة وسريعة المتغيرات، في تركيا، فهي ليلة ستخلد كمحطة فارقة في تاريخ تركيا الحديث.. في هذه الليلة شهدت تركيا محاولة انقلاب فاشلة، ضد الرئيس رجب طيب أردوغان، والذي حمل مسؤولية التخطيط للإنقلاب العسكري، إلى المعارض السياسي الأبرز، فتح الله كولن، مؤسس حركة "كولن" الشعبية.
في البداية، وعقب محاولة الانقلاب مباشرة، لم يذكر أردوغان اسم "فتح الله كولن"، بشكل مباشر كمسئول عن محاولة الانقلاب الفاشلة، وأقام مؤتمرًا صحفيًا في مطار أتاتورك، وجه فيه أصابع الاتهام إلى جماعة "فتح الله كولن" قائلًا "إن منفذي المحاولة الانقلابية مجموعة ممن يكرهون تركيا ويتلقون أوامرهم من بنسلفانيا"، في إشارة إلى مكان المنفى الاختياري لـ"كولن"، إلا أنه في اليوم التالي وجه أردوغان الاتهام إلى كولن مباشرًة، مطالبًا - خلال حديثه أمام حشد من أنصاره في إسطنبول - الولايات المتحدة باعتقاله أو تسليمه.
وكان السبب الرئيسي في نفي كولن اختياريًا من تركيا إلى بنسلفانيا عام 1999 إلى ظهور تسجيل فيديو يحدث فيه أنصاره عن خطته لتغيير المجتمع التركي، والنظام السياسي الجمهوري، بشكل تدريجي، وهو الفيديو الذي قال فيه لأنصاره : "إن وجود إخواننا هو الضمان لمستقبل الإسلام، وجودهم في المحاكم أو في الخدمة المدنية أو في القطاعات الخدمية الأخرى لا يمكن تقييمه إلا كجزء من الالتزام الفردي، إن وجودهم هو ضمانة لمستقبلنا، وبدون تشكيل جبهة قوية في مؤسسات الدولة، فإن أي خطوة نقوم بها ستكون مبكرة للغاية".
ويرى محللون أن ما قاله "كولن" في هذا المقطع، يؤكده الوضع التركي اليوم، حيث يتركز منظور "كولن" السياسي على جعل كوادر الدولة ومؤسساتها تحت سيطرة جماعته، والتي يطلق عليها أردوغان ومسؤولو حكومته "الكيان الموازي".
ومنذ ذلك الحين استغلت جماعة كولن كل الفرص، للتغلغل في الدولة التركية، فقد استطاعت تسريب فكرها وكوادرها إلى مؤسسات الدولة الأساسية، كوزارة الداخلية والقضاء، وعالم الاقتصاد ورجال الأعمال.
كما تدير جماعة "فتح الله كولن" شبكة عالمية من المدارس منها 140 في الولايات المتحدة، وأكثر من 10 في ألمانيا حيث يوجد الكثير من المهاجرين الأتراك، و29 في كازاخستان، و13 في تركمانستان، و12 في أذربيجان، و12 في قرغزستان، إضافة إلى مدارس عدة في عشرات الدول حول العالم في أوربا وإفريقيا وآسيا، وأهم ملامح التعليم هذه المدارس أنهالا تطبق برامج تحمل مواصفات دينية، وأيضًا تمتلك الحركة في تركيا ما يفوق الخمسمائة مدرسة تقوية خاصة "درسخانة"، وهي تهدف إلى إعداد الطلاب لامتحانات القبول الجامعي، وهي التي صدق البرلمان التركي على قرار بإغلاقها قبل حلول الأول من سبتمبر 2015، وعلق "أردوغان" على هذا القرار بأن اغلاق هذه المدارس يأتي في سياق إصلاح نظام تعليمي وصفه "بغير الصحي".
وبالإضافة إلى نفوذها داخل أجهزة الأمن والقضاء، استخدمت الجماعة الإعلام كأداة ضغط لتمرير مشاريعها وأفكارها للمجتع التركي. ويمكن القول أنه طيلة السنوات العشر الأولى من حكم حزب العدالة والتنمية، نجحت جماعة فتح الله كولن وأتباعه داخل تركيا، في تحقيق حلم زعيمها المقيم ببنسلفانيا.
وقبل حدوث أزمة 17 ديسمبر التي تتهم الجماعة بالوقوف خلفها والتي استهدفت توريط شخصيات بارزة في المجتمع التركي معظمها مقرب من حكومة العدالة والتنمية، كانت جماعة كولن تلقب من قبل منتقديها بأنها الدولة العميقة الجديدة لتركيا.
وعلى غرار ما حدث في مصر من تواطئ فج لحزب النور السلفي مع قيادات العسكر الانقلابية ضد الرئيس الشرعي محمد مرسي، جاء دور كولن في تركيا مشابه لما حدث في مصر.
غير أن تصادم "كولن" الدائم مع حزب العدالة والتنمية وفشله في الإطاحة به سواء عبر عمليتي 17 و25 ديسمبر أو عبر دعم الأحزاب المعارضة له في الانتخابات البلدية والرئاسية الماضية، وأخيرًا محاولة الانقلاب الفاشلة، جعله يفقد جزءًا كبيرًا من نفوذه، وجعله أيضًا مهددًا بالاعتقال أو التسليم إلى تركيا، لتثبت الولايات المتحدة حسن نواياها لتركيا، وعدم تواطئها مع "كولن وجماعته".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق