الاثنين، 8 ديسمبر 2014

فضائح الشامخ.. قضاة على أبواب جهنم

فضائح الشامخ.. قضاة على أبواب جهنم

قضاة الشامخ
08/12/2014
 
«لولا القضاة السوء وعلماء السوء.. لقل فساد الملوك خوفا من إنكارهم» بهذه الكلمات لخص أبو حامد
الغزالى قبل نحو 10 قرون حال مصر فى عهد العسكر وربما حال أكثر البلدان العربية، التى مرقت فيها مليشيات العسكر إلى سدة الحكم عبر منصات الشامخ ومنابر الروبيضة، لتستبيح الشعوب وتريق الدماء وتنهب الثروات وتزييف التاريخ.

ولا يمكن أن يكون من قبيل المبالغة التأكيد على أن القضاء فى بلد الانقلاب فاسد حتى النخاع، خاصة بعدما كشف بنفسه عن وجه القبيح، وأنه ليس أكثر  من مجرد أداة فى يد العصابة الحاكمة تمنح صكوك البراءة إلى القتلة من رجالهم رغم جرائمهم التى ذبحت مقدرات البلاد طوال 6 عقود من الوريد إلى الوريد، فى الوقت الذى تستبيح فيه دم الأحرار بغير وجه حق إلا أن يقولوا ربنا الله.

ولم يتصدر المشهد فى الآونة الأخيرة من القضاة إلا من تلوثت سمعته وكسرت عينه ولاحقته الفضائح، كيف لا ورأس نادى القضاة الذى طالما تجنب الخوض فى السياسة أو الحديث عن تزوير الانتخابات فى عهد المخلوع، مكتفيا بالحديث عن دوره فى رحلات الحج والعمرة، هو من قاد الحراك الفاشى ضد أول رئيس منتخب خوفا من حملة التطهير التى كانت لا تبقى ولا تذر ضد من دنس منصة العدالة.

أحمد الزند –الذى صنع على عين الإمارات- حيث بدء مسيرته الملوثة معارا للعمل فى إمارة رأس الخيمة، قبل أن يعود منها بفضحية، هو نفسه المتهم بالفساد والتربح واستغلال النفوذ فى القضية رقم10797 لسنة2012 المتهم فيها بعمل مزاد وهمي مع الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، وحصل بمقتضاه علي 170 فدانا من أراضي مدينة الحمام بمرسي مطروح، والتي كانت ملكا لمجموعة من البدو الذين حصلوا عليها أيضا من خلال عقود مع ذات الهيئة.

فضلا عن ملاحقته بجرائم التزوير والاستيلاء على أملاك الدولة، بعدما اغتصب الزند 2200 فدان بالحزام الأخضر بـ6 أكتوبر، بسعر 5 جنيهات للفدان وباع الفدان الواحد بخمسة ملايين جنيه وحولها لقصور وملاعب للجولف بالمخالفة للقانون والعقد الموقع معه، وحقق كسبا غير مشروع يتجاوز عشرة مليارات جنيه.

وهى القضايا التى تنضم إلى قائمة طويلة من الجرائم التى ارتكبها رأس نادى القضاة، إلا أن الزند لم يكن بطبيعة الحال أفضل من مستشار استشعار الحرج "أحمد رفعت" والذى تولى محاكمة القرن ضد المخلوع مبارك وعصابته، والذى تم اختياره بعناية باعتباره كان منتدبا فى مؤسسة الرئاسة فى عهد مبارك ولديه من الولاء ما يكفى لضمان براءة ولى نعمته.

وتلاحق رفعت اتهامات بالفساد المالي، حيث اتهم بالحصول على أراضٍ من جمعية وادي النطرون بالمخالفة للقانون، واتهمه البرلماني السابق حمدي الفخراني صراحة بأنه حصل عليها مقابل إصدار حكمه السابق.

وبعيدا عن الفساد والتربح، كشفت حافظة مستندات عن القرار الجمهوري رقم 314 لسنة 2004 بتعيين شقيقه عصام رفعت رئيس تحرير جريدة الأهرام الاقتصادي، وذلك ضمن تشكيل المجلس الأعلى لتسعير الخدمات بوزارة الطيران المدني، والتي كان من ضمن أعضائها المعينين أيضا، وبنفس القرار، حسين سالم المتهم بنفس القضية.

شقيق رفعت الذى كان عضوا فاعلا في لجنة السياسات بالحزب الوطني المنحل، وهو ما يبرر الحكم الذى أصدره عام 2005 ببراءة 6 من أعضاء الحزب المنحل ورموز الفساد باعتبارهم من الأصدقاء المقربين لعصام شقيقه، ومن زملائه في لجنة التسعير بوزارة الطيران المدني.

ومع هروب رفعت خارج البلاد عقب تقاعده، تسلم القضية مستشار الرحمة فوق العدل، محمود كامل الرشيدي، الذى لم يخف تعاطفه مع مبارك والمتهمين، وبكى خلالها حينما تحدث "مبارك" في الجلسة قبل الأخيرة ليمنحه فى الختام بمنتهى السخاء براءة ملوثة، سمعته بطبيعة الحال لم تسلم من الخروج عن القانون.

الرشيدى يعمل –بما يخالف القانون- مديراً لمدرسة الشبان المسلمين الابتدائية بالسويس، تلك المدرسة التابعة لجمعية تحمل الاسم ذاته، والتى يديرها أحمد فضالي المتهم الأول في موقعة الجمل، وهو ما يكشف عن الحلقة المتصلة التى تربط رموز فساد الدولة العميقة.

قضاة البراءة للجميع يقابلهم قضاة الإعدام للجميع، وبالطبع هؤلاء يتم اختيارهم أيضا بعناية فائقة من أجل ضمان القضاء على الثورة والثوار وقتل الحرية والأحرار، حيث تم اختيار مستشار النظارة السوداء محمد ناجى شحاته، فى 5 قضايا تخص الإخوان كان الإعدام فيها هو العنصر المشترك.

ناجي شحاته، أحد القضاة الّذين ترددت أسماؤهم في البلاغ المقدم لوزير العدل المستشار نير عثمان، باعتباره أحد القضاة المسؤولين عن تزوير الانتخابات البرلمانية عام 2005، لصالح مرشح الحزب الوطني ضد مرشح الإخوان المسلمين، في دائرة الزرقا بمحافظة دمياط، وذلك وفقا لتقرير نشرته حركة "شايفنكم".

إلا أن الأمر ليس ثأرا شخصيا ضد الإخوان فحسب وهو الذى يدفعه لرفض كافة طلبات الحالات الإنسانية التي ينظر محاكمتها أبرزها للمعتقل الشاب محمد صلاح سلطان، وإنما فضحت صفحته على موقع التواصل الاجتماعى –والتى أغلقها مؤخرا- مراهقة متأخرة ربما تبرر الصبغة والنظارة الشمسية والشارب العملاق من طراز "العناتيل".

وعند الحديث عن تدمير أدلة تورط المخلوع، لا يمكن أن ننسي الدور الذى لعبه المستشار عبد المجيد محمود النائب العام فى عهد المخلوع، والذى أطاح به الرئيس الشرعى مرسى من منصبه استجابة لأهم المطالب الثورية، قبل أن يعود على أكتاف الدولة العميقة، هو نفسه المتهم بالتورط فى قضايا رشوة في بلاغ حمل رقم 4309 بلاغات النائب العام، والذي كشف أن رئيس مجلس إدارة البنك المصري للتنمية سابقًا كان يرسل رشاوى في صورة هدايا من أموال البنك إلى المستشار عبد المجيد محمود النائب العام السابق، وسامح فهمي وزير البترول الأسبق، وأمين أباظة وزير الزراعة الأسبق، وفايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولي سابقا.

عبد المجيد الذى لاحق بإخوته فى الإمارات، لم يخجل من تلقيه رشاوى من الصحف القومية، بل وقام علانية بردها، غير عابئ بالبلاغ رقم 868 بلاغات النائب العام والذى اتهمه بقبول هدايا من قبل جهات تابعة للدولة "صحف قومية"، وهو ما أكده حين قام برد بعض الهدايا أو ما يعادلها بالقيمة المالية إلى خزانة الدولة فى جريمة رشوة مكتملة الأركان، كانت تستوجب عزله من منصبه فى حينها ومحاكمته.

ومن رفعت إلى الرشيدى إلى شحاتة إلى عبد المجيد، هناك المئات من القضاة الذين تدخلت الرشوة والمحسوبية فى اعتلائهم منصة العدالة، وعملوا طوال مسيرتهم على حفظ مصالح التخمة الحاكمة، وكشف الدكتور محمد نور فرحات -أستاذ القانون الشهير- عن الكثير منهم فى دراسة واسعة، تناولت بالأدلة والمستندات تورط البعض فى قضايا نصب واحتيال وتربح ورشاوى جنسية وما خفى كان أعظم.
 
وصدق سيد الخلق –صلى الله عليه وسلم- حين قال: "القضاة ثلاثة: قاضيان في النار وقاضٍ في الجنة، رجل قضى بغير الحق فعلم ذاك فذاك في النار، وقاض لا يعلم فأهلك حقوق الناس فهو في النار، وقاضٍ قضى الحق فذلك في الجنّة". رواه الترمذي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق