الثلاثاء، 31 يناير 2017

مصر و إسرائيل : تعطلان تقرير "أسكوا" عن "الظلم في العالم العربي" !!

مصر و إسرائيل : تعطلان تقرير "أسكوا" عن "الظلم في العالم العربي" !!

صورة معبرة لحال مصر
31/01/2017


طلبت الأمانة العامة للأمم المتحدة من لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (أسكوا) عدم إصدار تقرير أعددته المنظمة تحت عنوان "الظلم في العالم العربي والطريق إلى العدل"، مطلع الأسبوع الجاري.  وهو قراءة للواقع العربي ومستقبله.

وذكرت مصادر أممية في تصريحات صحفية، أن مطالبة الأمانة العامة للأمم المتحدة بوقف إصدار التقرير تعود إلى ضغوط مورست على الأمم المتحدة من قبل عدد من الدول أبرزها إسرائيل.

وعللت الأمانة العامة للأمم المتحدة عدم إصدار التقرير بضغوط تعرضت لها وتتعلق بمضمون التقرير، خاصة الفصل الرابع المتعلق بفلسطين وبعضها الآخر يتعلق بما استعرضته فصول أخرى لانتهاك حقوق الإنسان في بعض الدول العربية لا سيما مصر.

فيما قال الكاتب والباحث السياسي التونسي أبويعرب المرزوقي، وهو أحد  أعضاء فريق العمل، إن التقرير حاول بشكل موضوعي الكشف عن الظلم في العالم العربي فتعرض بدوره للظلم.

وأضاف لبرنامج "ما وراء الخبر" بالجزيرة، في 25 يناير الجاري، أن التقرير تعرض للفروق الجنسية والطبقية والعرقية والطائفية، وكذلك للظلم في المستوى الدولي الذي يساعد على الظلم في الإقليم.

بينما قال أستاذ القانون الدولي جون دوغارد، إنه لمن الغريب أن يحدث كل هذا الضغط، ولكن على المرء أن يقدر أن أي تقرير يتعرض لإسرائيل أو لدول قوية في الشرق الأوسط سيواجه ضغطا حتى لا ينشر.

وحسب رأيه، فإن إسرائيل فاعلة في ممارسة الضغوط، وأنه "للأسف تنزل الأمم المتحدة في الغالب عند مطالب إسرائيل"، ومن ذلك التدخل الذي تتعرض له دائما تقارير المقرر الخاص لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية.

وضرب مثلا آخر، إذ أعدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) تقريرا عن الدول التي تتعامل بوحشية مع الأطفال، وكانت إسرائيل من بينها فاعترضت وجرى حذف اسمها من القائمة.

وخلص دوغارد إلى أن إسرائيل ومصر قويتان في المنطقة وذواتا نفوذ، وأن التقرير الأخير ترافق مع مشورة "سيئة" قدمت للأمين العام الجديد للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس حتى تكون المنظمة الدولية أكثر حذرا في تقاريرها المقبلة.

بينما قال المحلل السياسي الفلسطيني، معين الطاهر، في مقال له اليوم، بـ"العربي الجديد" "الظلم في العالم العربي والطريق إلى العدل"، عنوان التقرير الجريء الذي كان من المُفترض أن يصدر عن الأمم المتحدة قبل أن يُمنع رسميًا، ليُضيف إلى واقعنا ظلمًا متجدّدًا، وليُثبت أن حكايات الظلم وقصصه مسلسل طويل لا تنتهي حلقاته، ولن تتم فصوله إلا عبر الطريق إلى عدل منشود.

وتصف الدكتورة ريما خلف، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية للإسكوا (اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا)، والمُشرفة على التقرير بمشاركة ما يزيد عن أربعين باحثًا ومفكرًا عربيًا، تَصِف واقعنا العربي، في مقدّمتها اللافتة، بأنّه "حفرة من النار، لا تكفّ عن الاتساع. في العالم العربي، نزاعات واقتتالات أهلية تعصف بثلث بلدانه. فِتنٌ طائفية تمزّق شعوبه، دول تتنازل عن سيادتها طوعًا أو إجبارًا. بلاد تتداعى، في عالم عربيّ لا عربيّ، يصنعه الآخرون، ويفرضونه على أهله بقوة السلاح. أمّا الناس فيخيّرون بين السيئ والأسوأ، بين جور الدولة وجور غيابها، بين ظلم الوطن وظلم المنفى، بين الموت والمذلّة".

وبدأت قصة منع التقرير حين صادرت السلطات المصرية مسوّدة له من عابرٍ في مطار القاهرة، يعمل ضمن طاقم إعداده وتحريره. ومن حينها قامت الدنيا ولم تقعد، فالتقرير يكشف عورات كثيرين في مصر وفي غيرها، ويفضح خصوصاً تلك الثورات المضادّة، والتدخّل الأجنبي، ويقدّم تشخيصًا للإرهاب وأسبابه الحقيقية، ويكشف بوضوحٍ الظلم الذي لحِق بالشعب الفلسطيني ولا يزال، في محاولةٍ للبحث عن العلّة في هذا كلّه، ولسبل الخروج ممّا نحن فيه، في ضوء تحليل علميّ ومحايد معزّز بالدراسات والوثائق والمراجع والجداول.

أهمية التقرير (324 صفحة) في أنّه يعلن، بوضوح، أن الإصلاحات الشكلية لم تعد تُجدي، وينحاز بوضوح كامل إلى حقّ الإنسان العربي في الحرية، ويخصّص فصولًا عن مفهوم العدالة وعن العدل في الدول العربية، وبين الفئات المختلفة فيها. كذلك عن الغياب الكامل للعدالة في فلسطين، وعن ملامح أزمتها وأسبابها في المنطقة العربية، موضحًا أثر الاستعمار والتدخّل الأجنبي في تكوينها. كما يستعرض تبعات الظلم ومخاطر الارتهان إلى الخارج، محلّلًا أسباب وَهَن الأمة العربية، داعيًا إلى أن تكون إقامة العدل وسيلةً لاسترداد كرامة الإنسان، موضحًا شروط إنهاء الظلم وإقامة العدل عبر حزمةٍ من الإصلاحات، ودعوة لإنهاء الحروب الأهلية.

لفت ما تضمنه التقرير ومقدمته، حول الإرهاب الذي يصر الصهاينة على توسيع تعريفه، ليشمل حركات التحرر من الاحتلال، وتصر النخب الحاكمة على توسيعه ليشمل كلّ معارضة داخلية، ويعتبر بعضهم أن سببه فكر منحرف لا بد من تقويمه، في حين يصر ساسة أجانب أن سببه كامن في طبيعة العرب والمسلمين، ما يضع مليارًا ونصف المليار مسلم في هذه الدائرة، ويتجاهل بذلك الاحتلال الأجنبي أراض عربية، والحكومات الفاسدة والقمعية، وغياب أبسط مظاهر العدل والحرية والمساواة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق