الأربعاء، 24 سبتمبر 2014


 الركعات المشينة

بقلم: عبد العزيز مجاور

كلما مر الوقت انقشع الظلام، وظهرت الملامح الحقيقية للصورة التي يراد اخفائها، وما يساعد على ذلك أن من يكذب كثيراً نادراً ما يمتلك ذاكرة قوية، ولقد شهدت الساحة المصرية في أسبوع واحد تصريحات من وكيل المخابرات السابق ومن وزير خارجية الانقلاب تستوجب إعادة النظر فضلاً عن تقديمهما للمحاكمة.

كانت كلمة الوزير أمام مؤتمر باريس والمخصص لمحاربة (داعش) خروجا عن السياق ومحاولة انتحال شخصية مهندس العمليات الذي يحدد الأولويات للمجتمعين، ونسي بأن دوره مثل المقاول الذي يورد العمالة ولا دخل له بتصميمات المشروع (مقاول أنفار) بالمعنى الشعبي المصري، فحاول الحشد ضد ليبيا، والغريب أنه تحدث عن الشرعية وضرورة تدخل الدول في ليبيا لحماية الشرعية!! ولن نتطرق لذلك ولكن ما يهمنا هنا هو اتهامه للشعب المصري بأنه أوصل الارهابيين لسدة الحكم فقال نصاً: (المصريون الذين عانوا على مدى العامين الماضيين من وصول التطرف إلى سدة الحكم قبل أن يلفظه الشعب المصري ويحرمه من القدرة على التحكم بمستقبله) ولم يخبرنا معالي الوزير كيف وصل التطرف إلى سدة الحكم؟ هل وصل عن طريق انقلاب عسكري؟ أم وصل بتحالف المخابرات والمجلس العسكري والإعلام الهادم للدولة الوليدة؟ أم أن الشعب المصري مزاجه العام هو التطرف فكان لابد من تغيير الشعب ومزاجه؟.

ثم كانت كلمته أمام مجلس الأمن في جلسته المنعقدة بخصوص العراق يوم 19 سبتمبر فضيحة جديدة، حيث قال نصاً: (إن مصر واعية تماماً للتنظيمات الارهابية ... والذي يستند إلى وعي الشعب المصري لأغراضها السياسية الخبيثة مما دفعه للتصدي لها داخلياً في 30 يونيو للتخلص من حكم جماعة الإخوان)، أي أن انقلاب 3 يوليو لم يكن بسبب فشل الرئيس وعدم استجابته لإنذار العسكر بعمل انتخابات رئاسية مبكرة، بل كان للتخلص من حكم الإخوان، وبسبب وصول الإسلام السياسي لسدة الحكم بإرادة شعبية والشعب لا يعرف مصلحته، وأن لديه مزاجا إرهابيا متأصلا يجب تغييره بقوة السلاح.

ثم جاءت تصريحات ثروت جودة وكيل المخابرات الأسبق في حواره مع جريدة الوطن بأن المخابرات المصرية التي تعمل لدى الشعب المصري قررت عدم إمداد الرئيس بأي معلومة صحيحة، ولم يكتفوا بذلك بل كانوا يمدونه بالتقارير المضللة، بل أنه نصح مدير المخابرات بصلاة ركعتين للتنصل من القسم الذي أداه أمام رئيس الجمهورية، ولم يخبرنا سعادة الوكيل كم من المسئولين صلوا تلك الركعات المشينة.

إن هذه التصريحات تستوجب المحاكمة العاجلة بتهمة الخيانة العظمى للشعب ولاختياراته ولنظامه الجمهوري وهدم حلم الدولة الوليدة التي يحترم فيها الانسان وإرادته، كما أنها تجلي الصورة أكثر كما أسلفنا، ولتؤكد أن قرار إقصاء الشعب المصري تم اتخاذه من قبل تولي الرئيس مرسي الحكم، وأن تحالف العسكر والمخابرات أدار المؤامرة واستخدم الإعلام والقضاء كوسائل مساعدة، ولعلهم أشاروا عليهم بصلاة ركعتين لغسل الجريمة لأن الشعب المصري (متدين بطبعه) كما تقول الأسطورة. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق