الشيخ ميزو و مشايخ اليسار .. ظاهرة مصرية لتشويه الإسلام
1//08/2014
عندما
نشأ "حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي" في مصر عام 1976 ليضم تشكيله من
الماركسيين المصريين والاشتراكيين والناصريين والقوميين ، كانت التهمة التي
توجهها له غالبا أجهزة الدعاية الحكومية في عهد الرئيس السابق السادات هي
أنه "حزب شيوعي" ، مع الربط بين كلمة "شيوعي" و"المعادي للدين" فكانت هذه
بمثابة دعاية سوداء عاني منها الحزب في الانتخابات ونفرت منه الناخب المصري
المتدين بطبعه .
وللتغلب
علي هذا أنشأ حزب التجمع ضمن أمانات الحزب المختلفة أمانة تسمي "أمانة
الدعوة" وعين رئيسا لها أحد أعضاءه الذين درسوا في مرحلة ما ما حياتهم في
الازهر وأطلق عليه لقب "الشيخ" وأصبح يظهر بملابس الأزهر في بعض اللقاءات ،
وهذا برغم أن الحزب يكتب علي صفحته علي فيس بوك : "الذين يقولون أن
الإسلام دين ودولة هذا كلام فارغ لأن الدين يعتمد علي الأيمان المطلق
والدولة تعتمد علي متغيرات" .
خليل عبد الكريم
وكان
أشهر هؤلاء الشيوخ اليساريين – شيوخ حزب التجمع اليساري - خليل عبد الكريم (
1930م ـ 2002 م ) الذي كان أحد أهم المصادر التي يعتمد عليها القس المتطرف
زكريا بطرس في قناته (الحياة) ، ويقدمه للعالم على أنه شيخ أزهري وينقل عن
كتبه السبعة التي ألفها ، هجومه علي الإسلام ، ويقول "هذا هو كلام
المسلمين .. كلام الشيخ الأزهري خليل عبد الكريم" !.
والجقيقة
أن خليل عبد الكريم لم يكن بشيخ أزهري ، فهو درس القانون في جامعة القاهرة
، وعمل محامياً ، وظل يعمل بالمحاماة إلى وفاته، وكان له حضور في الدفاع
عن ( نصر حامد أبو زيد ) الذي هاجم الذات الإلهية في كتبه ، ودعا لنقد
القران كـ "نص أدبي" ، وعندما أتهم بالكفر دافع عنه خليل عبد الكريم عن
كتبه و أفكاره أمام المحكمة .
كان
خليل عبد الكريم عضواً بحزب التجمع اليساري وادعي أنه صاحب خلفية إسلامية،
أو ما يحلو لليساريين في مصر أن يسموه "اليسار الإسلامي" .
وقد
اتهم باحثون كتابات خليل عبد الكريم وخاصة التي يستدل بها زكريا بطرس ،
بأنها هي بعينها كتابات قس نصراني مشهور عرف باسم مستعار ( أبو موسى
الحريري ) ، واسمه الحقيقي (جوزيف قذى) الذي ألف عدداً من الكتب في سلسلة
تعرف باسم ( الحقيقة الصعبة ) ، وهذه الكتب هي ـ حسب ترتيبها في السلسلة ـ :
( قس ونبي ) ، و(نبي الرحمة وقرآن المسلمين) و( عالم المعجزات ) ( أعربي
هو ؟! )
والملفت
أن كتاب ( قس ونبي ) لأبي موسى الحرير أو جوزيف قذى كَتب تحته بخط صغير
على غلاف الكتاب ( بحث في نشأة الإسلام ) ، ويقابله من كتابات خليل عبد
الكريم كتاب (فترة التكوين في حياة الصادق الأمين ) ، وهذا الكتاب خصوصا
(فترة التكوين) يستدل به القص المتطرف المنصر "زكريا بطرس" كثيراً .
أما
كتاب (نبي الرحمة وقرآن المسلمين) لأبي موسى الحرير أو جوزيف قذى الذي كتب
تحته ( بحث في مجتمع مكة) ، وكتاب ( عالم المعجزات ) لأبي موسى الحرير أو
جوزيف قذى فكتب تحته (بحث في تاريخ القرآن) ، وهذان الكتابان يقابلهما عند
خليل عبد الكريم كتاب (النص المؤسس ومجتمعه ) وهو في جزأين .
ويقول
باحثون أن "ذات الأفكار وذات المفاهيم التي عند النصراني جوزيف قذى أو
(الأب أبو موسى الحريري ) كما يسمونه ، هي هي بأم عينها التي في كتب خليل
عبد الكريم ، وإن اختلفت العبارة قليلاً " ، ويقولون أن خليل عبد الكريم لا
يحمل أفكاراً إسلامية ولكن يحمل أفكارَ المعادين للإسلام .
فهو
ادعى أن ورقة بن نوفل هو الذي أوحى بالقرآن للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
خاصة في فترة مكة وأن السيدة خديجة ـ رضي الله عنها ـ شاركت هي الأخرى في
صناعة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ، وأن الصحابة كانوا أصحاب شهوات ، لا
شغل لهم إلا الجنس ، ويدعي أن القرآن الكريم لم يغير شيئاً في المجتمع الذي
نزل فيه .
ففي
كتاب (فترة التكوين في حياة الصادق الأمين) يركز على فكرة واحدة أساسية هي
أن سيدنا محمد ليس نبيًا، ولكنه تلميذ عبقري لمجموعة من الأساتذة هم:
السيدة (خديجة)، وابن عمها ورقة بن نوفل، وبقية أفراد الأسرة وهم: (ميسرة)
والراهب (بحيرا) والراهب (عداس) والبطرك (عثمان بن الحويرت).. وكلهم
مسيحيون.. ولقد قامت هذه المجموعة النصرانية على صناعة هذا النبي، بعد أن
عكفوا على تعليمه لأكثر من خمسة عشر عامًا، حفظ فيها كتب الأولين والآخرين،
وعرف التوراة والإنجيل والمذاهب والعقائد، وانتهى هذا كله بنجاح التجربة،
أي الرسالة وصنع هذا العبقري الذي أصبح نبيًا، ووضع كتابا حيّر العالمين
على امتداد القرون هو القرآن الكريم" .
في
كتابه ( قريش من القبيلة إلى الدولة المركزية ) يدعى أن الدعوة ما هي إلا
أطماع في الرئاسة ، وخطة سابقة وضعها قصي بن كلاب وأبناؤه هاشم وعبد المطلب
، ونفذها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وبالتالي سيطر على العرب ، وفي
كتابه (الجذور التاريخية للشريعة الإسلامية) زعم أن النبي ـ صلى الله عليه
وسلم ـ أخذ دينه من عرب الجاهلية .
وفي
كتاب (للشريعة .. لا لتطبيق الحكم) يقول أن تطبيق الشريعة الإسلامية لم يعد
صالحًا في هذا العصر، لأن هذا التطبيق سوف يجر علينا من المشاكل ما لا حصر
لها.
وفي
كتاب (الجذور التاريخية للشريعة الإسلامية) ينطلق من نفس الفكرة، التي ترفض
الشريعة الإسلامية وترفض تطبيقها، حيث يقول : "إن هذه الشريعة التي ينادون
بها هي مجرد تعاليم، كان يقول ويأخذ بها عرب الجاهلية، ثم جاء محمد فأخذ
هذه التعاليم، وأعمل فيها عقله وفكره، حتى بدت وكأنها شيء جديد" .
والغريب
أن كتب خليل عبد الكريم كانت تترجم للغات أخرى ، لتعرض على عوام الناس في
الغرب على أنها هي الدين الإسلامي ، وقد ذكر ذلك هو بنفسه في مقدمة كتابه (
الإسلام بين الدولة الدينية والدولة المدنية) ، وهو ما يؤكد استغلال كتبه
واسمه كمسلم في تشويه الإسلام في الغرب .
ورغم أن
عددًا من أساتذة الجامعات الكبار، قد حاولوا كشف ما في دراساته هذه من زيف
وافتراءات على الإسلام، إلا أن شيئًا لا يمنع الرجل من الاستمرار، بل إنه
ازداد غلوًا مع كل كتاب جديد غير عابئ بما تثيره كتبه من رفض عنيف ، حتي
تمت مصادرة بعضها فاعتبره هو قمع لحرية الفكر .
الشيخ "ميزو"
أما
الشيخ الثاني الذي يتولى حاليا أمانة الدعوة والإعلام في حزب التجمع
بمحافظة القليوبية ، ويقدم نفسه علي أنه "شيخ" في المناسبات المختلفة ، فهو
الشيخ "محمد علي نصر" الملقب باسم "الشيخ ميزو" والذي قدم خدمات جليلة
للنظام الحالي بهجومه علي الإخوان حتي لُقب بخطيب ميدان التحرير لأنه شارك
في غلق معارضي الرئيس مرسي لميدان التحرير والثورة المضادة ، قبل أن ينقلب
عليه النظام وتقول وزارة الأوقاف هذا الأسبوع : "أن المدعو محمد عبد الله
نصر الشهير بـ"ميزو" لا علاقة له بالأوقاف من قريب أو بعيد، وحديث أمثاله
من الجهلاء باسم الدين عار على الثقافة الإسلامية" ، بعدما أثار غضب
المصريين لا الإخوان فقط بهجومه علي صحيح البخاري ونفيه وجود "عذاب القبر" .
بدأت
شهرة "الشيخ ميزو" عندما وقف شيخ يرتدي زي الأزهر والعمامة ويرفع حذاء بيده
في وجه منصة الاخوان بميدان التحرير عام 2012 عندما اشتدت الخلافات بين
الثوار علي أسس عقائدية خصوصا بين الإسلاميين والناصريين والشيوعيين ، ثم
عرف لاحقا أن الأزهري رافع الحذاء أمام منصة الإخوان عضو بحزب التجمع بعدما
قال الثوار أنه فرد ينتمي للمخابرات لأنه اعتقل في نفس اليوم ضابط ينتمي
للمخابرات في الميدان .
وقد خرج
محمد علي نصر في اليوم الثاني ليقول للصحف : "أنا الأزهري الذى رفعت
"حذائى" أمام منصة الإخوان، ولست الفرد المنتمى إلى المخابرات الحربية الذى
تم القبض عليه فى ميدان التحرير ، ونفي أنه تم تجنيده لبث الفرقة بين
القوى السياسية المتواجدة بالميدان ، وزعم أنه عضو تحالف القوى الثورية،
وأمين إعلام حزب التجمع بالقليوبية ، وأشار إلى أنه معتاد ارتداء الزى
الأزهري، يوم الجمعة فقط ، وأثناء إلقاء الخطب بالمساجد .
ومنذ
ذلك الحين بدأت تستضيفه الفضائيات والصحف ليهاجم الإخوان والتيار الإسلامي
بصفته "الشيخ الأزهري المعمم " ، وهي صفة ذات تأثير كبير لدي المصريين
الذين يجلون دور الأزهر الشريف .
وعندما
اعتصم معارضو الرئيس مرسي عقب فوزه في الانتخابات الرئاسية في ميدان
التحرير ضمن الثورة المضادة ضده ، ظهر نفس الشيخ وسمي نفسه "خطيب ميدان
التحرير" وكانت الخطب التي يلقيها علي العشرات فقط من المصلين في الميدان ،
تدعو إلى القتل والتشفّي والى الاجتثاث والتطهير الديني والفكري من على
منابر ميدان التحرير في إشارة لعزل الاخوان وتصفيتهم .
ووصل به
الأمر علي المنبر لتوزيع الشتائم المشحونة بالكلام الفاحش والدعوة إلى خصي
الرجال وسبي النساء كما صدرت دعوات مبطّنة تحرّض على تقطيع الإخوان
المسلمين ووصفهم بأنهم (الإخوان الصهاينة) .
ومع
الوقت وصف نفسه في الإعلام بأنه الشيخ محمد عبد الله نصر "مؤسّس حركة
أزهريّون مع الدولة المدنيّة" وظل يحرض ضد جهود المصالحة الوطنية بين
الثوار ويرفض المصالحة مع الإخوان ويدعو لقتلهم قائلا : "لا مصالحة قبل
القصاص من الإخوان والسلفيين الذين وصفهم بتجار الدين " .
وقدم
عبد الله نصر سلسلة من الخطب شنّع فيها بالرئيس المصري محمد مرسي وبالإخوان
والسلفيّين وطالب الإسلاميّين بـ "الكفّ عن منهجهم الضال وحلّ أنفسهم
واتهمهم بقذف المحصنات بعد انتقاد أحدهم لبعض الفنانات" ، وهو الذي دعا في
العديد من المرّات إلى مليونيّات وإلى الحشد من كل مكان لطرد الإخوان ومن
معهم من الميادين بالقوة، وشجع إجلائهم من ميدان رابعة تحت أيّ طائل ومهما
تكن النتائج لينضم لمجموعة من شيوخ الازهر أبرزها الشيخ علي جمعه المفتي
السابق الذي أصدر فتاوي تبيح قتل المعتصمين والمتظاهرين.
وكان لـ
"محمد نصر" طريقته الخاصّة والحادّة في التهجّم على الإسلاميّين ووصفهم
بنعوت قد لا تصدر من خصومهم في الديانات الأخرى مثل : " أسمع صوتا ينادى
الإسلام هو الحل شرع الله عز وجل فى سبيل الله قمنا نبتغى رفع اللواء
إسلاميه إسلاميه الشعب يريد تطبيق شرع الله .. عن أى دين تتحدثون وبأى
شريعة تنادون ولأي شريعة تطبقون أهي شريعة الله أم شريعة ابن عبد الوهاب
وحسن البنا .. لسنا بدين الله متاجرون أنكـم كاذبون عاهرون فاجرون" ، كما
كان يصف الإخوان بالخوارج والسلفيّين بالقطيع الذي يقوده دجالون .
وعلى
غرار سابقه خليل عبد الكريم ، تبني شيخ حزب التجمع الجديد أفكار كتاب له
أراء شاذة في الإسلام ، وروج لأفكار الكاتب "فرج فودة" وكان يستشهد
بعباراته وأقواله .
القشة التي قصمت ظهر البعير
وعقب
انتهاء حكم الإخوان ، واستمرار استضافة الفضائيات له ، دخل شيخ التجمع في
أبواب الفقة وشارك مجموعة من الخطباء نشر فتاوي شاذة ، منها فتوي أنه لا
يوجد عذاب في القبر ووصف كتاب الأحاديث (صحيح البخاري ) بأنه (مسخرة) ،
وكانت هذه هي التي قسمت ظهر البعير.
فقد ردت
عليه وزارة الأوقاف بعنف وسخرت من لقبه الذين أطلقه عليه منتقديه (ميزو) ،
وناشدت ، في بيان لها، "وسائل الإعلام المحترمة أن تراعي الظروف الصعبة
التي تمر بها بلدنا وأمتنا العربية كلها، والتي لا تحتمل استضافة أمثال
هؤلاء الجهلة الذين لا صفة لهم سوى محاولة المتاجرة بالدين أو بالزي
الأزهري، شأنهم في ذلك شأن المتطرفين سواء بسواء " .
وقالت :
"إن يترك أمر الدين العظيم كلًا مباحًا لميزو وأمثاله فهذا ما لا يرتضيه
عاقل ولا وطني ولا غيور على دينه، لأن هذا العبث يزيد من تعقيد الأمور،
ويمكن أن يجر المجتمع إلى عواقب نسأل الله عز وجل السلامة منها".
وجاء
هجوم الأوقاف عقب شن الشيخ محمد عبد الله نصر، هجوماً حاداً على كتاب صحيح
البخارى وتوثيقه للأحاديث النبوية المسجلة فيه عن الرسول، قائلا: "صحيح
البخارى مسخرة للإسلام والمسلمين"، وقوله أن "عذاب القبر ليس من الثوابت" .
حيث زعم
عبد الله نصر، أن "كتاب البخارى سب رسول الإسلام وزعم أنه مسحور"، مضيفا
"البخارى ادعى على النبى أنه كان يعيش على الغنائم وتحدث عن زنا القرود"-
على حد قوله.
أيضا
قال الشيخ محمد عبد الله نصر، إن المناهج التي يتم تدريسها بالأزهر تحمل
أفكارًا في غاية الخطورة وتساعد على التطرف الديني، وقال أن طلاب المرحلة
الثانوية الأزهرية يدرسون كتاب فقه "متن الإقناع لأبي شجاع" الذي يبيح في
باب الطهارة جواز الاستنجاء بكتب التوراة والإنجيل لأنها كتب محرفة، فضلًا
عن تدريس كتاب "الاختيار لتعاليم المختار" الذي يشرح نكاح المرأة الميتة،
مؤكدًا أن كتب الأزهر تتضمن بعض المعلومات والآراء الفقهية الخاطئة ، وهو
ما ردت عليه الأوقاف وخطباء أخرين بوصفه بالجهل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق