حول ظلم المقارنة بين انقلابي تركيا ومصر
بقلم: ياسر الزعاترة
بعض المتحمسين ضد الانقلاب في تركيا لم
يترددوا في هجاء الشعب المصري بسبب موقفه من الانقلاب، مقابل الشعب التركي
الذي وقف وقفة رائعة ضد الانقلابيين وتمكنت هبته إلى جانب عوامل أخرى في
إفشالهم.
الحق أن المقارنة تبدو ظالمة في حق الشعب المصري الذي صاغ ثورة عظيمة في يناير 2011، وبذل الكثير من التضحيات من أجل حمايتها، وكذلك في سياق مواجهة الانقلاب بعد وقوعه. وحين يكون في السجون الآن أكثر من 50 ألف معتقل فهذا يعطي دلالة واضحة على ذلك، لكن إرادة الشعوب لا تكفي دائما في مواجهة أحداث من هذا النوع، بخاصة حين يكون هناك انقسام حقيقي في أوساطها، ويختل ميزان القوى داخليا وخارجيا ضدها.
يبدأ ظلم المقارنة حين نتذكر أن حكومة العدالة والتنمية مضى عليها في الحكم 14 عاما، فيما كانت حكومة الثورة في مصر في عامها الأول، وثبت أن مخطط الانقلاب عليها قد بدأ منذ اليوم الأول، وما الشيطنة التي كان الرئيس يتعرض لها إلا جزء من ذلك المخطط.
في مصر، كانت الدولة العميقة تسيطر على كل شيء، وكان مرسي على الهامش من الناحية العملية، ومن لا يسيطر على المؤسسة الأمنية والعسكرية أو جزء معتبر منها ليس حاكما من الناحية الفعلية، فكيف حين تكون تلك المؤسسة تصل الليل بالنهار للتآمر عليه؟!
خلال 14 عاما كان أردوغان قد أحدث بعض الاختراقات المعتبرة في المؤسسة الأمنية، وأقل من ذلك في الجيش، لكن صدامه مع جماعة غولن ذات الحضور الكبير في الدولة العميقة، بخاصة الأمن والقضاء ما لبث أن صنع الانقلاب الذي تابعناه، وبالطبع في ظل توافق مع جزء معتبر من مؤسسة الجيش ذات الإرث العلماني المتطرف المناهض لأردوغان.
في مصر كان الجميع ضد مرسي، أعني كل مؤسسات الدولة العميقة بما فيها الإعلام، بينما كان جزء لا بأس به منها ضد الانقلاب في تركيا، ومع ذلك كان على وشك النجاح، فكيف كان بوسع مرسي أو الإخوان أن يفشلوا الانقلاب بينما كل المؤسسات تعمل ضدهم ومن أجل إفشالهم؟! والأسوأ أن أحزاب المعارضة في مصر كانت مع الانقلاب، خلافا لتركيا.
نأتي هنا إلى دور الخارج، ففي تركيا كان دور الخارج في الانقلاب هامشيا، وإن كان أصحابه يضمنون دعما لاحقا في ظل غضب أميركا والصهاينة والغرب عموما على أردوغان، فضلا عن إيران وبعض العرب. أما في مصر فكان دور الخارج لافتا، وكان المال يتدفق من أجل إنجاحه، بل كان بعضه جزءا لا يتجزأ من التخطيط، فضلا عن التمكين في الجزء التالي.
لا يعني ذلك أن نجاح الانقلاب في مصر كان قدرا مقدورا، فأخطاء مرسي والإخوان في إدارة المعركة لا يمكن إنكارها، كما أن خطر انقلاب آخر في تركيا سيبقى قائما إذا لم تتم إدارة المشهد التالي بطريقة ذكية.
المصيبة أننا في كلتا الحالتين أمام مرحلة صعبة، حتى لو لم يحدث الانقلاب، فالديمقراطية هي إدارة الهوامش أكثر من الاستراتيجيات، وفي كلا البلدين هناك انقسام حقيقي حول القضايا الكبرى في السياسة الداخلية والخارجية.
سيمضي وقت لا بأس به حتى تتمكن هذه المنطقة من تكريس ديمقراطية حقيقية، تكون فيها مؤسسات الدولة لكل الشعب، وتخضع لإرادته، وليست وصية عليه، وعلى من ينتخبهم في آن، لكن تيار التاريخ يمضي في هذا الاتجاه، وسيصل هدفه مهما طالت الرحلة وكثرت التضحيات.
الحق أن المقارنة تبدو ظالمة في حق الشعب المصري الذي صاغ ثورة عظيمة في يناير 2011، وبذل الكثير من التضحيات من أجل حمايتها، وكذلك في سياق مواجهة الانقلاب بعد وقوعه. وحين يكون في السجون الآن أكثر من 50 ألف معتقل فهذا يعطي دلالة واضحة على ذلك، لكن إرادة الشعوب لا تكفي دائما في مواجهة أحداث من هذا النوع، بخاصة حين يكون هناك انقسام حقيقي في أوساطها، ويختل ميزان القوى داخليا وخارجيا ضدها.
يبدأ ظلم المقارنة حين نتذكر أن حكومة العدالة والتنمية مضى عليها في الحكم 14 عاما، فيما كانت حكومة الثورة في مصر في عامها الأول، وثبت أن مخطط الانقلاب عليها قد بدأ منذ اليوم الأول، وما الشيطنة التي كان الرئيس يتعرض لها إلا جزء من ذلك المخطط.
في مصر، كانت الدولة العميقة تسيطر على كل شيء، وكان مرسي على الهامش من الناحية العملية، ومن لا يسيطر على المؤسسة الأمنية والعسكرية أو جزء معتبر منها ليس حاكما من الناحية الفعلية، فكيف حين تكون تلك المؤسسة تصل الليل بالنهار للتآمر عليه؟!
خلال 14 عاما كان أردوغان قد أحدث بعض الاختراقات المعتبرة في المؤسسة الأمنية، وأقل من ذلك في الجيش، لكن صدامه مع جماعة غولن ذات الحضور الكبير في الدولة العميقة، بخاصة الأمن والقضاء ما لبث أن صنع الانقلاب الذي تابعناه، وبالطبع في ظل توافق مع جزء معتبر من مؤسسة الجيش ذات الإرث العلماني المتطرف المناهض لأردوغان.
في مصر كان الجميع ضد مرسي، أعني كل مؤسسات الدولة العميقة بما فيها الإعلام، بينما كان جزء لا بأس به منها ضد الانقلاب في تركيا، ومع ذلك كان على وشك النجاح، فكيف كان بوسع مرسي أو الإخوان أن يفشلوا الانقلاب بينما كل المؤسسات تعمل ضدهم ومن أجل إفشالهم؟! والأسوأ أن أحزاب المعارضة في مصر كانت مع الانقلاب، خلافا لتركيا.
نأتي هنا إلى دور الخارج، ففي تركيا كان دور الخارج في الانقلاب هامشيا، وإن كان أصحابه يضمنون دعما لاحقا في ظل غضب أميركا والصهاينة والغرب عموما على أردوغان، فضلا عن إيران وبعض العرب. أما في مصر فكان دور الخارج لافتا، وكان المال يتدفق من أجل إنجاحه، بل كان بعضه جزءا لا يتجزأ من التخطيط، فضلا عن التمكين في الجزء التالي.
لا يعني ذلك أن نجاح الانقلاب في مصر كان قدرا مقدورا، فأخطاء مرسي والإخوان في إدارة المعركة لا يمكن إنكارها، كما أن خطر انقلاب آخر في تركيا سيبقى قائما إذا لم تتم إدارة المشهد التالي بطريقة ذكية.
المصيبة أننا في كلتا الحالتين أمام مرحلة صعبة، حتى لو لم يحدث الانقلاب، فالديمقراطية هي إدارة الهوامش أكثر من الاستراتيجيات، وفي كلا البلدين هناك انقسام حقيقي حول القضايا الكبرى في السياسة الداخلية والخارجية.
سيمضي وقت لا بأس به حتى تتمكن هذه المنطقة من تكريس ديمقراطية حقيقية، تكون فيها مؤسسات الدولة لكل الشعب، وتخضع لإرادته، وليست وصية عليه، وعلى من ينتخبهم في آن، لكن تيار التاريخ يمضي في هذا الاتجاه، وسيصل هدفه مهما طالت الرحلة وكثرت التضحيات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق