"فنكوش" الصندوق الأسود
مصطفى عبد السلام
9 ديسمبر 2014
خير، اللهم اجعله خيراً، فقد توقف الحديث عن صندوق "تحيا مصر" الذي أطلقه المشير عبد الفتاح السيسي في شهر يوليو/تموز الماضي وصدعنا به من حوله، وخفت الحديث عن الـ 100 مليار جنيه التي كان من المقرر أن يتم جمعها من جيوب المصريين ووضعها "على جنب".
ولم نعد نقرأ مانشيتات لكبار الصحافيين، وهم يكتبون عن طوابير المصريين التي تتدفق على البنوك للتبرع للصندوق المنقِذ، وعن الزحام منقطع النظير من قبل الجماهير أمام وحدات القطاع المصرفي ومكاتب البريد للتنازل عن تحويشة العمر للصندوق الغامض الذي دعا له المشير، وعن السيدة العجوز التي تبرعت بذهبها وحليها حباً في الصندوق، حتى من دون أن تعرف هذه السيدة الغرض من الصندوق وهدف تأسيسه، أو أين ستذهب تبرعاته.
"
لم نعد نقرأ مانشيتات لكبار الصحافيين وهم يكتبون عن طوابير المصريين التي تتدفق على البنوك للتبرع للصندوق المنقِذ"
ولم نعد نسمع عن كبار المذيعين والإعلاميين وهم يهللون في الفضائيات، ليل نهار، ويعلنون عن تبرعات بأكثر من 9 مليارات جنيه لصالح صندوق "تحيا مصر"، وعن أن التبرع في شهر واحد، هو يوليو، فاق 6.5 مليار جنيه، وأن الزحف نحو البنوك للتبرع لا يزال متواصلاً.
حتى الإعلامي عمرو أديب فقد سكت مرة واحدة عن الحديث عن الصندوق الغامض، وهو الذي بشرنا يوم 20 يوليو الماضي بأن مبادرة "رجال أعمال سعوديون يحبون مصر" التي تجمع تبرعات لصالح الصندوق، كسرت تبرعاتها حاجز النصف مليار جنيه، وتحديداً بلغت قيمة تبرعاتهم 516 مليون جنيه، وأن أربعة سعوديين تبرعوا للصندوق بمبلغ 300 مليون جنيه، إضافة إلى تبرع رجل أعمال سعودي آخر بمبلغ 214 مليون جنيه.
ولم نعد كذلك نسمع مثلاً عن مصير التبرع السخي لرجل الصناعة محمد فريد خميس لصالح صندوق تحيا مصر، حيث أعلن الرجل على الملأ تبرعه بنصف دخله السنوي لدعم الاقتصاد المصري وبما يزيد عن 300 مليون جنيه.
ولا نعرف أيضاً حقيقة تبرعات شركة أوراسكوم المملوكة لعائلة ساويرس والتي قيل بداية إنها تبرعت للصندوق بـ 3 مليارات جنيه، رغم أننا علمنا فيما بعد أن هذا التبرع وهمي وغير حقيقي، وأن التبرع الحقيقي تمثّل في قيمة الأموال التي استردتها العائلة من قضية التهرب الضريبي الشهيرة، أو لنقل استردتها من خزانة الدولة، لتتبرع بها لصالح صندوق "تحيا مصر".
ولم نعد نعرف مصير تبرع ومساهمة المهندس محمد الأمين السخية جداً لصندوق تحيا مصر والذي قيل وقتها إن قيمته تبلغ 1.2 مليار جنيه، وهي نصف أسهمه في شركة عامر جروب، كما أعلن الرجل بنفسه عن ذلك من خلال قنواته الفضائية.
"
لم نعد نسمع عن كبار المذيعين والإعلاميين وهم يهللون في الفضائيات، ليل نهار، ويعلنون عن تبرعات بأكثر من 9 مليارات جنيه لصالح صندوق "تحيا مصر"
"
أين تبرعات شيخ الأزهر الشخصية، ومعها مؤسسة الأزهر ودار الافتاء؟ وأين تبرعات جامعة القاهرة البالغة 20 مليون جنيه، رغم أن المسؤولين عنها زعموا أيام الدكتور محمد مرسي أن الجامعة تواجه أزمة عنيفة وعجزاً في الايرادات يتجاوز نصف مليار جنيه؟
وأين تبرعات كبار رجال الأعمال، أمثال أحمد أبوهشيمة وصلاح دياب ومحمد أبوالعينين وحسن راتب وأيمن الجميل وأحمد بهجت، الذي أعلن عن تبرعه بـ30% من الأسهم المملوكة له في شركاته؟ رغم أن الرجل مدين للبنوك الحكومية بنحو 3.5 مليار جنيه لم يسددها منذ سنوات طويلة رغم أحكام القضاة الصادرة ضده؟
السؤال: أين ذهبت كل هذه المليارات التي صدعتنا بها الفضائيات ووسائل الإعلام على مدى أسابيع؟ والسؤال الأهم: هل صندوق تحيا مصر حقيقة أم فنكوش آخر من الفناكيش التي ملأت الساحة المصرية؟
مصطفى عبد السلام
9 ديسمبر 2014
خير، اللهم اجعله خيراً، فقد توقف الحديث عن صندوق "تحيا مصر" الذي أطلقه المشير عبد الفتاح السيسي في شهر يوليو/تموز الماضي وصدعنا به من حوله، وخفت الحديث عن الـ 100 مليار جنيه التي كان من المقرر أن يتم جمعها من جيوب المصريين ووضعها "على جنب".
ولم نعد نقرأ مانشيتات لكبار الصحافيين، وهم يكتبون عن طوابير المصريين التي تتدفق على البنوك للتبرع للصندوق المنقِذ، وعن الزحام منقطع النظير من قبل الجماهير أمام وحدات القطاع المصرفي ومكاتب البريد للتنازل عن تحويشة العمر للصندوق الغامض الذي دعا له المشير، وعن السيدة العجوز التي تبرعت بذهبها وحليها حباً في الصندوق، حتى من دون أن تعرف هذه السيدة الغرض من الصندوق وهدف تأسيسه، أو أين ستذهب تبرعاته.
"
لم نعد نقرأ مانشيتات لكبار الصحافيين وهم يكتبون عن طوابير المصريين التي تتدفق على البنوك للتبرع للصندوق المنقِذ"
ولم نعد نسمع عن كبار المذيعين والإعلاميين وهم يهللون في الفضائيات، ليل نهار، ويعلنون عن تبرعات بأكثر من 9 مليارات جنيه لصالح صندوق "تحيا مصر"، وعن أن التبرع في شهر واحد، هو يوليو، فاق 6.5 مليار جنيه، وأن الزحف نحو البنوك للتبرع لا يزال متواصلاً.
حتى الإعلامي عمرو أديب فقد سكت مرة واحدة عن الحديث عن الصندوق الغامض، وهو الذي بشرنا يوم 20 يوليو الماضي بأن مبادرة "رجال أعمال سعوديون يحبون مصر" التي تجمع تبرعات لصالح الصندوق، كسرت تبرعاتها حاجز النصف مليار جنيه، وتحديداً بلغت قيمة تبرعاتهم 516 مليون جنيه، وأن أربعة سعوديين تبرعوا للصندوق بمبلغ 300 مليون جنيه، إضافة إلى تبرع رجل أعمال سعودي آخر بمبلغ 214 مليون جنيه.
ولم نعد كذلك نسمع مثلاً عن مصير التبرع السخي لرجل الصناعة محمد فريد خميس لصالح صندوق تحيا مصر، حيث أعلن الرجل على الملأ تبرعه بنصف دخله السنوي لدعم الاقتصاد المصري وبما يزيد عن 300 مليون جنيه.
ولا نعرف أيضاً حقيقة تبرعات شركة أوراسكوم المملوكة لعائلة ساويرس والتي قيل بداية إنها تبرعت للصندوق بـ 3 مليارات جنيه، رغم أننا علمنا فيما بعد أن هذا التبرع وهمي وغير حقيقي، وأن التبرع الحقيقي تمثّل في قيمة الأموال التي استردتها العائلة من قضية التهرب الضريبي الشهيرة، أو لنقل استردتها من خزانة الدولة، لتتبرع بها لصالح صندوق "تحيا مصر".
ولم نعد نعرف مصير تبرع ومساهمة المهندس محمد الأمين السخية جداً لصندوق تحيا مصر والذي قيل وقتها إن قيمته تبلغ 1.2 مليار جنيه، وهي نصف أسهمه في شركة عامر جروب، كما أعلن الرجل بنفسه عن ذلك من خلال قنواته الفضائية.
"
لم نعد نسمع عن كبار المذيعين والإعلاميين وهم يهللون في الفضائيات، ليل نهار، ويعلنون عن تبرعات بأكثر من 9 مليارات جنيه لصالح صندوق "تحيا مصر"
"
أين تبرعات شيخ الأزهر الشخصية، ومعها مؤسسة الأزهر ودار الافتاء؟ وأين تبرعات جامعة القاهرة البالغة 20 مليون جنيه، رغم أن المسؤولين عنها زعموا أيام الدكتور محمد مرسي أن الجامعة تواجه أزمة عنيفة وعجزاً في الايرادات يتجاوز نصف مليار جنيه؟
وأين تبرعات كبار رجال الأعمال، أمثال أحمد أبوهشيمة وصلاح دياب ومحمد أبوالعينين وحسن راتب وأيمن الجميل وأحمد بهجت، الذي أعلن عن تبرعه بـ30% من الأسهم المملوكة له في شركاته؟ رغم أن الرجل مدين للبنوك الحكومية بنحو 3.5 مليار جنيه لم يسددها منذ سنوات طويلة رغم أحكام القضاة الصادرة ضده؟
السؤال: أين ذهبت كل هذه المليارات التي صدعتنا بها الفضائيات ووسائل الإعلام على مدى أسابيع؟ والسؤال الأهم: هل صندوق تحيا مصر حقيقة أم فنكوش آخر من الفناكيش التي ملأت الساحة المصرية؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق