الأحد، 2 فبراير 2014

لهذه الأسباب.. لن يمكِّن الله لهذا الانقلاب

 لهذه الأسباب.. لن يمكِّن الله لهذا الانقلاب
بقلم: عماد غانم
هل من الممكن أن يمكِّن الله لهذا الانقلاب؟

الإجابة على هذا السؤال، تختلف باختلاف معتَمَدها.

فالمعتمِد في إجابته على النظرة العقلية، ستكون إجابته، نعم...من الوارد جدا أن يمكن الله لهذا الانقلاب، لأن الأسباب كلها ترمي ناحية ذلك، فنحن أمام انقلابيين يملكون كل مفاصل الدولة، ويملكون أهم ما في هذه المفاصل، جهازها الأمني بكل أذرعه وأجزائه (الجيش والشرطة والمخابرات والأمن الوطني والحرس الجمهوري). كما أن هؤلاء الانقلابيين يلقون دعما من جزء غير قليل من الشعب، يطبلون لهم ويهتفون بأسمائهم ليل نهار.
فضلا عن جهاز إعلامي يزين لهم ما يدّعون، وقضاء يسوي لهم ما يريدون. والعالم كله من وراء هذا وذاك يؤيد ويمول، في تآمر عالمي، ربما لم يسبق له مثيل، إلا في القليل النادر.
إذًا، النظرة العقلية المجردة تقول: من الوارد جدا أن ينجح هذا الانقلاب، وأن يمكّن له.
 أما أصحاب النظرة العقلية ذات الخلفية الاعتقادية الربانية، فإنهم يجزمون يقينا، أن الله لن يمكن لهذا الانقلاب أبدا، وأنه سيندحر قريبا، عاجلا غير آجل.
وهذا هو تفصيل الأسباب التي تؤكد لهم ذلك:
- فُجر الخصوم وطغيانهم:
لما أن نصرنا الله عز وجل في ثورتنا (ثورة الخامس والعشرين من يناير)، وفي لحظة تنحي مبارك، كنت ساعتها في الميدان أصلي مع جموع الثوار صلاة المغرب، وبعد إتمام الصلاة، أخذنا نهتف ونتقافز فرحين بنصر الله، وأخذت الهتافات تدوي (الشعب خلاص أسقط النظام)، فإذا بالبعض يسيرون في مجموعات وسط الميدان هاتفين (الله وحده أسقط النظام).
وبعد الثورة تحدث بعض من إخواننا الموفقين عن أساب نصرة الله لنا في هذه الثورة العظيمة، وقالوا: (إن الله ينصر الصف المؤمن في إحدى حالتين، إما أن يكون صفا يستحق النصر بحاله مع الله، وإما أن يكون الخصم قد بلغ في طغيانه حدا يستدعي تدخل الله بنصر عباده المؤمنين ولو لم يكونوا يستحقون)، وهو ما حدث فعلا.
نحن لم ننتصر في ثورة الخامس والعشرين من يناير بطاعتنا، ولكننا انتصرنا بمبالغة عدونا في عصيانه وطغيانه.
 وها هو خصمنا وعدونا في ثورتنا هذه يبالغ في عصيانه وطغيانه، فانتظروا النصر بإذن الله.
 - ثباتنا وصبرنا:
تقصيرنا ومعاصينا نقرّ بها، وربنا يعلمها من قبل أن نعلمها، ولا يحتاج في ذلك لإقرارنا. ومن هذه الناحية فنحن لا نستحق عون الله ونصره. غير أننا نأمل من ربنا وإلهنا أن يمدنا بهذا العون والنصر من نواح أخرى.
فمن ناحية، نرى أن معاصينا وأخطاءنا إلى جانب مصائب خصومنا وخطاياهم، هي بلا مزايدة كمثل الحصاة إلى الجبل، والقطرة إلى البحر.
هم يحاربون الله وشرعه علانية، هم يقتلون ويسفكون الدم الحرام،هم يوالون أعداء الله وأعداء دينه، هم وهم وهم.. فأين نحن منهم.
ومن ناحية أخرى، فنحن بفضل من الله وحده، قد ثبتنا في محنتنا ثباتا شهد به الخصوم، وصبرنا على ضرائنا صبرا كصبر الأسلاف الكرام. وما أظن أبدا أن يثبت صف من الصفوف في مواجهة عدو الله وعدوه بهذا الشكل، ثم لا تكون النصرة له. هذا والله هو ثبات الانتصار، وصبر الانتصار.
- أولياء الله الذين هم معنا:
كما قلنا، نحن صف مجاهد فيه الكثير من النقائص والعيوب، وتقصيرنا ظاهر واضح، غير أننا نرى في داخل هذا الصف بعضا من أولياء الله حقا، ممن نرى ولايتهم رأي العين، فلا يخفى علينا حالهم، رغم مبالغتهم في الإخفاء والستر.
بل إننا لا نزايد إذا قلنا، أنه يوجد في صفنا الكثير منهم وليس البعض فقط، أولئك الذين أظمأوا نهارهم، وقاموا ليلهم،ولهثت ألسنتهم بذكر الله، وتعلقت قلوبهم به تعلق المحب الخائف المرتجي.
هم أولياء الله، ممن يصدق في كل واحد منهم القول (لو أقسم على الله لأبره).
وهم معنا في صفنا المجاهد، يقسمون على الله ليل نهار أن ينصرنا على عدوه وعدونا، وأن لا يشمت بنا الشامتين، وأن لا يملّك منا الطاغين الظالمين، وأن يعجل بنصرته هذه.
تُرى.. هل يخلف الله ما بينه وبين أوليائه فلا يستجيب لهم؟!، لا أرى والله إلا استجابة منه لهم، وفي القريب كما دعوه.
- تعلّق الأمة كلها بقضيتنا واجتماعها عليها:
إننا نرى بوضوح تعلق الأمة كلها بقضيتنا هذه، فالأمة من شرقها لغربها، ومن شمالها لجنوبها، ومن عالمها الإسلامي العربي لعالمها الإسلامي الأعجمي، لأقلياتها الإسلامية في البلاد غير الإسلامية، كلها معلقة بقضيتنا تعلقا يشبه من قريب تعلقها بقضية القدس.
فقد رأينا شارة رابعة يرفعها أبناء فلسطين في الضفة وغزة، ويرفعها العرب المسلمون في داخل إسرائيل، ويرفعها المجاهدون في أفغانستان، ويرفعها قادة تركيا، وكل المسلمين الممانعين للأنظمة الطاغوتية الموالية للغرب في كل بلدان العالم الإسلامي.
بل ووجدنا أحرار العالم كله يقفون إلى جانب قضيتنا، وأحرار الغرب خصوصا بعيدا عن تواطؤ أنظمتهم الحاكمة مع هذا الانقلاب وتمويله.
نحن إذن أمام قضية محورية في اهتمام الأمة الإسلامية كلها، بل والعالم أجمع، وهي قضية لها ما بعدها، فإما صحوة إسلامية منتظرة، وعودة لدولة الإسلام الموعودة، وإما هزيمة وانتكاس.
فهل يتخيل متخيل أن يكسر الله قلب الأمة كلها، ولا ينظر الله لمرادهم وقد أجمعوا عليه، ولا تجتمع الأمة على باطل، ولينصرن الله هذا الحق الذي اجتمعت عليه.
ولا يقولن قائل أن هناك من الأمة من لا يجتمع على قضيتنا هذه، بل ويقف مع الطرف الآخر فيها.
ولهذا القائل نقول: هؤلاء ليسوا من الأمة، هم منها اسما، ومن عدوها حقيقة ووصفا.
- الفتنة، إن لم ينصرنا الله:
عدونا بالغ في ظلمه، سفك الدماء، وسجن الأولياء، وحارب دين الله علانية. والمعركة واضحة، معركة حق وباطل.
باطل طاغ، وحق ثابت صابر.
هي معركة انتصار، لا ريب في ذلك عند أهل الحق، فإذا ما كانت النهاية على غير ما نتخيل، فستدور الفتنة برؤوس البعض.
وقد سمعت من البعض كلاما في هذا المسار.
سمعت من بعضهم: يجب أن نعيد النظر في كل قناعاتنا، حتى في الغيبية منها.
وسمعت من بعضهم: لعلنا على الباطل وخصمنا على الحق.
وسمعت من بعضهم: لو تم الأمر لهم، فلا عمل إسلامي ولا مواجهة باطل وظلم، ما حييت.
هي فتنة يخشى منها إذا ما قدر الله نجاح هذا الانقلاب، وهي فتنة لا تصيب إلا أصحاب القلوب المرجفة والعقول القاصرة، لكنها ستصيب، لأنهم موجودون، وليسوا بقليلين.
وما كان الله ليفتن الناس بعد أن هداهم للإيمان، إنما هو تأخير النصر للاختبار، ثم يتأتى النصر قريبا بإذن الله، ليثبت به قلوب المرجفين، وليزداد الذين آمنوا إيمانا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق