الأربعاء، 27 نوفمبر 2013

قلتم: القرضاوي خائن. فلماذا تهتمون بتصريحاته؟ وليد أبو النجا

قلتم: القرضاوي خائن. فلماذا تهتمون بتصريحاته؟
 
 وليد أبو النجا

في الحقيقة لا أفهم لماذا ما زال يعنيهم أمره حتى الآن؟ لا تفسير مقبول لاهتمامهم بتصريحاته إذا كانوا يصدقون أنفسهم فيما رموه به؟
اتهموه بكل التهم، عمالة، وخيانة عظمى، وتحريضا على القتل، بل لو استطاعوا لنسبوا له القتل ذاته.
وصفوه بكل الأوصاف، فهو ليس مصريا، ولا أزهريا، ولا عالما، بل ولا مسلما من الأساس. ثم بعد ذلك يتهمون غيرهم بالتكفير.
سلطوا عليه سفهاءهم وما أكثرهم، من أراذل الصحفيين والإعلاميين، ومن يلبسون زورا رداء المحللين والسياسيين والناشطين.
مغمورون وباحثون عن الشهرة بأي سبيل، ومن هم على استعداد أن يبيعوا ضمائرهم ليظهروا على التلفزيون ولو مرة، وتنشر صورهم في أي جريدة ولو في صفحة الحوادث. من هؤلاء، ومن أي جحور خرجوا؟!
قالوا فيه ما قال مالك في الخمر، أو يزيد - وما يضيره - وهل على متبع الرسول من جناح، وقد وصف بأنه ساحر وشاعر وكاهن وكذاب ومفتر ومجنون؟ فالقرضاوي ليس أحسن منه، وعرضه ليس أكرم على الله من عرضه صلى الله عليه وسلم، وطريق الأنبياء وأتباعهم ليس مفروشا بالورود، ولا معطرا بالرياحين، بل هو محفوف بالمكاره، محاط بالأشواك، مملوء بالعقبات والابتلاءات.
بلغ من اهتمامهم بتصريحاته أن كلَّفوا مصلحة الطب الشرعي تكليفا رسميا بإحصاء عدد شهداء الشرطة والجيش في فض اعتصام رابعة للرد على القرضاوي! فماذا قال تقرير الطب الشرعي؟ سبعة قتلى من أجهزة الأمن في محيط رابعة. والقرضاوي وأنا وكل المصريين وجميع العقلاء يستنكرون استهداف مواطن مصري بالقتل، أيا كان رداؤه عسكريا أو مدنيا، لكن ماذا عن سبعين قتيل، عن سبعمائة، عن ألف وسبعمائة، بل ربما سبعة آلاف قتيل، وما يدرينا من الذي قتل الجنود السبعة، ومن يستهين بالآلاف بالتأكيد لا يبالي بسبعة، حتى ولو كانوا من صفه. 
أغروا به سفهاء الناس من كل الأطياف، تناست السلفية والصوفية ما بينهما من ثارات، وتكأكأتا على القرضاوي، اختلفوا فيما بينهم، واجتمعوا عليه، فهذا صوفي يتستر بعمامة الأزهر كعلي جمعة والأزهر وعمامته منه بريئان، وذاك سلفي يتستر بلحية كعماد المهدي، وبعضهم يقول: ليت هذه اللحى كانت علفا تعلف بها دواب المسلمين، لكانت أنفع لهم.
مؤخرا تقرأ مقالا لعماد المهدي على صفحة كاملة من صفحات جريدة الشرق الأوسط (19/11/2013م)!! فتحسب أنك ستجد شيئا ذا بال، فلا تجد إلا غثاء، كل ما يريد أن يقوله الكاتب: على الإخوان القبول بالانقلاب، وعلى الشيخ القرضاوي أن يحثهم على ذلك. انتهى!!
كاتبه رجل حديث الولادة سياسيا، ولد بعد الثورة بسنتين، مع انتخابات مجلس الشورى، وأبرز تجليات هذا الميلاد القَسَم الشهر لمحدثي النعمة من حزب النور: فيما لا يخالف شرع الله أقسم بالله العظيم أن أحترم الدستور والقانون ... إلى آخره.
الكاتب متناقض، فمن رجل يرى الإعلان الدستوري الذي صدر عن الرئيس مرسي ضرورة (مقال بالأهرام 28/12/2012م)، إلى رجل يهاجم الإخوان وكل من يعارض الانقلاب وعلى رأسهم الشيخ القرضاوي، والمقال خلا من الاتساق والأمانة والموضوعية، فقد ذكر الكاتب أن الشيخ القرضاوي لم يقف موقفا ضد قيادة الإخوان، ثم لم يلبث أن ذكر انتقاد الشيخ القرضاوي الشديد للشهيد سيد قطب وبعض أفكاره!! ونقل عن عبد الرحمن القرضاوي حين عارض موقف والده من (30) يونيو، وأغفل ذكر مواقف عبد الرحمن الأخيرة المعارضة للانقلاب والمؤيدة لوالده!!
علاوة على ما في المقال من تزيد بذكر دراسات باللغة الإنجليزية، لم يطلع عليها الكاتب، بدليل أنه لم ينقل منها حرفا، وما فيه من نقد سطحي لمجموعة من كتب الشيخ أثنى المثقفون على عمقها وأصالتها، وما فيه من ترديد لترهات علي جمعة في حق القرضاوي بصورة أو بأخرى. سعيكم مشكور يا سيد عماد من الانقلابيين.
يقول المتسترون برداء الوطنية: القرضاوي يحرض على الجيش المصري. وأنا أسألهم سؤالا واحد صريحا إن كان فيهم عاقل: هل في مطالبة الشيخ القرضاوي للجنود بعدم إطلاق النار على المتظاهرين أي تحريض؟ هو تحريض نعم، ولكنه تحريض على عدم القتل. أعلنوها صريحة إذن، وطالبوا الجنود بقتل المتظاهرين، ودعوكم من الكلام الملتوي والمزوَّق.
أخرجو لنا تسجيلا أو تصويرا للشيخ القرضاوي وهو يحرض على قتل الجنود، أو اخرسوا إلى الأبد.
خوضوا معركة واحدة بشرف، وارضوا بنتيجتها سواء كان النصر حليفكم أو الهزيمة.
لا تفسير لهذا الهجوم الضاري من أذرع الانقلاب -بتعبير السيسي وذيولهم بتعبيري– الصحفية والسياسية، والصوفية والسلفية، ومتخاذلي الأزهرية على الشيخ القرضاوي إلا أن وقع كلمات الشيخ القرضاوي عليهم (أقوى من الرصاص)، وقد جربوا أثر كلماته في ثورة 25 يناير في ميدان التحرير، ويريدون نزع (سلاح القرضاوي) من أيدي الثوار!
وما (فيديو) تحريض لواء بالجيش لممدوح حمزة على قتل القرضاوي عقب ثورة 25 يناير في ميدان التحرير عنا ببعيد. أبقاك الله يا شيخ قرضاوي شوكة في حلوق الظالمين.
*باحث في الدراسات الإسلامية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق