لماذا اختفت قضية الضباط الملتحين؟!
بقلم: رضا حمودة
يـبدو
أننا قد تعرضنا لخديعة كبرى أدارها ووقف وراءها حزب النور ذراع الدعوة
السلفية فيما عُرف وقتها بقضية الضباط الملتحين العام الماضى (إبان حكم
الرئيس محمد مرسى) ووقفاتهم الاحتجاجية وإضرابهم عن العمل تنديداً بتعنت
وزارة الداخلية معهم ورفضها عودتهم إلى العمل رغم حصولهم على حكم قضائى من
المحكمة الإدارية العليا أنصفهم ، وعلى الرغم من إمتعاضى الشخصى من تعنت
السلطات المتعاقبة مع كل ما يمت للإسلاميين بصلة على وجه الخصوص وكأننا
نعيش فى دولة بوذا حيث الأقلية الإسلامية لا تتمتع بأى حقوق أو حريات ، وقد
عبرت عن ذلك فى مقال فى نوفمبر من عام 2012 بعنوان( الضباط الملتحون.. بين
فقه الأولويات وتحديات الساعة) انتصرت فيها لقضية هؤلاء الضباط ليس فقط من
الناحية الشرعية تأسيّاً وإقتداءاً بسنة النبى صلى الله عليه وسلم ، وإنما
من منطلق الحرية الشخصية التى يكفلها الدستور والقانون.
ما
أخذته على هؤلاء الضباط سكوتهم فى عهد مبارك من باب القهر والظلم انطلاقاً
من القاعدة الشرعية الشهيرة( الضرورات تبيح المحظورات) فآثروا الصمت
المطبق وتنازلوا عن سنة مؤكدة يمكن التفريط فى تطبيقها بينما ارتأوها فرضاً
وركناً من أركان وربما من المعلوم من الدين بالضرورة فى عهد الرئيس محمد
مرسى (الإسلامى) لا يمكن التفريط فيها بأى حالٍ من الأحوال من باب الحرام
وربما الموبقات التى تورد المهالك فكنت أفضل الصبر هنا من منطلق أولويات
الساعة وواجب الوقت لكنهم بنظرى تغاضوا تماماً عن فقه الواقع وفقه
الأولويات وتحديات الساعة ذلك أن المواطن البسيط أحوج ما يكون إلى الشعور
بالأمن ومن ثم ينعكس الأمان والسلم الإجتماعى بدوره على المجتمع ولا يهمه
لحية الضابط أو مظهره بحال من الأحوال حيث أن الأجر الإلهى يعود على الضابط
شخصياً المقتدى بسنة النبى صلى الله عليه وسلم ، أما مهمة تقديم خدمة
الأمن الملقاه على عاتقه تعود على الوطن بأسره وهذا هو مكمن الخلاف فى
ترتيب أولوياتنا انطلاقاً من المصلحة العامة للبلاد والعباد.
ما
أفزعنا وأشعرنا بأنه قد تم استغفالنا وخديعتنا من قبل حزب النور (المنتسب
للسلفية) لاسيما بعد محاولاته المستمرة ابتزاز الرئيس مرسى وإحراجه فى تلك
القضية على وجه الخصوص ومحاولة إظهاره على أنه يخذل الشريعة الإسلامية
بالرغم من خلفيته الإسلامية وانتماءه لفصيل إسلامى ( الإخوان المسلمين) ،
ما يجعلنا نتشكك إلى درجة اليقين بنظرية المؤامرة بأن حزب النور هو من وقف
خلف التشنيع بالقضية والمتاجرة بالدين بغرض إظهار عجز الرئيس من جهة
والتشكيك فى حرصه على قضايا الشريعة الإسلامية من جهةٍ أخرى فى إطار الصراع
المستتر بين التيار السلفى (فرع أمن الدولة طبعاً ) وجماعة الإخوان
المسلمين ظهرت تجلياتها أيضاً فى قضية السياحة الإيرانية وفزّاعة ما يسمى
(التشيع) والتى اختفت بعد انقلاب 3 يوليو و اكتشفنا أنها نوعاً من الكيد
السياسى والابتزاز الرخيص والدعاية السوداء لتشويه وإحراج الإخوان المسلمين
.
أكثر
من مؤشر يعزز شكوكنا فى نزاهة قضية الضباط الملتحين رغم ميلى الشخصى
لبراءة البعض منهم من أى غرض سوى الإقتداء بالسنة النبوية الشريفة ، أهم
هذه المؤشرات هو اختفاء أى صدى لتلك القضية العادلة بلا أدنى شك بعد انقلاب
3 يوليو الماضى وكأن مهمتهم انتهت عند هذا الحد بعد عزل الرئيس المنتخب
واختفت معهم أحاديث حرمة حلق اللحية وتأثيم من يمنع عودتهم للعمل وفى
المقدمة ولى أمر البلاد ( وهو الرئيس) ، وهناك مؤشرٌ آخر لا يقل أهمية وهو
تصريحات العميد طارق الجوهرى قائد قوة الحراسة الليلية لمنزل الرئيس
المختطف محمد مرسى بتاريخ(23 سبتمبر) الماضى أكد فيها مقتل اثنين من هؤلاء
الضباط فى اعتصامى رابعة والنهضة ، والبعض حلقوا لحاهم لأنهم أمن دولة
مدسوسين بدعم من حزب النور ورجعوا الخدمة ، والباقى قاعدين على الفيسبوك
(على حد قوله نصاً) – الأمر الذى يدفعنا إلى التصديق بأن حزب النور السلفى
ما هو إلا أحد أذرع أمن دولة مبارك وخير شاهدٍ على ذلك موقف الحزب المخزى
بتأييده الإنقلاب على أول رئيس منتخب تظاهر بتأييده فى السابق فضلاً عن
تخليه عن المادة المفسرة للشريعة الإسلامية (219) فى دستور الشعب (2012)
والتى لطالما صدًع رؤوسنا بها وتشبث بها وقال أن دونها الرقاب إذا ما تم
التخلى عنها ولو بحرفٍ واحد ، ثم اكتشفنا الخديعة الكبرى وكذبة المتاجرة
بورقة الشريعة بعد التخلى عن تلك المادة(فى وثيقة ما يسمى بلجنة الخمسين )
بل القبول بتفسير المحكمة الدستورية العليا التى كانت علمانية على حد وصف
منظر الحزب د. ياسر برهامى العام الماضى فقط والذى رفض تفسيرها منذ عام فى
دستور 2012 ، لكن يبدو أنه لا فرق بين الحزب الوطنى وحزب النور اللهم إلا
اللحية فقط.