الجمعة، 6 يونيو 2014

استرجل وخليك بلتاجي بقلم: أحمد القاعود

 استرجل وخليك بلتاجي
بقلم: أحمد القاعود
مابحبش التشاؤم، ولا بحب الشخص ضيق الأفق، ولا بحب الانهزامي، ولا اللي بيقول انتهى.
ليلة موقعة الجمل روحت البيت وكان منظر مروع وبشع.. كان تقريبا من كل 3 في الميدان واحد مصاب وكنت بشوف جثث، ومكنتش واخد على المشاهد دي. كانت كل القنوات العالمية بتنقل مباشر من التحرير وقتها.. كان يوم سيئ جدا.. بس كان اللي مديك أمل، خبر مكتوب على قناة الجزيرة مضمونه: "محمد البلتاجي يخرج بمسيرة تضم الآلاف من شبرا الخيمة لميدان التحرير لصد هجوم البلطجية".
نمت وقتها قرب الصبح وكانت عينيا بتدمع لأن تقريبا كل شيء كان راح.
لما صحيت الصبح اكتشفت إن مسيرة البلتاجي فعلا حمت الميدان وثبتت الثوار ويمكن لولاها مكنش فيه حاجة اسمها ثورة.
محمد البلتاجي ده أستاذ طب مرموق، وبغض النظر عن كونه مواطن يقدر يعيش كويس ويكبر دماغه عن اللي بيحصل في البلد ويعيش حياته زي ناس كتير مش بتحس بغيرها. حمى ميدان التحرير وقت الثورة. لما الانقلاب حصل ساب كل حاجة في حياته ساب مراته وولاده وراح اعتصم وقاد الاعتصام الإنساني المذهل، ونام على الأرض، وتقريبا بقى شخص مطارد من دولة بأكملها.
عارف يعني ايه شخص مطلوب لأنه ارهابي؟!! يعني هتعيش طول حياتك بعيد عن الدولة الرسمية، لا تقدر تتعامل مع مصلحة ولا تقدر تطلب منها خدمة، إلا إنك تقدر تعيش لحد ماتيجي لحظة اعتقالك أو قتلك.
هل ممكن تتخيل أن أستاذ طب مرموق في يوم وليلة ممكن يحصل فيه كده وحياته تتحول لحياة سرية غير اللي احنا كلنا عايشنها؟!!
في الاعتصام البلتاجي كان بيصلي على الشهداء، ويوجه الناس ويبث فيهم الحماس ويصبرهم ويديهم الأمل. لحد يوم المذبحة وقدم بنته شهيدة.
عارف يعني إيه في لحظة تفقد بنتك الوحيدة؟!! أو إنك مش هتشوفها تاني؟!! أو إنها تختفي من حياتك طول العمر؟!! انت مكن تكون جربت شعور الفقد قبل كده، مش لازم في موت حد، خليه فقد أو نهاية حب. فاكر إحساسك كان عامل ازاي؟!!
طبعا انت لو شفت البلتاجي وقتها كنت هتنهار لأنك أكيد كنت هتحس بأب فقد بنته، بس هو منهارش ولا كان ضعيف، وقتها ناس فاقدة الرحمة والإنسانية كتبت وعلقت إنه السبب في موت بنته. بس مشكلة الناس دول واللي زيهم إنهم مش هيعرفوا أبدا الحياة وفلسفتها عند محمد البلتاجي عاملة إزاي.
بعد المحرقة البلتاجي كتب رثاء في بنته، غالبا هيتدرس بعد كده وهيبقى من وثائق الثورة، زيه بالزبط زي الخطاب الاستشهادي المبدع للرئيس مرسي ليلة الانقلاب الإرهابي.
محمد البلتاجي دلوقتي مسجون وأسير.. عارف لو شوفت صموده وقوته وصبره وتفاؤله؟!! هتحس بالخجل من نفسك.
مش البلتاجي لوحده اللي كده، فيه حوالي 30 ألف زيه، منهم مثلا محمد مرسي، وعصام سلطان، وسعد الكتاتني، وأبو العلا ماضي، ومحمد بديع، وصفوت حجازي، و و و وطلبة خدوا مؤبد، وغيرهم خد إعدام، وستات وبنات صغيرة.
بص لدول واعرف قوتك وإرادتك. اعرف إنك الوحيد في مصر اللي صوتك عالي، وإنك الوحيد اللي مبتخافش، وإنك الوحيد تقدر تدافع عن مبدأ وقيمة، وإنك الوحيد اللي قادر على إنك تقول لأ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق