تفجير معبد الكرنك بين الحقيقة والخيال
بقلم: د. عز الدين الكومي
بعد التفجير الذي وقع يوم أمس في معبد الكرنك
بالأقصر جنوب مصر سارع البعض من المحللين والمراقبين بإعطاء تفسيرات لحل
لغز أو شفرة التفجيرات التي جاءت بالتزامن مع انعقاد مؤتمر الكوميسا في شرم
الشيخ.
فقد ذهب البعض إلي القول بأنه لا يمكن أن
يكون هذا الحادث من تدبير المخابرات أو بعض الجهات الأمنية لأنه ليس من
مصلحة النظام الانقلابي إظهار وجود أعمال إرهابية خاصة في المناطق السياحية
وفي ظل مؤتمر الكوميسا في شرم الشيخ مما يهدد مناخ الاستثمار أو تؤثر
بالسلب علي قطاع السياحة والذي لم يتعافي منذ الانقلاب العسكري في حين ذهب
البعض إلي القول بأن مثل هذه العمليات غالبا ما تكون من تدبير جهات
استخباراتية أو أمنية بحجة المزيد من القمع والبطش والقتل والتعذيب
والانتهاكات بحجة محاربة الإرهاب والكباب.
والحقيقة أن النظام الانقلابي لا يهمه شيء
لا استقرار ولا استثمار ولا شيء فقط إلا الاحتفاظ بالكرسي تحت أي مسمي ولو
أدى إلى قتل كل المصريين.
والمعروف أن الأجهزة الأمنية متخصصة في مثل
هذه العمليات منذ زمن المخلوع كما حدث في تفجير كنيسة القديسين والتصريحات
التي تلت ذلك من أنهم وجدوا بعض الجثث تشبه الأفغان والباكستانيين ونفس
الكلام تم اليوم حيث ذكرت جريدة الوطن الموالية للنظام الانقلابي.
وعلى خطى العادلي قالت جريدة الوطن إنه روى
شهود عيان لـ"الوطن"، تفاصيل الهجوم؛ حيث أكدوا أن الهجوم وقع في تمام
العاشرة والنصف صباحًا من خلال 3 أشخاص كانوا يستقلون سيارة أجرة أمام
البوابة الخارجية لساحة معبد الكرنك التي تبعد نحو 200 متر.
وأضافوا أن الإرهابيين جلسوا على مائدة
كافيتريا لتناول العصير وما إن انتهوا حتى أخرج أحدهم شنطة بها قنبلة شديدة
الانفجار ألقي بها أمام جراح الأتوبيسات ولم يكن بداخله أحد فانفجرت في
جسده ومزقته إلى أشلاء.
وأكدوا أن الإرهابيين كانوا يتحدثون بلهجة
غير مصرية وقريبة من لهجات عرب شمال أفريقيا وأعمارهم لا تتجاوز 30 عامًا
وكان يبدوا عليهم الارتباك الشديد قبل أن ينفذوا العملية.
وأضاف شاهد عيان آخر: شاهدت جسد الإرهابي يتطاير بالقرب من المسجد المقابل للكافيتريا وطار جزء كبير من جسده أعلي بازار سياحي.
فيما نشر صدي البلد صورا لمنفذي تفجير معبد
الكرنك وصور بطاقاتهم وحسب صدي البلد كلهم مصريون لكن علي مايبدو أن من
قاموا بتنفيذ التفجير أرسلوا بطاقاتهم لصدي البلد التي اصطحبوها معهم أثناء
تنفيذ العملية حتى يتم التحقق من هويتهم.
ولكن الحقيقة هي أن القصد كما جاء في إحدى
الوثائق المسربة من مكتب العادلي هو تكتيف الأقباط وإخماد احتجاجاتهم
المتتالية وتهدئة نبرة البابا شنودة في خطابه مع النظام، يتم تنفيذ عمل
تخريبي ضد إحدى الكنائس ثم يتم بإلصاق تلك التهمة أثناء التحقيقات لأحد
القيادات الدينية المسيحية التابعة للكنيسة عن طريق جميع تحريات المعمل
الجنائي والنيابة العامة تتجه نحو القيادة القبطية ثم نطلع البابا شنودة
علي نتيجة التحقيقات السرية ونفاوضه بين إخماد الاحتجاجات القبطية
المتتالية علي أتفه الأسباب، وتخفيف حدة نبرات حديثه مع القيادة السياسية
وعدم تحريض رعايا الأقباط للتظاهر والاحتجاج ودفعه نحو تهدئة الأقباط
للتأقلم مع النظام العام بالدولة، وإما إعلان فيلم القيادة الكنسية بتدبير
الحادث وإظهار الأدلة على الملأ أمام الرأي العام الداخلي والخارجي لتنقلب
جميعًا على الكنيسة، خاصة أقباط مصر ورعايا البابا.
ومن المؤكد أن البابا شنودة سوف يمثل للتهديد ويتحول موقفه للنقيض بما يضمن تهدئة الأوضاع تمامًا.
نفس الشيء يمكن أن يقال بالنسبة لحادث معبد
الكرنك؛ حيث إن هناك إدانات حقوقية دولية للنظام الانقلابي وقضائه وشرطته،
كما أنه هناك انتقادات غربية للنظام الانقلابي بسبب انتهاكات حقوق الإنسان
والحريات؛ لذلك يسعي النظام الانقلابي لتوجيه رسالة للغرب؛ مفادها أنه
يسعى لوقف مخاطر الإرهاب والفاشية الدينية، وغير ذلك من الذرائع التي يتذرع
بها النظام الانقلابي، وفي المساء يخرج بيان من ولاية الصعيد فرع أمن
الدولة بأنها المسئولة عن هذا التفجير وحتى مع هذا البيان سيتم إلصاق
التهمة بالإخوان للتمهيد لتبرير تنفيذ أحكام الإعدام أو لمزيد من القمع
والانتهاك لحقوق الإنسان والحريات.
ثم يقوم الإعلام الانقلابي وأذرعته
الإعلامية بنصب المناحة والمندبة والبكاء ليلاً وربما يزرف دموع التماسيح
على السياحة والأبرياء والشرطة المظلومة.
ولعله ليس من المصادفة أن يأتي هذا التفجير
قبل يوم واحد فقط من إعلان بعض الائتلافات الثورية الدعوة للدخول في عصيان
مدني لإسقاط الانقلاب كما حدث قبل انفجار مديرية أمن القاهرة والذي تم قبل
الدعوة للتظاهرات ضخمة منددة بجرائم الانقلاب وقد ذكرت الصحف الموالية
للنظام الانقلابي أنها مؤامرة من داخلية الانقلاب لمنع المظاهرات وإغلاق
الميادين.
والسؤال هنا من الذي يمكن أن يصدق هذا
النظام الفاشي الكذاب المخادع حتى من أسيادهم في الغرب الذين ضجوا بالشكوى
بسبب إحراجهم أمام شعوبهم وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الإنسان
أدانت بتاريخ 8 يونيو 2015) ما وصفتها بـ"الانتهاكات السافرة" لحقوق
الإنسان خلال السنة الأولي من حكم السيسي.
واتهمت المنظمة السيسي وحكومته بضمان
"الإفلات شبه الكامل من العقاب لقوات الأمن". كما نددت بإصدار "سلسلة من
القوانين المقيدة للغاية للحقوق المدنية والسياسية".
ودعت المنظمة الحقوقية، التي تتخذ من
نيويورك مقرًّا لها، الحكومات الغربية للكف عن التغاضي عن انتهاكات حقوق
الإنسان في ظل حكم السيسي، قائلة "إن تلك الانتهاكات تشمل اعتقالات جماعية
ومحاكمات عسكرية للمدنيين وأحكام إعدام جماعية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق