الأحد، 20 أبريل 2014

د.رفيق حبيب في دراسة : "ثورة في الأزهر.. الدلالة التاريخية"

د.رفيق حبيب في دراسة :  "ثورة في الأزهر.. الدلالة التاريخية"


مظاهرات الطلاب ضد الانقلاب بجامعة الأزهر
20/04/2014
* الحراك الطلابي الثوري في جامعة الأزهر رأس حربة في مواجهة منظومة الاستبداد والتخلف
* الحراك الثوري الأزهري، هو واقعيا محاولة جادة لاستعادة الأزهر مرة أخرى إلى المجتمع
* الأزهر كان منارة للعلم وصرحا لمقاومة الاحتلال والظلم تم تنحيته وأصبحت قيادته توفر غطاءً للاستبداد العسكري
* لم يكن للتغريب أن يتمدد أو للعلمنة أن تنتشر دون عزل الأزهر عن القيام بكل أدواره التاريخية
 
 
أكد د.رفيق حبيب أن الحراك الطلابي الثوري في جامعة الأزهر يكتسب دلالة خاصة، لأنه يعد احتجاجا على تنحية الأزهر عن القيام بدوره، واحتجاجا على ما آل له الأزهر الجامع والجامعة من وضع في ظل الاستبداد. ولعل الحراك الطلابي في الأزهر، يعد الرد الموضوعي على مشاركة شيخ الأزهر في الانقلاب العسكري؛ فقد تم تنحية الأزهر من الحياة العامة، ولم يعد يقوم بأدواره التاريخية، وكان ذلك جزءا من عملية فرض سلطة الدولة المستبدة. فالأزهر، الذي كان منارة للعلم، ومدافعا عن الأمة ضد الظلم، وصرحا لمقاومة الاحتلال، لم يعد له تلك الأدوار، بل أصبحت قيادته توفر غطاءً للاستبداد العسكري.
لم يتمكن مستبد من فرض هيمنته على المجتمع، إلا بعد أن عزل الأزهر عن المجتمع، ومنعه من القيام بدوره، وأدخله في مرحلة التراجع والتدهور. فكل سلطة مستبدة، أدركت أنها لن تستطيع فرض استبدادها على مجتمع قوي، لذلك أضعفت المجتمع، ولم يكن من الممكن إضعاف المجتمع المصري دون إضعاف الأزهر.
عزل الأزهر
وأضاف في دراسة حديثة له عنوانها "ثورة في الأزهر..الدلالة التاريخية" كان الأزهر عنوانا لهوية الأمة، ومدافعا عنها، لذا لم يكن للتغريب أن يتمدد، أو للعلمنة أن تنتشر، دون عزل الأزهر عن القيام بكل أدواره التاريخية. ولم يكن من الممكن بناء دولة علمانية مستبدة إلا بعد حصار الأزهر، المؤسسة والعلماء، حتى لا يتمكن من القيام بدوره التاريخي.
كان المشهد التاريخي واضحا، فالأزهر أحد أدوات الأمة الناهضة المستقلة، ومورد أساسي من موارد الأمة، وأداة من أدوات النهضة والتحرر. وحتى تتمكن السلطة المستبدة من استعباد المجتمع ومنع نهوضه وحصار هويته، كان لا بد من تنحية الأزهر عن دوره.
لافتا إلى أنه لم يكن مشهد الانقلاب العسكري، مجرد مشهد عابر، بل كان في العديد من الجوانب مشهدا كاشفا لحقيقة منظومة الاستبداد الحاكمة. فقد وقف شيخ الأزهر مع القائد العسكري للانقلاب، ليكشف أن السيطرة على الأزهر هي أهم أدوات السلطة المستبدة.
وبدل من أن يكون الأزهر جزءا من الأمة ونضالها من أجل التحرر، وقفت قيادة الأزهر مع السلطة المستبدة، وشاركت في إجهاض ثورة يناير التي لم تؤيدها أساسا، لتقوم قيادة الأزهر بالدور الذي رسم لها منذ سيطرة الدولة المستبدة عليه.
مشددا على أن الحراك الثوري بعد الانقلاب العسكري، يواجه كل ميراث دولة الاستبداد، وعهود التخلف والتأخر، ويأتي الحراك الطلابي الثوري في جامعة الأزهر ليكون رأس حربة في مواجهة منظومة الاستبداد، التي تأسست على سيطرة السلطة المستبدة على الأزهر حتى تفقده دوره.
وتتناول هذه الدراسة الدلالة التاريخية للحراك الطلابي في الأزهر، وتأثيره المهم على مسار الثورة المصرية، ودور الأزهر الراهن، ودوره التاريخي، وتأثير الثورة عليه. كما تتناول الدور المركزي للحراك الطلابي عامة، ودوره في تحقيق أهداف الثورة. 

تحرير الأزهر
وتحت عنوان "تحرير الأزهر" قال "حبيب" إن الدلالة المهمة للحراك الثوري في الأزهر، أنه يمثل احتجاجا ضد الوضع الذي وصل له الأزهر بعد عقود من الاستبداد. فهو حراك ثوري، يهدف إلى تحرير الأزهر، كما يهدف لتحرير الأمة، واستعادة مسار الثورة. وموقف سلطة الانقلاب العسكري من الحراك في الأزهر يكشف عن الخوف الشديد من خروج الأزهر من منظومة الاستبداد، أي خروجه من سيطرة السلطة المستبدة. فالمواجهة بين السلطة المستبدة وطلاب الأزهر تختصر أهم مشهد من مشاهد نضال الأمة عبر تاريخها.
من أراد فرض استبداده، حجّم دور الأزهر، وفرض السيطرة على علماء الأزهر. ومن أراد نشر التغريب والعلمنة سيطر على الأزهر وعزله عن دوره المجتمعي وأنهى دوره الحضاري. ومن أراد بناء دولة الاستبداد أقام مؤسسات على النموذج الغربي بديلا عن الأزهر.
يمكن القول: إن الأمة هزمت عندما فقدت أدواتها للنضال والنهوض، ومن تلك الأدوات الأزهر، الذي كان عنوانا للنضال والنهضة معا. ولا يمكن أن تتحرر الأمة مرة أخرى إلا باستعادة الأزهر، منارة للعلم والنضال والنهوض.
 
الحراك الثوري الأزهري
فرمزية مشهد الحراك الطلابي الثوري، تتجاوز مسألة مواجهة السلطة المستبدة، لمواجهة منظومة الاستبداد، ومواجهة أهم أساس بنيت عليه تلك المنظومة. فالحراك الطلابي الثوري يمثل احتجاجا على ما وصل له الأزهر من وضع.كما إن الحراك الثوري الأزهري، هو واقعيا محاولة جادة لاستعادة الأزهر مرة أخرى إلى المجتمع، وبالتالي للأمة كلها. فهو حراك يستهدف ضمنا، تحرير الأزهر من قبضة السلطة المستبدة، حتى يعود مرة أخرى للقيام بدوره التاريخي، في حماية المجتمع ضد الاستبداد.
 
رأس المال الاجتماعي والثقافي
ونبه "حبيب" إلى أنه حتى يتحرر المجتمع، يجب أن تتحرر كل مؤسساته، التي تمثل رأس ماله الاجتماعي والثقافي والحضاري، والتي تمثل أدوات المجتمع في النضال والنهوض. وحتى تنجح ثورة يناير، بل وحتى ينجح الربيع العربي كله، يجب أن يتحرر الأزهر من السلطة المستبدة.
وليس تحرر الأزهر هو النهاية، بل هو البداية، فالمشهد التاريخي الصحيح، هو ذلك الذي يقف فيه الأزهر ضد الاستبداد، ويصبح عنوانا للثورة والنضال من أجل التحرر، وتصبح فيه مؤسسة الأزهر مدافعة عن المجتمع وهويته وثقافته وحضارته، ومدافعة عن حق المجتمع في التحرر.
 
الانقلاب والتاريخ المعاد
وأشار "حبيب" إلى أنه إذا عدنا لمشهد الانقلاب العسكري، نجده إعادة لتاريخ الاستبداد، فقد تأسس مشهده الأول على هيمنة السلطة المستبدة على الأزهر، بل وقامت بتوظيف الأزهر حتى تجهض ثورة شعب. فسلطة الانقلاب تدرك أن من أهم أدواتها لفرض سلطتها، هو السيطرة على الأزهر.
كما تدرك سلطة الانقلاب، أنها في مواجهة فعلية مع القوى الإسلامية، بل ومع المشروع الإسلامي كله، لذا فهي تحتاج لغطاء إسلامي، يخفي حقيقة المعركة، ويخفي الطابع العلماني للانقلاب العسكري. فلأن الانقلاب العسكري، استهدف أساسا إقصاء المشروع الإسلامي، لذا فهو يحتاج لمن يخفي حقيقته العلمانية.
وكل سلطة مستبدة علمانية، تحتاج للسيطرة على الأزهر، حتى تفرض سلطتها. فإذا تحرر الأزهر من السلطة المستبدة، وكانت له قيادته المعبرة عنه، ما استطاعت السلطة المستبدة العلمانية فرض سيطرتها. ولم يكن من الممكن أن تكون الدولة علمانية في بلد الأزهر دون إخضاعه للسيطرة الكاملة.
 
منارة حضارية 
* الحراك الطلابي زلزال ثوري داخل المؤسسات التعليمية كأساس تحرر ونهضة المجتمع
كشف "حبيب" أنه تحت حكم الاستبداد العلماني فقد الأزهر دوره المجتمعي، وفقد أيضا دوره العلمي، ودوره كمنارة حضارية، وسيطرت عليه قيادة تفقده كل دور له. وأصبح تراجع دور الأزهر جزءا من مشهد التراجع الحضاري للأمة. وسلطة الانقلاب تحتاج أن تبقى قيادة الأزهر سندا لها، لذا يعد الحراك الطلابي في الأزهر تهديدا لأحد أدوات سلطة الانقلاب، وتهديدا لسيطرتها على الأزهر. لأن سلطة الانقلاب إذا فقدت الغطاء الذي يوفره لها الأزهر تنكشف أمام عامة الناس.
ولو كان الأزهر في موضعه الصحيح، ووقف مع الحرية والثورة وحق المجتمع في اختيار الهوية التي تعبر عنه، وحمى هوية وثقافة وحضارة المجتمع، ما تمكن الانقلاب من إجهاض الثورة. ولو كان الأزهر تحرر بعد ثورة يناير من القيادة التي فرضت عليه الخضوع للسلطة المستبدة، ربما ما قام الانقلاب العسكري أصلا.
 
تفكيك منظومة الاستبداد
ويرى "حبيب" أن الحراك الطلابي الثوري في الأزهر، يمثل عملية مهمة لتفكيك أسس منظومة الاستبداد في أركانها المهمة. فهذا الحراك الذي يهز جدران الأزهر يعيد تذكيره بتاريخه، ويعيد للمؤسسة وعيها المفقود في مواجهة من فرض عليها وعيا مشوها ودورا مشوها. وقوة الحراك الأزهري وتأثيرها الشديد على سلطة الانقلاب، تؤكد أن مسار الثورة يتجه في مساره التاريخي، ويندفع لخوض معاركه الأساسية. فمعارك التحرر الجوهرية تحدث تباعا وتتوالى بصورة تؤكد ملامح مسار التحرر التاريخي.
فإذا كان غياب الأزهر عن دوره، يعد عنوانا لوجود السلطة المستبدة، فإن استعادة الأزهر لدوره، يعد عنوانا أيضا للتحرر. ومشهد الثورة الطلابية في الأزهر يذكر كل مستبد بلحظة تحرر الأزهر، التي لن تكون إلا جزءا من تحرر الوطن كله.وبعد ثورة يناير، بدأ التحرر، ولكن الأزهر لم يتحرر، وأجهضت الثورة مرحليا، وربما يعني ذلك أن التحرر الكامل لن يتحقق ويتم حمايته، من دون تحرير الأزهر. وإذا كانت مشكلة ثورة يناير أنها أسقطت رأس النظام، ولم تسقط النظام كله، فأيضا مشكلتها أنها لم تحرر مؤسسات المجتمع من قبضة الاستبداد، وأهمها الأزهر.
 
* السلطة تدرك أن تثوير القطاع الطلابي والشبابي وتحريك موجات الثورة داخل المؤسسات التعليمية يضرب الاستبداد في العمق
لهذا، يعد الحراك الطلابي الثوري في جامعة الأزهر، بحسب "حبيب" ممثلا لثورة داخل الأزهر، هي جزء أصيل من مسار تحرير المجتمع من قبضة الاستبداد. وسلطة الانقلاب تدرك مخاطر الثورة الطلابية في الأزهر، لأنها ثورة تحرر واحدة من أهم مؤسسات المجتمع، وأيضا لأنها ثورة تستعيد الهوية الحضارية، في معقل أساسي لها.
 
تغير مسار الثورة
ورصد "حبيب" أنه من مسار الحراك الثوري بعد الانقلاب العسكري، يتضح أن مسار الثورة تغير. فقد استدعى الانقلاب العسكري كل الأزمات التي تسببت في انهيار المجتمع ثقافيا وحضاريا، وأدت إلى خضوع المجتمع للاستعمار الأجنبي أولا، ثم الاستعمار المحلي ثانيا.
مشيرا إلى أنه أصبح الحراك الطلابي في الأزهر، مؤشرا على أن مسار الثورة يتجه نحو مواجهة المشكلات المزمنة، التي تسببت في إجهاض الثورة، كما تسببت قبل ذلك في استمرار الاستبداد لعقود. مما يعني أن مسار الثورة، يتجه نحو المشكلات العميقة التي كرست الاستبداد، وليس فقط للتحرر من الاستبداد السياسي. الحراك الثوري في الأزهر، إذا نظر له من خلال المشهد الكلي للحراك الثوري، يكشف أبعاد عملية التحرر النضالي الحادثة. فالثورة تخترق كل حصون المؤسسات التعليمية التي وظفت من أجل تحقيق التصحر الثقافي، الذي يساعد الاستبداد على البقاء.
 
تحرير مؤسسات التعليم
وقال "حبيب" إن كل الحراك الطلابي، يمثل عنوانا لاستعادة مؤسسات التعليم، التي خدمت الاستبداد لعقود، حتى تصبح منارات للعلم والتحرر. فالسلطة المستبدة عبر العقود، أممت كل مؤسسات المجتمع، ولم تؤمم فقط الأزهر، حتى تفرض سلطتها على المجتمع، والحراك الثوري يبدأ بتحرير المؤسسات التعليمية، حتى يحرر المجتمع.
 
* من أراد فرض استبداده حجّم دور الأزهر وفرض السيطرة على علمائه وأنهى دوره الحضاري
وقد كشف الانقلاب العسكري، عن أن معظم المؤسسات المستحدثة في عهد دولة الاستبداد، لا تقوم بوظيفتها كحامية وراعية للمجتمع، بل أنها وظفت لخدمة الاستبداد أساسا. مما جعل المجتمع بعد الثورة، بلا مؤسسات تدافع عن حريته ضد الانقلاب العسكري. واستطاعت سلطة الانقلاب فرض سلطتها على النقابات ومؤسسات المجتمع المدني، والمؤسسات الأهلية، كما فرضت سلطتها على الأزهر. ولكن الحراك الطلابي مثّل زلزالا ثوريا داخل المؤسسات التعليمية، والتي تمثل حجر الزاوية في مؤسسات المجتمع.
ومن الواضح، أن مسار الثورة يتجه نحو فك قيود الاستبداد على المجتمع، وبعض مؤسساته المركزية، وهو اتجاه يؤدي إلى تفكيك الأرضية التي يستند عليها الاستبداد، حتى يصبح من الممكن تفكيك منظومة الاستبداد الحاكمة نفسها.
 
توتر الانقلاب.. وضربه في العمق
ولفت إلى أن حالة التوتر التي تسيطر على سلطة الانقلاب بسبب الحراك الطلابي، تؤكد أن السلطة المستبدة تدرك أن تثوير القطاع الطلابي، والشبابي عموما، وكذلك تحريك موجات الثورة داخل المؤسسات التعليمية، يضرب سلطة الاستبداد في العمق.فالثورة الطلابية، تمثل تثويرا لقاعدة المجتمع، مما يجعلها تهز كل قواعد السلطة المستبدة، كما تضعف كل سند شعبي لها. فثورة الطلاب، تنتشر في كل المؤسسات التعليمية، وتنتشر بالتالي في كل الأسر، وتنتشر بذلك في كل المجتمع.
 
الدلالة التاريخية
ورصد "حبيب" أنه من ثورة طلاب الأزهر، إلى الثورة الطلابية والشبابية، يتضح أن الثورة تأخذ مسارا تاريخيا مختلفا عن مسارها في يناير. فبعد الانقلاب العسكري، أصبحت الثورة أكثر عمقا، أي تمثل فعلا عميقا يهز المجتمع من جذوره. ومن ثورة الأزهر يتضح أن الثورة تفكك أعمدة الاستبداد السياسي، وتأخذ مسارا تاريخيا، يعيد بناء المجتمع بالصورة التي تمهد للتحرر. وكما أعيد تشكيل المجتمع، حتى يتم فرض الاستبداد عليه، فإن مسار الثورة بعد الانقلاب يعيد تأسيس المجتمع على أسسه الأصلية.
 
* لا يمكن أن تتحرر الأمة وتنجح ثورات الربيع العربي إلا باستعادة الأزهر منارة للعلم والنضال والنهوض
مما يعني، أن مسار الثورة يمثل مسار استعادة المجتمع، واستعادة الثقافة والحضارة، واستعادة الهوية؛ بل واستعادة الأمة. فكل ما تم تنحيته، يتم استعادته ثانيا، وكل ما تم تأميمه من أجل فرض الاستبداد العلماني، يتم تحريره لاستعادة الثورة والتحرر والهوية الإسلامية.
فالمسألة بحسب "حبيب" لم تعد فقط النظام المستبد بكل هياكله، بل أصبحت تتعلق بكل الأبنية التي شكلت لتكرس الاستبداد، وكل الأبنية التي شوهت لحماية الاستبداد. مما يجعل الحراك الثوري يبدو أكثر عمقا مما حدث في بداية الثورة. ولقد قام الانقلاب العسكري بدور مهم في تشكيل مسار الثورة وتوجيهها نحو معاركها الأساسية ،
فقد جمع الانقلاب العسكري من حوله كل الكيانات التي وظفت من أجل فرض الاستبداد العلماني العسكري على المجتمع، وكشف بالتالي بنية المنظومة المستبدة وكل أذرعها الفاعلة، مما جعل الحراك الثوري أمام لحظة كاشفة.
 
مؤكدا أن سلطة الانقلاب العسكري، ورّطت كل أطراف منظومة الاستبداد بصورة حادة وكاشفة، مما جعل كل المؤسسات أو القيادات أو الكتل المناصرة للاستبداد العلماني في مربع واحد، ومكشوفة أمام الجميع؛ بل وأصبح كل من يؤيد الاستبداد العلماني العسكري يؤيده علنا ودون مواربة.
ولم تعد الدولة العميقة بكل أذرعها الاجتماعية والدينية والإعلامية خافية، بل طفت على السطح، مما جعل المعركة مباشرة وصريحة. وأصبحت المواجهة مع الاستبداد لها أبعاد متعددة، بعد أن خرجت كل أذرع الاستبداد إلى الواجهة.
 
الأزهر والهوية 
* الانقلاب العسكري استهدف أساسا إقصاء المشروع الإسلامي لذا فهو يحتاج لمن يخفي حقيقته العلمانية
ويرى "حبيب" أن أهم دلالة تاريخية للحراك الطلابي الثوري في الأزهر، أنه لخص معركة الثورة والتحرر في جوهرها التاريخي، فالمعركة هي معركة استقلال حضاري، وهي معركة هوية. تلك كانت البدايات، وأيضا النهايات، فالبعد الحضاري حاضر في مشاهد الاستعمار الخارجي والاستعمار المحلي، والانقلاب لم يكن إجهاضا للثورة فقط، بل للهوية أيضا.
وعندما وقع الانقلاب العسكري بغطاء أزهري، مثل ذلك لحظة تاريخية كاشفة، فالهوية والمرجعية الحضارية، تهزم إذا لم تقم المؤسسات الحافظة لها بدورها، وأهمها الأزهر. وعندما يتم استعادة السلطة المستبدة العلمانية العسكرية بغطاء أزهري، تكون اللحظة التاريخية كافية لكشف أمراض المجتمع.
 
وأصبح استعادة الثورة مرتبطا باستعادة الأزهر واستعادة المرجعية الحضارية للمجتمع. كما أصبح الحفاظ على مسار الثورة مرتبطا بالقدرة على الحفاظ على الموروث الثقافي والحضاري للمجتمع، وأيضا تحرير المؤسسات الحامية له. لهذا يبدو النضال الثوري بعد الانقلاب العسكري مختلفا، فهو يتخذ مسارا عميقا يكشف البعد الاجتماعي والثقافي له وكأنه تحول إلى مواجهة مباشرة مع كل مفردات المنظومة المستبدة، ليس فقط على المستوى السياسي، بل أيضا على المستوى الاجتماعي والثقافي.
 
الخلاصة 
* الحراك الطلابي في الأزهر تهديد لأحد أدوات سلطة الانقلاب وتهديد لسيطرتها على الأزهر كغطاء للانقلاب
تم تأميم الأزهر من أجل فرض الاستبداد العلماني، ولم يعد من الممكن تحرير المجتمع من الاستبداد العلماني دون تحرير الأزهر. وكما تم تأميم كل مؤسسات المجتمع أصبح تحرير المجتمع مرتبطا بتحرير مؤسساته المدافعة عنه وعن ثقافته وحضارته.
وأن المسار الثوري الطلابي، جعل المؤسسات التعليمية ساحة مركزية في المواجهة بين الحراك الثوري ومنظومة الاستبداد. فكما كان تأميم التعليم وسيلة النظم المستبدة لنشر ثقافة الاستبداد، أصبح تحرير مؤسسات التعليم، جزءا مهما من تحرير الوطن كله.
تبدو ثورة طلاب الأزهر، وكأنها ثورة على كل تاريخ الاستعمار والاستبداد، ثورة تدرك أن تحرير الأزهر، علامة فاصلة في مسار تحرير الأمة كلها، وإنجاح الربيع العربي كله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق