الأحد، 2 مارس 2014

مجدي حسين يكتب: النصر يقترب حثيثا .. ولابد من المصارحة


مجدي حسين يكتب:  النصر يقترب حثيثا .. ولابد من المصارحة

  
 

>>إقالة الببلاوى محاولة يائسة أخيرة لإنقاذ الانقلاب وستفشل من كل بد

>>الاضرابات والمظاهرات تحاصر الانقلاب .. وندعو أعضاء المجلس العسكرى لتسليم أنفسهم

>>نطالب الاخوان المسلمين ومجمل الحركة الاسلامية بإعلان البراءة من أمريكا واسرائيل .. والالتزام ببرنامج واضح للعدل الاجتماعى .. وهذه المواقف تعجل بالنصر


منذ أيام كتبت على الفيس بوك تعليقات قصيرة متتابعة : إن الإضرابات توسعت وتتجه للمزيد من التوسع وأنها ستكون الضربة القاصمة للانقلاب . منذ عدة أسابيع كتبت حول هذا المعنى وتوقعت لأسباب موضوعية تصاعد الاضرابات الفئوية والعمالية والمهنية . وأكدنا فى حزب الاستقلال أن الرقعة المؤيدة للانقلاب تتقلص بصورة متسارعة ، وأنها بلغت مؤخرا أقصى درجات التقلص ، وهذا هو أساس الجزم بالسقوط القريب للانقلاب . وجاءت إقالة حكومة الببلاوى مصداقا لهذا الكلام . فالقاصى والدانى يعلم أن الببلاوى طرطور كالطرطور الآخر ، وبالتالى فهو ليس مسئولا عن القرارات التى كانت تصدر ، بل كل القرارات الرئيسية فى كل الوزارات والمجالات كانت بموافقة أو توجيه المجلس العسكرى . وهو ماكان معمولا به فى عهد طنطاوى . وكان ولايزال هناك لواء معين من الجيش فى كل وزارة يتعين الحصول على موافقته على أى قرار . بل ويصل الأمر أحيانا إلى تعيين مسئول من الجيش فى كثير من المؤسسات المهمة وعلى رأسها الجامعات .  لا يتم ذلك بصورة معلنة ، ولكن العاملين فى الادارة العليا يعلمون . إذن فإن إقالة حكومة الببلاوى هى إعلان رسمى صريح بفشل الحكم العسكرى للبلاد على مدار 8 شهور وبحيث أوصل البلاد إلى كارثة اقتصادية لم تعرفها البلاد فى عصرها الحديث ولا حتى فى سنوات الاضطراب بين 2011 وحتى الآن .

ولكن الأمر يتجاوز الاقتصاد إلى حالة من الانهيار الشامل التى لم تعرفها البلاد فى العصر الحديث على الأقل ، فمصر تسيدت قاع الأمم بجدارة فى كل المناحى والمؤشرات ، وهذا إنجاز تاريخى ( بالمقلوب ) للعسكر ، فقد كان وضعنا منذ 3 سنوات فقط : ارفع راسك فوق أنت مصرى . وقد كان هذا بالتأكيد شعارا معنويا ، ولكنه كان أساسيا للانطلاق من حقبة مبارك السوداء ، ولكن العسكر عملوا أيام طنطاوى والسيسى على ضرب الكبرياء المصرى بالصعق الكهربائى وإعادة كافة فنون التعذيب وإضافة إبداعات عسكرية على رأسها كشف العذرية وحرق المواطنين أحياء وأمواتا ، وقصف الأهلين بالطائرات والمدفعية من وسط القاهرة إلى سيناء ، وإصطياد المتظاهرين بالجرينوف ومدافع 2ونصف بوصة ، والتوسع فى اعتقال مئات النساء والبنات وإساءة معاملتهن ( فى عهد مبارك لم تعتقل سوى فتاتين وتم الافراج عنهما فورا بعد الاضراب الذى نظمه حزب العمل فى جامع عمرو بن العاص ) كما توسع الانقلاب فى قتل واعتقال الأطفال وهذه ظاهرة لم تعرفها مصر.

إذن عدنا فى حقوق الانسان إلى تحت الصفر . وتم ضرب الانجاز الوحيد لثورة 25 يناير : وهو الحريات .

أما على صعيد وضع مصر الاقليمى والدولى فقد تحولت مصر إلى دولة منبوذة . لايعترف بها الاتحاد الافريقى ، وهى المنظمة التى لعبت مصر دورا أساسيا فى تأسيسها ! وأصبح الانقلابيون يتسولون لقاءا هنا أوهناك مع هذا المسئول العربى أو الافريقى أو الغربى . مصر الآن بفضل العسكر دولة بلا رئيس ، بلا مجلس وزراء ، بلا برلمان ، بلا قضاء ، بلا مجالس محلية ، بلا تعليم ( المدارس والجامعات مغلقة منذ أكثر من شهر ولا يعرف متى تستأنف ؟! ) ، وتتجه لتكون بلا نقابات ، حيث يواصل العسكر احتلال النقابة تلو الأخرى ، بل وحتى دولة بدون اتحاد كرة قدم يعترف الفيفا به بصورة مستقرة ، فالفيفا يصدر كل يوم بيانا يهدد بتجميد عضوية اتحاد الكرة . بطولة الجمباز تنقل من مصر إلى زيمبابوى . الحقيقة مصر أهينت فى عهد العسكر كما لم تهان حتى وهى فى ظل الاحتلال البريطانى . ووصل بنا الحال إلى تسول الملابس المستعملة من الامارات والكويت . وأن يعلن السيسى كل يوم والثانى شكره للامارات والسعودية لدعم مصر .. مصر التى كانت !!

والأمور بدأت تمس مسائل حياتية استراتيجية ، وهى حصة مصر من مياه النيل ، والعسكر يهزلون بالحديث عن امتلاكهم لخرائط تثبت أن ثلث أثيوبيا ملك لمصر، أو بالحديث عن اكتشاف علمى عالمى لعلاج الايدز والكبد الوبائى بأكل الكفتة ، وحدث هذا الهزل فى حضرة الطرطور والماريشال الاله ( السيسى ) . بدأنا نتشكك فى الحالة العقلية لقادة الانقلاب ، فهم ليسوا مجرد مستبدين ، فالمستبد يمكن أن يكون عاقلا وهذا قد يقلل من كوارثه ، ولكن مستبدا ومختلا عقليا ويمسك فى يده الرشاش ، فهذا أمر مروع إذا حصل فى الواقع وليس فى أفلام السنيما . والخلل العقلى يظهر فى أشياء عدة كحبس السيدات والشباب عامين بتهمة وضع شعار رابعة . ثم يصل الأمر إلى 11 و17 سنة كتهمة للتظاهر . والاعدام كعقوبة للتفكير فى أعمال العنف دون ارتكابها .

باختصار نحن أمام حالة من الانهيار المجتمعى الشامل ، والتى حولت مصر من نموذج يتحدث عنه العالم إلى أضحوكة العالم .

لص يشكل حكومة جديدة

ويزيد الطين مبلة ، ويؤكد أن الانقلاب فى حالة غيبوبة ، أو عجز شامل عن الرؤية ، أنه رشح محلب الفاسد رئيسا للوزراء ، ولسان حالهم يقول : نأسف فلم نجد أسوأ ولا أفسد من هذا الرجل !! وهذا يعطى مؤشرا على أن الانقلابيين هم أعداء أنفسهم ، ولايسمحون لأحد أن يساعدهم أو يؤيدهم أو يأمل فيهم خيرا . وهم يشنقون أنفسهم بأعمالهم ، ويقدمون أكبر المساعدات للتغيير الثورى الذى نسعى إليه . بل سعوا بشكل حثيث وواع للخلاص من جبهة 30 يونيو التى قدمت لهم الغطاء السياسى والاعلامى .

وبالتالى فإن هذا التعديل الوزارى الشكلى لا يغير شيئا ولا يقدم شيئا يستشف منه أن الانقلاب سيغير أداءه ، بالعكس لا نتوقع إلا الأسوأ ، لأن أزمة النظام العسكرى أكبر من الببلاوى الفاشل ، وستكون أكبر من أن يحلها صبى سوزان مبارك وهو محلب الذى كان مسئولا عن تطوير القصور الرئاسية تحت إشرافها ، وتحت إشراف اللص الأكبر ابراهيم سليمان وزير تعمير مبارك .

الانقلاب يتجه إلى الانهيار الشامل لأن الاضرابات الآن دخلت فى مرحلة القطاعات ، فلم يعد الاضراب فى هذا الموقع أو ذلك ، بل أصبحت فى قطاعات بأكملها : عمال النقل العام – سائقو الأجرة – وعمال السكة الحديد بدأوا يتأهبون . قطاع البريد . قطاع عمال النسيج . قطاع الشهر العقارى . قطاع المساحة . عمال النظافة . الأطباء . الصيادلة . أطباء الأسنان . البيطريون . العاملون والموظفون فى قطاع الصحة  الخ .

وإذا كانت معظم هذه الاضرابات لا ترفع فورا شعارات سياسية ، ولكنها فى جوهر الأمر هى إضرابات ضد آثار الانقلاب ، ورفضا لفشله ، فى وقت يرفع الانقلاب مرتبات العسكر والشرطة عدة مرات . ولاحظ أن من أسباب بعض هذه الاضرابات التأخر فى دفع المرتبات ، وهو ما يعكس حالة الانهيار الاقتصادى من كثرة طبع النقود بدون غطاء انتاجى . كما أن كل الأموال المستجلبة من السعودية والامارات تم صرفها فى النفقات الجارية والسرقة ، وانتهت ، كما تم القضاء على وديعة حرب الخليج وهى بأكثر من 40 مليار جنيه . وكل مالدينا من احتياطى نقدى محدود هو مجرد سلفيات مطلوب سدادها ، وهى بفوائد .

وتنضم موجة الاضرابات العامة القطاعية إلى التظاهرالسياسى المباشر ، والاشتباك الشعبى المستمر مع الشرطة التى أصبحت أكثر ضعفا وانهزاما وانكفاءا ، ولا تحتفظ بتماسكها إلا بالرصاص الحى .

المهم أننا فى لحظة تستدعى الهجوم  للمزيد من محاصرة الانقلاب ، ودفعه إلى التسليم ، بالمزيد من المظاهرات المليونية التى لابد أن تكون مكثفة فى وسط العاصمة . وأى إسراف فى ضرب النار على المتظاهرين سيشعل الأوضاع أكثر فى البلاد ، لأن هذا الانقلاب لم يعد له أرضية فى الشارع الآن . قلت من قبل إن حوالى 80 % من الشعب الآن ضد الانقلاب . وأن حوالى 50 % منهم يؤيد عودة الشرعية بشكل صريح . ومهمتنا أن نقنع ال 30 % هذه بالبديل الثورى المتكامل . وهذا ما يعجل بإسقاط الانقلاب .

مراجعة موقف الاخوان ضرورة

وإننا نقترب من النصر بإذن الله ، فإن المراجعة الأمينة لمواقف الاخوان المسلمين ومجمل الحركة الاسلامية أصبحت ضرورة ولا تحتمل الـتأجيل . نحن وقفنا بصلابة ضد كل مافعله العسكر ضد حكم مرسى والاخوان ، وسنظل نقف بذات الصلابة مع الحق وضد شيطنة أى مواطن أو اتجاه أو تنظيم ومن باب أولى أى اسلامى أو تنظيم اسلامى ، وفى نفس الوقت فإننا نطرح خلافاتنا بنفس الصراحة والقوة لأننا نتحدث عن مصير أمة ولا نتحدث عن خلافات شخصية أو تنظيمية . وقد ناصرنا الاخوان المسلمين فى محنتهم حتى ظن الناس أننا تابعون للاخوان المسلمين كتنظيم . واتهمنا البعض من خصوم الاخوان بأننا ملكيون أكثر من الملك ، وأننا ناصرنا الاخوان أكثر من نصرتهم لأنفسهم ، خاصة فى مجال الهجوم على العسكرالانقلابيين ، والحقيقة فقد كنا نعبر عن موقفنا ، ولا نجامل الاخوان المسلمين . ولا شك أننا خففنا فى الشهور الأخيرة انتقاداتنا للاخوان لأن قياداتهم فى السجون وكثيرا من أعضائهم ، ويتعرضون لإتهامات باطلة ، و لمعاملة سيئة ، ولن نغير موقفنا المناهض لأى ظلم لأن هذا جزء من قيمنا ومعتقداتنا  . ولكننا بعد أن قطعنا الشوط الأكبر والأعظم فى كسر الانقلاب ، واقتربنا من النصر ، فإن السؤال الأهم هو : ماذا بعد ؟ ماذا بعد سقوط الانقلاب ، ولن نقع مرة أخرى فى نفس الخية ، حين قلنا المهم أن يسقط مبارك ، ثم نبحث بعد ذلك ماذا نفعل ، فكانت النتيجة هى المأساة التى عاشتها الثورة على مدار 3 سنوات . ولايمكن أن ننتظر حتى يخرج قادة الاخوان وكل أعضائهم من السجن ، فهذا عندما سيحدث بإذن الله سيكون أمر السلطة قد حسم ، وبالتالى تكون أى مناقشات حول جدول أعمال البلاد فيما يتعلق بأوضاع السلطة قد انتهت بالفعل . إما بمساومة ما أو بعودة الاخوان إلى نفس النقطة التى كانوا واقفين عندها . وفى الحالتين سيكون الوضع مأسويا .

بل نرى ضرورة أن تتفق الحركة الاسلامية وكل القوى الوطنية الرافضة للانقلاب على جدول الأعمال السياسى من الآن ، وهذا هو الذى سيحشد الجماهير المذبذبة أو التى هى على الحياد بين القطبين المتصارعين . وقد دعونا لذلك مرارا ، دعونا إلى تشكيل مجلس لقيادة الثورة ، وطرحنا مشروع برنامج لهذا المجلس ( وثيقة العدالة والاستقلال ) ولم يوقع عليها عدا آلاف المواطنين ، من التنظيمات سوى : جبهة علماء الأزهر . ونعيد نشرها فى هذا العدد . وما نطرحه فى هذه الوثيقة لا يتعارض مع عودة الشرعية ولكن يضع سياقا جديدا لحركة الثورة التى هزمت فى جولتها الأولى بسبب إهمالها المتعمد بحسن أو بسوء نية  لقضية الاستقلال . وطالبنا الرئيس مرسى أن يقود بنفسه هذا التحول ، ولكن لايبدو لا سيادته ولا الاخوان يريدون أن يغيروا سياستهم رغم كل ماحدث لهم وحدث لمصر .

نظرة الاخوان للمحنة

ترى قيادة الاخوان أولا : أنها كانت تسير على خير مايرام فى التعامل مع الثورة ، فيما عدا أخطاء البشر العادية حيث لايوجد بشر لايخطىء ، ولكن لم تكن هناك أخطاء فى السياسات .

ثانيا : بعض الاخوان قدموا اعتذارات عن سلوك الاخوان مع القوى الثورية ، ولكن مكتب الارشاد عاد وسحب هذه الاعتذارات باعتبارها مواقف شخصية لأن الاخوان لم يخطئوا فى شىء . والحقيقة أن الاخوان وخصومهم العلمانيين يختلفون فى أمور هامشية ، مثل حكاية موقف الاخوان من مظاهرات محمد محمود ، والتى تحولت إلى نكتة شهيرة على الفيس بوك ( الاخوان خانونا فى محمد محمود  !!) . أرى أن موقف الاخوان فى محمد محمود كان صحيحا  ، لأن مظاهرات محمد محمود ومجلس الوزراء كانت تريد وقف الانتخابات التشريعية والتركيز على إسقاط الحكومة لا المجلس العسكرى . وكان رأينا فى حزب الاستقلال أن الاسراع بتسليم السلطة  للخلاص من العسكر هو الموقف الأكثر إلحاحا وقد وزعنا بيانات بهذا المعنى فى ميدان التحرير أثناء هذه الأحداث . إن مشكلة الثورة الحقيقية أن الاخوان كأكبر قوة سياسية لم يقودوا الشعب للخلاص من حكم العسكر وتطهير الشرطة والقضاء والاعلام ، وانشغلوا بالوصول للحكم بأى ثمن وبأسرع وقت . وعقدوا توافقا ثنائيا مع العسكر ، وكانوا فى منتهى التفاهم فى الشهور الاولى بعد إسقاط مبارك . ورأينا فى حزب الاستقلال أننا قد نكون مخطئين ، وقد يكون الاخوان على حق وأن طريقتهم فى التدرج ربما تنفع ، ولكننا اكتشفنا عدم صحة ذلك .

ثالثا :  قيادة الاخوان تتصرف على أساس أن الانقلاب العسكرى كان خيانة من السيسى وزمرة معه ، والانقلاب مجرد صخرة اعترضت طريقهم ، يعملون على إزاحتها ، ثم يواصلون طريقهم من حيث توقفوا ، خاصة فى مجال العلاقات الدولية والاقليمية . ورغم أن مكتب الارشاد يعلم علم اليقين أن أمريكا وبريطانيا قادا التآمر علي الاخوان ، وأنهما إستخدما حكام الامارات والسعودية والكويت ، وهذا ماقاله المرشد مرارا لبعض زواره قبل الانقلاب، إلا أن قيادة الاخوان لاتريد أن تجاهر بالعداء لأمريكا أبدا ، وتتحدث مع أمريكا كما ذكرت بلغة العتاب ( بقى الود مابقى العتاب ). وهم لايوافقون  على أن مشكلة مصر الأولى أنها أضحت مستعمرة اسرائيلية أمريكية فى عهد مبارك وأن مفتاح الانطلاق والتقدم واستعادة الروح للبلاد ، يكمن فى تحرير مصر من هذه العبودية ، وصك العبودية : كامب ديفيد . وسيقولون لك سرا : كلامك صحيح ولكن لابد من التدرج . ومنطق التدرج لا يتناسب مع الثورات التحررية من العبودية للداخل والخارج . وكما ذكرت فإن هناك تشابك فى الحسابات بين التنظيم الدولى للاخوان وأمريكا وأوروبا  يحد من حرية حركة إخوان مصر . ومصر يجب ألا تدفع ثمن هذه الحسابات . بل وصل الأمرإلى أن الاخوان لايريدون حتى أن يستفيدوا من حزب الاستقلال كورقة ضغط ضد أمريكا . كما رفضوا أن يستفيدوا من موقف حزبنا ضد مبارك . ويرون أن مواقفنا محض تطرف غير مفيد .

وفى واقع الأمر إنك لن تستطيع أن تخدع أمريكا أو اسرائيل ، عندما تقول فى الغرف المغلقة أنا أريد أن أتمسكن حتى أتمكن ، وأمامنا من 4 إلى 5 سنوات  حتى استقل عنهما . لأن لسان حالك يفضحك حين تقول أنك تريد أن تركز على التنمية ، وترفض تعميق العلاقات مع اسرائيل . هذا معناه أنك تريد أن تقوى حتى تقطع العلاقات معها . وإليكم هذه القصة الحقيقية ، لأن عبد الناصر كان يتحدث بنفس الأسلوب الاخوانى الحالى وهو أمر لم يرح الاسرائيليين :

فى ديسمبر 1952 أى بعد ثورة يوليو بشهور زار مصر ريتشارد كروسمان النائب والوزير البريطانى السابق وقابل جمال عبد الناصر ، ثم سافر لاسرائيل ، وعاد له بعد أسبوع وقال له :

( إن بن جوريون رئيس وزراء اسرائيل سألنى عن نواياك تجاه اسرائيل . قلت له :  إننى فهمت منك أن اسرائيل ليست ضمن أولوياتك الملحة الآن وأنك تركز جهدك فى الوقت الحالى على الخلاص من – أى الانجليز – وعلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية فى مصر . وعندما سمع منى ذلك قال : هذه أسوأ معلومات سمعتها فى الشهور الأخيرة ) . من كتاب عبد الناصر – هشام خضر .

إن حوارا شبيها بهذا حدث بين كثير من المسئولين الأمريكيين ومرسى ، وتم نقل الحوار إلى نتنياهو ولاشك أنه قال نفس كلام بن جورين : (هذه أسوأ معلومات سمعتها فى الشهور الأخيرة !!) الدول الغربية ولا أقول اليهود وحدهم ليسوا بلهاء كى تضحك عليهم . فإما أن تعمل معهم وتحت سيطرتهم أو تواجههم ، ولكنك لن تخدعهم . مجرد أن تقول إن اسرائيل ليست فى أولوياتى وأنا أريد أن أبنى مصر ، فدور أمريكا واسرائيل أن يحطما محاولاتك لبناء مصر قبل أن تقوى وتتحداهما !

لن نعود لأحوالنا قبل 30 يونيو فى مجال العلاقات مع أمريكا واسرائيل وصندوق النقد ، وسنقاتل سياسيا ضد هذا ، ونطالب كل الاسلاميين أن يجيبوا على هذا السؤال من الآن لأنه يتعلق بقضية عقائدية أساسية : هى الولاء والبراء ، وهى مانسميه الآن الاستقلال ، ويتعلق أيضا بقضية العدالة الاجتماعية ، لأن العلاقات الاقتصادية مع أمريكا تقوم على أساس الخصخصة ومواصلة تدمير القطاع العام وإلغاء الدعم ، ورفع الاسعار ، والاعتماد على القروض والمنح وهذا ماكانت تسير فى طريقه حكومة الرئيس مرسى ، ولا يعنى أن حكومة الانقلاب صارت فى طريق الدمار خاصة فى مجال التسول ، أن نعيد الاعتبار لأخطاء حكومة قنديل مع كامل الاحترام لشخصه الكريم ، وكامل الادانة لحبسه بدون مبرر إلا مرض القلوب . ربما أروى حواراتى المحدودة مع السيد رئيس الوزراء الشرعى هشام قنديل فى المقال القادم ، لتوضيح خلافاتنا مع الرؤية الاقتصادية للاخوان . فى رأينا أننا إذا عدنا إلي هذه الرؤية ولوحتى باسم الشرعية فستظل البلاد تدور فى طاحونة لا تنتهى من الفشل الاقتصادى . وتظل البلاد تدور فى حلقة مفرغة . نواصل الحديث إن شاء الله . 
magdyahmedhussein@gmail.com
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق