الأربعاء، 3 سبتمبر 2014

"ليلة القبض على سماح".. الحلقة الأولى

"ليلة القبض على سماح".. الحلقة الأولى

الصحفية سماح إبراهيم
03/09/2014
أنا صحفية"
الرابع عشر من يناير 2014 ، يوم حفر في ذاكرتي بكل بدقة ، حيث تحولت مصر في عيني لـ"بوكس" صغير ، وأدركت أن مهنة الصحافة  تعجز عن حماية ممتهنيها، لأدفع ثمن إخلاصي  لمهنتي 6 أشهر حبس بسجون الانقلاب وغرامة خمسين ألف جنيه!

لم يكتف النظام الذي يتباهي بحماية الحريات بحبسي؛ بل استخدم كافة الطرق لإذلالي وإهانتي .

 خذلتني مهنتي ولم ترد على إساءتي وتنكيل مجرمي النظام ممن قاموا بلطمي وركلي وصعقي ، سلسلة من التعذيب النفسي والبدني، لم أجد من الكلمات ما يعبر عن بشاعتها ، قبل أن أتحدث عن تفاصيلها ، يجب أن أوجه رسالة مطمئنة للمنظومة الأمنية أشدد فيها على أن الوجه الذي لُطم والجسد الذي انهالت عليه أسواطكم لن يركن أو يستكين للظلم قيد أنملة؛ فالصحفي الذي يغار علي مهنته ولم يرتعش قلمه أمام كلمة حرة وعاني ويلات لعنة الغضب علي النظام سيشل أركان النظام بأحبار قلمه .

"التاب" سيب التاب ... بقولك سيب التاب"..  بهذه العبارات صرخت في وجه الضابط الذي ظل يلاحقني لمنعي من تصوير مشاهد السحل والاعتداء علي المواطنيين لإجبارهم علي التصويت لدستور الانقلاب الدموي ،وفور انتزاعه مني التف مجموعة من آمناء الشرطة حولي وكأني فريسة اليوم وقاموا بسحبي من يدي لإدخالي البوكس الأزرق .

 لطمني أحدهم علي وجهي بشكل متكرر، ثم انهالت علي مسامعي وبيل من الشتائم التي يعف لساني عن ذكرها، ولم يكن بالعربة وقتها غير شاب في أواخر العشرينات من عمره يدعي أبو بكر, وسرعان ما تم اقتيادنا لشرطة قسم الساحل.

 كنت أنا وهذا الشاب أول من يفتتح يومهم الحافل بالاعتقالات , جميع الضباط تكالبوا علينا كأضحية وينظرون إلينا وكأننا أسري حرب إلى أن جاء صوت ضابط يدعي "محمد بيه" هذا المشهد الصامت بقوله " هما دول بقي ولاد "الك.. , المــ..., الشــ, .. " - وغيرها من الألفاظ الخارجة؛ هنا ثارت غضبتي وتوجهت إليه بالحديث " لو سمحت بلاش شتائم " وهنا ازداد جنونا وظل يردد تلك الألفاظ .

وتابع " تعالي ياختي قوليلي هنا انتي بتشتغلي ايه ؟ "أنا : صحفية" سكت لثوان وكأنه لم يسمع , ثم سأل : كنت بتصوري إيه ؟ لم أجبه.  وإذ بصوت يعلو ويكبر أمام القسم " الله اكبر .. الله اكبر ولله الحمد " فتبسم ثغري , فتضجر الضابط وذهب مسرعًا  ليري من صاحب هذا الصوت الجهوري . دخل صاحب التكبيرات وهو يردد بصوت أكثر قوة , يسقط يسقط حكم العسكر , فيضربه رجل الشرطة علي وجه ليصمت فيرتفع صوته بتلك العبارة إلى أن أدرك أن زوجته في قبضتهم هي الأخري ومن يجرها من يدها يهدده بعبارات خادشة للحياء.

دهب

 لم يمر عشر دقائق إلا ووجدنا امرأه في شهرها الأخير تدعي " دهب " , تحاول بشتي الطرق مناشدة الإنسانية بداخلهم للإفراج عنها بالبكاء تارة وبالإقناع تارة دون جدوي: " يابيه ...أنا حامل يا باشا , ازاي بس أشارك في مظاهرات, اسمعني بس أنا كنت ماشية في الشارع ورايحة عند الدكتور. وأخرى عجوز تعدى عمرها 65 عاما وهي تردد حسبي الله ونعم الوكيل ,وأخري في الخمسين من عمرها ترتدي بنطلون وتشريت تحاول أن تتحدث إلي أحدهم لإقناعه بأنها ما خرجت للتظاهر لتنجو من شرهم.

 لم يستجب أحدهم لبكاء وعويل النساء أو يراعي حالتهم الصحية وانهيارهم النفسي وهم يعاملون معاملة لا يرضاها أحد منهم لأهل بيته.

تم احتجازنا في " طرقة ضيقة " تطل علي 5 غرفات لمساجين جنائيين, ودخلت علينا امرأه لتفتيش النساء المقبوض عليهن ، ثم دخل علينا 3 رجال ليكتمل عددنا 11 رجل وامرأة .

 ظللنا في هذه الطرقة جالسين منذ الظهيرة حتي أذان المغرب , وخلال هذه الفترة يتناوب علينا رجال الشرطة لتوبيخنا وإهانتنا بألفاظ  يندي لها الجبين, وينظر إلينا من شباك حجز الجنائيين رجال ملوحين لنا بإشارة رابعة، كنوع من التضامن معنا.

وفي حوالي الساعه الثامنة مساءً دخل علينا الحبس أحد الضباط ويطالبنا للصعود بالدور الثاني للعرض علي رجال الأمن الوطني للتحقيق معنا.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق