الأربعاء، 25 يناير 2017

السيسي يؤمّن الدولة العميقة.. ويستعيد رجال المخلوع

السيسي يؤمّن الدولة العميقة.. ويستعيد رجال المخلوع

دولة مبارك ودولة السيسي
25/01/2017


في لحظة ثورية فارقة، أتت بها كثير من التفاعلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، عبر عشرات السنوات من التجبر السلطوي لنظام مبارك، مع جهاد مدني سياسي قادته قوى سياسة عديدة من التيار الديمقراطي.. وفي القلب منه جماعة الإخوان المسلمين، الذين لم تتوقف معارضتهم لنظام مبارك، منحازين للشعب المصري في أزماته، ناشطين في التخفيف عن أعبائه المعيشية، تارة بمعارض السلع الاستهلاكية، ومعارض السلع المدرسية، وبالقوافل الطبية، وتقديم المساعدات المختلفة التي أعانت الشعب المصري على صموده على قيد الحياة وسط تجبر نظام مبارك ورجال أعماله الفسدة.

ومع التقاط الشعب المصري قراره وإرادته في 25 يناير.. بدأ مخطط امتصاص الثورة واستيعابها ثم الانقلاب عليها، بل تأديب من قام بها ودعا لها.. عبر أجهزة المخابرات والعسكر الخونة بالمجلس العسكري المنقلب على شرعية وإرادة الشعب المصري.. التي تهدد بقاءهم وفسادهم ومصالحهم السرية، التي انكشفت مؤخرا عبر مليارات من الدولارات والجنيهات بعيدا عن الأجهزة الرقابية.. وعبر مليارات الأمتار من أجود أراضي الدولة بالمجان، وإسناد آلاف المشروعات الكبرى لثلة من اللواءات يديرون شركات الجيش، بعيدا عن ميزانية المواطن المصري، الذي حرم من أي جنيه واحد يدفعه الجيش كرسوم أو جمارك أو ضرائب.

مبارك يعود
ولعل أسوأ ما أتى به الانقلاب على إرادة الشعب المصري، هو عودة رجال نظام المخلوع حسني مبارك إلى المشهد المصري بقوة، بعد مُضي 6 سنوات على ثورة 25 يناير، على الرغم من تأكيد المنقلب السيسي في أكثر من مناسبة منذ توليه سدة الحكم على "عدم العودة إلى الوراء".

ويبرز من تفكير السيسي في الاعتماد على رجال مبارك، حاجته الماسّة إلى خبراء في مجالين، الأول اقتصادي لإنقاذه من الأزمة، والثاني الحاجة إلى ما يصطلح على تسميتهم "ترزية القوانين"، لتعديل القوانين وصياغة أخرى جديدة تتناسب مع رؤيته، خصوصًا أن رأيًا عريضًا يفيد بأن السيسي لم يتمكن من تشكيل أركان نظامه بشكل كبير، وفشل في استقطاب أي من الخبراء في مختلف الفروع.

ومن أبرز رجالات مبارك الذين يعملون لتعويم السيسي من فشله الآن..
1- أحمد درويش
وعينه السيسي في نوفمبر 2015، رئيسًا للهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس لمدة ثلاث سنوات.
ودرويش كان أحد الشخصيات التي تنال رضى مبارك، وبقي وزيرًا للتنمية الإدارية بين عامين 2004 و2011، في حكومة المهندس أحمد نظيف.

واستعان السيسي بدرويش، في منصب مهم ورسمي، في إدارة المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، ما يعني أنه يتولى ملف الاستثمارات في محور قناة السويس، بعد انتقادات كثيرة بفشل المشروع، حيث يعول السيسي على درويش في جذب استثمارات لتطوير محور قناة السويس، بما يسهم في ضخ مزيد من العملة الصعبة إلى مصر، في ظل انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار الأمريكي.


2- مفيد شهاب
وبعد فترة اختفاء منذ ثورة 25 يناير 2011، ظهر وزير المجالس النيابية والشئون القانونية، د.مفيد شهاب، إلى جانب السيسي، في 13 إبريل 2016 في قصر الاتحادية، خلال لقاء جمع عددًا من المثقفين والإعلاميين، للحديث حول التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، وكان لشهاب دور بارز في ترتيبات التنازل عن الجزيرتين للرياض، حتى أنه ألقى كلمة لإقناع الحضور بأن الجزيرتين سعوديتان.

ويبدو أن شهاب سيكون له دور أكبر في ظل نظام السيسي خلال الفترة المقبلة، ليس فقط بشأن أزمة تيران وصنافير، ولكن أيضًا باعتباره أحد ما يصطلح على تسميتهم "ترزية القوانين" في عهد مبارك.
ارتباك بحكومة السيسي بعد حكم تيران.. ومفيد شهاب يبحث لهم عن الحل
واستعان النظام الحالي، وتحديدًا رئيس الوزراء، شريف إسماعيل، بشهاب، عقب حكم الإدارية العليا ببطلان اتفاقية تيران وصنافير، وهو حكم نهائي وباتّ.. وعلّق إسماعيل على لقائه بشهاب، وهو رئيس الجمعية المصرية للقانون الدولي، قبل أيام، بشأن تداعيات قضية تيران وصنافير، قائلًا "من حقنا الاطلاع والمناقشة".


3- فتحي سرور
بجانب استعانة سرية برئيس مجلس شعب مبارك فتحي سرور، الذي خرج منذ فترة قليلة، ليؤكد أنه عرض عليه رئاسة مجلس الشعب، قبل علي عبدالعال، لكنه رفض.

وفي إطار بحث السيسي عن "ترزية القوانين" جاء فتحي سرور، الذي تردد اسمه أخيرًا، كأحد المدعوين للتشاور حول تعديلات بعض القوانين، وتحديدًا قانون الإجراءات الجنائية، وظل سرور مختفيًا تمامًا منذ ثورة يناير، التي حلت مجلس الشعب، حتى عاد اسمه يتردد بضرورة الاعتماد عليه في تعديلات بعض القوانين المهمة ووضع أخرى جديدة.

ويعتبر سرور أحد كبار أساتذة القانون الجنائي في مصر، وكان يقوم، مع آخرين، بصياغة القوانين على هوى مبارك.


4- يوسف بطرس غالي
وكشف أستاذ العلوم السياسية والبرلماني المصري السابق، مصطفى الفقي، عن أن الحكومة المصرية تستعين بآراء وزير المال الهارب من البلاد، يوسف بطرس غالي، في معالجة الأزمات الاقتصادية التي تواجه

وأشار الفقي إلى أن علاقته طيبة بوزير المالية السابق، مشيراً إلى أن الحكومة أخذت رأيه أخيراً في تعويم الجنيه، لكنها لم تتبع جميع النصائح التي قدمها.

وفي 2 أكتوبر الماضي، كشف غالي عن أن الانقلاب يستعين به دائماً في بعض الاستشارات الاقتصادية منذ 2011، موضحاً أنه تلقى أسئلة في 30 صفحة، وأنه رد عليها كلها. ومن ضمن الأسئلة، التي وصفها بـ"الكوميدية"، هل يمكن وضع قانون واحد لحل كل الأزمات التي تمر بها مصر؟

وأخيراً، كشفت مصادر قضائية عن أن جهات التحقيق المنوط بها التصالح مع رموز نظام مبارك، تتحرى حول عناصر ثروة بطرس غالي في الخارج، وتستهدف الكشف عن حساباته السرية في بنوك دول الاتحاد الأوروبي وسويسرا، وذلك في إطار فحص طلب التصالح المقدم منه لانقضاء الدعوى الجنائية المتهم فيها، مقابل سداد ما عليه من مستحقات مالية، وتصل إلى ما يقارب ملياراً و4 ملايين جنيه.


5- مصطفى الفقي

ويعتبر مصطفى الفقي، أحد أبرز وجوه نظام مبارك، قبل خروجه من العمل في مؤسسة الرئاسة، إذ كان سكرتير مبارك للمعلومات بين عامي 1985 و1992. ولا تتوقف أحاديث الفقي التي يمتدح فيها السيسي بين الحين والآخر، فضلاً عن تصريحات يطالب فيها بالاستعانة بخبرات رجال مبارك، باعتبارهم الأجدر على انتشال البلاد من أزماتها. ويبدو أن أستاذ العلوم السياسية يؤدي دور العرّاب، في التواصل بين النظام الحالي ورجال مبارك، خصوصاً وأن الرجل يتمتع بعلاقات قوية معهم، إذ رافقهم لفترة طويلة خلال عمله في مؤسسة الرئاسة.

لعل الأخطر من تلك الأسماء، توسع السيسي في الاستعانة بعدد كبير من رجال مبارك، بعيدا عن المناصب الرسمية، أو المناصب البارزة في الدولة، خوفاً من اتهام السيسي بإعادة إنتاج النظام السابق، وحسب مراقبين يتم الاستعانة بهم في بعض المجالات، وتحديداً الاقتصادية والقانونية.

ومن ثم فإن إسقاط السيسي والثورة عليه هو استكمال لثورة 25 يناير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق