وليد شرابي.. لن تنساك الثورة ولا التاريخ !
بقلم: د. وصفي عاشور أبو زيد
حينما
ترى وجهه أو تسمع حديثه لا تشك في صدقه وشفافيته، واستعداده للتضحية
النبيلة والبذل السخي من أجل إعزاز دينه ورفعة وطنه، لا يخطئك هذا الشعور
في مقالة من مقالاته، أو تصريح من تصريحاته، أو حلقة من حلقاته، أو
إسهاماته المختلفة ومشاركاته المتنوعة.
إنه
المستشار المجاهد الصامد المحتسب وليد محمد شرابي، الذي أصدر السفاح عبد
الفتاح السيسي قرارا جمهوريا بعزله، رقم 261 لسنة 2014، نشرته الجريدة
الرسمية في عددها الصادر في 14 شوال 1435هـ الموافق 10 أغسطس 2014م، جاء
فيه:
"بعد
الاطلاع على الدستور، وعلى القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية
وتعديلاته، وعلى حكم مجلس تأديب القضاة بجلسته المنعقدة في 4/1/2014 في
الدعوى رقم 16 لسنة 2013، وعلى ما عرضه وزير العدل قرر – يعني "رئيس
الجمهورية" – المادة الأولى: يعزل السيد/ وليد محمد رشاد شرابي – الرئيس من
الفئة (أ) بمحكمة شمال القاهرة الابتدائية من توليه القضاء. المادة
الثانية: ينشر هذا القرار في الجريدة الرسمية، وعلى وزير العدل تنفيذه".
ا.هـ.
ومن
العجيب أن يصدر مرسوم جمهوري لشخص واحد بغرض عزله من منصبه !!! ، ليكون أول
قاض يعزله السفاح الخائن، وكل ما استند إليه أو عليه هذا القرار باطل، ولا
علاقة له بدستور أو قانون، وإنما هي المكيدة السياسية والحرب النفسية على
طلاب العدالة وراغبي الحرية.
أما
المستشار البطل وليد شرابي فسيظل تاجا على رأس القضاء المصري الحقيقي، لا
القضاء المسيس الذي ينفذ الأوامر التي تأتيه من الباب العالي ومن مكاتب
الأجهزة الأمنية.
لن
تنسى ثورة مصر وليد شرابي بمواقفه البطولية أثناء ثورة يناير وما تلاها
حتى الآن وبعد الآن، ولن ينسى القضاة الشرفاء سلوكه وأخلاقه وشفافيته
ونزاهته.
لن
ينسى التاريخ وقفاته مع زملائه الشرفاء مع حفظ الألقاب: (محمد عوض، ومحمد
عطا الله، وطلعت عبد الله، وعماد أبو هاشم، وأيمن الورداني، وحاتم مصطفى،
ومحمد عبد الحميد، وعلاء الدين محمد) وغيرهم بالمئات.. لن ننسى ولن ينسى
التاريخ مواقفهم الصامدة في وجه القضاة الفاسدين والقضاء المسيس.
من
منا ينسى وقفتهم التاريخية في انتخابات رئاسة الجمهورية يونيو 2012م،
وإعلانهم النتيجة، الذي كان له دور كبير – مع آخرين - في إرغام اللجنة
العليا للانتخابات في إعلان النتيجة كما هي؟.
من منا ينسى مواقف وليد شرابي ضد الزند وقضاة السوء؟
إننا
لنن ننسى لقاءاته الفضائية ومشاركاته المتنوعة التي فضح بها فساد القضاة،
وكشف بها سوءاتهم، وأظهر فيها عوراتهم أمام أنفسهم، وأمام زملائهم، وأمام
الشعب وأمام التاريخ.
لن
ننسى موقفه مع زملائه في ميدان رابعة العدوية، ومعارضته القوية للسيسي
والمنقلبين، ووقوفه ضد الظلم والقهر والاستبداد؛ حيث كان – ولا يزال - ينشد
الحياة الكريمة، واحترام إرادة الشعب، وأن يكون القضاء المصري قضاء عادلا؛
يقضي بالحق، ويحكم بالصدق، ولا يتأثر برغب ولا رهب.
نقول
له: يا سيادة المستشار، أنت من عناوين الشرف لمصر والمصريين، ومن تيجان
الكرامة للقضاء المصري الحقيقي، ومن ينابيع الصدق للثوار والمرابطين، ومن
مشاعل الحق للأحرار والشرفاء، ومن منارات الصدق لراغبي العيش الكريم وعاشقي
العدالة والكرامة والحرية.
لن
يضرك من خالفك، ولن يضيرك من عزلك، فهو المعزول عن الأمن والإيمان،
والملفوظ من جماهير الأمة، والمطرود من رحمة الشعب، وعما قريب يُصدر عليهم
الشعب حكمه بالعزل الحقيقي، بل بالتعليق على أعواد المشانق؛ لِقاءَ ما
خربوا البلاد وقتلوا العباد وسفكوا الدماء وجرفوا الوطن.
لا
أملك أن أقدم لك شيئا؛ لأني على يقين أنك لا تحتاج إلى عزاء، بل تحتاج
لتهنئة عزيزة غالية؛ لما حزته من شرف وما نلته من مكانة، لكنني أعدك بإذن
الله، وتعدك الملايين من شعب مصر الأبي الصامد المرابط المجاهد أن يتحول
كلامنا إلى أفعال، وأن يعود الحق إلى أهله، وأن يُحِقَّ اللهُ بنا الحق،
ويمحق بنا الباطل، ويُرسي بنا – بمنه وكرمه - دولة الحرية والعدالة
والكرامة.
وأرفع
أمامك قول الله تعالى من سورة آل عمران: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ
إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ
إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ .
فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ
وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ).
وقول
النبي عليه الصلاة والسلام فيما رواه الترمذي بسند صحيح عن ابن عباس: "...
وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ
بِشَىْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلا بِشَىْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ، لَكَ
وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَىْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلا
بِشَىْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتِ
الصُّحُفُ".
سر
على بركة الله أمينا عاما للمجلس الثوري المصري، ومتحدثا باسم القضاة
الشرفاء، ومعارضا للانقلاب وأعمدته؛ حتى ينكسر هذا الانقلاب المجرم، وتشفى
صدور أهالي الشهداء، وتعود إلى مصر مكانتُها وريادتها، متمثلا قول الشاعر
الأبيّ هاشم الرفاعي:
أهوى الحياة كريمة لا قيد لا *** إرهاب لا استخفاف بالإنسان
فإذا سقطُتُّ سقطُت أحمل عزتي *** يغلي دم الأحرار في شرياني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق