آيات عـرابي : مشاهد من جهنم
الجمعة، 10 يوليو 2015
شاب وفتاة في نهار رمضان يحتضن بعضهما بعضا في إحدى محطات القطار.
لابد أن همهمات الركاب الغاضبة قد ارتفعت على هذا الفعل غير المعتاد، لابد أن البعض صاح فيهما ولابد أن جموعا من الفضوليين تجمعت حولهم، ولكن من المؤكد أن هذه الجموع قد تسمرت عندما شاهدت الاثنين يلقيان نفسيهما أمام المترو.
شهود الواقعة قالوا إن الزوج مات على الفور، بينما عاشت الزوجة التي لابد أنها تحولت إلى حطام.
هيئة المترو اكتفت ببيان قصير قالت فيه "إن توقف حركة المترو جاء نتيجة حالة انتحار لشخص وزوجته، إلا أن الزوجة لم تصب بأي أذى، بينما توفي الزوج".
لا، ليس هذا مشهدا دراميا في فيلم عاطفي مصري من الخمسينيات من بطولة فاتن حمامة وكمال الشناوي، وليس رواية عاطفية تحكي قصة حب فاشلة.
المشهد دراما واقعية حدثت في القاهرة منذ يومين، وأشارت إليها معظم صحف الانقلاب في سطور قصيرة.
صحيفة اليوم السابع مثلا نجحت في بلوغ قاع اللا إنسانية حين قالت في خبر لها عن الحادث:
"سقطت فتاة تدعى ياسمين رمضان 20 سنة أمام قطار مترو رقم.. في أثناء دخوله محطة.. بسبب اختلال توازنها. وأصيب شخص آخر في أثناء محاولته إنقاذ الفتاة".
تحول مأساة الزوجين المنتحرين إلى القطار رقم كذا ومحطة كذا، وتحول سبب ذلك المشهد الدرامي إلى "اختلال توازن".
أتصور معاناة ياسمين وزوجها وهما يقفان أمام بائع الخضراوات، لتسأل ياسمين في صوت خجول عن سعر كيلو الليمون ليرد عليها البائع بغلظة (35 جنيها).
أتخيل تلك المسكينة وهي تغض البصر أمام محلات الجزارة، وتركض مسرعة حتى لا تسول لها نفسها شراء كيلو لحم قد يلتهم راتب زوجها، ويتركها هي وزوجها بلا طعام حتى نهاية الشهر.
هل شاهدت تلك المسكينة الإعلانات التي تطالب المصريين بالتبرع ولو بجنيه؟
(شاهدت أنا شخصيا جانبا من تلك الإعلانات المقززة، وأصابتني بالاشمئزاز من هؤلاء المنافقين).
هل شاهدت ذلك الممثل الذي يتشحتف على الشاشة ليطلب منها التبرع؟
هل قرأت الرقم الذي تقاضاه ذلك الممثل العجوز في أحد المسلسلات، والذي بلغ 35 مليون جنيه ؟
هل شعرت أنها وزوجها مجرد لا شيء في هذه البلد المنكوبة؟
هل مرضت ياسمين واقترض زوجها ثمن علاجها؟
هل شاهدت شاويش الانقلاب وهو يعد بأن (ماسر حتبقى قد الدونيا)، وشاهدت مصر وهي تتحول إلى خرائب على يد ذلك النحس وعصابته؟
هل شاهدت ياسمين أومباشي الانقلاب وهو يطالب المصريين بالتبرع لترعة الإسماعيلية، في حين لا تملك هي شراء كيلو البامية الذي وصل إلى 28 جنيها؟
هل تابعت بلوغ الدولار 8 جنيهات وخسائر البورصة في الأسبوع الماضي، أم إن هذا لا يعنيها برغم تأثيره المباشر على حياتها وحياة زوجها؟
هل قرأت مبلغ الدين الداخلي الذي وصل إلى 2 تريليون جنيه؟
كم ليلة باتت هي وزوجها بلا طعام؟
أتصور ياسمين قبيل رمضان وهي تمر أمام محال بيع الياميش، ويتهدل كتفاها في خيبة أمل حين تقرأ الأسعار التي لابد أنها وصلت لحدود خيالية.
ما الذي دفعهما إلى هذا القرار؟
وكأنهما يضغطان على زر لإنهاء حياتهما فجأة!
ما الذي يدفع شابة في بدايات عمرها (20 عاما) لاتخاذ ذلك القرار المروع؟
ما هي المشاهد التي تلاحقت في عقلها وهي تقفز مع زوجها تحت عجلات القطار؟
آلاف وآلاف الاحتمالات، ولكن المؤكد أن الزوجين وصلا إلى آخر نقطة في أبعد حدود اليأس الإنساني، لم تعد لحياتهما قيمة.
والمؤكد أن الحياة في مصر أصبحت جهنم بالنسبة لياسمين وزوجها وبالنسبة لملايين غيرها.
والمؤكد أنه لا سبيل للحياة أصلا إلا بازاحة عصابة الانقلاب التي جرّت الوبال على مصر وشعبها.
لابد أن همهمات الركاب الغاضبة قد ارتفعت على هذا الفعل غير المعتاد، لابد أن البعض صاح فيهما ولابد أن جموعا من الفضوليين تجمعت حولهم، ولكن من المؤكد أن هذه الجموع قد تسمرت عندما شاهدت الاثنين يلقيان نفسيهما أمام المترو.
شهود الواقعة قالوا إن الزوج مات على الفور، بينما عاشت الزوجة التي لابد أنها تحولت إلى حطام.
هيئة المترو اكتفت ببيان قصير قالت فيه "إن توقف حركة المترو جاء نتيجة حالة انتحار لشخص وزوجته، إلا أن الزوجة لم تصب بأي أذى، بينما توفي الزوج".
لا، ليس هذا مشهدا دراميا في فيلم عاطفي مصري من الخمسينيات من بطولة فاتن حمامة وكمال الشناوي، وليس رواية عاطفية تحكي قصة حب فاشلة.
المشهد دراما واقعية حدثت في القاهرة منذ يومين، وأشارت إليها معظم صحف الانقلاب في سطور قصيرة.
صحيفة اليوم السابع مثلا نجحت في بلوغ قاع اللا إنسانية حين قالت في خبر لها عن الحادث:
"سقطت فتاة تدعى ياسمين رمضان 20 سنة أمام قطار مترو رقم.. في أثناء دخوله محطة.. بسبب اختلال توازنها. وأصيب شخص آخر في أثناء محاولته إنقاذ الفتاة".
تحول مأساة الزوجين المنتحرين إلى القطار رقم كذا ومحطة كذا، وتحول سبب ذلك المشهد الدرامي إلى "اختلال توازن".
أتصور معاناة ياسمين وزوجها وهما يقفان أمام بائع الخضراوات، لتسأل ياسمين في صوت خجول عن سعر كيلو الليمون ليرد عليها البائع بغلظة (35 جنيها).
أتخيل تلك المسكينة وهي تغض البصر أمام محلات الجزارة، وتركض مسرعة حتى لا تسول لها نفسها شراء كيلو لحم قد يلتهم راتب زوجها، ويتركها هي وزوجها بلا طعام حتى نهاية الشهر.
هل شاهدت تلك المسكينة الإعلانات التي تطالب المصريين بالتبرع ولو بجنيه؟
(شاهدت أنا شخصيا جانبا من تلك الإعلانات المقززة، وأصابتني بالاشمئزاز من هؤلاء المنافقين).
هل شاهدت ذلك الممثل الذي يتشحتف على الشاشة ليطلب منها التبرع؟
هل قرأت الرقم الذي تقاضاه ذلك الممثل العجوز في أحد المسلسلات، والذي بلغ 35 مليون جنيه ؟
هل شعرت أنها وزوجها مجرد لا شيء في هذه البلد المنكوبة؟
هل مرضت ياسمين واقترض زوجها ثمن علاجها؟
هل شاهدت شاويش الانقلاب وهو يعد بأن (ماسر حتبقى قد الدونيا)، وشاهدت مصر وهي تتحول إلى خرائب على يد ذلك النحس وعصابته؟
هل شاهدت ياسمين أومباشي الانقلاب وهو يطالب المصريين بالتبرع لترعة الإسماعيلية، في حين لا تملك هي شراء كيلو البامية الذي وصل إلى 28 جنيها؟
هل تابعت بلوغ الدولار 8 جنيهات وخسائر البورصة في الأسبوع الماضي، أم إن هذا لا يعنيها برغم تأثيره المباشر على حياتها وحياة زوجها؟
هل قرأت مبلغ الدين الداخلي الذي وصل إلى 2 تريليون جنيه؟
كم ليلة باتت هي وزوجها بلا طعام؟
أتصور ياسمين قبيل رمضان وهي تمر أمام محال بيع الياميش، ويتهدل كتفاها في خيبة أمل حين تقرأ الأسعار التي لابد أنها وصلت لحدود خيالية.
ما الذي دفعهما إلى هذا القرار؟
وكأنهما يضغطان على زر لإنهاء حياتهما فجأة!
ما الذي يدفع شابة في بدايات عمرها (20 عاما) لاتخاذ ذلك القرار المروع؟
ما هي المشاهد التي تلاحقت في عقلها وهي تقفز مع زوجها تحت عجلات القطار؟
آلاف وآلاف الاحتمالات، ولكن المؤكد أن الزوجين وصلا إلى آخر نقطة في أبعد حدود اليأس الإنساني، لم تعد لحياتهما قيمة.
والمؤكد أن الحياة في مصر أصبحت جهنم بالنسبة لياسمين وزوجها وبالنسبة لملايين غيرها.
والمؤكد أنه لا سبيل للحياة أصلا إلا بازاحة عصابة الانقلاب التي جرّت الوبال على مصر وشعبها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق