4 يونيه , 2015
تقديرنا لبعض الذين دعوا للاشتراك فى زفَّة برلين شىء، والادعاء بأنهم
يمثلون الشعب المصرى شىء آخر.
ثم إنهم حين يصدقون ذلك الادعاء ويسرفون فى
الحديث بناء على ذلك بمثابة شىء ثالث.
أما الشىء الرابع فهو أن تنطلى القصة
على الألمان فيتصورون أن هؤلاء حقا هم الممثلون الشرعيون للشعب المصرى.
أقول
ذلك بمناسبة التصريحات التى نشرتها الصحف المصرية عن تمثيل الوفد الشعبى
لطوائف المصريين وأطيافهم المختلفة. وتلك التى صدرت عن بعض المسافرين الذين
اعتبروا انتقاد سفرهم هو عمل «ضد الشعب». بل إن منهم من تصور أنه يقوم
بمهمة رسالية من قبيل قول إحدى الفنانات إنها ذاهبة لمحاربة «خفافيش الظلام
فى برلين». حتى خطر لى أنها تصورت خفافيش الظلام طيورا حقيقية يمكن
ملاحقتها واصطيادها خلال الثمانى والأربعين ساعة التى تستغرقها الزيارة!
أكثر
ما همنى فى الموضوع هو ابتذال مصطلح تمثيل الشعب فى ظل الفراغ الحاصل، حيث
لا توجد أية جهة تمثيلية يمكن أن يدعى أحد أنها منتخبة من الشعب ولها الحق
فى التعبير عنه (استثنى النقابات المهنية التى تمثل العاملين فيها). إذ
ليس لدينا مجلس نيابى ولا مجالس محلية حقيقية، بل لم يعد لدينا مؤسسة نص
القانون على استقلالها وأتيح لها أن تمارس ذلك الاستقلال على أرض الواقع.
فى هذه الأجواء انفتح المجال واسعا لتزوير إرادة الشعب. وصار المسئولون
والأبواق الإعلامية الخاضعة لتوجيههم يمارسون حريتهم فى التمسح بالشعب،
فيتحدثون تارة أنه قرر كذا أو أمر بكذا أو فوض فى كذا أو أنه أجمع على كذا
وكيت.. إلخ. وفى هذا السياق قرأنا فى مناسبات عدة عن أن وفودا شعبية ذهبت
إلى هذا البلد أو ذاك، دون أن يعرف أحد أى شعب يمثلون ومن الذى نصبهم أو
تخيرهم ليكونوا وكلاء عن المصريين.
قلت
إنها مشكلة أن يصدق الذين تنتخبهم المؤسسة الأمنية أنهم يمثلون الشعب حقا.
لأن تلك مشكلة الذين يتم اختيارهم فقط، لأن الشعب الفاهم والواعى لا يأخذ
الأمر على محمل الجد. والتعليقات المقذعة التى تناقلتها مواقع التواصل
الاجتماعى خلال اليومين الماضيين على الوفد المسافر إلى ألمانيا دليل على
أن الأمر تحول إلى نكتبة وموضوعا للسخرية والتندر. بنفس القدر فإننى أشك
كثيرا فى أن الألمان اقتنعوا بأن الوفد المذكور يمثل الشعب المصرى لأن
المثقفين والسياسيين على الأقل يعرفون جيدا أن الكلام عن تمثيل الشعب فى
مصر لا محل له، لأنه لا توجد مؤسسة تستطيع أن تدعى ذلك. بالتالى فالأمر
بالنسبة إليهم لم يكن أكثر من لقطة فولكلورية أريد بها إثارة بعض الضجيج فى
برلين للتغطية على نقد بعض سياسييها للأوضاع الداخلية فى مصر. ولست أستبعد
أن يكون المراد بها أيضا الاحتفاء بالرئيس السيسى وطمأنته إلى قيام
الأجهزة المعنية بالواجب، بأكثر من مخاطبة الألمان وتوجيه رسالة إليهم. وفى
كل الأحوال فإن الشعب لم تكن له علاقة بالموضوع. فلا هو انتدب أحدا لكى
يسافر نيابة عنه، ولا كان مخاطبا بالترتيبات التى جرى الزج باسمه فيها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق