الخميس، 21 يوليو 2016

هويدي: محاولة تأميم المساجد أكبر دلالة على الاستبداد

هويدي: محاولة تأميم المساجد أكبر دلالة على الاستبداد


الكاتب الصحفي فهمي هويدي
21/07/2016

شن الكاتب الصحفي فهمي هويدي هجوما حادا على وزير أوقاف الانقلاب المخبر محمد مختار جمعة، قائلا: "اكتشف وزير الأوقاف أن أئمة المساجد فى مصر لا يجيدون الخطابة، وأنهم بالكاد يجيدون القراءة. ولأنه حريص على استمرار دورهم فقد استلهم فكرة عبقرية وجد فيها الحل السحرى للمشكلة، تمثلت فى كتابة خطبة بليغة ومحكمة توزع على الجميع".

وأكد هويدي خلال مقاله بصحيفة "الشروق" اليوم الخميس، أن جمعة أراد ضرب ثلاثة عصافير بحجر واحد. إذ تصور أنها من ناحية تستر عجز الخطباء الذى افترضه. ومن ناحية ثانية تنور الناس بالفكر المعتدل الذى يحصنهم ضد التطرف. ومن ناحية ثالثة فإنها تطمئن الأجهزة الأمنية على أن المساجد صارت تحت السيطرة وأنه قام بواجبه فى الترشيد وضبط المنابر على بوصلة السلطة و«قِبلتها».

وتابع: "ما أدهشنى ليس فقط أن يقول الوزير هذا الكلام، وأن يتصور أن ما قاله يمكن أن ينطلى على أحد. حيث لم أتوقع أن يبلغ به سوء الظن هذه الدرجة، فيفترض فى الأئمة السذاجة ويفترض فينا الغباء والبلاهة، بحيث يمكن أن نصدق أن ما جرى ليس قرارا بتأميم المساجد وإخضاعها، ليس فقط إلى سلطان الدولة ولكن لإدارتها بالكامل لحساب جهاز أمن الدولة".

وقال هويدي إن ذلك الاتجاه بصورة قوية أثناء حكم الرئيس المخلوع حسنى مبارك. ذلك أن تنامى ظاهرة التطرف والعنف فى أواخر حكم السادات، دفع الأجهزة الأمنية إلى محاولة التحكم فى دور المساجد. وتمثلت الخطوة الأولى فى ذلك الاتجاه فى التدقيق فى الخطباء واشتراط حصولهم على تصاريح بالخطابة من لجنة خاصة ضمت بعض المسئولين فى وزارة الأوقاف وممثلين عن جهاز أمن الدولة. وكان القرار الأخير فى إصدار التصريحات بيد ضباط أمن الدولة.

ودلل على ذلك أن الدكتور محمود الجليند أستاذ الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم كان يخطب الجمعة فى مسجد قريته بمحافظة البحيرة، وحين تقرر اشتراط حصول الخطيب على تصريح الوزارة، فإنه وجه رسالة بذلك إلى وزير الأوقاف آن ذاك الذى كان زميلا له. فإن الوزير تحرج من الطلب فبعث إليه بالتصريح فى مظروف مغلق مع بطاقة باسمه عليها تأشيرة للوزير قال فيها: أرجو عدم استعماله. تكرر ذلك مع الشيخ جمال قطب الذى كان رئيسا للجنة الفتوى بالأزهر وأحد الذين يجيزون التصاريح للائمة، وكان فى الوقت ذاته خطيبا لمسجد مصطفى محمود بحى المهندسين. ذلك أنه حين ترك منصبه وتفرغ للدعوة والبحث، فإن اللجنة رفضت اعطاءه تصريحا بالخطابة لأنه لم يكن مرضيا عنه.

وتابع: "ليس سرا أن الاعتبار الأمنى صار العنصر الأساسى فى كل الإجراءات التى اتخذت لممارسة أى نشاط فى المساجد حتى صار الاعتكاف مشروطا بإبراز بطاقة الرقم القومى. كما أنه وراء اشتراط الحصول على تصريح للخطابة. وقد وجدوا أن ذلك لم يكن كافيا لأن الأجهزة الأمنية لم تكتف بتوجيه الخطباء للحديث فى موضوعات بذاتها، ومن ثم ظهرت الفكرة العبقرية التى تبناها وزير الأوقاف ودعت إلى إلزام الائمة بخطب مكتوبة سلفا.

وذلك لكى لا يتم التحكم فى أفكارهم فقط ولكن أيضا فى الصيغة التى يعبرون بها عن تلك الأفكار. ولست أشك فى أن الخطب سيكتبها لغويون فصحاء ربما كان فى مقدمتهم الوزير أستاذ البلاغة، لكننا سنكون واهمين إذا تصورنا أن ممثلى الأجهزة الأمنية لن يتولوا إجازتها وربما تنقيحها".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق