وائل قنديل
أجمل هزيمة
خسر المنصف المرزوقي سباق
رئاسة تونس، بعد عملية انتخابيةٍ
محملةٍ بفيروسات دولية وإقليمية،
جرت في طقس سياسي شديد
التلوث، لكنه فاز عن جدارة
واستحقاق برئاسة جمهورية
الضمير العربي. كان المرزوقي
يحارب وحده معركة الدفاع عن الربيع
العربي، فيما انشغل الرفاق والشركاء
بالصفقات والمواءمات والفتات
المتساقط من كعكة الحرب على
الإرهاب. أجمل ما في هزيمة المنصف
المرزوقي، التي هي أجمل هزيمة على
الإطلاق، أنه لم يتنازل لحظة عن
كونه مواطناً منتميا لثورة، كانت أول
فرحة العرب بالانعتاق من حظائر
الاستبداد والفساد والقمع والتبعية..
حكم تونس كرئيس مؤقت بوجدان
الثائر، وخاض نزالاً عنيفاً، وحده، مع
جحافل الدولة العميقة العائدة فوق
بوارج التحالف الدولي، بروح الثورة
أيضاً.
لقد كانت أفئدة الملايين من جماهير
الثورات العربية معلقة بصندوق
الانتخابات التونسي، تنتظر بين
اليأس والرجاء البشرى السارة
التي تكفكف دمع الربيع المجروح
في مصر وسورية واليمن وليبيا،
وهي تعلم أن المعركة ليست بين
الثورة والثورة المضادة فقط، بل بين
رياح التغيير من جانب وعواصف
الصحاري المصنعة «أميركياً وناتوياً »
من جانب آخر، كان ثمة إدراك بأن
الحرب ليست متكافئة، لكنه الحلم
المجنح في أفق الربيع الممتد. إن
المنصف المرزوقي ومعسكره العربي
قد انتصرا في سباق القيمة والمبدأ،
وخسرا في ميدان الصفقة، ومن ثم لا
يمكن أن تصف حصيلة الانتخابات
التونسية إلا بأنها انتصار أخلاقي
وهزيمة مادية، وقد عبر عدنان
منصر، مدير حملة المرزوقي، عن
نتيجة السباق بكلمات ناصعة
بسيطة على صفحته الشخصية،
قائلا «الانتصار ألا تخون نفسك،
وقيماً رباك عليها الشرفاء. الانتصار
أن تجعل أبناءك يفخرون بما
ستتركه لهم، نفس عالية وإرادة
من صوان. الانتصار ألا تسقط
عندما يتساقط على الدرب آخرون،
الانتصار ألا تبيع عندما ينخرط في
البيع آخرون... ». كلمات مسؤول حملة
المرزوقي ينبغي أن تكون دستوراً
لكل عربي حالم بالتغيير، مستمسكاً
بالجوهر الحقيقي للثورة، وأظن أنها
تصلح نصيحة نموذجية لمن طالتهم
راجمات الإحباط في مصر، مع
التطورات الدرامية المثيرة في السياسة
الإقليمية والدولية خلال الساعات
الماضية، فالحاصل أن التحالف الدولي
المعادي للتغيير الديمقراطي في
الوطن العربي قد استجمع كل قواه،
وكثف من ضرباته العنيفة خلال
الساعات الماضية، في عملية «إنزال
دبلوماسي » لتثبيت النظام الصناعي
المزروع في مصر.
وإذا كان عنف الضربات قد أخذ
في طريقه «الجزيرة مباشر مصر ،»
فإن وعيا فطريا جميلاً لدى جموع
الثوار المصريين المناهضين للانقلاب
جعلهم يلفظون ما أراد «المارينز »
وضعه في حلوقهم من مرارة ضد
الدوحة وجزيرتها، فانهالت برقيات
الشكر لهما على دعم صمودهم
طوال الفترة الماضية. لقد أرادوا
حشو العقول والقلوب بقطران اليأس
والإحباط، ظناً بأنهم بذلك يصنعون
أجواء هزيمة نفسية لمناهضي
الثورات المضادة، فكان الرد رائعاً
وساطعاً وساخراً من أولئك الذين
أرادوها فرصة لإسدال الستار على
الحراك الثوري، للقفز سريعاً في
قطارات المفاوضات والصفقات
السرية والعلنية. إن أجمل ما كشفته
هذه الحملة الدولية على الإعلام،
المتمسك بمهنيته وإنسانيته، أنها
أكدت أن هناك وعيا جمعيا عميقا
بأن النصر والهزيمة لا يتدحرجان
من فوق الشاشات إلى الأرض،
بل يصعدان من التربة إلى الأثير..
فالثورة صوت والإعلام صدى، وعلى
ذلك أثق أن حركة الجماهير الواعية
نحو تحقيق حلم التغيير هي وحدها
الكفيلة بتحرير الإعلام من قبضة
القتلة السفاحين.
وباختصار شديد: خسر المرزوقي
رئاسة تونس، لكنه فاز بزعامة
جمهورية الضمير العربي..
أجمل هزيمة
خسر المنصف المرزوقي سباق
رئاسة تونس، بعد عملية انتخابيةٍ
محملةٍ بفيروسات دولية وإقليمية،
جرت في طقس سياسي شديد
التلوث، لكنه فاز عن جدارة
واستحقاق برئاسة جمهورية
الضمير العربي. كان المرزوقي
يحارب وحده معركة الدفاع عن الربيع
العربي، فيما انشغل الرفاق والشركاء
بالصفقات والمواءمات والفتات
المتساقط من كعكة الحرب على
الإرهاب. أجمل ما في هزيمة المنصف
المرزوقي، التي هي أجمل هزيمة على
الإطلاق، أنه لم يتنازل لحظة عن
كونه مواطناً منتميا لثورة، كانت أول
فرحة العرب بالانعتاق من حظائر
الاستبداد والفساد والقمع والتبعية..
حكم تونس كرئيس مؤقت بوجدان
الثائر، وخاض نزالاً عنيفاً، وحده، مع
جحافل الدولة العميقة العائدة فوق
بوارج التحالف الدولي، بروح الثورة
أيضاً.
لقد كانت أفئدة الملايين من جماهير
الثورات العربية معلقة بصندوق
الانتخابات التونسي، تنتظر بين
اليأس والرجاء البشرى السارة
التي تكفكف دمع الربيع المجروح
في مصر وسورية واليمن وليبيا،
وهي تعلم أن المعركة ليست بين
الثورة والثورة المضادة فقط، بل بين
رياح التغيير من جانب وعواصف
الصحاري المصنعة «أميركياً وناتوياً »
من جانب آخر، كان ثمة إدراك بأن
الحرب ليست متكافئة، لكنه الحلم
المجنح في أفق الربيع الممتد. إن
المنصف المرزوقي ومعسكره العربي
قد انتصرا في سباق القيمة والمبدأ،
وخسرا في ميدان الصفقة، ومن ثم لا
يمكن أن تصف حصيلة الانتخابات
التونسية إلا بأنها انتصار أخلاقي
وهزيمة مادية، وقد عبر عدنان
منصر، مدير حملة المرزوقي، عن
نتيجة السباق بكلمات ناصعة
بسيطة على صفحته الشخصية،
قائلا «الانتصار ألا تخون نفسك،
وقيماً رباك عليها الشرفاء. الانتصار
أن تجعل أبناءك يفخرون بما
ستتركه لهم، نفس عالية وإرادة
من صوان. الانتصار ألا تسقط
عندما يتساقط على الدرب آخرون،
الانتصار ألا تبيع عندما ينخرط في
البيع آخرون... ». كلمات مسؤول حملة
المرزوقي ينبغي أن تكون دستوراً
لكل عربي حالم بالتغيير، مستمسكاً
بالجوهر الحقيقي للثورة، وأظن أنها
تصلح نصيحة نموذجية لمن طالتهم
راجمات الإحباط في مصر، مع
التطورات الدرامية المثيرة في السياسة
الإقليمية والدولية خلال الساعات
الماضية، فالحاصل أن التحالف الدولي
المعادي للتغيير الديمقراطي في
الوطن العربي قد استجمع كل قواه،
وكثف من ضرباته العنيفة خلال
الساعات الماضية، في عملية «إنزال
دبلوماسي » لتثبيت النظام الصناعي
المزروع في مصر.
وإذا كان عنف الضربات قد أخذ
في طريقه «الجزيرة مباشر مصر ،»
فإن وعيا فطريا جميلاً لدى جموع
الثوار المصريين المناهضين للانقلاب
جعلهم يلفظون ما أراد «المارينز »
وضعه في حلوقهم من مرارة ضد
الدوحة وجزيرتها، فانهالت برقيات
الشكر لهما على دعم صمودهم
طوال الفترة الماضية. لقد أرادوا
حشو العقول والقلوب بقطران اليأس
والإحباط، ظناً بأنهم بذلك يصنعون
أجواء هزيمة نفسية لمناهضي
الثورات المضادة، فكان الرد رائعاً
وساطعاً وساخراً من أولئك الذين
أرادوها فرصة لإسدال الستار على
الحراك الثوري، للقفز سريعاً في
قطارات المفاوضات والصفقات
السرية والعلنية. إن أجمل ما كشفته
هذه الحملة الدولية على الإعلام،
المتمسك بمهنيته وإنسانيته، أنها
أكدت أن هناك وعيا جمعيا عميقا
بأن النصر والهزيمة لا يتدحرجان
من فوق الشاشات إلى الأرض،
بل يصعدان من التربة إلى الأثير..
فالثورة صوت والإعلام صدى، وعلى
ذلك أثق أن حركة الجماهير الواعية
نحو تحقيق حلم التغيير هي وحدها
الكفيلة بتحرير الإعلام من قبضة
القتلة السفاحين.
وباختصار شديد: خسر المرزوقي
رئاسة تونس، لكنه فاز بزعامة
جمهورية الضمير العربي..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق