استئناف واشنطن المساعدات العسكرية للانقلاب يكشف عن وجه أمريكا الحقيقي
14/06/2015
أثار إعلان الكونجرس الأمريكي استئناف
المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر بدءًا من السنة المالية المقبلة 2016،
بقيمة 1.3 مليار دولار، العديد من علامات الاستفهام حول الهدف من قرار
الاستئناف؟ ولماذا يتم استئنافها على الرغم من عدم التزام سلطة الانقلاب
بشروط الحصول عليها؟
وجاء القرار بعد اجتماع عقدته لجنة
الاعتمادات التابعة لمجلس النواب بالكونجرس الأمريكي لإقرار مشروع قانون
المساعدات الخارجية، ووافقت على مشروع القانون الخاص بالسنة المالية عن عام
2016 والمتعلقة بالعمليات الخارجية للولايات المتحدة ( SFOPS ) ، ولم تطرأ
أية تعديلات تتعلق بالجزء الخاص بمصر بإجمالي 1.3 مليار دولار كمساعدات
عسكرية، ووافقت اللجنة على المشروع النهائي للقانون من خلال التصويت.
وأشارت رئيسة اللجنة النائبة كاي جرانجر "عن ولاية تكساس"، في كلمتها
الافتتاحية إلى أنه في الوقت الذي يشهد فيه الشرق الأوسط حالة من
الاضطرابات، تحتاج الولايات المتحدة لمصر كحليف مستقر لديها، ولفتت إلى أن
الأموال التي خصصت لمصر في مشروع القانون، تعكس التزام الولايات المتحدة
الواضح للحفاظ على علاقتها مع مصر.
وفي تعليق علي القرار قال محمد سيف الدولة
الباحث في الشأن القومي العربي: إن قرار الكونجرس باستمرار المساعدات
العسكرية لمصر هو شهادة أمريكية رسمية بأن النظام بقيادة السيسي يتوافق مع
مصالحهم وأمنهم القومي في المنطقة.
كان إعلان الرئيس الأمريكي أوباما في وقت
سابق رفع الحظر عن المساعدات العسكرية لمصر قد أثار موجة من انتقادات الصحف
ووسائل الإعلام الأمريكية والغربية ومنظمات حقوق الإنسان الدولية؛ حيث
اعتبره موقع "ديفينس وان" يفضح قصر نظر الإدارة الأمريكية مجددًا في
محاولتها تحقيق الاستقرار في منطقة مضطربة على نحو متزايد"، مشيرًا إلى أن
الرئيس أوباما يقول الصواب دائمًا، لكنه يفعل الخطأ بإرسال الأسلحة لأنظمة
الشرق الأوسط.
وقال الموقع: على مدى عقود من الزمان، غمرت
الإدارات الأمريكية المتعاقبة المستبدين في الشرق الأوسط بالأسلحة، على أمل
تحقيق الأمن، لكن هذا الأمر لم يُجدِ نفعًا، حيث عمّ الاضطراب أرجاء
المنطقة بسبب منع تلك الأنظمة تطبيق سيادة القانون وتطوير النقابات
العمالية المستقلة ومنظمات حقوق الإنسان وتعزيز حرية الإعلام والمبادئ
الأساسية الأخرى للمجتمع المدني، مشيرًا إلى أنه وبينما أثار أوباما
المخاوف بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر التي تشمل "استمرار حبس النشطاء
غير العنيفين والمحاكمات الجماعية"، لم تكن هذه المشاكل كافية لإدارته
لحجب الأسلحة.
وأشار الموقع إلى أنه من الصعب فهم كيف يمكن
أن يكون تسليح نظام السيسي - مع تجاهل بواعث القلق بشأن حقوق الإنسان التي
استدلت بها الإدارة الأمريكية أثناء فرض الحجب على الأسلحة في عام 2013 -
جيدًا للمنطقة ولمصالح الولايات المتحدة على المدى البعيد، لافتًا إلى أن
التسليح يقوض هؤلاء الذين يضغطون من أجل تطبيق حقوق الإنسان في مصر، ويعزز
معاداة الأمريكيين، ويكافئ حكومة تهاجم مجتمعها المدني.
وأوضح الموقع أن هذا يعد خطأ يتكرر كثيرًا،
فمن الواضح أن المساعدات العسكرية الأمريكية لليمن التي تقدر بنصف مليار
دولار منذ عام 2006 لم تجلب الاستقرار إلى هذا البلد، وعلى مدى سنوات
عديدة، دعمت واشنطن ديكتاتورية الرئيس علي عبدالله صالح الذي حكم اليمن
أكثر من ثلاثة عقود خنق خلالها المعارضة وضيّق الخناق على منظمات المجتمع
المدني، مشيرًا إلى أن الغريب أن الرئيس أوباما قال في سبتمبر الماضي إنه
يدرك أن منظمات المجتمع المدني تستطيع أن توفر منصة آمنة لمجتمعات مستقرة
عندما تكون قوية، وأن أفضل شركاء الولايات المتحدة لديها مجتمعات مدنية
قوية، كما اعترف أوباما بأن أكبر تهديد لدول الخليج العربي هو القمع
الداخلي بها، ومن هنا يتضح التناقض.
ورجح الموقع أن يزيد استئناف المساعدات
العسكرية الأمريكية لمصر الأوضاع سوءًا، وتحتاج الولايات المتحدة إيجاد
وسيلة للإفاقة من وهمها بأن تزويد ديكتاتوريات الشرق الأوسط بالمزيد من
الأسلحة يجلب الأمن للمنطقة، بل إنه يفعل العكس تمامًا.
من جانبه، انتقد كينيث روث، المدير التنفيذي
لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان حول العالم،
قرار الإدارة الأمريكية بشأن استئناف المساعدات العسكرية لمصر، بالرغم من
قمعها المعارضين، وقال روث، عبر حسابه الخاص على موقع التدوينات المصغرة
(تويتر): "يجب ألا تعني معاهدة السلام بين مصر و"إسرائيل" تقديم مساعدة
عسكرية أمريكية دائمة لدولة تمارس القمع بشكل لم يسبق له مثيل"، مضيفًا:
"بمجرد استئنافه المساعدات العسكرية لمصر، لن يستطيع أوباما ضمان إجراء
انتخابات حرة، وحصول المعتقلين على محاكمات عادلة، وممارسة حرية التعبير،
والتحقيق في الانتهاكات".
واعتبرت صحيفة "بيتسبرج بوست جازيت"
الأمريكية أنه وبمجرد استئناف واشنطن المساعدات العسكرية لمصر، يخسر أوباما
مبادئه"، معتبرة أن قرار واشنطن بشأن إعادة النظر في استعادة كافة
المساعدات العسكرية لمصر سيُشكل تخليًا من جانب الرئيس الأمريكي باراك
أوباما عن مبادئ بلاده في منطقة الشرق الأوسط وأماكن أخرى.
وأشارت إلى أن القانون الأمريكي ينص على
وجوب قطع واشنطن مساعداتها العسكرية للدول التي تشهد انقلابات عسكرية، غير
أن إدارة الرئيس باراك أوباما علقت 700 مليون دولار فقط من مساعداتها
العسكرية لمصر التي تقدر بـ1.3 مليار دولار سنويًّا، بشكل يروج لوهم أن
استيلاء السيسي على السلطة لم يكن في واقع الأمر انقلابًا على الجانب
الآخر، فإن هناك لوبي صهيونيًّا بالكونجرس الأمريكي يضغط بكل قوة لضمان
استمرار دعم سلطة الانقلاب في مصر؛ حيث ذكرت صحيفة "وورلد تريبيون"
الأمريكية، في وقت سابق أن أعضاء "مجموعة من أجل مصر" داخل الكونجرس يسعون
لاستعادة المساعدات العسكرية الأمريكية كاملة إلى مصر، مشيرةً إلى أن أعضاء
المجموعة التي تتكون معظمها من الحزب الجمهوري أكدوا أن الحكومة المصرية
الجديدة بقيادة السيسي أثبتت التزامها بالشراكة الاستراتيجية مع الولايات
المتحدة، وقال النائب الأمريكي دانا روراباتشر: "إما أن نقف معًا أو نسقط
معًا".
وأشارت الصحيفة إلى أن "مجموعة من أجل مصر"
كانت قد اعترفت بارتكاب قوات الجيش والشرطة في مصر انتهاكات فيما يخص حقوق
الإنسان، غير أن أعضاء الكونجرس يرون أن السيسي ملتزم بتحديث مصر ومنعها من
السقوط تحت قبضة جماعة الإخوان المسلمين.
وأضافت الصحيفة أن تكوين مجموعة من أجل مصر -
التي تتكون من 4 أعضاء من الحزب الجمهوري وعضوة من الحزب الديمقراطي - جاء
كرد على قرار لجنة المخصصات في مجلس الشيوخ قطع 400 مليون دولار من
المساعدات العسكرية لمصر، وتعليق إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تسليم
الأسلحة، بما في ذلك طائرات الأباتشي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق