في ذكرى استشهاده.. سيد قطب الذي قاوم انقلاب عبد الناصر حتى الإعدام
29/08/2015
" ما أشبه اليوم بالبارحة".. ففى مثل
ذلك اليوم منذ 49 عاما، وتحديدا فى 29 أغسطس عام 1966 أعدم نظام العسكر
بقيادة الديكتاتور جمال عبد الناصر، الشيخ الشهيد سيد قطب، بعد تاريخ حافل
من الكفاح ضد الظلم والطغيان، والإنتاج الأدبى والفكرى، مؤكدا أنه "لن
يعتذر عن العمل مع الله" مهما كانت التضحيات.
لا تختلف كثيرا أيامنا هذه بعد انقلاب 3
يوليو 2013 عن تلك التى عاشها الشيخ سيد قطب الذى تعرف على الإخوان
المسلمين فى محنتهم الشهيرة عام 1954وتحمل معهم صنوفًا من العذاب من أجل
إعلاء كلمة الحق ونصرة الإسلام، ورفض الظلم والقمع.
سيد قطب إبراهيم حسين الشاذلي، ولد فى 9
أكتوبر عام 1906 بقرية "موشا" بمحافظة أسيوط، وأتم حفظ القرآن الكريم خلال 3
سنوات وتحديدا فى 11 من عمره، ثم تدرج فى التعليم ليحصل على شهادة
البكالوريوس في الآداب من كلية دار العلوم عام 1933
لم تمر حياة سيد قطب بشكل يسير؛ حيث اضطر
أن يعمل مدرسا ابتدائيا حتى يتمكن من إنهاء دراسته بكلية دار العلوم، إلى
أن تخرج وعين بوزارة المعارف في مطلع الأربعينيات ثم عمل مفتشًا بالتعليم
الابتدائي في عام 1944 وبعدها عاد إلى الوزارة مرة أخرى، حيث عمل مدرسًا
حوالي ست سنوات، ثم سنتين في وزارة المعارف بوظيفة مراقب مساعد بمكتب وزير
المعارف آنذاك إسماعيل القبانى وبسبب خلافات مع رجال الوزارة قدم استقالته
على خلفية عدم تبنيهم اقتراحاته ذات الميول الإسلامية.
كانت بعثة الشيخ سيد قطب إلى أمريكا نقطة
تحول مهمة فى حياته، وسببا فى انتمائه إلى جماعة الإخوان المسليمن، حيث
أثارت فرحة الأمريكيين باستشهاد الشيخ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان فضوله
للتعرف على تلك الجماعة عند عودته لبلاده.. وقد كان.
لم تجدِ إغراءات عبد الناصر مع سيد قطب نفعا
فى محاولة إثنائه عن الانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين فى مقابل هيئة
التحرير التى أسسها هو ليستقيل "قطب" من الأخيرة، ويقرر الانتماء إلى
الإخوان، فيتولى مسئولية قسم نشر الدعوة ويخوض مع الإخوان معاناتهم التى
بدات عام 1954 بعد مسرحية حادث المنشية، حيث اتُهم ضمن قرابة الف من
الاخوان بمحاولة اغتيال عبد الناصر.
حُكم على "قطب "بالسجن 15 عاما ذاق خلالها
صنوفا من العذاب التى يتفنن العسكر فى إبداعه ليخرج بعفو صحفى عام 1964
بعد تدخل الرئيس العراقى عبد السلام عارف للإفراج عنه، لكن سرعان ما تجددت
الأزمة مره أخرى عندما قبض على شقيقه "محمد قطب" فبعث سيد قطب برسالة
احتجاج إلى المباحث العامة فقبض عليه هو الآخر فى 9 أغسطس عام 1965، وقدم
مع كثير من الإخوان للمحاكمة وحكم عليه وعلى 7 آخرين بالإعدام.
لم ينحنِ سيد قطب باغراءات العسكر المتوالية
التى وعدته بالعفو فى مقابل مدح العسكر، ورموز دولتهم، فنُفذ فيه حكم
الإعدام فجر الاثنين 29 أغسطس 1966.
كان فترة السجن والابتلاء فى حياة الشيخ سيد
قطب فترة إثراء فكرى وأدبى رغم ما تعرض له من تعذيب و معاناة أنهكت جسده
الضعيف فأصيب بنزيف رئوي شديد وذبحة صدرية، فضلا عن أمراض في الكلى
والمعدة، حيث أكمل "قطب" أهم كتبه وهو تفسيره الشهير "في ظلال القرآن" الذى
يعد من أهم كتب التفسير فى العالم الإسلامى، وكتابه "معالم في الطريق"
و"المستقبل لهذا الدين"، التى اعتاد مفتى العسكر الحالى شوقى علام على سرقة
مقالاته منها دون أى حرج.
ومن الأقوال المأثورة لقطب عقب الخروج من
سجنه عام 1964 قال "إن إقامة النظام الإسلامي تستدعي جهودًا طويلة في
التربية والإعداد، وإنها لا تجيء عن طريق إحداث انقلاب".
وأما عن صموده أمام إغراءات العسكر فى مقابل
العفو عنه، وإلغاء حكم الإعدام الصادر بحقه قال: "إن السبابة التي ترتفع
لهامات السماء موحدة بالله عز وجل لتأبى أن تكتب برقية تأييدٍ لطاغية
ولنظامٍ مخالفٍ لمنهج الله الذي شرعه لعباده".
وفى يوم تنفيذ الإعدام تواصلت إغراءات
العسكر لـ" قطب "حيث طالبوه بعد وضعه على كرسي المشنقة أن يعتذر عن دعوته
لتطبيق الشريعة، ويتم إصدار عفو عنه، فقالها بشكل قاطع "لن أعتذر عن العمل
مع الله".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق