الأحد، 14 مايو 2017

لماذا لا يتراجع الإخوان؟! بقلم: عامر شماخ


لماذا لا يتراجع الإخوان؟!


بقلم: عامر شماخ

- سألنى الزميل الشاب بحدّة: لماذا لا يتراجع الإخوان خطوة -بل خطوات- للخلف؟
- كيف؟

- يعترفون بالنظام القائم، ويعترفون بأخطائهم، ويتصالحون مع العسكر وباقى القوى السياسية..
- وماذا بعدُ- بافتراض أن هناك مصالحة سوف تتم ويوافق عليها خصوم الجماعة؟

- يا سيدى يبادر الإخوان؛ لنرحم المعتقلين، والمضارين، ويستقر البلد الذى صار قاب قوسين أو أدنى من الضياع..
- كأن الإخوان هم الجناة، وخصومهم هم الضحايا، وكأن انهيار البلد سببه الإخوان المسجونون والمطاردون والقتلى؟!

- أبدًا، الكل أخطأ، واليوم يوم اعتراف بالخطأ؛ ومن ثم لا بد من التصالح والجلوس إلى طاولة واحدة..
- وهل العسكر يريدون المصالحة؟ وعلى أى شىء -تعتقد- سوف يصالحون؟

- يا سيدى، لا بد من التراجع كما قلت لك. لا بد من التنازل..
- أفهم أن يكون هناك تراجع وتنازل من جميع الأطراف، لكن لماذا يتنازل الإخوان وحدهم؟

- لأنهم «العقدة» -إن انحلت صار كل شىء على ما يرام.
- يا أخى، لتعلم أن الإخوان أقرب الناس إلى فكرة الصلح، وهذا نابع من عقيدتهم، {الصلح خير} [النساء: 128]، {إن جنحوا للسَلم فاجنح لها} [الأنفال: 61]، لكنهم لا يهنون، ولا يتهتكون، ولا يبيعون دينهم، أما ما يتعرضون له من أذى، فهو أمر معلوم بالضرورة فى دينهم ودعوتهم، لا ينكرونه.. لكن ما تتحدث عنه ليس مصالحة، وليس تنازلا تعارف عليه بين الخصوم، ولكنه المذلة بعينها، إنك فى لحظة واحدة تتنكر لدماء آلاف الشهداء، ولأعراض عشرات الأخوات، وتؤيد مصادرة الأموال، وكبت الحريات، وضياع العدالة، وتعترف بالفساد والمفسدين، وتقر الخيانة، وترضى بالدون بين الأمم.. يا أخى إن ما جرى لا تنفعه مصالحة، بل ينفعه القصاص العادل البات؛ لأن الأمر متعلق بوطن يباع، ودين يُحارب، وليس -كما صوروه لكم- صراعًا سياسيًا بين العسكر والإخوان.

- ولماذا لا يمد الإخوان أيديهم للآخرين؟
- الإخوان أيديهم ممدودة للجميع، وإن كانوا كفارًا، وهم أهل حق وعدل، وأرباب مروءة ووفاء، لكن دينهم دمهم، ووطنهم حياتهم، ولو علموا فى العسكر وأشياعهم خيرًا ووفاء بالعهود ما ترددوا فى الجلوس معهم، لكنهم لا يجلسون مع قتلة، ولا يفاوضون من يوالون الصهاينة والأمريكان، وهم يؤمنون بوقوع ثورة شعبية -هم أحد أطرافها- لا تبقى ولا تذر، يُقتص فيها من المجرمين.

- هذا عناد -فى رأي - وظلم كبير للمعتقلين وذويهم.
- يا أخى، لو سلمنا باعتراف الإخوان بأخطائهم، وباعترافهم بهذا النظام، هل تتصور أن ذلك سيرضى العسكر؟!، وهل سيرضى عشرات الملايين ممن يؤيدون الإخوان ويعارضون النظام، وهل هذا -وقبل كل شىء -يرضى الله ورسوله وصالح المؤمنين؟... إن العسكر يا أخى لن يرضيهم إلا محو الإخوان من الوجود، وقطع دابر كل محب لدين الله، وأسعد أيامهم يوم ينعق بوم الكفر على ربوع المحروسة.

- نحن نطرح مبادرات كما قلت - لعل وعسى..
- لعل وعسى؟!.. هذا كلام من لا حيلة له، وانبطاح لمن نسمع بمثله.. قد سألتك: هل هذا يرضى الله ورسوله؟ وأجيبك: والله لا يرضى الله ورسوله، ومن يفعل ذلك فقد باع دينه، وسلم الراية، ورضى بما يُفعل به بعد ذلك...

- وماذا يفعل الذين لا يقبلون بهذا الرأى؟
- كلٌ يعمل على شاكلته. فى خمسينيات القرن الماضى وقعت فتنة مثل هذه الفتنة، واختلف الناس؛ فمنهم من أيد الخاسر وخرج خروجًا مذلا وقد تعهد بترك الجماعة، بل منهم من أعلن عداوته لها ولأبنائها، ومنهم من ثبته الله فخرج أيضًا، لكنه خرج مرفوع الهامة، عزيز الجانب، وهم من حملوا لواء الدعوة وساروا بها حتى أوصلوها للأجيال التالية، أما الأولون فمنهم من هداه الله فعاد معتذرًا، ومنهم من مات وقد حُرم الدعوة والإخوة الصادقة طوال حياته، جزع ولم يصبر ففاته خير كثير، وغفر الله للجميع.

إذًا يختار الأخ ما يناسبه، لكن ليعلم أنما النصر صبر ساعة، وأن المجرمين لا يضرون الصادقين إلا أذى، وأنه لا يبقى ذكر لمؤيد للمجرمين، بل الذكر الحسن لمن يواجهون الطواغيت، ويفتدون دينهم وأوطانهم بأنفسهم وأموالهم، ويجاهدون فى سبيل الله، لا يخافون لومة لائم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق