أربع أسباب وراء تراجع مصر إقليميا تحت حكم العسكر
09/05/2017
بلا شك.. فقدت مصر دورها الإقليمي لصالح قوى ناشئة كانت إلى وقت
قريب بلا دور، كما تراجع دور مصر الدولي، والتي كانت عبر تاريخها الطويل
قاطرة العرب وحامية ديار الإسلام.
وانتقل مركز الثقل العربي إلى عواصم الخليج، فالرياض ترعى الملفين
اليمني والسوري، وأبوظبي ترعى الملف الليبي رغم أنه شديد الأهمية للأمن
القومي المصري، خصوصا بعد فشل قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي في رعاية
تسوية بين الأطراف الليبية، وتمكن الجنرال خليفة حفتر من إحراج قيادة
الانقلاب، برفضه لقاء رئيس حكومة الوفاق فايز السراج، بينما استطاعت أبوظبي
فعل ذلك.
كما خرج الملف الفلسطيني من تأثير القاهرة، بعد أن استضافت الدوحة
قيادات المقاومة الفلسطينية، ومدها حبال التواصل مع كل الأطراف الفلسطينية،
بينما تسبب انحياز قائد الانقلاب لشخصيات مشبوهة كمحمد دحلان ومحمود عباس
أبومازن، ومناكفاته التي لا تتوقف مع قادة المقاومة في حصر الدور المصري في
البعد الجغرافي فقط، بينما فقدت القاهرة تأثيرها الشامل على الملف
الفلسطيني. كما تراجع دور مصر إفريقيا، ما أسفر عن توتر العلاقات مع
الخرطوم وأديس أبابا التي تجرأت بصورة كبيرة على القاهرة في ملف سد النهضة،
حتى باتت عاجزة عن حماية أمنها القومي وحصتها من مياه النيل.
«4» أسباب
وبحسب خبراء ومتخصصين، فإن هناك 4 أسباب وراء تراجع الدور الإقليمي
للقاهرة، أولا الوضع الاقتصادي الصعب، حتى باتت القاهرة تستجدي وتتسول من
عواصم الخليج، خصوصا من الرياض وأبو ظبي والكويت، والتي دعمت سلطات
الانقلاب بعشرات المليارات كمكافأة على انقلابها على الرئيس المنتخب،
وإجهاض الحلم الديمقراطي بعد ثورة 25 يناير؛ الأمر الذي جعل القاهرة تابعا
ذليلا خلف هذه العواصم، التي وجدت في ضعف القاهرة وتراجع دورها فرصة لملء
الفراغ وتشكيل دور إقليمي لها على حساب القاهرة.
والسبب الثاني هو فقدان الشرعية لنظام الحكم، الذي تأسس على انقلاب
عسكري دموي، ما جعله يفرط في حقوق مصر من أجل اكتساب بعض الشرعية المفقودة.
أما السبب الثالث، فهو غياب التصور الاستراتيجي والتخديم على مصالح
الصهاينة والأمريكان، لاسيما بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد 1979، وتحول مصر
إلى حارس للكيان الصهيوني، وتابع ذليل للسياسات الأمريكية في المنطقة،
واعتمادها على معونة أمريكية مشروطة تقدر بحوالي 1,5 مليار دولار سنويا، ما
أضعف القاهرة وجعلها عالة على الآخرين، ورهينة لسياسات القوى الدولية
والإقليمية في المنطقة.
والسبب الرابع هو إضعاف مؤسسات مصرية كانت تتمتع بقدر من القوة الناعمة
لصالح مصر، منها الأزهر والتطاول عليه لصالح العلمانية المدعومة عسكريا.
ما الذي تقدمه القاهرة للآخرين؟
وباتت القاهرة في ظل حكم السيسي عاجزة عن تقديم أي نموذج يمكن الاقتداء
به، فحالتها الاقتصادية سيئة حدا، وتعتمد على مساعدات الآخرين بعد تراجع
مصادر الدخل القومي، وبلوغ الدين مستويات قياسية وغير مسبوقة تصل إلى أكثر
من 3 آلاف مليار جنيه.
وسياسيا بات النموذج المصري بعد 3 يوليو 2013 مرفوضا من الجميع، خصوصا
بعد إجهاض الديمقراطية، وانتهاك حقوق الإنسان ومصادرة الحريات. وعلى
المستوى الإعلامي فإن إعلام مصر هو الأكثر كذبا وانحطاطا على مستوى العالم
كله، يعتمد على الكذب، كما أنه موجه من جانب الأجهزة الأمنية التي تتحكم في
سياساته الإعلامية والتحريرية، فبات دلدولا للنظام، لا يجرؤ على أن يكون
حياديا ومنصفا على الإطلاق في ظل هذه الأوضاع.
لكل هذه الأسباب لا يجد قائد الانقلاب أي ميزة أو سلعة صالحة للترويج
خارجيا، إلا مزاعمه حول الحرب على الإرهاب، رغم أنه هو مُصنّع الإرهاب
الأول في العالم بعد انقلابه الدموي المشئوم، الذي صادر الحريات وأغلق
أبواب التغيير السلمي والتداول السلمي للسلطة، وأعطى روحا جديدة لأفكار
داعش، التي كانت قد تآكلت بعد نجاح ثورة يناير وإطلاق الحريات للجميع.
خبراء يحذرون
من جهته، قال السفير إبراهيم يسري، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن هناك
عدة أسباب وراء فقدان الخارجية المصرية دورها في الملفات الإقليمية، وعلى
رأسها تدهور الأحوال الاقتصادية داخل مصر، والضغط الشعبي الكبير؛ نتيجة سوء
الأحوال المعيشية، بالإضافة إلى بعض القضايا السياسية المتعلقة باستئثار
السلطة بالحكم في مصر من خلال إصدار قوانين من مجلس النواب فيما يخص القضاء
والأزهر، وغيرهما من المؤسسات.
وأردف يسري أن قيام دول ناشئة، مثل الإمارات وقطر وحتى السعودية،
باستغلال الحالة التي وصلت إليها مصر وضعف دورها الإقليمي، يعد ذكاءً في
استغلال الظروف وبسط النفوذ على القضايا الرئيسية في المنطقة، وبالتالي
التمثيل القوي في المحافل الدولية, مضيفًا أن الأمر لا ينفصل عن قارة
إفريقيا وقضية سد النهضة، والتي تخسر فيها مصر يوميا، سواء حلفاء مثل
السودان أو نفوذًا؛ بسبب الإعلام المصري، أو سوء السياسات المصرية تجاه هذه
القضايا.
ويرى سامح العطفي، مدير مركز لندن للدراسات السياسية أن المؤسسة
العسكرية، منذ الانقلاب العسكري الأول في 23 يوليو 1952، تؤدي دورا مهما
للمنظومة الدولية، وعلى رأسها الكيان الصهيوني، مثل حماية آبار البترول،
كما حدث خلال حرب الكويت الأولى والثانية، والحفاظ على علمانية الدولة.
وأضاف "العطفي"- في مداخلة هاتفية لبرنامج "طبعة جديدة" على قناة
مكملين- أن تراجع الدور المصري في إفريقيا، خصوصا في ليبيا والسودان، يرجع
إلى عدم خضوعها للمنظومة الصهيونية المباشرة.
وأوضح أن تراجع الدور الإقليمي المصري إفريقيَّا بدأ منذ عهد مبارك، عقب
محاولة اغتياله الفاشلة في إثيوبيا، الأمر الذي سيؤدي إلى تهديد الأمن
القومي المصري؛ بسبب أزمة نقص المياه التي سيعاني منها المصريون خلال
الفترة المقبلة.
شاهد الرابط:
https://www.youtube.com/watch?v=IGLHBl3io5Y