الثلاثاء، 19 أغسطس 2014

مشروعات السيسي تستنزف مصر اقتصاديا بقلم: عبد الناصر عبد العال



 مشروعات السيسي تستنزف مصر اقتصاديا
بقلم: عبد الناصر عبد العال
مشروعات السيسي سوف تستنزف البلاد اقتصاديا بعدما استنزفها سياسياً وأخلاقياً ودينياً واجتماعياً وإنسانياً بانقلابه.
فلا يوجد دراسات تثبت أن توسعة قناة السويس أو حفر قناة موازية سيجذب الناقلات العملاقة التي تمر حول رأس الرجاء الصالح أو يضاعف دخل قناة السويس. ولا توجد بيانات عن متوسط عدد ساعات انتظار السفن لتنال دورها في المرور عبر قناة السويس.
لو أعطي هذا المشروع لأي مبتدأ في إدارة الأعمال لبدأ فيه بدراسة استقصائية يسأل شركات الشحن العالمية عن مشكلات المرور بقناة السويس، ولماذا يفضل بعضها طريق رأس الرجاء الصالح؟ وهل تقبل هذه الشركات زيادة رسوم القناة مقابل تقليل فترة الانتظار وتحسين الخدمة وتقليل مخاطر القرصنة في البحر الأحمر؟ وإذا خلصت مثل هكذا دراسة أن الانتظار الطويل للعبور وضيق الممر من أهم المشكلات، هنا يمكن أن نفكر في ازدواج ممر قناة السويس أو توسعتها. أما إذا كانت الإجابة هي مخاطر القراصنة في سواحل الصومال، فهنا يجب عقد تحالف دولي للقضاء على القراصنة وتحقيق الاستقرار في الصومال وتنميته.
وحتى لو أثبتت دراسات الجدوى أن إنفاق 4 مليار دولار على زيادة الطاقة الاستيعابية للقناة سوف يضاعف دخلها، فهذا المشروع ليس ذا أولوية قومية. فالأولوية القومية هي تكملة المشروعات الحالية، مثل الظهير الصحراوي وترعة السلام وتنمية الساحل الشمالي. السيسي نفسه سأل المصريين: إلى متى نترك المشروعات بعد إنهاء 10% منها ونتحول لمشروعات أخرى؟! ورغم قوله هذا، ارتكب السيسي نفس الخطأ الذي ارتكبه مبارك.
الأولوية القومية في مصر هي حل مشكلة الطاقة، وسد فجوة الغذاء، وحماية الأراضي الزراعية من التآكل، والمحافظة على حصة مصر من مياه النيل، وتحقيق نمو اقتصادي يستوعب الشباب ويحل مشكلة البطالة ويحقق العدالة الاجتماعية.
ببساطة شديدة، مضاعفة الطاقة الاستيعابية للقناة ربما يضاعف دخل القناة، وأنا شخصياً أشك في ذلك، لكنه لن يخلق فرصا اقتصادية وتشغيلية كبيرة للشباب. أما تنمية الظهير الصحراوي وتنمية الساحل الشمالي وتنمية سيناء فسوف يساهم في تشغيل الشباب وحل مشكلة الغذاء ويمنع تآكل الأرض الزراعية ويخفف مشكلة التلوث والمواصلات.
غير أنني أؤيد بناء مناطق صناعية وخدمات لوجستية حول القناة لنفس الأسباب. ويطلق على مثل هذه المشروعات أو القطاعات، المشروعات القائدة، التي تقود قطاعات ومشروعات أخرى وتساهم في حل عدد من المشكلات وليس مشكلة واحدة.
لذلك أعتقد أن ازدواج ممر قناة السويس هو فخ اقتصادي هدفه توريط مصر في مشروعات براقة ولكنها فاشلة، وتفتقد للجدوى الاقتصادية، وتعطل أو تزاحم المشروعات الحيوية التي تمس وجود مصر واستقرارها مثل تلك السابق ذكرها.
لقد وقعت مصر في فخاخ اقتصادية كبيرة وبصورة متكررة. فمشروعا توشكا وشرق العوينات كان هدفهما صرف الأنظار عن تنمية الساحل الشمالي وسيناء. وبالمثل، قناة مشروع قناة طابا العريش كان هدفه استنزاف الثورة اقتصاديا، لكن الرئيس محمد مرسى كان حذراً ولم يلتفت لهكذا مشروع.
وأعتقد أن نفس المنطق ينطبق على مشروع ممر التنمية الذي اقترحه فاروق الباز. فالمشروع يفتقد للجدوى الاقتصادية ويزاحم مشروعات موجودة وذات أولوية وجدوى مثل تنمية سيناء والظهير الصحراوي وتنمية الساحل الشمالي.
لماذا ننشئ واديا جديدا إذا كنا نستطيع توسعة الوادي الحالي عن طريق ما يسمى بالظهير الصحراوي؟ لماذا ننقل سكان مصر إلى أقصى الجنوب والغرب، في توشكا والعوينات، إذا كان الساحل الشمالي والشرقي أكثر جاذبية وأغنى في الموارد الاقتصادية وألطف مناخياً؟ لماذا يستحوذ العسكر على السواحل وأراضي الظهير الصحراوي بينما يقومون بنفي عامة الشعب لأطراف الصحراء؟
لا يوجد عاقل يترك سيناء والظهير الصحراوي والساحل الشمالي ويستثمر في منطقة نائية ومتطرفة مناخياً وفقيرة اقتصاديا مثل العوينات.
أعتقد أن تفاصيل كل هذه المشروعات وضعت في تل أبيب، مثلها مثل خطة تدريب القوات المسلحة في أمريكا وإرغام المصريين على إدمان القمح الأمريكي وتشجيع العسكر على الانقلاب على الرئيس مرسي، والوقيعة بين مصر وحماس، وتوريط مصر في ليبيا، والهدف الأساسي هو استنزاف مصر اقتصاديا.
ومن أشكال استنزاف مصر اقتصاديا، قيام السيسي بعقد صفقات أسلحة بـ 3.3 مليار دولار رغم تضخم الدين العام وعجز البلاد عن تسديد مستحقات شركات الطاقة ودفع مرتبات الموظفين واقتراب مصر من حافة الإفلاس.
لذلك فالانقلاب زائل، وسوف يحاكم السيسي وأعوانه وسوف تصادر أموال الفسدة والصفقات المشبوهة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق