الاثنين، 10 أغسطس 2015

لماذا يفرح المصريون؟ بقلم: د. عز الدين الكومي

لماذا يفرح المصريون؟
بقلم: د. عز الدين الكومي
المصريون الذين حفروا القناة قبل مائة وخمسين سنة في أعمال سخرة مهينة قام بها الخديوي سعيد باشا بالاتفاق مع الخواجة فرديناند دليسبس، صاحب امتياز حفر قناة السويس، وكان امتياز الشركة ينص على أن "للشركة الحق في تنفيذ الأعمال المنوط بها وبمعرفتها أو بواسطة مقاولين، وتعطى لهم بالمناقصة العامة والممارسة، وفي جميع الحالات يكون على الأقل أربعة أخماس العمال الذين يستخدمون في هذه الأعمال من المصريين"، وهنا اتجهت الحكومة إلى القسر في جمع الفلاحين وتهجير أراضيهم ليكرهوا على حفر القناة ويذهبوا إلى أجواء حفر مليئة بالأوبئة والأمراض.
كما أن لائحة العمال المصريين التي وضعها ديليسبس كانت تستعبد العمال وقائمة على نظام السخرة، حيث إن عمال مصر أُكرهوا على حفر القناة، ومات منهم أكثر من 120 ألف عامل أثناء عمليات الحفر، مشيرًا إلى أن العمال حفروا القناة دون أجور، كما عانوا من الأوبئة وانتشار الأمراض، ولم يكن هناك مياه صالحة للشرب ولا رعاية صحية.
واستمر حفر القناة من عام 1859 حتى عام 1864، مضت خمس سنوات سُخِّر فيها المصريون دون أجر لحفر القناة، فهل بعد كل ذلك يفرح المصريون للاحتفال بقناة لم يحصدوا منها شيئا بعد أن حفروها بعرقهم ودمهم؟ وعلى الرغم من أن التفريعة التي تم حفرها بناء على أوامر زعيم عصابة الانقلاب العسكري، والتي حاول الفريق مميش أن يسميها القناة الجديدة كنوع من التضليل وبيع الوهم للمصريين، وأنها ستدر على مصر أرباحا تقدر بمائة مليار دولار، وأخذ مميش يعدد في امتيازات القناة الجديدة على طريقة مذيع الموجات القصيرة والمتوسطة والطويلة، قائلا: "القناة دي هتحل كل أزمات مصر.. الريادة والبطالة والعملة الصعبة، والشيء الوحيد الذي نسيه أن يقوله لنا مميش هو أن السفن هتعدي القناة الجديدة وما تتبلش".
يأتي افتتاح التفريعة من خلال حفل أسطوري كما فعل الخديوي إسماعيل، الذي أغرق البلاد في الديون ومهد لاحتلال البلاد عام 1882. وعلى المصريين أن يفرحوا وينتظروا ١٠٠ عام لأن الانقلاب ضللهم وباع لهم الوهم الذي تم تضخيمه، وليست له جدوى حقيقية، ولن يوقف نزيف الاقتصاد، والذي تم فيه إهدار ٣٠ مليون دولار على الأقل لتكاليف الافتتاح، كان أولى بها الشباب والمرضى والغلابة وتوزيع العملات الذهبية بعشرات ملايين الدولارات من قوت الغلابة.
قمة الاستفزاز للمطحونين من الشعب المصري، الذي لا يجد الحد الأدنى من الحياة الكريمة، ولن يتغير واقع المصريين ولن تتحسن أحوالهم طالما أن عوائد القناة تتحكم فيها الجهات السيادية، وكل ما سبق الإعلان عنه من وعود إنما جاءت على سبيل الإشغال وانتظار الأمل، ثم النسيان ثم الانشغال في لقطة أخرى ثم الانتظار ثم النسيان، ولن يستفيد من ذلك سوى مؤسسات الجيش المحصنة من أي رقابة مالية أو محاسبية.
ما مصير من يتجرأ على انتقاد مشروع التفريعة الذي لم يظهر له أي دراسة جدوى حتى الآن؟ وكيف لمشروع 35 كيلو فقط يمكن أن يدر على مصر 20 ضعف قناة أصلا طولها "193 كيلو متر؟ حسب تقديرات الفريق مميش.
هناك فارق كبير بين تفريعة للقناة بطول 35 كيلومتر، وبين مشروع تنمية محور قناة السويس الذي طرحه الرئيس مرسي، والذي كان فعلا سيحقق عائدا كبيرا لمصر، وسيوفر آلاف فرص العمل للشباب، وجن جنون دولة المؤامرات المتخلفة التي دعمت الانقلاب العسكري لعرقلة هذا المشروع وإفشاله؛ لأنه سيؤدي بطبيعة الحال إلى إنهاء مشروع جبل بإمارة بدبي، ويومها تحجج زعيم عصابة الانقلاب بأن المشروع يمس الأمن القومى، فعلام يفرح المصريين بالفناكيش التي تترى؟ من كفتة عبد العاطي لمشروع المليون وحدة سكنية لمشروع المليون فدان لمشروع العاصمة الإدارية الجديدة والمشروع النووي، وكان القاسم المشترك لكل المشاريع الوهمية هو ما يصاحبها من ضجة إعلامية من إعلام مسيلمة الكذاب، وقد قال وزير الإسكان الانقلابي: إن مشروع العاصمة الجديدة جاء نتيجة تخطيط علمى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق