البرادعي: السيسي احتجز الرئيس قبل إعلان الانقلاب ورفض خيار الانتخابات المبكرة
02/11/2016
نشرت الصفحة الرسمية لمحمد البرادعي على "فيس
بوك" بيانًا توضيحيًا عن الفترة التي قضاها نائبًا لعدلي منصور، الذي جاء
به المجلس العسكري كمحلل لقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي بعد انقلابه على
الرئيس الشرعي محمد مرسي.
وقال البرادعي إنه فوجئ في بداية اجتماع
الانقلاب يوم 3 يوليو 2013 ان رئيس الجمهورية "الدكتور محمد مرسي" كان قد
تم احتجازه بالفعل صباح ذلك اليوم من قبل القوات المسلحة دون أي علم مسبق
للقوى الوطنية.
وأكد البرادعى أن هذا الأجراء من جانب السيسي
هو الأمر الذي أدى إلى عدم مشاركة رئيس حزب الحرية والعدالة الذي كانت قد
تمت دعوته- فى الاجتماع ، أصبحت الخيارات المتاحة محدودة تمامًا وبالطبع لم
يعد من بينها إمكانية إجراء استفتاء على انتخابات مبكرة، رغم أن ذلك كان
هدف الاجتماع الأساسي.
وزعم أنه في ضوء وجود رئيس محتجز وملايين
محتشدة في الميادين أصبحت الأولوية بالنسبة له هي العمل على تجنب الاقتتال
الأهلي والحفاظ علي السلمية والتماسك المجتمعي من خلال خارطة طريق- تمت
صياغتها في عجالة- بنيت على افتراضات مختلفة بالكامل عن تطورات الأحداث بعد
ذلك.
وقال إن الطرح هو تعيين رئيس وزراء وحكومة
تتمتع “بجميع الصلاحيات لإدارة المرحلة الانتقالية”، انتخابات برلمانيه ثم
رئاسية مبكرة وكذلك – وهو الأهم – لجنة للمصالحة الوطنية.
وأكد: في ضوء ما تقدم فإن المشاركة في
المرحلة الانتقالية على هذا الأساس كممثل للقوى المدنية بهدف المساعدة
للخروج بالبلاد من منعطف خطير بأسلوب سلمي بقدر الإمكان.
وفيما يلي نص البيان كالتالي:
في ضوء الأكاذيب والانحطاط الأخلاقي الذي
تمارسه بعض وسائل الإعلام عن الفترة التي قبِلتُ فيها المشاركة في العمل
العام بصفة رسمية (١٤ يوليو- ١٤ أغسطس ٢٠١٣) فقد يكون هذا التوضيح الموجز
-في الوقت الحالي- مفيدا لسرد بعض الحقائق ووضعها في سياقها السليم، بعيدا
عن الإفك والتزوير.
١- عندما دعت القوات المسلحة ممثلي كافة
القوي السياسية إلى اجتماع بعد ظهر ٣ يوليو ٢٠١٣ كان المفهوم أنه اجتماع
لبحث الوضع المتفجر على الأرض نتيجة مطالب الجموع الغفيرة المحتشدة في كل
أنحاء مصر منذ ٣٠ يونيو إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، نظرا للاستقطاب الحاد
في البلاد الذي أصبح يهدد الوحدة الوطنية.
٢- عندما فوجئت في بداية الاجتماع أن رئيس
الجمهورية كان قد تم احتجازه بالفعل صباح ذلك اليوم من قبل القوات المسلحة
-دون أي علم مسبق للقوى الوطنية– وهو الأمر الذي أدى إلى عدم مشاركة رئيس
حزب الحرية والعدالة -الذي كانت قد تمت دعوته- في الاجتماع، أصبحت الخيارات
المتاحة محدودة تماماً، وبالطبع لم يعد من بينها إمكانية إجراء استفتاء
على انتخابات مبكرة.
٣- في ضوء هذا الأمر الواقع -رئيس محتجز
وملايين محتشدة في الميادين- أصبحت الأولوية بالنسبة لي هي العمل على تجنب
الاقتتال الأهلي والحفاظ على السلمية والتماسك المجتمعي من خلال خارطة طريق
-تمت صياغتها في عجالة- بُنيت على افتراضات مختلفة بالكامل عن تطورات
الأحداث بعد ذلك: رئيس وزراء وحكومة تتمتع "بجميع الصلاحيات لإدارة المرحلة
الانتقالية"، انتخابات برلمانيه ثم رئاسية مبكرة وكذلك -وهو الأهم- لجنة
للمصالحة الوطنية. وقد قبلتُ في ضوء ما تقدم أن أشارك في المرحلة
الانتقالية على هذا الأساس كممثل للقوى المدنية بهدف المساعدة للخروج
بالبلاد من منعطف خطير بأسلوب سلمي بقدر الإمكان.
٤- وبالتوازي مع خارطة الطريق فقد ساهمت
وغيري، بما في ذلك ممثلون لقوى عربية وأجنبية، في مساعٍ للوساطة مع مؤيدي
الرئيس السابق، بمعرفة وتوافق الجميع بما في ذلك ممثلو المجلس العسكري،
للتوصل إلى أُطر وتفاهمات لتجنب العنف الذي كان بدأ يتصاعد في اشتباكات بين
مؤيدي الرئيس السابق وقوات الأمن، والذي أدي إلى وقوع الكثير من الضحايا.
وقد كان الهدف أثناء وجودي في المنظومة الرسمية هو التوصل إلى صيغة تضمن
مشاركة "كافة أبناء الوطن وتياراته" في الحياة السياسية حسب ما جاء في بيان
٣ يوليو.
٥- ولكن للأسف، وبالرغم من التوصل إلى تقدم
ملموس نحو فض الاحتقان بأسلوب الحوار والذي استمر حتى يوم ١٣ اغسطس، فقد
أخذت الأمور منحى آخر تماما بعد استخدام القوة لفض الاعتصامات، وهو الأمر
الذي كنت قد اعترضتُ عليه قطعيًّا في داخل مجلس الدفاع الوطني، ليس فقط
لأسباب أخلاقية وإنما كذلك لوجود حلول سياسية شبه متفق عليها كان يمكن أن
تنقذ البلاد من الانجراف في دائرة مفرغة من العنف والانقسام وما يترتب على
ذلك من الانحراف بالثورة وخلق العقبات أمام تحقيقها لأهدافها.
٦- وقد أصبح واضحا لي الآن أن هذا الطريق كان
يخالف قناعات الكثيرين، وهو ما يفسر الهجوم الشرس عليّ من "الإعلام" وكذلك
التهديدات المباشرة التي وصلتني خلال الفترة القصيرة التي قبِلت فيها
المشاركة الرسمية في العمل العام؛ وذلك بسبب محاولاتي التوصل إلى حل سلمي
للأزمة السياسية. وبالطبع في ضوء ما تقدم من عنف وخداع وانحراف عن مسار
الثورة فقد كان من المستحيل عليّ الاستمرار في المشاركة في عملٍ عام يخالف
كل قناعتي ومبادئي، وخاصة قدسية الحياة وإعلاء قيمة الحرية والكرامة
الإنسانية، حتى وإن كان ذلك عكس التيار العام والهيستيريا السائدة في ذلك
الوقت.
٧- بعد أن قمت بتقديم استقالتي للأسباب التي
وردت بها وبدلا من احترام حقي في الاختلاف في أمر غير قابل للتفاوض بالنسبة
لي ولضميري، ازدادت حدة الهجوم الشرس عليّ من قِبل آلة إعلامية تقوم على
الإفك وتغييب العقول، وهو الهجوم الذي بدأ منذ أواخر عام ٢٠٠٩ عندما طالبت
بضرورة التغيير السياسي.
٨- وقد يكون أحد الأمثلة الصارخة في هذا
الشأن تسجيل وإذاعة مكالماتي الخاصة.. بالمخالفة لكل الدساتير والقوانين
والقيم الأخلاقية المتعارف عليها -باستثناء الأنظمة الفاشية- ومنها مكالمة
مع وزير أمريكي بعد قيام الثورة مباشرة أطلب منه أن تقوم حكومته بتقديم
مساعدات اقتصادية وتقنية لمصر وأن يبذلوا مساعيهم كذلك مع دول الخليج التي
أحجمت وقتها عن تقديم أي عون اقتصادي لمصر. وهذا الاتصال كان عقب اجتماعٍ
لي مع قيادات المجلس العسكري، ذُكر فيه الوضع الاقتصادي الحرج للبلاد، مما
أدى إلى أن أبدي أنا وغيري من الحاضرين ممن لهم علاقات خارجية الاستعداد
للاتصال بكل من نعرفهم طلبا للمساعدة. وقد قام الإعلام بإذاعة مكالمتي على
أنها تخابر مع المخابرات الأمريكية!! وبالطبع مازال مَن سجّلها وأمر
بإذاعتها –وهي بالضرورة أجهزة رسمية- بعيدا عن أية محاسبة، بالإضافة بالطبع
إلى مَن أذاعها.
٩- أحد الأمثلة الصارخة الأخرى هو الاستمرار
في تحريف وتشويه دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية فيما يتعلق بعملها في
التفتيش على برنامج العراق النووي بمقتضى قرارات مجلس الأمن، وهو العمل
الذي نال التقدير الجماعي من كافة الدول أعضاء الوكالة، بما فيها مصر،
باستثناء الولايات المتحدة وبريطانيا. وقد تعذر على تلك الدولتين نتيجة
تقارير الوكالة وكذلك تقارير لجنة الأمم المتحدة الخاصة بالتفتيش على
الأسلحة الكيمائية والبيولوجية التي ذكرت بوضوح أننا لم نجد أي دليل على
إحياء العراق لبرامج أسلحة الدمار الشامل، أدت هذه التقارير إلى تعذر حصول
تلك الدولتين على قرار من مجلس الأمن بمشروعية الحرب على العراق، مما أدى
إلى شنهما حربا غير شرعية مازلنا ندفع ثمنها حتى الآن. وقد أشاد الإعلام
المصري في هذا الوقت –مثله مثل باقي إعلام العالم- بدور الوكالة إلى أن
أعلنت ضرورة التغيير السياسي في مصر والذي على إثره تم تغيير التوجه
الإعلامي بالكامل (يمكن مراجعة موقف الإعلام المصري المخزي قبل وبعد ٢٠٠٩)
كما هو الحال بالنسبة لأكاذيب أخرى لا تعد ولا تحصى بالنسبة لشخصي استمرت
منذ نظام مبارك وحتى الآن دون انقطاع.
١٠- الأمر المحزن والمؤسف أن الكذب وتغييب
العقول استمر من كافة الأطراف وحتى الآن؛ فمن جانب هناك من يدّعي أنني
سافرت إلى الخارج قبل ٣٠ يونيو للترويج والتمهيد لعزل الرئيس السابق، وأنني
سافرت لإسرائيل، وأنه كانت هناك خطة من جانب الاتحاد الأوروبي لعزل الرئيس
السابق، وأنني كنت على اتصال بالمجلس العسكري في هذا الشأن.. بل وأنني كنت
على علم بقرار المجلس العسكري احتجاز الرئيس السابق، والذي –كما عرفت
لاحقا- سبقته مفاوضات بين المجلس العسكري والرئيس السابق وجماعته، تلك
المفاوضات التي لم يعنِ أحد من الطرفين بإخطار ممثلي القوى المدنية بها لعل
وعسى أنه كان قد يمكننا المساعدة في التوصل إلى حل مقبول للطرفين.
١١- ومن جانب آخر هناك من لا يزال يدّعي أنه
لم يكن هناك مسار واعد لفض الاعتصامات بأسلوب سلمي، وأنني وافقت في أي وقت
على قرار استخدام القوة لفض رابعة، وأنني كنت السبب في عدم التدخل المبكر
لفض الاعتصامات قبل أن يزداد الاحتقان، بل وصل الفُجْر بالادعاء زورا وجهلا
بأنني لا أدين الإرهاب والتطرف.
١٢- هناك الكثير الذي يمكنني أن أضيفه من
أمثلة على منهج الخداع والكذب واختطاف الثورة التي كنت شاهدا عليها، والتي
أدت بِنَا إلى ما نحن فيه، والتي تمنعني بالطبع مقتضيات الفترة الحرجة التي
يمر بها الوطن من الخوض فيها.
١٣- غنيٌ عن الذكر أن رأيي كان وما زال هو أن
مستقبل مصر يبقى مرهونا بالتوصل إلى صيغة للعدالة الانتقالية والسلم
المجتمعي، وأسلوب حكم يقوم على الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية
والعلم والعقل. حفظ الله مصر وشعبها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق