الاثنين، 26 مايو 2014

عندما يستأسد الفأر بقلم: د. حسن الصعيدي

 عندما يستأسد الفأر
بقلم: د. حسن الصعيدي
قالت العرب: إن البغاث بأرضنا يستنسر. والبغاث: فرخ من فراخ الغراب، إذا فقست عنه البيضة. وهو مثل يُضربُ للَّئيم إذا ارتفع أَمره.
فعندما يستأسد الفأر، ويتعاظم العنكبوت.. عندما ينتفخ الهزيل، ويتطاول الضئيل.. عندما يتعالم الجاهل، ويتنسك الفاجر.. عندما ينطق الرويبضة ويخطب العيي.. نذكر مقولة العرب: إن البغاث بأرضتا يستنسر!
بينما يدعي أنه قادر على حماية مصر والمصريين، ويخاطبهم (إنتو مش عارفين إنكم نور عينينا وللا إيه) ويدغدغ مشاعرهم بقوله: (نروح نموت أحسن لو ما عرفناش نحمي الشعب المصري).
ويرسل إلى دول الخليج، يطمئنهم أنه قادر على حماية الأمة العربية (مسافة السكة.. ونكون عندكم). ومع إعلانه تشكيل قوات التدخل السريع، التي ربما تقشعر لرؤيتها أبدان ضعاف النفوس، مصورا نفسه أسدا هصورا، ووحشا كاسرا، وصقرا جارحا: يراه كل من استمع إلى كلماته تلك مختبئا كالجرذ خلف الجدران، لا يظهر لمؤيديه إلا عبر شاشات السكايب، ولا يكلم مريديه إلا عن طريق الفيديو كونفرانس!
ظن الناس أن خلف الصمت الطويل حكمة منشودة، ورأيا سديدا، واستشرافا لغد مشرق، وظنوه رجل الأفعال لا الأقوال، فإذا به العي الصريح، قد أطبق على صاحبه، فلا يحسن أن يصوغ عبارة، أو يكمل جملة، وإذا هو الجهل الواضح، الذي حاول أن يستره بصمته، ومع الحلقات المسجلة التي خضعت للكثير من عمليات التجميل والمونتاج: يعجز أن يكون غير نفسه.. هو هو.. بضحالة تفكيره، وانعدام رؤيته، وغياب خبرته.. لا يستطيع أن يتحدث في حوار مباشر.. ولا يستطيع أن يجيب على غير الأسئلة التي أعدها أو أعدت له، وفشل في الإجابة عن بعضها!!
وقديما قالوا: تكلموا تعرفوا.. فالمرء مخبوء تحت لسانه!
وحسب الناس خلف نظارته السوداء رؤية ثاقبة، ونظرة عميقة، وبصيرة نافذة، فإذا هو:
أعمى يقودُ بصيراً لا أبا لكمُ ... قد ضلَّ من كانت العميان تهديه.
إنه يرى قدرته على حل مشكلة البطالة بألف سيارة نقل تحمل الخضروات.. ويكمن التخلص من مشكلة الطاقة عنده باللمبات الموفرة.. والتغلب على مشكلة المواصلات بالسير على الأقدام.. وعلاج مشكلة الغذاء تكمن في تقطيع الرغيف أربعة أجزاء.. وتكفل اللواء عبد العاطي بحل المشاكل الصحية!!!
 يريد أن يدخل عالم السياسة بلا برنامج.. ليس لديه ما يقول، وليس عنده ما يقدم. إنما جاء ليأخذ! صارت مصر في زمنه أضحوكة العالم، وسخر منها الرائح والغادي!!
وعد في أول الأمر: (مصر أم الدنيا وهتبقى أد الدنيا).. وبعد ذلك تغير الكلام، وتحول القاموس إلى (مفيش.. مفيش.. مفيش) (لو عندي هديكو.. لكن معنديش.. معنديش) (هاتكلوا مصر يعني.. عايزين تاكلوها؟!).
أوهمهم بأنهم سيجنون الخير على يديه، وأن عصر الديكتاتور مرسي قد انتهى ليبدأ عصر الحريات، فإذا بهم يجدون ما وعدهم به (كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا).
وإذا به يقول لأحد أنصاره: (أنا لا أسمح لك أن تقول كذا) ويقول للآخر: (هذه آخر مرة أسمح لك أن تنطق كلمة كذا) وفي حديث آخر: (الديمقراطية محتاجة 25 سنة علشان تستقر في مصر).
نعم لا يملك سلاحا إلا الافتراء على من وضعه في غياهب السجن، وضيق الحجز، وثقل القيد، فلا يجد من يدافع عنه، أو يرد الافتراء على صاحبه.
لا يملك إلا التزوير ليستجدي شرعية زائفة، وقد سخر لنفسه قردة الساسة، وأفاعي الإعلام، وسدنة القضاء، وزبانية الشرطة، ودهماء العامة.
ثم تذكرت قول السيف للقلم، كما جاء في كتاب "صبح الأعشى": إنا لله! لقد استأسدت الثعالب، واستنسرت البغاث، وجاء الغراب إلى البازي يهدده، ورجع ابن آوى على الأسد يشرده!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق