الخميس، 9 يوليو 2015

الأحزاب الكرتونية.. «أسود» على مرسي «نعاج» مع السيسي

الأحزاب الكرتونية.. «أسود» على مرسي «نعاج» مع السيسي


الأحزاب الكرتونية
09/07/2015
عبد الله محمد
"موافقون.. موافقون.. موافقون".. سياسة اعتاد عليها المصريون علي مدار عقود  من حكم المخلوع مبارك ، حيث كانت تمرر القوانين والتشريعات في البرلمان بأغلبية ساحقة من نواب الوطني المنحل ونواب الأحزاب الكرتونية ممن كان يعينهم مبارك أو يفوزون بتزوير الانتخابات لصالحهم بتوجيهات من الأمن كي يصبحوا"ديكور ديمقراطي بالبرلمان"
ولكن عادت هذه السياسة من جديد بعد الانقلاب العسكري في مصر منتصف 2013 ، بعد أن ظن المصريون أنهم تخلصوا منها بلا رجعة.. وللأسف عادت علي أيدي الأحزاب الكرتونية التي ارتدت ثياب المعارض الشرس خلال عام من حكم الرئيس مرسي ، وحرصت علي معارضة أي قرار أو قانون يصدره الرئيس مرسي أو مجلس الشورى المنتخب، وهو ما اكتشف الجميع بعد ذلك أنه كان بتحريض ممنهج من المؤسسة العسكرية تمهيدا للانقلاب على الرئيس والتجربة الديمقراطية بعد ثورة نياير.
فتحصين القرارات والقوانين والمجالس المنتخبة كان"حراما" في عهد مرسي ، إلا أنه وبقدرة قادر تحول إلى"حلال..حلال..حلال" في عهد السيسي ، حيث برر المستشار يحيي قدرى، النائب الأول لرئيس حزب الحركة الوطنية والقيادي بالجبهة المصرية التي أسسها احمد شفيق ، رغبة السيسي في تحصين البرلمان المقبل ، بأن هذا التحصين من الحل يختلف تماما عما كان يرغب الرئيس محمد مرسي فى تنفيذه، حيث أن التحصين  المطلوب حاليا يعنى عدم حل المجلس وليس تحصين قانون الانتخابات نفسه ، وسار علي نهجه نصر القفاص، القيادي بحزب المصريين الأحرار، والذي ادعي على أن تحصين السيسي لا يشبه محاولة  مرسي تحصين مجلس الشورى وقراراته؛ حيث إن تحصين السيسي يعنى أنه فى حالة صدور أحكام ببطلان بعض نصوص قوانين الانتخابات تنفذ بعد انتهاء الفصل التشريعي كما يحدث فى ألمانيا وذلك لضمان استقرار البرلمان!!!
لم يختلف موقف الأحزاب الكرتونية كثيرا تجاه القانون الكارثة المعروف باسم "قانون الإرهاب" والذي يتيح لسلطات الانقلاب إصدار أحكام بالإعدام والمؤبد في أسرع وقت ممكن علي كافة معارضي الانقلاب ، فضلا عن حرمان المعارضين المحكوم عليهم من حقهم في الدفاع عن أنفسهم ، حيث سارعت تلك الأحزاب بالإشادة بالقانون وبما أسمته بجهود الدولة في مكافحة الإرهاب دون صدور انتقاد لما يحتوية القانون من عوار أو التطرق إلي أن القانون جاء بعد فشل جيش وشرطة الانقلاب في القيام بدورهما في حماية الوطن داخليا وخارجيا.
فهاهو شهاب وجيه، المتحدث الرسمى لحزب المصريين الأحرار، يعلن دعم حزبه لخطوات السيسي في مواجهة "الإرهاب" ويطالبه باتخاذ مزيد من الإجراءات القاسية ، بل ويشيد بزيارة السيسي إلي سيناء مرتديا الزي العسكري ، دون أن يجرؤ علي اتهام السيسي بالفشل المتكرر في حماية الجنود المصريين في سيناء أو انتقاد فشل سياسة السيسي في تشريد وتهجير أهالي سيناء.
وسار علي دربه حزب مصر العروبة الديمقراطي ، والذي أثنى إكرامي الزغاط، أمين عام الشباب بالحزب ، إصدار حكومة الانقلاب لقانون الإرهاب وعلى زيارة السيسى إلى سيناء بالزي العسكري ، معتبرا ذلك يذكره بالرئيس السادات وبطولاته على حد زعمه.
الغريب مجيء الموافقة العمياء علي قانون الإرهاب من أعلى جهة قضائية في مصر وهو "مجلس القضاء الأعلى"، علي الرغم من امتعاضه بشدة علي قرارات الرئيس مرسي التي أصدرها أواخر عام 2012 ، وغضه الطرف عن تطاول "الزند"المتكرر علي رئيس الجمهورية آنذاك.
وعلي الجانب المقابل ، جاء موقف نقابة الصحفيين هذه المرة مخالفا لسياسة"الموافقة العمياء" ، حيث أعلنت النقابة رفضها لمشروع قانون "الإرهاب"؛ بسبب  القيود التي يضعها على الصحافة، في مخالفة واضحة لنصوص الدستور المصري، ورأت أن مشروع القانون، الذي أعلنت عنه الحكومة منذ يومين، يعيد من جديد القيود التي ناضلت الجماعة الصحفية لإلغائها عبر عقود من تاريخها
وشددت النقابة، في بيان لها، على أن مشروع قانون "مكافحة الإرهاب" حفل بالعديد من المواد التي تخالف بشكل صريح المادة (71) من الدستور، وما نصت عليه من "حظر توقيع أي عقوبة سالبة للحرية فى الجرائم التي تُرتكب بطريق النشر أو العلانية، أما الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو بالتمييز بين المواطنين أو بالطعن في أعراض الأفراد، فيحدد عقوباتها القانون"، خصوصا في مواده (26، 27، 29، 33، 37) ، ووجهت نقابة الصحفيين نظر المسئولين وكل من يهمه أمر هذا الوطن إلى أن يعيدوا قراءة نص المادة (33) من مشروع قانون "مكافحة الإرهاب” جيدا، وهي المادة التي تنص على أن "يُعاقب بالحبس الذي لا تقل مدته عن سنتين، كل من تعمد نشر أخبار أو بيانات غير حقيقية عن أي عمليات إرهابية بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن الجهات المعنية، وذلك دون إخلال بالعقوبات التأديبية المقررة في هذا الشأن".
ولفتت النقابة النظر إلى أن هذه المادة خطيرة وتخالف النص الدستوري، وتعيد من جديد عقوبة الحبس، بل تصادر حق الصحفي في الحصول على المعلومات من مصادرها المختلفة وتحصرها في جهة واحدة، الأمر الذي يُمثل ارتدادًا واضحًا على حرية الرأي والنشر التعبير، حيث لم تكتف المادة المذكورة بإعادة الحبس في قضايا النشر بالمخالفة للدستور، بل جعلت من السلطة التنفيذية رقيبا على الصحافة وحريتها، ومعيارا للحقيقة، وفتحت الباب لمصادرة حرية الصحافة، وإهدار كل الضمانات التي كفلها القانون للصحفي ، وشددت النقابة على أن هذا القانون جاء ليغلق الباب أمام كل المحاولات التي تسعى إلى أن تكون الصحافة معبرة عن المجتمع بكل طوائفه، ويفتح الباب أمام عودة الرقابة على الصحافة والإعلام عبر نصوص قانونية تضرب حرية الصحافة في مقتل، وهو ما ظهر في العديد من مواد ذلك القانون، حيث حفلت المواد (26، 27، 29، 37) بالعديد من العبارات المطاطة التي تتعدى الهدف الرئيسي للقانون وهو مواجهة الإرهاب، إلى مصادرة حرية الصحافة، وفتح الباب واسعًا عبر تفسيرات مطاطة للنيل منها، ومصادرتها من خلال السلطة التنفيذية، بالمخالفة لنص المادة (70) من الدستور.
وأكدت النقابة أن محاربة الإرهاب لا تكون بمصادرة الحريات العامة، وفي القلب منها حرية الصحافة والإعلام، ودعت النقابة الجماعة الصحفية وكل المدافعين عن الحريات، للوقوف صفًا واحدًا أمام محاولات تقويض حرية الصحافة بدعوى محاربة الإرهاب. وتشدد النقابة على أن الطريق لمحاربة الإرهاب لن يكون بإهدار الدستور وإقرار نصوص قانونية غير دستورية، لكن بتفعيل نصوص الدستور، خصوصًا في مجال الحقوق والحريات.
وقرر مجلس النقابة الدعوة إلى اجتماع طارئ، غدا الاثنين 6 يوليو 2015، للوقوف على سبل التصدي للمواد المتعلقة بالصحافة في قانون "مكافحة الإرهاب”، ومنها دعوة رؤساء التحرير، وأعضاء مجالس الإدارات والجمعيات العمومية في المؤسسات الصحفية القومية، والجمعية العمومية لنقابة الصحفيين، لمواجهة محاولات النيل من الصحافة وحريتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق