داعش.. الوهم والحقيقة
بقلم: د. محمد الشعار
تناولت في مقال سابق مسألة داعش ومن – يا ترى – يقف وراءها، وقلت إنه مع غياب الأدلة القاطعة يلجأ المحللون إلى الأثر الدال على الفاعل وهي البصمة وسجل الأعمال، وانتهيت إلى أن إيران هي من يقف وراء داعش، وكان رد الفعل عند كثير ممن أدارت الأحداث عقولهم فلم يبق لهم دراية ولا نظر هو التشكيك فيما ذهبت إليه بناء على هواجس ترى في الولايات المتحدة المنبت لكل شر وتبرئ إيران أو تبرئ داعش نفسها مما ينسب إليها من جرائم وترى فيها إشاعات مغرضة.
ثم سرعان ما جاء اللقاء المتلفز للشيخ عدنان العرعور وهو من أشهر العلماء السوريين المقاومين لنظام بشار الأسد، ليردني إلى الكتابة مجددا عن داعش، لا تدعيما لوجهة نظري – والذي جاء كلام الشيخ مؤيدا لها - بقدر ما هو استشعار لخطورة الأمر وأداء لواجب التبليغ والتفهيم في أمر التبس على كثير من الناس، ليس في مصر وحدها بل في كل أنحاء الأرض.
أشار الشيخ إلى حقيقة مهمة وهي أن داعش إنما دخلت المناطق التي حررها الثوار، ولم يتعرضوا للمناطق التي بأيدي نظام بشار، ثم عوضا عن أن يمدوا لكتائب الثوار يد العون، مدوا إليهم يد التكفير والتقتيل، لاسيما في القادة منهم. ويذكر الشيخ أنهم ذهبوا من المناطق السورية إلى الموصل في العراق لمسافة 800 كم تقريبا، مارين بقوات بشار، دون أن يمس أحدهما الآخر بسوء. وللموصل مع داعش قصة أخرى حكاها لي غير واحد من العائدين من كردستان إلى أوروبا، حيث ذكروا لي أن القوات العراقية النظامية من جيش وشرطة، ويقدرون بعشرات الآلاف، فروا أمام المئات من مقاتلي داعش تاركين معداتهم وآلاتهم وراءهم!!!
وأعود لكلام الشيخ العرعور الذي ذكر أن قوات داعش عادت إلى سورية بهجمة شرسة فاقت هجمات النظام وأخذت تقصف المدنيين وقاتلت كتائب الثوار المتمركزة في البوكمال، وزادوا بأن أخرجوا أهالي بلدة شحيل، وعددهم 50 ألفا، إلى الصحراء بعد صلاة الجمعة، وبدوري أؤكد على مثل هذا، فقد حكى لي أحد العائدين هذ الأسبوع من كردستان أنه رأى آلافا مؤلفة هائمين في الطرقات، بعدما طردتهم داعش قسرا من قراهم، فسألته: هل كانوا يزيدين أم شيعة؟ قال: بل كانوا سُنة!!!
وفي دير الزور، يضيف الشيخ، قامت قوات داعش بمهاجمة الكتائب الإسلامية، أي كتائب الثورة، وعاثت فيهم تقتيلا، وفكت بهذا الحصار المضروب على مطار دير الزور، وبعدها رجعت طائرات النظام السوري تمد المحاصرين بالمؤن والغذاء، حتى أن قناة المنار الشيعية قامت بالتصوير من داخل المطار. ونفس الشيء حدث في مطار كويرس بحلب، حيث قامت قوات داعش بفك الطوق عن المطار المحاصر من قبل الثوار، ومن ثم استأنف النظام السوري إمداده بالغذاء والمؤن. وعادت أيضا قناة المنار لتصور من هناك.
يشير الشيخ العرعور كذلك إلى أمر خطير وهو أن قوات داعش أقامت الحواجز بين الشمال والجنوب وتقوم بمنع الإمدادات إلى الثوار في دمشق، ويستغرب الشيخ من طريقة الذبح الشنيع لمن يعرفون أنه مؤيد للثوار، وهذا ما أشرنا إليه في المقال السابق كبصمة معروفة في السجل الشيعي من عهد الحشاشين. بل إن التعاون واضح بين نظام بشار وقوات داعش، إذ لا يتعرض أحدهما للآخر، وهم على مقربة من بعضهم البعض، ويتساءل الشيخ مستغربا: لم لا ترمى البراميل على داعش كما ترمى على الثوار؟ وما استعادة النظام للمنطقة الصناعية بحلب في رمضان الماضي إلا مثالا صارخا للتعاون بين النظام وداعش، حيث باغتت قوات داعش كتائب الثوار من الخلف، ما أدى إلى فك الحصار عن قوات النظام التي كانت محاصرة آنئذ.
وأخيرا فقد علمت من مصادر مطلعة في أوروبا بأن كثيرا من الشباب عالقون على الحدود التركية مع سورية والعراق، فلا هم يريدون العودة إلى داعش ولا هم يستطيعون الرجوع إلى بلادهم خشية المحاكمة، وذلك بعدما اكتشفوا حقيقة داعش وأفاقوا من وهم الدولة الإسلامية. ويقيني بأن الأيام القادمة حبلى بالمفاجآت فيما يخص داعش.
فيديو الشيخ العرعور:
https://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=kDR9wbX1zvw
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق