الاثنين، 2 ديسمبر 2013

الدكتور رفيق -المفكر السياسى والقيادى فى حزب الحرية و العدالة فى أحدث دراساته .. " الانقسام حول الثورة.. الانقلاب وإعادة الفرز"

د. رفيق حبيب فى أحدث دراساته .. "الانقسام حول الثورة.. الانقلاب وإعادة الفرز"
الدكتور رفيق -المفكر السياسى والقيادى فى حزب الحرية و العدالة
 
كتبه : سامية خليل
  • العسكر والدولة العميقة وقفوا ضد الثورة وأجهضوا عملية التحول الديمقراطى
  • النظام الديمقراطى يقوم على خضوع المؤسسة العسكرية للسلطة المدنية المنتخبة
  • بعد الانقلاب أصبح للثورة قيادة تنظم حركة الاحتجاج الثورى وتمثل قوى الثورة الحقيقية
  • الانقلاب العسكرى كشف حقيقة القوى والتيارات التى تدّعى تأييد الديمقراطية
  • قيادة القوات المسلحة غيّرت عقيدتها العسكرية ودخلت فى حرب شوارع مع شعبها
  • نجاح ثورة يناير كان يتطلب خروج المؤسسة العسكرية بشكل كامل من السياسة
  • المسار الديمقراطى يتطلب أن تصبح السلطة المدنية المنتخبة هى الوحيدة فى الدولة
  • المجلس الأعلى للقوات المسلحة حاول أن يبدو طرفًا محايدًا ليستولى على السلطة
  • حزب الحرية والعدالة حاول لمّ شمل القوى الثورية فى تحالف ديمقراطى يقف ضد النظام السابق
  • قوى ونخب تواجدوا فى الثورة لخدمة نظام المخلوع وحمايته والعمل على استعادته
  • العلمانيون يقبلون بحكم استبدادى ولا يسمحون بمرجعية إسلامية للنظام السياسى!
  • أغلب القوى العلمانية كانت تؤيد بقاء الجيش فى الحكم لأنها لا تقدر على منافسة القوى الاسلامية
  • قيادة الجيش تلعب دورا سياسيا للحفاظ على الامتيازات والنفوذ والسلطة السياسية للعسكر
  • الصراع الآن بين قوى داعمة لدولة الاستبداد وقوى تريد تحولا ديمقراطيا كاملا
  • من أيدوا الانقلاب أصبحوا فى موقف حرج لأنهم راهنوا على وضع مؤقت لن يستمر
  • لا توجد ثورة فى التاريخ تأتى بدولة بوليسية قمعية تحارب إرادة الشعب
  • الانقلابات العسكرية لا تستمر.. وتمثل حالة مؤقتة فى مسار الثورة 
 
أوضح الدكتور رفيق -المفكر السياسى والقيادى فى حزب الحرية والعدالة- فى دراسة حديثة له بعنوان "الانقسام حول الثورة...الانقلاب وإعادة الفرز" أنه فى المرحلة الأولى من الثورة، لم يكتمل التحول الديمقراطى، أو تم إجهاضه بسبب عدم توافق كل القوى السياسية على قواعد العملية الديمقراطية، وبسبب عدم قبول قيادة القوات المسلحة، وكل قيادات الدولة العميقة للتغير الحادث بعد الثورة، ولم يتشكل تحالف ثورى واسع، للدفاع عن مسار الثورة والديمقراطية.
وأضاف "حبيب" أنه بعد الانقلاب العسكرى، تغير المسار، حيث تجمعت كل القوى المؤيدة للديمقراطية الشكلية والمقيدة لها معا فى خندق واحد هو الانقلاب على الديمقراطية الحقيقية التى تجمعت القوى المؤيدة لها معًا، وأصبح للثورة كتل تدافع عنها، تمثل تيارا اجتماعيا ثوريا، يدافع عن الثورة والديمقراطية والحرية الكاملة.
وتابع أنه بعد الانقلاب وقفت قيادة القوات المسلحة ضد الثورة وضد التحول الديمقراطى، وغيرت عقيدتها العسكرية، ودخلت فى حرب شوارع، ضد الكتل المؤيدة للتحرر الكامل، وأصبحت قيادة القوات المسلحة، طرفا مباشرا فى النزاع، بعد أن كانت طرفا غير مباشر، مشيرًا إلى أن الانقلاب العسكرى غيّر الخريطة السياسية، فبرزت المقابلة بين طرفين، لكل منهما موقف واضح ومعلن، طرف يمثل الاستبداد، وطرف يمثل الحرية، فلم تعد الثورة قابلة للاختراق كما كانت.
غياب قيادة موحدة
قال القيادى فى حزب الحرية والعدالة، إن ثورة يناير مثلت خروجا على النظام الحاكم؛ فقد أسقطت رأس النظام، فكان قطيعة مع النظام المستبد، من أجل بناء نظام جديد، وكان من المفترض أن تتجمع كل القوى التى تريد بناء نظام ديمقراطى جديد حتى تحمى مسار الثورة، وتحدث الانقطاع الكامل مع النظام المستبد وتبنى نظاما سياسيا جديدا، وأنه حتى تنجح الثورة، كان يفترض أن تتجمع كل القوى السياسية المؤيدة للثورة، والمعارضة للنظام السابق، حتى تخرج المؤسسة العسكرية من المجال السياسى، فتصبح السلطة المدنية المنتخبة، هى السلطة الوحيدة فى الدولة.
وأضاف أن الثورة لم تكن عملا قادته ونظمته قوى سياسية بعينها، فلم تكن ثورة لها قيادة، لهذا لم تنتقل السلطة لقيادة الثورة، لأنها لم تكن موجودة، ولم يسقط رأس النظام السابق، من خلال تفاوض مع قيادة المعارضة الثورية، لأن قوى الثورة لم يكن لها قيادة موحدة، ولأن تشكيل قيادة للثورة، بعد نجاحها فى إسقاط رأس النظام، لم يكن ممكنا، لذا أصبحت القوى المعارضة للاستبداد، أى القوى الديمقراطية، ليس أمامها إلا القيام بدورها فى تأسيس النظام السياسى الجديد من خلال خارطة طريق للتحول الديمقراطى.
وأشار "حبيب" إلى أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة تسلم السلطة، وحاول أن يبدو طرفا محايدا، لا علاقة له بالنظام السابق، رغم أنه جزء منه، ووضع خريطة الطريق، وشكل الحكومة، فلم تتمكن قوى المعارضة الثورية، من وضع خريطة الطريق بنفسها، أو تشكيل الحكومة، فأصبح دور القوى المعارضة للنظام المستبد، يبدأ بعد تسلم السلطة من خلال الانتخابات.
بناء التحالف الديمقراطي
ولفت المفكر السياسى إلى أنه قبل ثورة يناير 2011 ، حاولت جماعة الإخوان المسلمين تأسيس تحالف سياسى وعقدت عدة مؤتمرات بعنوان من أجل مصر، واستمرت بعد الثورة، ثم استمر حزب الحرية والعدالة فى العمل من خلال التحالف الديمقراطى، حتى يصبح تجمعا للقوى المعارضة، التى تستهدف تأسيس النظام السياسى الديمقراطى.
وأصبح التحالف الديمقراطى يمثل التكتل السياسى الأكبر والأكثر تنوعا، فقد استهدف حزب الحرية والعدالة، بناء تحالف يضم قوى إسلامية وعلمانية، حتى يكون تحالفا واسعا ومتنوعا، ووضع للتحالف برنامجا للعمل السياسى، وأيضا وثيقة عن المبادئ الدستورية الأساسية للنظام الجديد، كما وضع التحالف القواعد التى يلتزم بها، فى اختيار اللجنة التأسيسية لوضع الدستور.
وأضاف "حبيب" أن عمل قادة حزب الحرية والعدالة بإصرار واضح، على أن يكون هذا التحالف، هو القاطرة التى تقود المرحلة الانتقالية، بحيث يمثل التحالف أغلبية داخل أول مجلس شعب منتخب، ومن ثم يشكل الحكومة، ويقود عملية وضع الدستور الجديد، من خلال ما تحقق من تفاهمات داخل التحالف.
وأشار إلى أنه رغم العديد من الصعوبات التى واجهت التحالف، إلا أنه مثل توافقا، بين قاعدة واسعة من القوى السياسية. وحاولت قيادة حزب الحرية والعدالة، تقوية هذا التحالف، حتى يمثل توافقا وطنيا، يواجه دولة النظام السابق، ويواجه تدخل قيادة المؤسسة العسكرية فى السياسة.
بوادر الاختلاف
وتحت عنوان "بوادر الخلاف" قال "حبيب" رغم أن ما أنجزه التحالف الديمقراطى، كان يمثل توافقا كافيا، لتحقيق العبور الديمقراطى، إلا أن العديد من الاختلافات كانت تظهر على السطح، وتكشف عن وجود اختلافات أساسية بين مكونات التحالف، وكانت معظم تلك الاختلافات، تظهر فى الحوارات مع قيادة القوات المسلحة، حيث بات واضحا أن بعض القوى لها موقف آخر، تكشف عنه مع قيادة القوات المسلحة، حتى وإن لم يظهر فى حوارات التحالف الديمقراطى.
ونبه إلى أنه رغم أن قيادة القوات المسلحة هى التى وضعت خارطة الطريق، إلا أنها بدأت تعتقد أن تلك الخريطة لن تؤدى إلى النتائج التى تريدها، مما جعل قيادة القوات المسلحة، تحاول وضع قيود على خريطة الطريق، من خلال الضغط على القوى السياسية، خاصة حزب الحرية والعدالة.
وأشار إلى أنه فى شهر يوليو 2011، كانت الصورة واضحة، حيث أرادت قيادة القوات المسلحة وضع وثيقة مبادئ فوق دستورية، تقيّد كيفية اختيار اللجنة التأسيسية لوضع الدستور الجديد، وتقيد عمل اللجنة، وكان موقف قيادة القوات المسلحة مدعوما من أغلب القوى العلمانية، بما فى ذلك القوى المشاركة فى التحالف الديمقراطى، واتضح فى العديد من المواقف، أن القوى العلمانية الأكثر اعتدالا، تتأثر بموقف القوى العلمانية الأكثر تشددا، والتى تدفعها بعيدا عن أى توافق أو تحالف مع قوى إسلامية، خاصة حزب الحرية والعدالة، مما يؤدى إلى بروز الفجوة بين القوى العلمانية والقوى الإسلامية.
حقيقة الاختلاف
وطرح القيادى فى حزب الحرية والعدالة، تساؤلا مهما هل فشل التحالف الديمقراطى قبل أن يبدأ؟ أو هل فشل التحالف بين قوى إسلامية وقوى علمانية؟ وأجاب أنه كان من الواضح رغم أن التحالف الديمقراطى استمر حتى انتخابات مجلس الشعب، أن هناك اختلافات جوهرية بين القوى السياسية، تعيق عملية التوافق السياسى، وهذه الاختلافات كانت فعليا حول الثورة، وما تعنيه عملية التحول من نظام مستبد إلى نظام ديمقراطى.
وأوضح أن بعض القوى العلمانية كانت مرتبطة بالنظام السابق وبشبكة مصالح النظام السابق، مما جعل موقفها من نظام ما قبل الثورة مختلفا عن أى موقف ثورى، يستهدف بناء نظام سياسى جديد، وبعض القوى أو النخب والرموز كانت عمليا جزءا من النظام السابق، وكان وجودها فى مشهد الثورة لخدمة النظام السابق وحمايته والعمل على استعادته مرة أخرى.
وأضاف "حبيب" أن أغلب القوى العلمانية، كان لديها تحفظ على أى مرجعية إسلامية فى الدستور، ولم تكن توافق على المادة الثانية، الخاصة بمرجعية الشريعة الإسلامية، إلا تجنبا لاستفزاز عامة الناس، مما جعل أغلب القوى العلمانية، تستهدف بناء نظام سياسى مقيد، لا يسمح بأن تكون مرجعية النظام السياسى إسلامية، إلا شكليا فقط.
كما أن أغلب القوى العلمانية أيضا كانت تؤيد بقاء القوات المسلحة فى الحكم لمدة طويلة، وكانت تؤيد أن يكون للقوات المسلحة دور سياسى، وأن يكون لها حصانة دستورية. ومن المعروف أن النظام الديمقراطى يقوم على خضوع المؤسسة العسكرية للسلطة المدنية المنتخبة، مما يعنى أن أغلب القوى العلمانية لم تكن تدافع عن نظام ديمقراطى كامل، بل كانت تدعم نظاما ديمقراطيا مقيدا أو موجها.
وثيقة السلمى
وبيّن "حبيب" أنه مع تصاعد الضغوط السياسية حتى شهر نوفمبر 2011، كانت الفجوة بين القوى الإسلامية والقوى العلمانية فى تزايد، وهو ما أضعف من احتمالات نجاح التحالف الديمقراطى، وبالتالى أفشل أى محاولة لوجود تحالف سياسى واسع، يتمكن من قيادة المرحلة الانتقالية، لتحقيق أهداف الثورة، وأصبحت وثيقة "السلمى" تمثل النص الأهم، الذى يبرز الخلاف بين القوى السياسية بعد الثورة.
فوثيقة السلمى، وهى مقترح من قيادة القوات المسلحة أساسا، وتبنته الحكومة وقتها، وضعت قيودا على عملية تشكيل اللجنة التأسيسية، ووضعت قيودا على عمل تلك اللجنة، ثم وضعت عددا من المبادئ التى تلتزم اللجنة بوضعها فى الدستور، وهى المبادئ التى تكرس عسكرة وعلمنة الدولة، وأغلب القوى العلمانية وافقت على تلك الوثيقة، مما يعنى أن القوى العلمانية لم تكن تؤيد بناء ديمقراطية كاملة غير منقوصة، ولم تكن تؤيد القطيعة الكاملة مع النظام السابق، رغم أنها وقفت ظاهريا فى صف الثورة.
الخلاف حول الثورة
وتحت عنوان "الخلاف حول الثورة" أشار القيادى بحزب الحرية والعدالة،  إلى أن المتابع لمسار مرحلة ما بعد الثورة، يكتشف أن الخلاف الحقيقى كان حول الثورة نفسها، فإذا كانت الثورة، هى الحدث التاريخى الذى ينهى النظام السياسى المستبد، ويحدث قطيعة معه، حتى يتم بناء نظام ديمقراطى حقيقى فإن العديد من القوى العلمانية لم تكن تريد إحداث قطيعة مع النظام السابق، والعديد من تلك القوى لم تكن تؤيد بناء نظام سياسى ديمقراطى كامل، بل كانت تؤيد ما يسمى بالنظام الديمقراطى المقيد أو الموجه، وهو ليس نظاما ديمقراطيا فى كل الأحوال.
وأوضح أنه لذلك لم يتحقق التحالف والتوافق السياسى اللازم لمواجهة النظام السابق، وإحداث القطعية الكاملة مع النظام السابق، لبناء النظام السياسى الجديد. وأيضا لم يتحقق تحالف وطنى واسع لمواجهة دور المؤسسة العسكرية فى السياسة، وإخراجها من المجال السياسى.
وقال "حبيب" إن القوى التى أيدت فكرة المبادئ فوق الدستورية وفكرة بقاء العسكر فى الحكم وتأجيل تسليم السلطة وفكرة وثيقة السلمى، فى أغلبها هى القوى التى أيدت الانقلاب العسكرى، وهى التى تؤيد دستور الانقلاب العسكرى الذى يهدف إلى عسكرة وعلمنة الدولة، وأغلب القوى التى كانت أكثر قربا من نظام ما قبل الثورة هى التى أيدت الانقلاب العسكرى، وأغلب القوى التى مثلت معارضة حقيقية لنظام ما قبل الثورة، هى التى رفضت الانقلاب العسكرى.
وأضاف أن القوى العلمانية التى تنحاز لدور سياسى للمؤسسة العسكرية، تعتقد أنها لن تتمكن من منافسة القوى الإسلامية انتخابيا، مما يعنى أنه لا توجد وسيلة لحصار المرجعية الإسلامية إلا بتدخل المؤسسة العسكرية فى السياسية، لفرض علمنة الدولة.
إعادة الفرز
ورصد "حبيب" تحت عنوان "إعادة الفرز" أنه كان من المفترض أن تكون كل قوى الثورة فى جانب، فى مواجهة النظام السابق، حتى تتمكن من بناء نظام ديمقراطى حقيقى، وتغير أدوار مؤسسات الدولة، خاصة المؤسسة العسكرية، وفقا لقواعد النظام الديمقراطى، وهو ما لم يحدث، فأصبح الخلاف بين القوى المنسوبة للثورة هو الثغرة التى ينفذ منها النظام السابق ومؤسساته، حتى تعود للحكم مرة أخرى وتجهض الديمقراطية.
ولفت إلى أنه تطور تدريجيا تحالف القوى العلمانية مع مؤسسات دولة النظام السابق، خاصة الجيش والقضاء، حتى أصبح تحالفا كاملا، منذ انتخابات مجلس الشعب، ثم وصل لحالة التطابق، بعد الانتخابات الرئاسية. وبهذا، أعيد فرز القوى السياسية مرة أخرى.
وأوضح المفكر السياسى أنه بعد الانقلاب وعودة النظام المستبد للحكم مرة أخرى، أصبحت سلطة الانقلاب وحلفاؤها، يمثلون النظام السياسى المستبد، فى مواجهة تحالف دعم الشرعية ورفض الانقلاب، الذى أصبح يمثل الثورة. وهو ما أعاد ترتيب الأوراق، بحيث تصبح المواجهة بين القوى التى تريد إعادة الاستبداد ولو بشكل ديمقراطى ظاهرى، والقوى التى تريد بناء النظام الديمقراطى الكامل.
وقال إن الانقلاب هو إعادة فرز القوى السياسية، وحدد موضعها، بصورة أكثر وضوحا. لأن القوى التى نسبت للثورة، وكانت مرتبطة بالنظام السابق، والقوى التى نسبت للثورة، وكانت تريد ديمقراطية منقوصة ومقيدة، أسهمت فى تفتيت قوى الثورة، وسمحت بإجهاض تجربة التحول الديمقراطى.
وأضاف أن تأييد أغلب القوى العلمانية للانقلاب العسكرى، وتأييدها أيضا لوجود دور للقوات المسلحة فى المجال السياسى، أخرجها واقعيا من صف الثورة والنظام الديمقراطى الحقيقى، كما أن رغبة أغلب القوى العلمانية فى فرض هوية علمانية للدولة، بغير اختيار شعبى، جعلتها عمليا ضد الديمقراطية الكاملة والحرية الكاملة، أى ضد تحرير الإرادة الشعبية تحريرا كاملا.
وتابع "حبيب" أن الانقلاب العسكرى أوضح وحدد موقف كبار ضباط الجيش، حيث كانت قيادة القوات المسلحة بعد سقوط رأس النظام، تحاول الظهور وكأنها طرف محايد بين القوى السياسية، تدير الحوار بين تلك القوى، لرسم خريطة طريق التحول الديمقراطى. ولكن بعد الانقلاب العسكرى، ظهر الموقف الحقيقى لكبار الضباط بالجيش، الذى يستهدف بناء ديمقراطية مقيدة، لها مرجعية إسلامية شكلية ومقيدة. كما ظهر موقف كبار الضباط، الهادف إلى قيام قيادة القوات المسلحة بدور سياسى، حتى تحافظ على النفوذ والسلطة السياسية للمؤسسة العسكرية، وتحمى امتيازاتها.
وأشار إلى أن الحقيقة أن موقف كبار الضباط بعد ثورة يناير، لم يختلف عن موقفهم بعد الانقلاب العسكرى، ولكن فى البداية، لم يحدد كبار الضباط تصورا واضحا، ثم تشكل هذا التصور تدريجيا، وظهر فى فكرة المبادئ فوق الدستورية، ثم ظهر بصورة متكاملة فى وثيقة السلمى، مما يعنى أن الانقلاب العسكرى تسبب فى إعادة تموضع القوى السياسية، ومؤسسات دولة ما قبل الثورة، ليظهر الصورة الحقيقية للمواجهة، ويحدد بصورة قاطعة، طرفى النزاع بعد الثورة، أى القوى الداعمة لدولة الاستبداد، والقوى الداعمة للتحول الديمقراطى الكامل.
تطور مسار الثورة
وبين "حبيب" أن الانقلاب العسكرى تسبب فى تطوير مسار الثورة، لتصل إلى مرحلة المواجهة الثنائية، حيث تشتد المواجهة بين قوى الاستبداد وقوى الثورة والتحول الديمقراطى، فبسبب الانقلاب العسكرى، خرجت مصر من حالة السيولة التى أعقبت الثورة، والتى سمحت بعودة النظام السابق فى شكل انقلاب عسكرى، ودخل مسار الثورة فى مرحلة المواجهة المباشرة والحاسمة.
ونبه إلى أن الانقلاب العسكرى أحدث  أيضًا تطورا مهما، حيث أصبح للثورة قيادة، تنظم حركة الاحتجاج الثورى، وتمثل قوى الثورة، التى أيدت التحول الديمقراطى الكامل، ودافعت عما أنتجته العملية السياسية الديمقراطية، مما يعنى أن الانقلاب العسكرى -وإن كان أعاد النظام السابق للحكم- إلا أنه أعاد ترتيب ساحة المواجهة، بين سلطة تمثل الاستبداد، ومعها حلفائها، وتحالف سياسى، يقود المواجهة ضد الاستبداد، وضد أى شكل من أشكال الديمقراطية المقيدة أو الموجهة، من أجل استعادة الثورة، بتحقيق التحرر الكامل غير المشروط للإرادة الشعبية.
ولفت إلى أن كل الأوضاع التى رافقت مسار الثورة، تغيرت بسبب الانقلاب العسكرى، فبعد ثورة يناير لم تحدث المواجهة المباشرة بين النظام السابق والقوى التى تريد بناء النظام الجديد، بسبب تولى قيادة القوات المسلحة لمهمة إدارة المرحلة الانتقالية، مما صعب أن تكون المواجهة معها، وظلت دولة النظام السابق تعمل على الأرض من أجل إفشال الثورة والتحول الديمقراطى، وبعد أن كان خصوم الثورة والديمقراطية يتسرب بعضهم داخل بنية الثورة نفسها، ويستعد للانقضاض على الثورة، أصبح خصوم الثورة يحكمون بعد الانقلاب العسكرى فأصبحوا وجها لوجه، مع احتجاج ثورى يحاصرهم ويسقط سلطتهم.
حلفاء الانقلاب
وقال "حبيب" إنه رغم أن كل من أيد الانقلاب سعد به، وتصور أنه أصبح يحكم بسبب الانقلاب، إلا أن الحقيقة غير ذلك؛ فلا مجال لاستمرار الاستبداد بعد الثورة، وعودة الاستبداد والدولة البوليسية مؤقت، وكل من أيد الانقلاب أصبح فى موقف حرج، لأنه راهن على وضع مؤقت، وظن أنه يمكن أن يستمر.
وأوضح أن مشكلة القوى العلمانية أو أغلبها، أنها أصبحت فى صف القوى المستبدة، ومع الدولة البوليسية، مما جعلها تقف عمليا مع النظام المعادى للثورة، مهما حاولت أن تنسب نفسها للثورة، أو تنسب نفسها لثورة جديدة. فلا توجد ثورة فى التاريخ تأتى بدولة بوليسية قمعية، وإن كانت الثورات تتعرض لمحاولة الانقضاض عليها لاستعادة النظام المستبد.
وأشار المفكر السياسى إلى أنه مع تطور المواجهة بين السلطة العسكرية الحاكمة وحركة الاحتجاج الثورى، ستجد القوى العلمانية أن رهانها على تدخل القوات المسلحة لمصلحتها، قد قلص من أى خيارات مستقبلية لها، وأنها أصبحت أمام رهانها الوحيد والأخير.
كما أن بعض الكتل التى أيدت الانقلاب العسكرى، تكتشف حقيقته وتغير موقفها، وتتحول للدفاع عن الحرية والديمقراطية ضد الحكم العسكرى، فبعضها لم يكن يدرى أنه يسهم فى إعادة الحكم العسكرى. ولكن بعض الكتل التى تؤيد الانقلاب العسكرى تؤيد حتى الحكم العسكرى، كراهية للمشروع الإسلامى، أو خوفا منه. وتلك الكتل اختارت موقعا يضعها فى مأزق اجتماعى عميق، خاصة وأنها تظن أن الانقلاب العسكرى سوف ينجح ويستمر، ولم تدرك أن الانقلابات العسكرية تمثل حالة مؤقتة فى مسار الثورة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق