الثلاثاء، 31 ديسمبر 2013

خريف الإنقلاب .. وشَرِ المآب !! بقلم: مهنـدس / محمـد كامـل يس


خريف الإنقلاب .. وشَرِ المآب !!


   
 
بقلم: مهنـدس / محمـد كامـل يس
 يـــري كثيــر مـــن المتابعـــين للمشهــــد المصري الذي تتدحـــرج أحداثــــه بسرعــة بالغـــة وفقــــاً لنظريــة كرة الثلـــج التي يتزايــد حجمهــــا بشـــــــــــــكلٍ لافــــت مرئـــي للنصيب الأعظــم مــــن جمـــوع المشاهديــــن داخــــــل مصر وخارجهــا ، بينمــا يتعامــي عـــن رؤيتـــه مــــن يَصدُق فيهـــم قــــول الشاعـــــــــــــر ( ولَيسَ يَصِحُ في الأذهانِ شئ ٌ.. إذا إحتاجَ النهارُ إلي دليل } كَهذا المُكابر الذي فقــــد البصيرة  فأصبح يُنكر سطوع الشمس بينما هي قابعــــــة في كَبِد السماء يراها دونه جميع الناظرين وتخطف أشعتها عيون المشاهدين ويُحس بدفئها منْ حَرَمه القدَر نِعمة البصر .
والحقيقة التي تبدو في المشهد المصري واضحة بَيِّنَـــةً جليَّــة هي أن نجم الإنقلاب بدأ في الأفول وشمسه قاربت الغروب ونضارته تتجه نحــو الذبــول ، وأن ربيعه المصطنع يوشك أن يضحي خريفــاً رغــم آلة إعلامة الجبارة التى سَلَّطهــا بكامل أسلحتهـا وفرسانهـا ومقاتليهـا ومُموليهـــا ( الذين يدفعـون ببذخٍ وسخاء ) فى كافة وسائل الإعلام المصرية المقروءة والمسموعة والمرئية وبإلحاحٍ مُكثَّف ثقيل على جموع الشعب المصرى ليل نهار منذ نجاح ثورة 25 يناير 2011 الناصعة النقية التى قادها شباب الأمة وأطهر وأنقى عناصرها بعفوية وتلقائية ووطنية ، وبدأها برفضه لكل ما كانت ترزح فيه مصر من فساد وصل إلى الأذقان وبلغت فيه القلوب الحناجر ثم تعالى سقف مطالبه شيئاً فشيئا حتى أسقط الطاغية الذى جثم على أنفاس الشعب ثلاثين عاما فى ثمانية عشر يوماُ فقط ، إجتثت خلالها ثورة الشباب أقوى مفاصل دولة الفساد إمبراطورية الشرطة وأمن الدولة التى ما لبثت أن تجمَّعت مع كل فلول الفساد فى الداخل والخارج والنظام السابق من أجل وأد هذه الثورة التاريخية الخالدة فى مهدها وقبل أن يكتمل نموها ويشتد عودها مُستهدفةً إجهاض كل ما حققته الثورة بدءاً بإلغاء كل ما افرزته صناديق الإنتخاب من مشروعات دستورية ومجالس نيابية وأول رئيس منتخَب للجمهورية تكالبت عليه كل قوى الشر فى الداخل والخارج لسرعة إسقاطه قبل أن يجتذب جموع الشعب حوله بعد أن تَبَدَّى لهم جديته فى اقتحام الصعاب وتجاوز الخطوط الحمراء بالسعى لتحقيق الإكتفاء الذاتى من القمح فى سنوات أُحادية قليلة وإنتاج السلاح والغذاء وتعمير سيناء والخوض الجدى فى مشروعات قومية وتحقيق الهوية ، فنجحت فى شل حركته وتقييد حريته ووضع كافة إمكانيات أجهزة الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية فى الخندق المعادى له ليبقى كرجل تم تكبيله من يديه ورجليه بسلاسل حديدية وألقى به فى وسط أمواج البحر العاتية وطُلب إليه السباحة لإنقاذ السفينة المصرية الجانحة وهو على هذا الحال ليُثبت عجزه الكامل وفشله المؤكد فى إدارة شئون البلاد مصداقاً لقول الشاعر ( ألقاهُ فى اليَمِّ مكتوفاً وقال لهُ 00 إياكَ إياكَ أن تبتلَّ بالماءِ ) ، والغريب أن الكثيرين من أتباعه وأنصاره كانوا عبئاً ثقيلاً عليه وبدلاً من أخذهم بيديه وتخفبف الضغوط عليه إذا ببعضهم يدفعه دفعاً إلى القاع بغباءٍ مُنقطع النظير كالدُب الذى سعى لإنقاذ صاحبه من حشرة على أنفه فقذفها بحجرٍ ثقيلٍ فقتلها وهشم معها رأس صاحبه 00 وقد نجحت هذه الخطة الشيطانية التى كانت الآلة الإعلامية الجهنمية الكاذبة الخادعة الفتاكة أول أدواتها فسلَّطهاعليهم بأمضى أسلحتها من شائعاتٍ قوية وأكاذيب ذكية وافتراءاتٍ فلكية وخطة خداعٍ شيطانية إستهدفت عقول جموع المصريين حتى نجحت بإلحاحها فى اكتساب تعاطف شريحة واسعة من الشعب ودغدغة مشاعرهم بطنطنةٍ صارخة قوية وأقوال ناعمة شاعرية وأفعال خبيثة تمثيلية ووعود خادعةٍ إنشائية لعبت على جميع الأوتار وغازلت جميع الأطياف وناشدت كل الأصناف باختلاف ألوانهم وأفكارهم ومشاربهم وعقائدهم ، فاجتمع حولها الفرقاء فى ظرف استثنائى تم نسج خيوطه بدهاء شديد حجب عن المشهد أى صورة وأخرس أى صوت للآخر الذى غاب بإرادته أو بغيرها عن الساحة الإعلامية الفسيحة وآلتها الجهنمية الجبارة التى احتكرها الإنقلاب وزبانيته وبطانته لنفسه دون منازع أو مُنازل0

وليس يُساور النصيب الاعظم من المتابعين للمشهد المصرى فى الداخل والخارج ادنى شك فى أن ربيع الإنقلاب قد ولَّى سريعاً وبعجلةٍ تصاعًديَّة تتجاوز عجلة الربيع العربى التى تسعى قوى عديدة داخلية وخارجية عربية ودولية جاهدة ليس لإيقافها فقط لتحويلها إلى عجلة تنازلية تعود بعقارب الزمان ليس إلى ما كانت عليه الأحوال المصرية قبل الخامس والعشرين من يناير 2011 من فساد وجهل واستبداد فحسب وإنما إلى عقود إلى الوراء وإلى حالة من الفساد أعلى ومن القهر أنكى ومن الإستبداد أبغى ومن الظلم أعتى ، وأن بشائر خريف الإنقلاب التى لا تًخطئهـا عينٍ ترى أن السحر بــدأ ينقلب على الساحر عملاً بالمثـــل الشعبى ( مَن حفــر حًفــرةً لأخيـــه 00 وقـــع فيهــا ) ، وبــــــدأت سحابـــة الغَىِّ والضلال تنقشع ووجه الإنقلاب القبيح ينكشف وعوراتـــه تتبـــدَّى للجميـع ، وعــاد جهـــــاز الشرطة والأمــــن من بين ما عــاد ( وبصرف النظر عن تغيير المسميات من أمن الدولة إلى الأمن الوطنى ) إلى أسوأ بكثيرٍ مما كان يراه الجميع سيئاً من قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 من قتلٍ وقهر واستباحة للأنفس والأموال والأعراض والأمن والاستقرار والإجتراء على بيوت الله بالإقتحام والحرق وعلى كتابه الكريم ، والأدهى والأمرْ أن تمكن بعض رجاله من إعتلاء منصات القضاء لنرى ما نراه اليوم من انتهاكٍ لهيبتها وعدالتها وقداستها ، ولنرى بعض رموزه الشائخة تتصدَّر الشاشات لتتحفنـــا بما لم نراه أو نسمع به من قبـــــــل من نفايات القول وبذاءات اللسان ، فهــــذا خبيراً أمنياً ( وما أكثر الخبراء والمحللين والنشطاء السياسيين فى هذه الأيام التعيسة ) ينادى بضرب المتظاهرين ( بالجزمة ) ، وذاك قرينه الخبير الأمنى الآخر ينادى بضرب أى متظاهرٍ بالرصاص ( بين عينيه ) ، وهذا هو الجيش المصرى الذى تجرى محبته فى العروق المصرية مجرى الدم وتحتل مكانته الوجدان وتسكن الثقة به فى قلوب جموع المصريين على مدار التاريخ ويراه الملاذ الأخير لهم وقت الشدائد ، نراه ينجرف دون ما أى داعٍ ولا مًبررٍ ولا منطقٍ ولا حجة للتصدى لجماهير محبيه من المصريين الثائرة على الفساد والغاضبة من هزل الحكومات والرافضة لعجيب الأحكام والقرارات والمتظاهرة ضد الظلم والقهر والإعتقالات وانتهاك الأنفس والحرمات والإجتراء على الحرائر والعفيفات ، مًستخدماً أسلحته وذخيرته لا ضد العدو المعروف لنا جميعاً وإنما ليعمل فى أهله قتلاً وسحقاً وإفزاعاً واعتقالاً وترويعاً ، حتى كدنا أن نفقد عِفَّتنا وأن تًنتهك عًذريتنا وأن تًسلب منَّا أعز ما نملك ( كرامتنا ) ولا تتبقى لنا مساحة من الثقة فى أى قطاعٍ مصرى بعد القضاء والجيش 0

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق