تأميم الحقيقة في مصر
بقانون "التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام" صناعة أمنية
06/12/2016
بعد سلسلة من التضييقات والكبت لقمع الحقيقة اتساقًا مع فلسفة قائد الانقلاب العسكري "ما تسمعوش حد غيري أنا"، تبع ذلك إغلاق عشرات القنوات التلفزيونية والصحف والمواقع الإلكترونية واعتقال مئات الصحفيين وتلفيق القضايا للباقين من أجل أخراس صوت الإعلام الحر والاكتفاء بمجموعة المطبلين الذين يديرهم عباس كامل بالترامادول والفضائح.
وفي شبة الدولة المصرية، تظل الكلمة الأولى والأخيرة لأجهزة الأمن، التي بيدها مقاليد الأمور التشريعية والتنفيذية وأيضا القضائية.
حيث مرر مجلس نواب الدم مشروع قانون التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام، مساء أمس الاثنين، والذي يتضمن تشكيل مجلس أعلى لتنظيم الإعلام، وهيئة وطنية للصحافة، وأخرى للإعلام، من دون إدخال تعديلات جوهرية على القانون المقدم من الحكومة، بدلاً من مشروع "الإعلام الموحد" الذي عمل على صياغته لجنة من 50 عضوًا على مدار العامين الماضيين.
وألقت أجهزة عبدالفتاح السيسي الاستخباراتية بمشروع "الإعلام الموحد"، الذي أعدته "اللجنة الوطنية لصياغة مشروعات القوانين الصحافية والإعلامية" في أقرب سلة مهملات، واستبدلته بمشروع آخر يمنح السيسي سلطة تعيين رؤساء الهيئات الصحافية والإعلامية، لوضع قانون آخر بتنظيم العمل الإعلامي، وفق ضوابط وشروط مقيدة لحرية الرأي والتعبير.
وقاطع ممثلو نقيب الصحافيين، يحيى قلاش، والأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة، صلاح عيسى، جلسات الاستماع الشكلية للجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب بشأن قانون الهيئات، التي بدأت أول من أمس الأحد، اعتراضًا على القانون الجديد، وتجاهل برلمان العسكر (الموالي للأجهزة الاستخباراتية) لمشروع الإعلام الموحد، الذي أعد نصوصه رموز الجماعة الصحافية.
كما أقرت اللجنة، أمس الاثنين، مشروع القانون، في اجتماع مغلق بعد أن مررت 89 مادة دفعة واحدة، وبعد منع الصحفيين من حضور الاجتماع.
نصوص القانون
ونص القانون الحكومي، الذي يحظى بتأييد واسع داخل اللجنة البرلمانية، ومعارضة صورية محدودة، على تشكيل الهيئات الصحافية والإعلامية الثلاث من 13 عضوا لكل منها، يختار رئيس الجمهورية ثلاثة منهم من ذوي الخبرة الصحافية والإعلامية، على أن يكون من بينهم رئيس المجلس أو الهيئة.
وبموجب القانون تحل الهيئة الوطنية للصحافة محل المجلس الأعلى للصحافة، وتؤول إليها ما له من حقوق، وما عليه من التزامات، وتحل الهيئة الوطنية للإعلام محل اتحاد الإذاعة والتلفزيون (ماسبيرو)، وتكون مدة رئاسة أو عضوية أي منهما 4 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة.
ونص القانون على إلغاء القانون رقم 13 لسنة 1979 في شأن اتحاد الإذاعة والتلفزيون، والباب الرابع من القانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة، على أن تصدر اللائحة التنفيذية له بقرار من رئيس مجلس الوزراء خلال 3 أشهر من تاريخ العمل به، بعد أخذ رأي الهيئات الثلاث عقب تشكيلها.
ويتشكل المجلس الأعلى للإعلام من 3 من ذوي الخبرة الصحافية أو الإعلامية أو الإدارية، يختارهم رئيس الجمهورية على أن يكون من بينهم رئيس الهيئة، وثلاثة يختارهم مجلس النواب من غير أعضائه، ونائب لرئيس مجلس الدولة، ورئيس جهاز حماية المنافسة، وممثل عن الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، واثنان من الصحافيين يختارهما مجلس النقابة، واثنان من الإعلاميين.
ويبدي المجلس الأعلى للإعلام الرأي في مشروعات القوانين الخاصة به، ويتلقى الإخطارات الخاصة بإنشاء الصحف، ويمنح التراخيص اللازمة لإنشاء وسائل الإعلام المسموع والمرئي والرقمي وتشغيلها، كما يضع الضوابط والمعايير اللازمة "لضمان التزام الوسائل والمؤسسات الإعلامية والصحافية بأصول المهنة وأخلاقياتها".
ويمنح المجلس التصاريح لممثلي الصحف، ووكالات الأنباء، ووسائل الإعلام الأجنبية، وتحديد نطاق عملها، وفقا للقواعد التي يضعها، والترخيص لشركات إعادة البث من مصر وإليها، وتحديد المقابل المالي لها بما لا يتجاوز خمسمائة ألف جنيه سنويًا.
فيما تشكل الهيئة الوطنية للإعلام من ثلاثة يختارهم رئيس الجمهورية، من بينهم رئيس الهيئة، واثنان يختارهما مجلس النواب من غير أعضائه، ونائب لرئيس مجلس الدولة، وممثلان عن وزارة المالية، والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، وأستاذ في الإعلام، وممثلان لنقابة الإعلاميين، وممثل عن الاتحاد العام للنقابات الفنية.
وتتشكل الهيئة الوطنية للصحافة من ثلاثة يختارهم رئيس الجمهورية، على أن يكون من بينهم رئيس الهيئة، وثلاثة يختارهم مجلس النواب من غير أعضائه، ونائب لرئيس مجلس الدولة، وممثل عن وزارة المالية، وأستاذ صحافة يختاره المجلس الأعلى للجامعات، واثنان من الصحافيين يختارهما مجلس النقابة، واثنان من العاملين في المؤسسات الصحافية القومية.
وتجتمع كل هيئة بدعوة من رئيسها مرة على الأقل كل شهر، وكلما دعت الحاجة إلى ذلك، ولا يصح الاجتماع إلا بحضور نصف أعضائها على الأقل، وتصدر قراراتها بأغلبية أصوات الأعضاء الحاضرين، وعند التساوي يرجح الجانب الذي منه الرئيس.
انتقادات
وبحسب صلاح عيسى الأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة تجاهل قانون الحكومة تجاهل شروط إصدار الجرائد ورأس المال المتوفر والجهات، وذلك أيضاً بالنسبة للقنوات والصحف، وتجاهل وضع الصحافة الإلكترونية ورأس المال المتوفر لإنشائها، مؤكدًا أن الفكرة الأساسية في تأخير مشروع القانون وتقديم آخر هي التخلص من الباب الخاص بحرية الصحافة.
وأكد أن الحكومة ادعت أن مجلس الدولة هو من قام بإدخال التعديلات الجديدة على القانون، لكن رئيس قسم التشريع في مجلس الدولة، المستشار أحمد أبوالعزم، نفى ذلك.
وقال المرصد العربي لحرية الإعلام، في بيان له، إن الحكومة المصرية تجاهلت مشروع القانون الموحد لتنظيم عمل الصحافة والإعلام الذي أعدته نخبة من أساتذة الإعلام وخبراء القانون الدستوري والصحافيين على مدار عام كامل.
كما تجاهلت إطلاع الجماعة الصحافية على التعديلات الجديدة التي قام بها قسم التشريع في مجلس الدولة، بعد سحب مشروع القانون خلال الشهور الماضية قبل إرساله إلى البرلمان، الأحد الماضي.
وتظل مِصْر حبيسة الأنفاس والحريات بأمر الأمن الذي يحرم الشعب حتى من معلومة حقيقية لأجل السيطرة عليه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق