عروبة مصر المذبوحة كدجاجة مستوردة
بقلم: وائل قنديل
لم يحدث أن أهين منصب "رئيس مصر" في
تاريخها كله، كما هو الحال مع عبدالفتاح السيسي.. هذا الشخص هبط بمستوى
حاكم أكبر دولة عربية إلى ما دون التسول والسمسرة، وبيع المعنى والقيمة
والمكانة، لمن يملك الثمن.
ما جرى في زيارته الإمارات مثير للحزن والأسى، على وطن كبير، يقوده مجموعة من الصغار الذين لا يحسب حسابهم أحد، والمحزن أكثر أن أكبر صغاره لم يعد يستشعر الحرج، أو الإهانة، لم يعد يجرح كبرياءه، أو يخدش كرامته شيء، لأنه، وببساطة شديدة، أسقط هاتين المفردتين من قاموس الحياة المصرية المعاصرة.
ليس الأمر مناسبة للشماتة والتشفي، أو السخرية من المدمنين على تعاطي الإهانات، وإنما هي لحظة للبكاء على اسم وطن، بات مرتبطًا بأشخاص يبتذلونه في الداخل والخارج، ومن ثم أصبح واجب الوقت تحرير الوطن من هذا الربط المتعسف بينه وبين من يسقونه كؤوس المهانة، أينما حلوا.
هم لا يبتذلون الوطن، فقط، لكنهم يهينون معنى المواطنة، ويمارسون تكفيرًا يوميًا بها، سواء من خلال سياسات وإجراءات لا ترى في المواطنين أكثر من زبائن لبضاعتهم الفاسدة، أو عبيد يسخرونهم بالسياط في ملكهم.
يهين عبدالفتاح السيسي الوطن، عندما يجعل عقيدته الأساسية التربح والتكسب بأي وسيلة، ابتزازًا أو تسولاً أو نشاطًا إجراميًا، بالأجر، لدى كل مشاريع الشر في العالم.
يضع نفسه تحت إمرة روسيا، ورهن إشارة إسرائيل، يتزلف إلى "الترامبية الصاعدة" في كل مكان في العالم، ومع كل خطوة يقطعها في هذا الاتجاه، يبتعد بمصر خطوتين، وأكثر عن كينونتها وهويتها وتاريخها، الأمر الذي ينبغي أن يشعر معه الذين تحمسوا لانقلابه بالخجل، كونهم برروا سقوطهم بأكذوبة الحفاظ على هوية مصر.
حري بذوي الأبصار والبصائر في هذه اللحظة الكئيبة أن يسألوا أنفسهم: ماذا جرى للهوية المصرية على يد جنرالهم المدلل؟! حدثونا عن مدنية دولة تحولت إلى دجاجة مجمدة، مستوردة، للبيع في ثلاجات العسكر، وبات الهتاف ضد حكم الجنرالات كافيًا لاقتياد صاحبه إلى جحيم الكفر بالوطن، وبالدين؟ طمئمنونا على مصر المدنية في لحظة باتت الشكوى من نار الغلاء "العسكري" أقرب طريق إلى الاتهام بالإرهاب و"الأخونة".
أخبرونا عن مصر"العربية" وشيوخها وسلاطينها يعلنون على الملأ أن عدوها ليس المستعمر الصهيوني، وإنما هو الشقيق الفلسطيني المقاوم والأخ القطري والجار التركي.
ماذا عن مدنية دولة أصبح معارضوها مهددين، طوال الوقت، بتجريدهم من هويتهم الوطنية، وإسقاط الجنسية عنهم، ومصادرة حقهم في الكلام وفي السفر، والتحفظ على ما يملكون؟
على مدار الأسبوعيين الماضيين فقط، كان إسقاط الجنسية عن معارضي السيسي عنوانًا متكررًا في الصحف وعلى الشاشات، في حفاوة بالغة بدعاوى أصحاب توكيل الوطنية الرخيصة، على نحو بات مهينًا للقضاء المصري ذاته، الذي يجد نفسه مطالبًا بالنظر في نكات سخيفة ثقيلة الظل باعتبارها دعاوى قضائية، تسيء إلى القضاء أكثر من إساءتها للمدعى عليهم.
يذهب مضمون تقرير هيئة المفوضين التابعة لمجلس الدولة المصري، في هذا الشأن، إلى أن دعاوى إسقاط الجنسية صارت أشبه بممارسات التكفير في عصور الظلام، إذ يقول التقرير نصا "إن المحامي ليست له أي صفة أو مصلحة شخصية مباشرة لرفع الدعوى، ما جعلها تأخذ شكل دعوى الحسبة، لأنها تتضمن تدخلاً في صميم عمل واختصاص الجهة الإدارية التي أناط بها المشرع سلطة إسقاط الجنسية عن المواطنين، إذا توافرت حالات حددتها المادة 16 من قانون الجنسية، حماية لحق المواطنين في الجنسية، باعتباره حقًا طبيعيًا وأصيلاً من حقوق الإنسان".
تلك هي ملامح "الدولة المدنية" التي أقامها عبدالفتاح السيسي فوق أنقاض حلم ثورة يناير المحطمة، وسط تصفيق حاد من رموز المدنية الزائفة الذين برروا قتل الإنسان، وإحراق المعنى، واغتصاب الحقوق، من أجل إنقاذ هوية مصر من براثن حكم محمد مرسي و"الإخوان"، فكانت النتيجة أن شاهت الهوية.. وحلت الهاوية.
ما جرى في زيارته الإمارات مثير للحزن والأسى، على وطن كبير، يقوده مجموعة من الصغار الذين لا يحسب حسابهم أحد، والمحزن أكثر أن أكبر صغاره لم يعد يستشعر الحرج، أو الإهانة، لم يعد يجرح كبرياءه، أو يخدش كرامته شيء، لأنه، وببساطة شديدة، أسقط هاتين المفردتين من قاموس الحياة المصرية المعاصرة.
ليس الأمر مناسبة للشماتة والتشفي، أو السخرية من المدمنين على تعاطي الإهانات، وإنما هي لحظة للبكاء على اسم وطن، بات مرتبطًا بأشخاص يبتذلونه في الداخل والخارج، ومن ثم أصبح واجب الوقت تحرير الوطن من هذا الربط المتعسف بينه وبين من يسقونه كؤوس المهانة، أينما حلوا.
هم لا يبتذلون الوطن، فقط، لكنهم يهينون معنى المواطنة، ويمارسون تكفيرًا يوميًا بها، سواء من خلال سياسات وإجراءات لا ترى في المواطنين أكثر من زبائن لبضاعتهم الفاسدة، أو عبيد يسخرونهم بالسياط في ملكهم.
يهين عبدالفتاح السيسي الوطن، عندما يجعل عقيدته الأساسية التربح والتكسب بأي وسيلة، ابتزازًا أو تسولاً أو نشاطًا إجراميًا، بالأجر، لدى كل مشاريع الشر في العالم.
يضع نفسه تحت إمرة روسيا، ورهن إشارة إسرائيل، يتزلف إلى "الترامبية الصاعدة" في كل مكان في العالم، ومع كل خطوة يقطعها في هذا الاتجاه، يبتعد بمصر خطوتين، وأكثر عن كينونتها وهويتها وتاريخها، الأمر الذي ينبغي أن يشعر معه الذين تحمسوا لانقلابه بالخجل، كونهم برروا سقوطهم بأكذوبة الحفاظ على هوية مصر.
حري بذوي الأبصار والبصائر في هذه اللحظة الكئيبة أن يسألوا أنفسهم: ماذا جرى للهوية المصرية على يد جنرالهم المدلل؟! حدثونا عن مدنية دولة تحولت إلى دجاجة مجمدة، مستوردة، للبيع في ثلاجات العسكر، وبات الهتاف ضد حكم الجنرالات كافيًا لاقتياد صاحبه إلى جحيم الكفر بالوطن، وبالدين؟ طمئمنونا على مصر المدنية في لحظة باتت الشكوى من نار الغلاء "العسكري" أقرب طريق إلى الاتهام بالإرهاب و"الأخونة".
أخبرونا عن مصر"العربية" وشيوخها وسلاطينها يعلنون على الملأ أن عدوها ليس المستعمر الصهيوني، وإنما هو الشقيق الفلسطيني المقاوم والأخ القطري والجار التركي.
ماذا عن مدنية دولة أصبح معارضوها مهددين، طوال الوقت، بتجريدهم من هويتهم الوطنية، وإسقاط الجنسية عنهم، ومصادرة حقهم في الكلام وفي السفر، والتحفظ على ما يملكون؟
على مدار الأسبوعيين الماضيين فقط، كان إسقاط الجنسية عن معارضي السيسي عنوانًا متكررًا في الصحف وعلى الشاشات، في حفاوة بالغة بدعاوى أصحاب توكيل الوطنية الرخيصة، على نحو بات مهينًا للقضاء المصري ذاته، الذي يجد نفسه مطالبًا بالنظر في نكات سخيفة ثقيلة الظل باعتبارها دعاوى قضائية، تسيء إلى القضاء أكثر من إساءتها للمدعى عليهم.
يذهب مضمون تقرير هيئة المفوضين التابعة لمجلس الدولة المصري، في هذا الشأن، إلى أن دعاوى إسقاط الجنسية صارت أشبه بممارسات التكفير في عصور الظلام، إذ يقول التقرير نصا "إن المحامي ليست له أي صفة أو مصلحة شخصية مباشرة لرفع الدعوى، ما جعلها تأخذ شكل دعوى الحسبة، لأنها تتضمن تدخلاً في صميم عمل واختصاص الجهة الإدارية التي أناط بها المشرع سلطة إسقاط الجنسية عن المواطنين، إذا توافرت حالات حددتها المادة 16 من قانون الجنسية، حماية لحق المواطنين في الجنسية، باعتباره حقًا طبيعيًا وأصيلاً من حقوق الإنسان".
تلك هي ملامح "الدولة المدنية" التي أقامها عبدالفتاح السيسي فوق أنقاض حلم ثورة يناير المحطمة، وسط تصفيق حاد من رموز المدنية الزائفة الذين برروا قتل الإنسان، وإحراق المعنى، واغتصاب الحقوق، من أجل إنقاذ هوية مصر من براثن حكم محمد مرسي و"الإخوان"، فكانت النتيجة أن شاهت الهوية.. وحلت الهاوية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق