الثلاثاء، 2 يونيو 2015

لا يستبيح بيضتها إلا أهلها بقلم: د. فتحى نعينع

لا يستبيح بيضتها إلا أهلها

بقلم: د. فتحى نعينع
لا يستبيح بيضتها إلا أهلها
يبدو ان أعدائنا يعرفون عنا الكثير بل ربما أكثر مما نعرف عن أنفسنا فالفتن الداخلية هى أشد وأخطر على الأمة من المؤامرات الخارجية ولقد أخبر بذلك النبى عليه الصلاة والسلام فى الحدديث الصحيح الذى رواه مسلم عن ثوبان رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله زوى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زُوي لي منها. وأُعطيت الكنزين الأحمر والأسود. وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة عامة، وألا يسلط عليهم عدواً من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم. وإن ربي قال: يا محمد! إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يُرد، وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة، وأن لا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم، ولو اجتمع عليهم من بأقطارها ( أو قال: من بين أقطارها )، حتى يكون بعضهم يهلك بعضا، ويسبي بعضهم بعضا.
 
أى أن مشكلتنا هى من داخلنا وأعدائنا  يدركون ذلك جيدا ولنعطى أمثلة نوضح بها هذه الفكرة. 1 - على مستوى الأسرة طالما ان جميع أفراد الأسرة متفاهمون ومتناغمون فلا مشكلة على الإطلاق وإنما تبدأ المشاكل عندما تتعالى الأصوات وتدب الخلافات وتفشى الأسرار. 2- على مستوى االأمة وحكامها لا مشكلة إذا كان الحاكم عادلا والناس لا يشعرون بالتفرقة لأن فى هذه الحالة سيلتف الشعب حوله مهما تعرضت بلادهم لمؤثرات من الخارج ولن تفت فى عضدهم أى أزمات مهما عظمت وهذا ما نراه فى غزة على سبيل المثال أما ما  يسعى له الغرب دائما هو تنصيب الحاكم الديكتاتور الظالم حتى لايكون له ظهيرا شعبيا فلا يجد المساندة إلا من الخارج فيرتمى فى أحضانهم وينفذ ما يطلبون عرفانا بجميلهم وعندما تحترق كل أوراقه يسهل عليهم إسقاطة وبيد شعبه الذى لايكن له الحب والإحترام.  3-أما على مستوى الشعوب فهم يزرعون بذور الصراعات دائما بإيجاد الفوارق الطبقية كما فى النظام الرأسمالى الذى عصف بالطبقة الوسطى وحول المجتمع الى  فقراء لا يجدون الكفاف ليسدوا جوعهم  وأغنياء أمرضتهم التخمة. أما الدول المتعددة الأعراق والطوائف فهى صيد سهل لهم يشعلون فيها نيران النزاعات الطائفية والعرقية وللأسف يجدون من بيننا من ينفذ مخططاتهم. 4- ما يؤكد هذا ان كل ما ذكرناه يحاولون تلافيه فى مجتمعاتهم ونلاحظ ايضا أن العالم كله يسعى للتكتلات فى كيانات كبرى وهذا خط أحمر بالنسبة لنا وغير مسموح به لمنطقتنا بل العكس هو المطلوب ولعلنا نرى المحاولات المحمومة لتقسيم المقسم وكأن سايكس بيكو لم تكن كافية.
 
ولذلك فهم حريصون على إذكاء نار الفتن الداخلية لتمزيق هذه الأمة وتأملوا تصريحات رئيس الموساد الأسبق إفرايم هليفي يقول إن مشاركة حزب الله في القتال الدائر في سوريا تخدم المصالح الاستراتيجية والأمنية لإسرائيل. أن مجرد انشغال حزب الله في القتال ضد التنظيمات السنية يسهم في إضعافها وإضعاف نفسه "وهذا ما يخدم المصالح الإسرائيلية دون أن توظف تل أبيب أية إمكانيات مادية لتحقيق هذه النتيجة". أن قدرة حزب الله على استهداف التنظيمات السنية العاملة في سوريا أكبر من قدرة إسرائيل، مشيرا إلى أن تورط الحزب في القتال يسهم، من ناحية، في تقليص قدرته على فتح مواجهة ضدنا في المستقبل، ومن جهة ثانية هو لا يساعد في تمكين التنظيمات السنية من استهداف إسرائيل بعد سقوط نظام الأسد. ودعا هليفي دوائر صنع القرار في تل أبيب، إلى مراعاة التقاء المصالح بينها بين أعدائها وأن تأخذ ذلك بعين الاعتبار عند تخطيط السياسات والاستراتيجيات في ظل التحولات التي تعصف بالمنطقة.
 
اما كبير معلقي الشؤون العربية في قناة التلفزة الإسرائيلية إيهود يعاري فتوقع  انهيار نظام الأسد في غضون أشهر، دفعة واحدة وليس بشكل تدريجي. ونوه يعاري إلى أن كل المؤشرات تدلل على حدوث انهيار متواصل في قوات الأسد، مشيرا إلى أن الحديث يدور عن اتجاه عام وعلى كل الجبهات. وأنه بدون تدخل إيراني عاجل وسريع وواسع، فإن فرص نظام الأسد في البقاء تؤول إلى الصفر. وأشار  إلى أن مسؤولين إيرانيين باتوا يدعون للتوقيع على مذكرة دفاع مشترك مع سوريا، من أجل تقديم غطاء دولي يبرر تدخل إيراني على نطاق واسع. ولكنه استبعد حدوث ذلك، بسبب حاجة إيران لوقف تقدم داعش في العراق، والذي بات على رأس الأولويات الإيرانية.

وفي السياق ذاته كشفت قناة التلفزة الإسرائيلية الأولى مساء الجمعة، أن المساعدات العسكرية الهائلة التي وافقت الإدارة الأمريكية على تقديمها لإسرائيل تأخذ بعين الاعتبار إمكانية تعرض إسرائيل لاعتداءات من الساحة السورية في حال سقط نظام الأسد. ونوهت إلى أنه بخلاف الانطباع السائد، فإن المساعدات لا تشمل فقط أسلحة وعتادا عسكريا تقنيا وقتاليا لتحسين قدرة إسرائيل على مواجهة إيران بعد التوقيع على الاتفاق النهائي مع طهران، بل أيضا لتحسين قدرة تل أبيب على مواجهة أي انفجار على الحدود مع سوريا.
 
ومن هنا نقول وبكل أسف أن العيب ليس فيهم ولكنه فينا نحن كيف سمحنا لهم ان يحركونا كقطع الشطرنج ليضرب بعضنا بعضا وكيف سمحنا لهذه الفتن المنتنة ان تتمكن من بلادنا وكيف غفلنا بل وسمحنا بتمزيق أجنحة هذه الأمة "العراق والشام ومصر واليمن" ماذا تبقى لنا إذن وحتى ما تبقى هم يعملون عليه الآن فالمخطط لن يستثنى أحدا.
 
إن مكمن الخطر وآفة هذه الأمة على مدار التاريخ وسبب هزائمنا هو عدم إدراك أولوياتنا ونوجيه سهامنا دائما فى الإتجاه الخاطىء بعيدا عن العدو الحقيقى الذى برع فى خلط الأوراق فجعل عدو الأمس صديق اليوم ومن صديق الأمس عدو اليوم وبالتالى فصديق اليوم ممكن ان يكون عدو الغد. ولقد برعوا فى تتغير المسميات والشعارات ولكن الهدف عندهم واحد وهو ضرب أهل الإسلام بعضهم ببعض بالتحريش بينهم وأقول هذة فتنة فدعوها فإنها منتنة وأقول أكلت يوم أكل الثور الأبيض. فلنحاذر قبل تسديد سهامنا وعلينا ألا نصدق كل مايبث فى الإعلام الذى يملكه روبرت ماردوخ والذى لم نعهد عليه إلا تردبد الأكاذيب والدجل.
 كنت قد شاهدت فيلما عن عالم الحيوان حيث جاموسين غاية فى الضخامة يتناطحان فى منافسة شبه متكافئة وأسد جالس فى ظل شجرة يراقب فى صمت وعندما أنهك الجاموسين  وخارت قواهما أعلن الأسد عن نفسة فلم يستطيع أحدهم ان يتحرك ليهرب وبالطبع كانت وليمة سهلة جدا للأسد الذى حصل عليها بأقل جهد ممكن وبلا ثمن.
 
فى النهاية نذكر بهذا الحديث النبوى الصحيح الذى حذرنا من الداء ووصف لنا الدواء وبث فينا الأمل بذكر المبشرات بظهور دين الإسلام ليعم ربوع الأرض رغم كيد الكائدين وحقد الحاقدين حيث
 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى زوى لي الأرض أو قال إن ربي زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وأن ملك أمتي سيبلغ ما زوى لي منها، وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض، وإني سألت ربي تعالى لأمتي، أن لا يهلكها بسنة بعامة ولا يسلط عليهم عدواً من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم وإن ربي قال لي:  يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد ولا أهلكم بسنة بعامة، ولا أسلط عليهم عدواً من سوى أنفسهم، فيستبيح بيضتهم، ولو اجتمع عليهم من بين أقطارها أو قال بأقطارها حتى يكون بعضهم يهلك بعضاً، وحتى يكون بعضهم يسبي بعضاً، وإنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين وإذا وضع السيف في أمتي لم يرفع عنها إلى يوم القيامة، ولا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان، وإنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون كلهم يزعم أنه نبي وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي، ولا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله تعالى. 
حديث ثوبان رضي الله عنه في سنن أبي داود.
والحمد لله رب العالمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق