السبت، 31 مايو 2014

حين تكون أشواق الكرامة انتحارًا بقلم: د. أحمد نصار

 حين تكون أشواق الكرامة انتحارًا
بقلم: د. أحمد نصار
تعالت أصوات العبيد بالصياح والبكاء محذرين من حرب أهلية عندما عبر الشعب عن رغبته وقاطع مسرحية تثبيت حكم فاشي دموي يعادى الإنسان ويسحق الكرامة.
عندما تكون أشواق الشعوب للحرية والكرامة فتنة وانتحارا، فأنت حصريا في مصر الانقلاب!!
لم تتفق رؤى الشيخ المنبطح مع الديمقراطي المزيف والفِل الفاسد في شيء من الأفكار السياسية أو غيرها مثل اتفاقهم أن طريق الحرية والكرامة هو طريق الحرب الأهلية والندامة.
من ماذا يخوفوننا؟
يخوفوننا من الكرامة لأننا سنرى مصير سوريا وليبيا إن لم نعط للعسكر شرعية.  فتباً لكم! وهل أوصل سوريا وليبيا لما نراه إلا حكم العسكر!
يخوفوننا من مصير القذافي، ثم يجلبون لنا من في عقلية القذافي, ويبكون على انحدارانا في مصير سوريا وهم جلبوا لنا من في دموية بشار, ويبشروننا بالرخاء وقد وقعت المناقصة على اختيار أبر أبناء مبارك الفاسد.
لقد قتل حافظ الأسد عشرات الآلاف، وتوطد له الحكم الجبري, فلم يمر حين من الدهر حتى ثار الشعب فقتل السفاح الابن منهم مئات الألوف.
تخوفوننا من حرب أهلية! وهل إذا تجذر الاستبداد وأعدمت الأنفس المعصومة وطورد الأحرار وحورب الإسلام جاء الرخاء وأمطرت السماء وسقينا ماء غدقا!
يخوفوننا من الديمقراطية وحكم الشعب! إذاً فلماذا لا تقولون بعدها: حتى لا نتحول لمصير تركيا وغيرها من دول العالم المتقدم التي نعمت بالديمقراطية!
يخوفوننا من الثورة على الظلم وإزالته، حتى لا نحترق بالعدل والحق, أرأيتم أشد سفاهة من هؤلاء!
مثلهم مثل من التهبت في جسده زائدة دودية، وبدلا من أن يستأصلها أخذوا يخوفونه من مخاطر شق البطن وإبرة المخدر وحساسية العلاج, ثم ركن لكلامهم، فانفجرت الزائدة وتسمم سائر بدنه فلقي حتفه!!
لقد أوصى الأول المستبد الأخير المستبد ببث الخوف من المصلحين! بل حتى خوفوهم من الأنبياء، ففرعون خوَّف قومه من أن يبدل موسى دينهم أو أن يظهر في الأرض الفساد, وقوم لوط خوفوا قومهم من الطهارة, وقوم شعيب خوفوهم من نبيهم وقالوا لهم: "لئن اتبعتم شعيبا إنكم إذا لخاسرون" وكفار قريش قالوا عن محمد صلى الله عليه وسلم: "يسفه أحلامنا ويسب آلهتنا ويفرق جماعتنا".
يولد الإنسان وله غريزة للكرامة وشوق للحرية, فكما أن الإسلام راعى الغرائز الجسدية وهذبها وشرع لنا وسائل إشباعها النظيفة، فليس أقل منها مراعاة وتقديراً غرائز الكرامة، ألم يقل الله تعالى: (ولقد كرمنا بنى آدم وحملناهم في البر والبحر), ماذا أبقى الطغاة للشعب المصري من كرامة حين يقتحمون بيته فجراً فلا تفتح أعينهم إلا والبنادق على رؤوسهم لابسي ثيابهم أو عاريها لا فرق عندهم!.
أة كرامة أبقوها حين يتحرشون ببنات مصر ونسائها في كل شارع!
أية كرامة أبقوها حين يختار ملايينهم رئيسا ثم يكون في قفص زجاجي, محروم حتى من حق الكلام! ولسان حالهم هذا من اخترتموه أيها الأوباش.
كرامتنا نحن أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - مستمدة من مبادئ ديننا، حتى في أول سورة في القرآن: (كلا لا تطعه واسجد واقترب) ورسولنا صلى الله عليه وسلم علم أصحابه الكرامة, وأخذ عليهم البيعة أن لا يسألوا الناس شيئاً تكريما لأنفسهم, فكان أحدهم يسقط سوطه فلا يسأل أخاه أن يناوله إياه, وحرم على أفراد الأمة أن يقفوا على رؤوس الأمراء تعظيماً لهم, وعاتب الأعرابي الذى رآه يرتجف منه - صلى الله عليه وسلم – قائلاً له: "هوِّن عليك، إنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد بمكة".
نحن أمة خلفاؤها أبو بكر الذي اعتذر لبلال الحبشي يوم غضب عليه, فقال له: "أغضبتك أخي"، وهو من حرره بماله.
وعمر الذي أعطى الدرة للقبطي من الشعب المهزوم أن يضرب ابن الأكرمين فاتح دولة القبط وسط جمع من أصحابه، ليطلق كلمته الخالدة: "كيف استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً"!
وكان منهم ربعي بن عامر الذي قال لرستم: "لقد ابتعثنا اللهُ لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة".
في عصرنا من يريد أن تفلح دولة بطريقة الاستبداد وتمجد الاستعباد, كمن يريد أن يعبر الأطلسي بقارب صيد في عصر الغواصات, أو من يريد أن يعلم صبيانه الكتابة على عسيب النخل في عصر الكمبيوتر, أو من يريد أن يسلح جيشه بالخناجر والرماح في عصر القنابل النووية!
نطلقها عالية مدوية كلمات الأفغانى: "ملعون في دين الرحمن، من يسجن شعبا، من يخنق فكرا، من يرفع سوطا، من يُسكت رأيا، من يبني سجنا، من يرفع رايات الطغيان، ملعون في كل اﻷديان، من يُهدر حق اﻹنسان، حتى لو صلّى أو زكّى أو عاش العُمر مع القرآن".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق