هل دخلت مصر دائرة العنف؟!
بقلم: عامر شماخ
الإجراءات
الدموية التى ينتهجها الانقلابيون منذ إطاحتهم بأول رئيس مدنى منتخب
واستيلائهم على السلطة فى يوليو 2013، تقود - دون أدنى شك - إلى ردود أفعال
دموية كذلك، خصوصًا من جهة الشباب الذين قتل أشقاؤهم وسجن آباؤهم وطورد من
طورد من أحبابهم وذويهم.. ولولا لطف الله تعالى ثم جماعة الإخوان المسلمين
التى تحرم العنف والفوضى وتمنع سفك الدم الحرام لصارت مصر سوريا أخرى.
ويبدو
أن الأمر صار الآن خارج سيطرة الجماعة، إذ إن إجراءات الانقلابيين طالت
قطاعًا كبيرًا من عوام الناس ممن لا تربطهم صلات مباشرة بالإخوان، وممن
فقدوا الأمل فى الحصول على حقوقهم ومحاسبة من ارتكب تلك الجرائم التى لم
نشهد لها مثيلا حول العالم، فلا حل أمامهم سوى انتزاع تلك الحقوق، ولو بنشر
الفوضى، ولو (بأخذ العاطل مع الباطل)، المهم أن (يشفى غليله) من تلك
الطائفة الذين قتلوا حبيبًا له أو أصابوه أو أسروه أو كانوا سببًا فى تركه
البلاد مخلفًا وراءه مسئوليات عظامًا.
وأنا
لا أتوقع هدوءًا واستقرارًا للبلاد كما يحلم الانقلابيون، بل أتوقع
اضطرابًا يعم جهات عديدة من القطر، وفئات مختلفة من بنيه، وسوف يكون للشباب
دور كبير فى تلك الأزمات، خصوصًا الطلاب الذين أغلقت أمامهم جميع أبواب
الحوار، وصاروا أمام (حائط صد) إما أن يهدموه أو يموتوا من شدة وطول
الحصار، وهذه السن - كما هو معلوم - لا تعرف التلون أو (اللف والدوران)،
وتعتريها الشدة والحماسة والعاطفة الجياشة التى تساند الحق وتطلق غضبها
وبأسها على الظلم والظالمين.
أراقب
منذ فترة سلوك الشباب، من أكثر من نافذة، وقد رصدت اتفاقًا ضمنيًا عامًا
بينهم على انتهاج سياسة اللاسلمية ضد الأمن أو ما يسمونه بلغة مخففة (حق
الدفاع عن النفس)، ولا شك أن تلك السياسة سوف تتطور إلى ما هو أخطر من ذلك
إن لم تجد البلاد عقلاء يقيمون العدل ويأمرون بالقسط، ويوقفون النظام
العسكرى العلمانى الأرعن عن ارتكاب الفظائع التى يرتكبها.
تخيل
أن أباك قتل - لا سمح الله - وأن قاتله يخرج لك لسانه، كمدًا وغيظًا، بل
يهددك - وهو قادر - بانتهاك عرضك وقتلك وسجنك.. ماذا أنت فاعل إذًا أمام
هذا القهر والذل وأنت إنسان مسلم مسالم شريف لا تنقصك عزة المسلم وكرامة
الآدمى؟!.. هذا باختصار هو الوضع القائم الآن فى مصر، وهذا هو حال كثير من
الشباب، الذين يعدون بعشرات الألوف ممن طالهم أذى العسكر، ناهيك عن جهل
الشعب وتأييد قطاع منه - فاقد الدين والإنسانية - لهذا الظلم وتستره عليه.
طالعوا
مواقع التواصل الاجتماعى، واستمعوا إلى الشباب فى لقاءاتهم العامة،
لتعلموا أن قلوب هؤلاء الشباب تغلى كالمراجل، وأنها عُقدت على الكراهية
والعداوة، وأنها لو واتتها الفرصة لن تتردد فى الانتقام.. وهذا لعمرى لا
يقيم دولة ولا يقر وطنًا، بل يهدم القائم ويزيل المستقر، فإن من أبجديات
الأمن القومى للدول أن تجد مؤسساتها وجيشها وداخليتها ظهيرًا شعبيًا يؤيدها
ويدفع عنها الأذى، ولا يكون ذلك إلا برعاية السلم الاجتماعى، ونزع عوامل
الطائفية وتقسيم الشعب، وإظهار الوطنية والحرص على مصالح البلاد والعباد.
كلما
أيقنت أننا وصلنا إلى طريق مسدود، نهايته غير حميدة على الإطلاق، لما فعله
العسكر من نشر الفوضي وإزهاق الأرواح وتخريب جيش البلاد بجره للسياسة..
تذكرت قدرة الله عز وجل، الذى لا تخفى عليه خافية، فى لم الشعث وجبر الكسر
وهداية الضال.. فليس لها – إذًا - من دون الله كاشفة.. وهذا يلقى علينا
بتبعة اللجوء إليه واستعطافه وطلب الرحمة منه، والتضرع والاستكانة إليه بأن
يجعل هذا البلد آمنا.. نسأل الله النجاة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق