"وائل قنديل" يكشف كارثة البدلة والكارفته فى زيارة روسيا
استنكر الكاتب الصحفي وائل قنديل، التفسيرات الإعلامية لارتداء السيسي زيًا مشابهًا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال زيارته الأخيرة لروسيا، مشيرًا إلى أن تحليلات الإعلاميين الموالين للسلطة أظهرت وكأن الرئيسين بالتعبير المصري الدارج "فولة وانقسمت نصين"، أو هما الوجهان للعملة المخابراتية الواحدة،.
وأوضح "قنديل"، في مقال نُشر له بعنوان "في فقه البدلة والكرافت"، أن كارثة ارتداء الزي الموحد بأنها أعطت انطباعًا بأن السيسي يتعامل مع بوتين، وكأنه موظف عنده، أو يتخذه المثل الأعلى والقدوة، المرجعية السياسية والروحية له، فيتقرب إليه بالملابس.
وعبر "قنديل" عن أسفه لما وصل إليه حال مصر بأنه جاء عليها زمان انخفض فيه منسوب الإحساس بالضآلة وقلة القيمة، إلى مستوى قياس حجم الدولة ومكانتها بمدى التشابه بين ما يرتديه حاكمها، وما يرتديه حاكم دولة أخرى كبيرة، موضحًا أنه إن وقع التطابق، فالحاكمان متساويان في العظمة، والدولتان متعادلتان في القوة والمكانة الدوليتين.
وجاء نص مقال "قنديل" كما يلي:
لم يبق إلا أن يخرج علي جمعة بفتوى، توجد أصلاً شرعيا من الكتاب والسنة، بشأن ظهور رجل المخابرات الروسي، ورجل المخابرات المصري، فلاديمير بوتين وعبد الفتاح السيسي، على هيئة "روحين في زكيبة"، أو يتوصل آخر من كتيبة المفتين العسكريين بدليل على أن ارتداء الجنرالين الألوان نفسها إلى حد التطابق من علامات الصلاح، أو من بشارات النصر، أو رسالة من السماء بأن نبياً ثالثاً من سلالة السوفييت، ينضم إلى السيسي ووزير داخليته السابق، محمد إبراهيم، الذي خلعه من النبوة ومن الوزارة، كي تستتب له الزعامة وحده، دينيا وسياسيا وأمنيا. امسك بالريموت كونترول، واختر أول فضائية مصرية تقابلك، أو تصفح جريدة سيسية، واستمتع بنسخة مزيدة ومنقحة من الهبل الإعلامي، احتفالا بالمعجزة السماوية التي جعلت بوتين والسيسي يرتديان البدلة نفسها، ورابطة العنق نفسها، والقميص عينه، من دون ترتيب أو اتفاق مسبق. قبل هذا التجلي الروحاني مباشرة، أذاع واحد من عتاة المذهب السيسي أن جنرال مصر ذهب مبكراً عن موعده المحدد لزيارة روسيا بيوم، في واحدة من أكثر مهازل البروتوكول الدبلوماسي في تاريخ العلاقات الدولية، وكأن السيسي، بحسه المخابراتي، اتخذ قرار السفر مبكراً، لكي يدرس المشهد جيداً، ويعرف ماذا سيرتدي بوتين، لكي يجهز له مفاجأة، تجعله يطير من السعادة، فيجزل له العطاء، ويمنحه مزيداً من اللقطات التلفزيونية والفوتوغرافية. في ذلك، روى لي أحد السياسيين الثقاة أن حسني مبارك كان يفعل الشيء نفسه مع أنور السادات حين كان رئيسا، سعياً إلى ضمان استمرار الرضا والقبول، فكان يحرص على أن يتعرف على ما يرتديه الرئيس قبل الذهاب إلى القصر، من أحد موظفي الديوان، لكي يحاكيه، ويظهر أمامه وكأنه النسخة الصغيرة منه. يتعامل السيسي مع بوتين، وكأنه موظف عنده، أو يتخذه المثل الأعلى والقدوة، أو قل المرجعية السياسية والروحية، فيتقرب إليه بالنوافل والملابس، ويحرص، طوال الوقت، على إبداء الإعجاب والانبهار والولاء، ويصيبك بالغم على هذا التصاغر الرسمي المصري أن تعمد ماكينات إعلام الجنرال إلى استدعاء خبراء الإتيكيت وأساتذة البروتوكول، لسبر أغوار ارتداء الضيف والمضيف الزي نفسه، وتحليل الأبعاد والدلالات الخطيرة لهذا الظهور الموحد، وكأنهما، بالتعبير المصري الدارج "فولة وانقسمت نصين"، أو هما الوجهان للعملة المخابراتية الواحدة، كما تذهب "لهلوبة" من "لهاليب" الإعلام العسكري. تتفوق الصحيفة التي أسست لمدرسة "اغمز بعينك"، وترقى أحد كتابها بعد أن كتب معبراً عن لوعته وندمه، لأنه لم يخلق امرأة، من أجل عيون الجنرال، تتفوق على ما عداها في فنون "العكشنة الصحفية"، حين ترسم هذه الصورة الكوميدية "يسيران للقاء بعضهما بخطًى ثابتة، واثقة، بقامة ورأس مرفوعتين، تعلوها ابتسامة عريضة لتعلن عن احترام متبادل بين الطرفين، تنتهي هذه الخطوات بمصافحة حارة". يبعث لقاء الرجلين رسالة إلى العالم، تؤكد فيها أن البلدين على وفاق، وتشاء الأقدار أن يجمع الرئيسين، المصري عبد الفتاح السيسي والروسي فلاديمير بوتين، في مصادفة تكررت أكثر من مرة خلال زيارات الرئيسين إلى بعضهما، وهي تشابه "بدلة" كل منهما، وحتى في رابطة العنق، وإن دلت هذه المصادفة على شيء، فهي تدل على مدى التقارب الفكري الذي يتمتع به كل من الرئيسين، حتى في ملابسهما. ثم تستغيث الصحيفة بمن وصفتها بخبيرة الإتيكيت ولغة الجسد، لتقول إن مصادفة ارتداء الرئيسين "البدلة نفسها رسالة إلى العالم، تؤكد أن البلدين يتمتعان بحالة تفاهم كبيرة، تظهر حتى في الزي، ما يدل على حالة تفاهم أكبر يعيشها الرئيسان والبلدان" وبصرف النظر عن أن الصورة الرومانسية السابقة تصلح لوصف حالة عروسين، أو حبيبين في حديقة الأسماك، أكثر مما تليق بالتعبير عن لقاء دبلوماسي، فإن ما يبعث على الأسى، هنا، أنه جاء زمن على مصر انخفض فيه منسوب الإحساس بالضآلة وقلة القيمة، إلى مستوى قياس حجم الدولة ومكانتها بمدى التشابه بين ما يرتديه حاكمها، وما يرتديه حاكم دولة أخرى كبيرة، فإن وقع التطابق، فالحاكمان متساويان في العظمة، والدولتان متعادلتان في القوة والمكانة الدوليتين. وطن هذا أم عنبر للحالات الخطرة في مستشفى المجانين؟.
استنكر الكاتب الصحفي وائل قنديل، التفسيرات الإعلامية لارتداء السيسي زيًا مشابهًا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال زيارته الأخيرة لروسيا، مشيرًا إلى أن تحليلات الإعلاميين الموالين للسلطة أظهرت وكأن الرئيسين بالتعبير المصري الدارج "فولة وانقسمت نصين"، أو هما الوجهان للعملة المخابراتية الواحدة،.
وأوضح "قنديل"، في مقال نُشر له بعنوان "في فقه البدلة والكرافت"، أن كارثة ارتداء الزي الموحد بأنها أعطت انطباعًا بأن السيسي يتعامل مع بوتين، وكأنه موظف عنده، أو يتخذه المثل الأعلى والقدوة، المرجعية السياسية والروحية له، فيتقرب إليه بالملابس.
وعبر "قنديل" عن أسفه لما وصل إليه حال مصر بأنه جاء عليها زمان انخفض فيه منسوب الإحساس بالضآلة وقلة القيمة، إلى مستوى قياس حجم الدولة ومكانتها بمدى التشابه بين ما يرتديه حاكمها، وما يرتديه حاكم دولة أخرى كبيرة، موضحًا أنه إن وقع التطابق، فالحاكمان متساويان في العظمة، والدولتان متعادلتان في القوة والمكانة الدوليتين.
وجاء نص مقال "قنديل" كما يلي:
لم يبق إلا أن يخرج علي جمعة بفتوى، توجد أصلاً شرعيا من الكتاب والسنة، بشأن ظهور رجل المخابرات الروسي، ورجل المخابرات المصري، فلاديمير بوتين وعبد الفتاح السيسي، على هيئة "روحين في زكيبة"، أو يتوصل آخر من كتيبة المفتين العسكريين بدليل على أن ارتداء الجنرالين الألوان نفسها إلى حد التطابق من علامات الصلاح، أو من بشارات النصر، أو رسالة من السماء بأن نبياً ثالثاً من سلالة السوفييت، ينضم إلى السيسي ووزير داخليته السابق، محمد إبراهيم، الذي خلعه من النبوة ومن الوزارة، كي تستتب له الزعامة وحده، دينيا وسياسيا وأمنيا. امسك بالريموت كونترول، واختر أول فضائية مصرية تقابلك، أو تصفح جريدة سيسية، واستمتع بنسخة مزيدة ومنقحة من الهبل الإعلامي، احتفالا بالمعجزة السماوية التي جعلت بوتين والسيسي يرتديان البدلة نفسها، ورابطة العنق نفسها، والقميص عينه، من دون ترتيب أو اتفاق مسبق. قبل هذا التجلي الروحاني مباشرة، أذاع واحد من عتاة المذهب السيسي أن جنرال مصر ذهب مبكراً عن موعده المحدد لزيارة روسيا بيوم، في واحدة من أكثر مهازل البروتوكول الدبلوماسي في تاريخ العلاقات الدولية، وكأن السيسي، بحسه المخابراتي، اتخذ قرار السفر مبكراً، لكي يدرس المشهد جيداً، ويعرف ماذا سيرتدي بوتين، لكي يجهز له مفاجأة، تجعله يطير من السعادة، فيجزل له العطاء، ويمنحه مزيداً من اللقطات التلفزيونية والفوتوغرافية. في ذلك، روى لي أحد السياسيين الثقاة أن حسني مبارك كان يفعل الشيء نفسه مع أنور السادات حين كان رئيسا، سعياً إلى ضمان استمرار الرضا والقبول، فكان يحرص على أن يتعرف على ما يرتديه الرئيس قبل الذهاب إلى القصر، من أحد موظفي الديوان، لكي يحاكيه، ويظهر أمامه وكأنه النسخة الصغيرة منه. يتعامل السيسي مع بوتين، وكأنه موظف عنده، أو يتخذه المثل الأعلى والقدوة، أو قل المرجعية السياسية والروحية، فيتقرب إليه بالنوافل والملابس، ويحرص، طوال الوقت، على إبداء الإعجاب والانبهار والولاء، ويصيبك بالغم على هذا التصاغر الرسمي المصري أن تعمد ماكينات إعلام الجنرال إلى استدعاء خبراء الإتيكيت وأساتذة البروتوكول، لسبر أغوار ارتداء الضيف والمضيف الزي نفسه، وتحليل الأبعاد والدلالات الخطيرة لهذا الظهور الموحد، وكأنهما، بالتعبير المصري الدارج "فولة وانقسمت نصين"، أو هما الوجهان للعملة المخابراتية الواحدة، كما تذهب "لهلوبة" من "لهاليب" الإعلام العسكري. تتفوق الصحيفة التي أسست لمدرسة "اغمز بعينك"، وترقى أحد كتابها بعد أن كتب معبراً عن لوعته وندمه، لأنه لم يخلق امرأة، من أجل عيون الجنرال، تتفوق على ما عداها في فنون "العكشنة الصحفية"، حين ترسم هذه الصورة الكوميدية "يسيران للقاء بعضهما بخطًى ثابتة، واثقة، بقامة ورأس مرفوعتين، تعلوها ابتسامة عريضة لتعلن عن احترام متبادل بين الطرفين، تنتهي هذه الخطوات بمصافحة حارة". يبعث لقاء الرجلين رسالة إلى العالم، تؤكد فيها أن البلدين على وفاق، وتشاء الأقدار أن يجمع الرئيسين، المصري عبد الفتاح السيسي والروسي فلاديمير بوتين، في مصادفة تكررت أكثر من مرة خلال زيارات الرئيسين إلى بعضهما، وهي تشابه "بدلة" كل منهما، وحتى في رابطة العنق، وإن دلت هذه المصادفة على شيء، فهي تدل على مدى التقارب الفكري الذي يتمتع به كل من الرئيسين، حتى في ملابسهما. ثم تستغيث الصحيفة بمن وصفتها بخبيرة الإتيكيت ولغة الجسد، لتقول إن مصادفة ارتداء الرئيسين "البدلة نفسها رسالة إلى العالم، تؤكد أن البلدين يتمتعان بحالة تفاهم كبيرة، تظهر حتى في الزي، ما يدل على حالة تفاهم أكبر يعيشها الرئيسان والبلدان" وبصرف النظر عن أن الصورة الرومانسية السابقة تصلح لوصف حالة عروسين، أو حبيبين في حديقة الأسماك، أكثر مما تليق بالتعبير عن لقاء دبلوماسي، فإن ما يبعث على الأسى، هنا، أنه جاء زمن على مصر انخفض فيه منسوب الإحساس بالضآلة وقلة القيمة، إلى مستوى قياس حجم الدولة ومكانتها بمدى التشابه بين ما يرتديه حاكمها، وما يرتديه حاكم دولة أخرى كبيرة، فإن وقع التطابق، فالحاكمان متساويان في العظمة، والدولتان متعادلتان في القوة والمكانة الدوليتين. وطن هذا أم عنبر للحالات الخطرة في مستشفى المجانين؟.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق