نشأت مهران :
حين أصبح الخديوي إسماعيل (ظهره للحيط)، وأحاطت به الديون بسبب فساده وسفهه وإسرافه، وأصبح يحتاج إلى ظهير يقويه في وجه الباشاوات والإنجليز، قرر أن يتخذ من المصريين ظهيرا، وفي نفس الوقت أن يظهر أمام العالم المتحضر وكأنه على رأس دولة دستورية، لذلك قرر إنشاء "مجلس شورى النواب".
كان المجلس أضحوكة، فهو مجلس استشاري، لا علاقة له بالسلطة التنفيذية، أعضاؤه من أعيان المصريين الغارقين في خيرات القصر، ولا سلطة له على أي شيء، ولا يمكن أن يتدخل في سلطة الخديوي، فهو مجلس يجتمع شهرا واحدا في السنة، ولا يحق له أن يطلع على ميزانية الدولة، إنه "خيال مآتة"، لا أكثر.
الخديو أخذ الأمر على أنه مسرحية هزلية، ولكن الشعوب تأخذ هذه الأمور بمنتهى الجدية، وأجريت الانتخابات في جو حماسي ساخن، وهذا المجلس الذي بدأ وكأنه "لا شيء"، كاد أن يصبح بعد ذلك كل شيء.
المجلس الأول عقدت جلسته الأولى في 25 نوفمبر 1866، وأصبح مهبط أفئدة المصريين، وتعلقت آمالهم به، وأصبح من يمثلهم فيه نجوما، لقد تفجرت العواطف الوطنية المصرية بسبب هذا المجلس الشكلي، ولم يستطع أحد أن يعيد هذه العواطف والآمال إلى صدور المصريين مرة أخرى، إنها سهم انطلق من القوس، وهيهات أن يوقفها أحد.
هذا المجلس كان سببا في اندلاع الثورة العرابية، وثورة 1919، وكان مصنع القيادات الوطنية لعشرات السنين، حتى عام 1952.
حين قرر مبارك أن يكتب مسرحية الانتخابات الرئاسية، قرر كاتب السيناريو أن يحرم الجميع من حق الترشح لانتخابات الرئاسة، وبالفعل، تطوع مستشارو السوء ليجعلوا من المادة 76 أضحوكة للأمم، فهي مادة لمنع الترشح، وليست لشروط الترشح.
ولكن الشعوب تأخذ هذه الأمور على مأخذ الجد، وكانت النتيجة أن ظهر من المجهول شخص اسمه "أيمن نور"، وأيا كان رأينا في هذا المرشح وفي جدارته في احتلال المنصب الرفيع، فإن خيالات المصريين ورغباتهم في التغيير انطلقت، ولم يستطع أحد أن يمنع الجيل الجديد من المصريين من الحلم.
اليوم... بعد أن اندلعت ثورة يناير وأجبرت سائر المصريين والعرب على أن يتخيلوا وطنا شريفا نظيفا، وبعد أن طار طائر الأحلام إلى أعلى السموات، يريد بعض ضيقي الأفق القادمين من القرون الماضية أن يعتقدوا أن المصريين يمكن أن يدخلوا إلى جحور الاستبداد مرة أخرى، يفكرون كما فكر الخديو في عام 1866، ويحسبون أن هذه الأحلام العريضة لجيل كامل سوف تختفي، وأن قتل الناس في الشوارع مع الرقص على جثثهم في التلفزيونات سوف يرهب الشباب، أو سوف يحملهم على نسيان أحلامهم العريضة.
مسرحية الدستور، التي أعطت للدولة العميقة كل ما تريده من مكتسبات، لن تمنع المصريين من أن يحلموا بدستور حقيقي، لا يكتب في دبابة، ولا يعدل في حفل عشاء.
انتخابات الرئاسة المزعومة التي أعلن عنها، لن تستطيع كبح أشواق المصريين في رؤية رئيس حقيقي، منتخب من الناس، لم يأت لهم ليزعم أنه رئيس عادل بينما كرباجه أسود من سواد الليل.
أيها السادة ...
أنتم تسخرون من شعوبكم، وتقدمون لهم وجبات من الكوميديا، ولكن تأكدوا أن الشعوب تأخذ هذه الأمور بجدية شديدة، وكل المسرحيات الهزلية التي تقدم اليوم...ستصبح جدا غدا، وهذا الغد قريب، قريب جدا بإذن الله.
قاوموا التغيير بكل ما أوتيتم من قوة، اقتلوا الناس في الشوارع، لفقوا لهم ما شئتم من تهم، قاضوا رموزهم بما تريدونه من ألاعيب القانون، شوهوا شرفائهم بكل ما يعيب وما لا يعيب، في النهاية ... التغيير قادم ...!
عاشت مصر للمصريين وبالمصريين ...
حين أصبح الخديوي إسماعيل (ظهره للحيط)، وأحاطت به الديون بسبب فساده وسفهه وإسرافه، وأصبح يحتاج إلى ظهير يقويه في وجه الباشاوات والإنجليز، قرر أن يتخذ من المصريين ظهيرا، وفي نفس الوقت أن يظهر أمام العالم المتحضر وكأنه على رأس دولة دستورية، لذلك قرر إنشاء "مجلس شورى النواب".
كان المجلس أضحوكة، فهو مجلس استشاري، لا علاقة له بالسلطة التنفيذية، أعضاؤه من أعيان المصريين الغارقين في خيرات القصر، ولا سلطة له على أي شيء، ولا يمكن أن يتدخل في سلطة الخديوي، فهو مجلس يجتمع شهرا واحدا في السنة، ولا يحق له أن يطلع على ميزانية الدولة، إنه "خيال مآتة"، لا أكثر.
الخديو أخذ الأمر على أنه مسرحية هزلية، ولكن الشعوب تأخذ هذه الأمور بمنتهى الجدية، وأجريت الانتخابات في جو حماسي ساخن، وهذا المجلس الذي بدأ وكأنه "لا شيء"، كاد أن يصبح بعد ذلك كل شيء.
المجلس الأول عقدت جلسته الأولى في 25 نوفمبر 1866، وأصبح مهبط أفئدة المصريين، وتعلقت آمالهم به، وأصبح من يمثلهم فيه نجوما، لقد تفجرت العواطف الوطنية المصرية بسبب هذا المجلس الشكلي، ولم يستطع أحد أن يعيد هذه العواطف والآمال إلى صدور المصريين مرة أخرى، إنها سهم انطلق من القوس، وهيهات أن يوقفها أحد.
هذا المجلس كان سببا في اندلاع الثورة العرابية، وثورة 1919، وكان مصنع القيادات الوطنية لعشرات السنين، حتى عام 1952.
حين قرر مبارك أن يكتب مسرحية الانتخابات الرئاسية، قرر كاتب السيناريو أن يحرم الجميع من حق الترشح لانتخابات الرئاسة، وبالفعل، تطوع مستشارو السوء ليجعلوا من المادة 76 أضحوكة للأمم، فهي مادة لمنع الترشح، وليست لشروط الترشح.
ولكن الشعوب تأخذ هذه الأمور على مأخذ الجد، وكانت النتيجة أن ظهر من المجهول شخص اسمه "أيمن نور"، وأيا كان رأينا في هذا المرشح وفي جدارته في احتلال المنصب الرفيع، فإن خيالات المصريين ورغباتهم في التغيير انطلقت، ولم يستطع أحد أن يمنع الجيل الجديد من المصريين من الحلم.
اليوم... بعد أن اندلعت ثورة يناير وأجبرت سائر المصريين والعرب على أن يتخيلوا وطنا شريفا نظيفا، وبعد أن طار طائر الأحلام إلى أعلى السموات، يريد بعض ضيقي الأفق القادمين من القرون الماضية أن يعتقدوا أن المصريين يمكن أن يدخلوا إلى جحور الاستبداد مرة أخرى، يفكرون كما فكر الخديو في عام 1866، ويحسبون أن هذه الأحلام العريضة لجيل كامل سوف تختفي، وأن قتل الناس في الشوارع مع الرقص على جثثهم في التلفزيونات سوف يرهب الشباب، أو سوف يحملهم على نسيان أحلامهم العريضة.
مسرحية الدستور، التي أعطت للدولة العميقة كل ما تريده من مكتسبات، لن تمنع المصريين من أن يحلموا بدستور حقيقي، لا يكتب في دبابة، ولا يعدل في حفل عشاء.
انتخابات الرئاسة المزعومة التي أعلن عنها، لن تستطيع كبح أشواق المصريين في رؤية رئيس حقيقي، منتخب من الناس، لم يأت لهم ليزعم أنه رئيس عادل بينما كرباجه أسود من سواد الليل.
أيها السادة ...
أنتم تسخرون من شعوبكم، وتقدمون لهم وجبات من الكوميديا، ولكن تأكدوا أن الشعوب تأخذ هذه الأمور بجدية شديدة، وكل المسرحيات الهزلية التي تقدم اليوم...ستصبح جدا غدا، وهذا الغد قريب، قريب جدا بإذن الله.
قاوموا التغيير بكل ما أوتيتم من قوة، اقتلوا الناس في الشوارع، لفقوا لهم ما شئتم من تهم، قاضوا رموزهم بما تريدونه من ألاعيب القانون، شوهوا شرفائهم بكل ما يعيب وما لا يعيب، في النهاية ... التغيير قادم ...!
عاشت مصر للمصريين وبالمصريين ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق