الثلاثاء، 25 أغسطس 2015

«كسب السيسي غير المشروع».. يقنّن الفساد ويحمي كبار اللصوص


«كسب السيسي غير المشروع».. يقنّن الفساد ويحمي كبار اللصوص

الثلاثاء 25 أغسطس 2015





في إطار سلسلة القوانين والتشريعات الفوضوية التي تشجع الفساد ونهب المال العام اصدر عبدالفتاح السيسي في ظل غياب المجالس التشريعية المنتخبة، مساء أمس الأحد، قرارًا بتعديلات على قانون الكسب غير المشروع، تجيز التصالح في جرائم الكسب غير المشروع بطلب من المتهم أو وكيله الخاص أو ورثته في مرحلة التحقيق بجهاز الكسب.وهو ما أثار جدلاً بين الخبراء.

وبحسب قانونيين واقتصاديين تعد التشريعات الجديدة التي أقرها السيسي، مخالفة للدستور والقانون، مؤكدين أنها تشرعن عمليات سرقة المال العام، وتعطي دافعا لكبار اللصوص الاستمرار في سرقاتهم طالما أن هناك فرصة للتصالح مع الدولة إن تمت محاكمتهم.

وحسب نص القرار المنشور في الجريدة الرسمية، مساء الأحد، فإن التصالح يتم من خلال رد ما تحصل عليه المتهم من كسب في أي صورة كان عليها، أما إذا كان التصالح في مرحلة المحاكمة، أو في حالة صدور الحكم وقبل صيرورته، فيرد المبلغ المتحصل من الكسب وغرامة تعادله.

ويقضي القرار بتعيين من يدير الأموال المتحفظ عليها، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بالحفاظ على قيمتها، وإضافة العائد لحساب المتهم أو من شملهم أمر المنع، بعد خصم مصاريف الإدارة الفعلية بما لا يتجاوز 10% لصالح إدارة الكسب غير المشروع.

وأجازت التعديلات، طلب التصالح من المتهم أو ورثته أو الوكيل الخاص به لأي منهما في مرحلة التحقيق بإدارة الكسب غير المشروع برد ما تحصل عليه المتهم من الكسب غير المشروع في أية صورة كان عليها.


أسرار التعديلات

وفي تصريحات لشبكة "رصد الإخبارية" أكد الدكتور سرحان سليمان، الخبير الاقتصادي، أنه منذ عصر مبارك كانت الحكومة تريد أن تقر هذا القانون، لكنها لم تستطع، ولكن النظام الحالي استطاع أن يقر القانون في ظل غياب البرلمان أو أي رقابة.

وأوضح "سليمان" أن هناك سببين لإصدار القانون الآن؛ الأول أن الدولة في حاجة لموارد لسد عجز الموازنة، خاصة عدم قدرة الحكومة للاقتراض من البنوك والانهيارات في البورصة، مشيرا إلى أن السبب الثاني، هو نوع من التعايش مع الفساد وليس القضاء عليه؛ وهو أي شخص يفسد ماليًّا ولا يخاف العقاب؛ حيث إنه يمكنه التصالح في أي وقت.


تقنين الفساد

فيما اعتبر الكاتب الصحفي أحمد حسن الشرقاوي أن التعديلات ستعمل على تقنين الفساد بما لا يخالف القانون.

وقال الشرقاوي عبر حسابه الشخصي بتويتر: "السيسي يعدل بعض أحكام قانون الكسب غير المشروع - ويقنن الفساد بالنص علي إمكانية التصالح مع المتهم برد المال غير المشروع".


شرعنة السرقة

المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، هاجم التعديلات الخاصة بقانون الكسب غير المشروع، قائلاً: إن تعديلات قانون الكسب غير المشروع مخالفة لأحكام الدستور وتتعارض مع قواعد الشريعة الإسلامية، كما أنها لا تمثل أية مصلحة قومية للبلاد، فضلاً عن صدورها بقرار بقانون دون انتظار مجلس النواب ممثل الشعب.

وأضاف أن الدولة يحكمها الدستور والشرعية القانونية والتي تقر مبدأ عقاب كل من يرتكب جريمة بالقانون والعدالة، مؤكدًا أنه لا يجوز التصالح مع من نهب أموال الشعب، فضلًا عن إقرار الشريعة الإسلامية مبدأ عقاب السارق.

وأشار إلى أن الحديث عن أن القانون يهدف إلى فتح باب الاستثمار ودفع عجلة الاقتصاد وتشجيع المستثمرين هو مجرد عبث لا صحة له.

وأكد "الجمل" أن تلك التعديلات تستهدف أشخاصًا بعينهم؛ مثل رجل الأعمال الهارب حسين سالم، والمخلوع حسني مبارك؛ للتصالح معهم وإعفائهم من المسؤولية الجنائية.

وشدد على أنه لا يجوز التصالح مع الدولة في القضايا الجنائية، وحدوث ذلك يمثل فوضى ويفتح أبواب الفساد في المجتمع، لافتًا إلى أنه يجب إحالة الأمر إلى القضاء؛ لإقرار البراءة أو الإدانة.

الكل في الكل

من جانبه سخر الدكتور محمود خفاجي من استمرار إصدار السيسي لتشريعات مثيرة للجدل في ظل غياب المجالس المنتخبة، حيث أصدر السيسي خلال عامه الأول في السلطة ما يقارب من 300 تشريع وتعديل.

وقال خفاجي عبر حسابه بـ"تويتر": "قرار جمهوري بتعديل قانون الكسب غير المشروع ... السيسي يقول صراحة أنا الريس وانا البرلمان وانا الحكومة.. وأنا بابا وانا ماما وانا أنور وجدي!".

فيما وصف الدكتور محمد حمودة، المحامي بالنقض، تعديلات قانون الكسب غير المشروع التي أقرها مجلس الوزراء، بأنها هزلية وغير دستورية وليس لها علاقة بالشرعية والدستور.

وأضاف -خلال تصريحات صحفية- أنه في غياب البرلمان أصبحت الدولة تصدر قوانين هزلية، متسائلا عن ضرورة إصدار مرسوم بالكسب غير المشروع الآن، مشيرا إلى أن تعديلات هذا القانون بالإضافة إلى المادة الخاصة بالتصالح في قانون التربح تعدان كأنهما تشريعات تسمح للموظف أن يسرق طول حياته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق