الأحد، 28 ديسمبر 2014

قراءة في كتاب الأسرار الخفية وراء إلغاء الخلافة العثمانية جمال عفيفي ا

قراءة في كتاب

الأسرار الخفية وراء إلغاء الخلافة العثمانية جمال عفيفي ا


اسم الكتاب : الأسرار الخفية وراء إلغاء الخلافة العثمانية
المؤلف : أ. د. مصطفى حلمي، رئيس قسم الدراسات الإسلامية – جامعة القاهرة
دار النشر : دار ابن الجوزي – القاهرة 1427هـ /2006م
عدد الصفحات: ٢٨٤
 

كتاب "الأسرار الخفية" هو تحقيق لكتاب "النكير على منكري النعمة من الدين والخلافة والأمة" للشيخ مصطفى صبري، شيخ الإسلام في الخلافة العثمانية (المتوفى سنة ١٣٧٣هـ/١٩٥٤م).
وقد نال المؤلف أ. د. مصطفى حلمي "جائزة الملك فيصل العالمية في الدراسات الإسلامية" عن هذا الكتاب.
 

موضوع الكتاب
لمّا كان الموضوع الرئيس للكتاب الأصلي «النكير...» عن مأساة إلغاء الخلافة الإسلامية قال المؤلف: «رأيت وضعه بين أيدي المؤرخين ومفسريه والدارسين للنظم السياسية الإسلامية والدعاة، ذلك أن موضوع الكتاب يعالج أكثر القضايا اتصالا بمآسي المسلمين في العصر الحديث، حيث انفرط عقد وحدتهم بإلغاء الخلافة التي ظلت جوهر النظام السياسي الإسلامي منذ وفاة النبي صلى الله عليه وسلم».
ويذكر المؤلف في موضع آخر الهدف من كتابه فيقول: «ويسهم هذا الكتاب في إيقاظ الوعي التاريخي وتعريف الأجيال الجديدة بتاريخها الصحيح، فما الغرض من دراسة التاريخ إلا فهم الحاضر - لأنه ابن الماضي - والسير بخطوات سليمة نحو مستقبل أفضل بعد الدراسة الواعية واستخلاص العبر والاستفادة من الأخطاء والتعلم من دروس التاريخ الصحيح المدعم بالوثائق».
ومحور الكتاب يدور حول إقناعنا بحتمية نظام الخلافة للأمة الإسلامية، إن أراد المسلمون العودة إلى الكرامة والسؤدد والنفوذ والمكانة الدولية المهابة من جديد.
وصف الكتاب
النص الأصلي لكتاب "النكير على منكري النعمة من الدين والخلافة والأمة" أخذ تقريبا نصف حجم الكتاب البالغ (٢٨٤) صفحة من القطع المتوسط، وجعله المؤلف في آخر الكتاب. أما النصف الأول من الكتاب فقد احتوى عدة أبحاث لا غنى عنها للاستفادة من الكتاب الأصلي، تحدث فيها المؤلف عن الشيخ مصطفى صبري.. حياته وعصره وتحليلاته لأحداث عصره، وعن علمه وخلقه. ثم ذكر لمحات من مواقف الشيخ العلمية وأقواله المأثورة، ومنها:
"إن استعمار القلوب أصعب من الاستعمار العسكري".
"لو قارنتم ما فعل السلف من علمائنا مع فلسفة اليونان بما فعل الخلف مع فلسفة الغرب لوجدتم الفرق بين قوة السلف وضعف الخلف هائلا".
"في الغرب نزاع وجدال بين العلم والدين ناشئ عن خصوصية دين الغربيين، وليس في الشرق هذا النزاع إلا في قلوب مقلدي الغرب الذين لا يعرفون الإسلام رغم أنه دينهم".
ثم تحدث عن بعض الأسرار التي كشف عنها الكتاب، ودور كمال أتاتورك في القضاء على الخلافة. ثم تكلم عن الخلافة العثمانية والعداء الأوروبي الصليبي، وأن الخلافة ليست استعمارا...وختم أبحاثه بالكلام عن السلطان عبدالحميد "الخليفة المفترى عليه".
الأسرار الخفية
وعن سبب تسمية الكتاب بهذا الاسم الأسرار الخفية وراء إلغاء الخلافة العثمانية يقول المؤلف: "علة اختيارنا لعنوان الكتاب يتصل بالأسرار التي كشف عنها مؤلفه، وهي تستحق وقفة تأمل ودراسة لاستخلاص الدروس والعظات مما حدث ويحدث في العالم الإسلامي بكافة أقطاره".
بعض هذه الأسرار
من ذلك ما نشر أخيرا من وثائق سمحت بها الحكومة البريطانية، وما نشرته جريدة (صنداي تايمز) عندما عرض أتاتورك على السفير البريطاني تولي رئاسة جمهورية تركيا!
وذلك - حسبما دلل الشيخ مصطفى صبري - أن أعضاء جماعة الاتحاديين والكماليين - وهم الحكام الجدد اللادينيون - تابعون جميعا لمحفل الشرق أي من الماسونيين، كذلك فإن مؤيديهم من الكتاب والصحفيين أصحاب الأقلام (المستأجرة) من الجمعيات السرية النافذة في العالم.
وقد أثبت الشيخ مصطفى صبري ذلك بواقعة ثابتة حدثت أيام كان نائبا عن (توقاد) وسمعها هو ومعه من النواب أكثر من مائتين، حيث وصلت رسالة من طرابلس بليبيا قرأها صاحبها (وعيناه تدمعان) وفحواها أن جميع أحزاب إيطاليا آنذاك متفقة على احتلال طرابلس باستثناء (البنائين الأحرار) والاشتراكيين، وحجتهم في ذلك ما قاله أحدهم: "لا يجدر بنا أن نصول على الأتراك حال كون حكومتها في أيدي البنائين الأحرار!" والبناؤون الأحرار هم الماسونية.
ويوقفنا على سر آخر هام يؤيد به ويدعم استنتاجاته من واقع الحال التي عاصرها وشاهدها بنفسه، إذ لاحظ بيقين أنه لم يسلم من اعتداء الكماليين والاتحاديين إلا اليهود. وفيما عداهم فقد وقع الاضطهاد على كافة عناصر الأمة من الألبان والعرب والأكراد والروم والشراكسة والأتراك.. لذلك فهو يحمل حكام تركيا إثارة العداوة بين المسلمين والنصارى مستدلاً على ذلك بقوله تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ} المائدة: ٨٢.
فتش عن اليهود
ويرى تقصير المسلمين في التنقيب عن وقائع الفتن اليهودية، منذ عصر الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، ومنبهًا إيانا إلى منهج تعليمي تربوي خلاصته «إنا معاشر المسلمين الحاضرين لمقصرون في التنقيب عن تلك الوقائع الهامة وتدريس مسائلها في مدارسنا، لنعلم الطلاب والشباب، قبل تعلمهم تاريخ الأجانب، تاريخ الإسلام، وما يحوط بحياة النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه من الشؤون بتفاصيلها فيعتبر بها ويعتبر الطلاب والشباب ويتأدبوا بآداب الإسلام في عصره الذهبي».
وكشف الستار عن أخطر الأسرار وأكثرها غرابة، حيث وقف أمام هزيمة الإنجليز وقفة تأمل، غير مصدق أنهم هزموا بعد انتصارهم في الحرب العالمية الأولى، فكيف يعقل أن ينسحبوا- وهم المنتصرون في هذه الحرب- أمام مصطفى كمال أتاتورك في أزمير؟! إنهم لو أرادوا الانتصار عليه لتحقق لهم ما أرادوا، ولكنهم وازنوا بين انتصاره (المصنوع على أيديهم) وما رتبوه من نتائج، وبين قبول الهزيمة أمامه، واختاروا الاختيار الأول ورجحوه، لما سينجم عنه من مكاسب كبرى تفوق كثيرًا انسحابهم من «أزمير».
وأعلن خطأ الظن بأن انسحاب جيوش إنجلترا وفرنسا من استانبول كان بسبب الخوف من مصطفى كمال.
ومن الأسرار الهامة التي كشف الستار عنها أيضًا أن جمال باشا (السفاح) كان قاتل العرب والترك معًا. وبهذه العبارة أوضح الشيخ مصطفى صبري أن الاضطهادات التي وقعت على العرب كانت بيدي أحد أعضاء جمعية الاتحاد والترقي، أي أتباع أتاتورك- ومنهم هذا السفاح- وقد شملت اضطهادهم الأتراك والعرب جميعًا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق