السبت، 27 ديسمبر 2014

أين جهاز الكفتة وصاحبه؟! بقلم: عامر شماخ

 أين جهاز الكفتة وصاحبه؟!
بقلم: عامر شماخ
مثلما يفعل الطغاة فى كل جيل؛ خرج علينا العسكر باختراع جديد، قالوا إنه يعالج الأمراض المستعصية التى فشل العالم المتحضر فى السيطرة عليها، وهو جهاز بسيط لا يعدو (سيخ حديد) فى نهايته مقبض يد بداخله أشياء لا يعرفها إلا من صمم هذا الجهاز الخدعة.
وقضية هذا الجهاز تمثلت فى: لما أراد الانقلابيون أن يستخفوا بمواطنيهم كما فعل أسلافهم فى الخمسينيات عندما ادعوا إنتاج أنواع مختلفة من الصواريخ القادرة على إزالة تل أبيب من الوجود، وفى الواقع لم يكونوا يستطيعون إنتاج (إبرة خياطة) فى ورشهم ومصانعهم المتهالكة.. خرجوا علينا بهذا الاختراع (الخيالى)، ولغبائهم لم يعلموا أن الدنيا تغيرت وأن ثورة الاتصال التى تقدم جديدًا كل ثانية قد جعلت العالم قرية صغيرة، فلم يعد بإمكانهم ممارسة سحرهم الأسود على المصريين وإقناعهم أن فى جعبتهم الخير الوفير كما ادعاه الفراعنة قديمًا وحديثًا.
اختفى جهاز الكفتة، كما اختفى صاحبه، واختفى نفر يدّعون أنهم أساتذة بالجامعة كانوا يثنون على الجهاز ويعتبرونه (ثورة العصر).. اختفى هؤلاء جميعًا بأمر العسكر بعد الفضيحة التى سمع بها القاصى والدانى، فى البداية أعطوا موعدًا لتشغيل الجهاز واستقبال المرضى ثم أخلفوه لما طالتهم الألسنة وضحكت عليهم الدنيا، فأجلوا هذا الموعد ستة أشهر، ولكى لا يقعوا فى الفخ الذى أرادوا نصبه للشعب المسكين أجلوا الموعد ستة أشهر أخرى تنتهى فى منتصف 2015، وهذه فرصة كى ينسى الناس هذا الجهاز وينسوا صاحبه، فتتلاشى الفضيحة ليبحثوا عن وسيلة جديدة للنصب على المواطنين، بعدما انكشفت سوءتهم بسبب هذا الجهاز، وبعد تنبه الناس إلى النصب الواضح فى مشروع المليون وحدة سكنية، ومشروع قناة السويس (العظيم!!).
ليس هناك طاغية مستبد إلا ومعه فريق من (النصابين) ممن يجيدون أمور التزييف والخداع، حيث يقوم بهذا الدور الآن شركات دعاية كبيرة لا تزيد على كونها أدوات تغرير وقلب للحقائق والأحداث، ولا يستطيع هذا الطاغية أو ذاك العيش دون هذا الفريق، ولولاه لانفض سامره فلم يعد فى سدة الحكم ولم يعد له ذكر، خصوصًا أنه عديم المواهب، قليل الحياء فارغ العقل مريض النفس. أما النصابون فلا يستطيعون العمل إلا إذا كان هناك قدر من الجهل بين الناس يسمح لهم بممارسة أعمالهم التى لا تستند إلى منطق دون أن يناقشهم فيها أحد -وإلا فسد عملهم وخاب سعيهم وانكشفت حيلهم، ولذلك لم نسمع أن أحدًا من آل فرعون ناقشه فيما يقول أو يفعل، ولقد ظل فرعون يرقى نفسه من رتبة إلى أخرى حتى جعل نفسه إلهًا- وهم يصدقونه؛ لجهلهم وغبائهم وفسقهم، كما وصفهم الله تعالى.
ما يلزم الفرعون وفريقه من النصابين قوة باطشة، تخرس الألسنة الناطقة بالحقيقة، وتسكت من يتهمهم بمجاوزة المعقول، ومن شذ على ذلك تصب عليه لعنات الفراعنة ومن يعيشون على فتاتهم.. وهذا وقع بالفعل بعد ظهور (جهاز الكفتة) إذ أخرست ألسنة الإعلاميين التابعين لهم ممن تحدثوا عن الجهاز، وهدد الآخرون بالمصير نفسه، فلا أحد منهم يتطرق إليه من قريب أو بعيد، رغم علمهم جميعًا ما فى هذا (الاختراع) من استخفاف.
قد يسأل سائل: ألا يعلم هؤلاء أنهم يستخفون بأنفسهم قبل أن يستخفوا بنا؟.. أقول: هؤلاء لا يعنيهم سوى مصالحهم، ولا ينظرون إلى ما ينظر إليه الشرفاء، بل أجزم أنهم لا يرون الحق، ولا يعرفون المنطق، وقد أعمى الله أبصارهم وبصائرهم عن الخير، فهم يعبدون هواهم ويسيرون سراعًا خلف ملذاتهم وشهواتهم، ما يجعلهم عبيدًا أوفياء لتلك المصالح والشهوات ولو على حساب دينهم ووطنهم.
إن العلم نور، والدين حياة، والمستبد جاهل فاقد للعلم، خلو من الدين والضمير، فقد عقله فلم يعد يفكر رغم ما ركب الله فيه من أعضاء تميزه عن الدابة، ولو شاغف الدين قلبه لتحول -بفضل الله- إلى كيان آخر ينطق بالنور ويتوهج بالفكر، وفى عمر بن الخطاب المثل؛ لقد كان فى الجاهلية جبارًا عنيدًا، يعبد الحجارة والأصنام كما يعبدها قومه، بل كان يعبد إلهًا من العجوة!! وهذا الشخص نفسه هو من حفر اسمه فى التاريخ حفرًا، وعُلم منه الإيمان والإقدام والشجاعة والحق والعدل ما لم يُعلم إلا من الرسل والأنبياء، ذلك لأنه اهتدى بنور الله وسار على الطريق الموصلة إلى الهدى والرشاد.
أقول هذا لأعلل أن الضلال الذى وصل إليه الانقلابيون، بسبب زيغهم عن الحق، وتماديهم فى الباطل -نسأل الله أن يهديهم، فإن سبق فى علمه ألا يهتدوا أن يرينا فيهم آية مثل آية فرعون عند هلاكه.. آمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق